في مثل هذا اليوم من عام 1830، وبينما كان يحاول غزو مدينة البليدة (جنوب غرب العاصمة)، واجه قائد الحملة العسكرية الفرنسية على الجزائر، الجنرال لويس أوغست دي بورمون، مقاومة شرسة من قبل الأهالي والقبائل في المنطقة.
وسجلت تلك المواجهة بحسب مؤرخين "أول انتصار حققته المقاومة الشعبية" في الجزائر ضد قوات الاستعمار الفرنسي التي حاولت دخول البليدة مباشرة بعد استسلام الداي حسين في الجزائر العاصمة.
"بحث عن المؤونة"
يستحضر أستاذ التاريخ بجامعة البليدة، يوسف تلمساني الجو العام الذي سبق المعركة قائلا إن "استسلام الداي حسين شكل نصرا كبيرا للجيش الفرنسي الذي اقتحم دار السلطان وباقي أحياء العاصمة التي أحكم سيطرته عليها".
وفي تفسيره لأسباب زحف قائد الحملة الفرنسية نحو مدينة البليدة، قال تلمساني في حديثه مع "أصوات مغاربية" إن "المحاولة الأولى لاحتلال ثاني أهم المدن القريبة للعاصمة ترجع لحاجة الجيش الفرنسي للمؤونة من المواد الغذائية".
وتابع مشيرا في السياق إلى أسواق "سهل متيجة" التي كانت "المصدر الرئيسي للغذاء من قمح وحليب ولحوم وخضر يتزود بها سكان العاصمة في ذلك الوقت، مما جعلها محط أنظار قوات الاستعمار الفرنسي".
ولفت المتحدث ذاته إلى "اجتماع قبائل المنطقة وأعيانها في الثامن من يوليو لتحديد موقف من القوات الغازية وطرق التعامل معها"، مضيفا أنه في تلك الأثناء كان الجنرال لويس دي بورمون "يستعد لغزو المنطقة بقوات تصل إلى 1400 جندي فرنسي، بعد أن بلغه أن أعيانها قرروا مقاطعته اقتصاديا وضرب حصار على جيشه، ومنعه من التوجه نحوهم واستعدادهم للمقاومة".
"أول انتصار للمقاومة"
وصل الجنرال دي بورمون على رأس قواته إلى أعتاب مدينة البليدة في الثالث والعشرين من شهر يوليو، وهناك، يقول أستاذ التاريخ محمد بن ترار، شعر دي بورمون بـ"تحصينات القبائل والعشائر في المنطقة التي رفضت التعامل معه".
وتبعا لذلك، قرر الجنرال دي بورمون العودة إلى العاصمة، يقول بن ترار في حديث مع "أصوات مغاربية"، "لكن المقاومة التي تشكلت بزعامة روحية لعلي ولد سي سعدي، وأخرى عسكرية بقيادة محمد بن زعموم كان لها رأي آخر".
وعن تفاصيل المعركة، أوضح بن ترار أنها "بدأت بهجوم قادته المقاومة الشعبية المنظمة بضواحي بوفاريك حاليا، حاصرت فيه القوات الفرنسية ولم تترك لها إلا منفذها الأمامي الذي كانت تسير نحوه"، مضيفا أن المواجهة بين الطرفين "احتدمت، وقاتل فيها رجال المقاومة بقيادة بن زعموم ببسالة، مما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من مئة جندي فرنسي".
وتابع المتحدث ذاته أن الجنرال دي بورمون "انسحب يوم 24 يوليو من المنطقة مسرعا نحو الجزائر العاصمة، مثخنا بأول هزيمة ثقيلة تلحق بالقوات الغازية، وأول انتصار حققته المقاومة الشعبية"، مضيفا أن تلك الهزيمة تسببت في إقالة دي بورمون لاحقا من منصبه، وتعيين جنرال جديد على رأس الجيش الفرنسي الذي "عاد إلى البليدة في نوفمبر من نفس السنة، منتقما من سكانها الذين ارتكب في حقهم مجزرة بشعة بسبب مساندتهم للمقاومة ".
المصدر: أصوات مغاربية