المغرب الجزائر

تعيش العلاقات المغربية الجزائرية توترا مزمنا، بسبب ملفات كثيرة يرتبط فيها ما هو سياسي بما هو جغرافي وتاريخي. 

ورغم أن الكثيرين يعتقدون اليوم أن نزاع الصحراء الغربية هو "العقبة الكأداء" في العلاقات بين الجارين، إلا أن "الصحراء" ليست سوى ملف واحد من ملفات عدة تسمم العلاقات بين الجزائر والمغرب.

وفي ما يلي أهم القضايا التي أدت إلى توتر العلاقات بين البلدين منذ استقلالهما عن فرنسا في منتصف القرن الماضي:

الحدود الموروثة عن الاستعمار

تعتبر الحدود الموروثة عن الاستعمار الفرنسي إحدى أوجه العلاقات المتأزمة بين البلدين.

فبعد معركة إيسلي - التي  وقعت أحداثها بالقرب من مدينة وجدة شرق المغرب بين الجيشين المغربي والفرنسي- في الـ14 من أغسطس 1844، تم توقيع "معاهدة للا مغنية" في الـ18 من مارس 1845، والتي تعمدت فيها فرنسا ترك الحدود المغربية-الجزائرية غامضة لتسهيل توسعها في المغرب، وفق بعض المصادر التاريخية للمغرب. 

وتعتبر هذه المصادر أن "حدود المغرب تمتد من ولاية بشار وتيميمون"، لأن سكان هذه المناطق "كانوا يؤدون الضرائب للسلطان المغربي ويتبعون أحكامه في جميع قضاياهم".

من جانب آخر، يقول الجزائريون إن الملك المغربي الراحل، الحسن الثاني، "كانت لديه أطماع توسعية للسيطرة على أراضي الجزائر وبلدان أخرى في المنطقة، مثل موريتانيا وأراضي الصحراء الغربية".

حرب الرمال

بسبب التوترات الحدودية هذه، نشبت حرب الرمال في الثامن من أكتوبر 1963. 

في وقت مبكر من العام نفسه، قام الحسن الثاني بزيارة الرئيس الجزائري، أحمد بن بلة، وطالب باسترداد منطقتي بشار وتندوف، الشيء الذي عارضه بن بلة ليعقب ذلك توتر في علاقة الطرفين ومقدمات لجفاء سياسي ودبلوماسي طويل. 

بعد مناوشات عدة بين الطرفين على طول المناطق الحدودية، قامت فرقة عسكرية جزائرية بمهاجمة مركز عسكري مغربي في الثامن من أكتوبر عام 1963. أسفر الهجوم عن مقتل 10 جنود مغاربة وإحراق الثكنة العسكرية، كما تمكنت القوات الجزائرية من التوغل أكثر داخل الأراضي المغربية.

 لكن مصادر أخرى تشير إلى أن "المغرب هو من هاجم الجزائريين". تحرّك الجيش المغربي في الـ 14 من أكتوبر من العام نفسه لصد الهجوم الجزائري. لم تنجح الوفود المغربية ولا الجزائرية في تهدئة النزاع المسلح ووقف التصعيد، ما أدى إلى استمرار الحرب 29 يوما. ولم تنته الحرب إلا بعد تدخل جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية.

أسفرت حرب الرمال عن توقيع معاهدة وقف إطلاق النار بين الجزائر والمغرب في الـ20 من فبراير 1964، إذ وقّع الاتفاقية كل من الرئيس، أحمد بن بلة، والملك الحسن الثاني بقيادة رئيس منظمة الوحدة الأفريقية الإمبراطور الإثيوبي هيلاسيلاسي. 

ورغم نهاية هذه الحرب إلا أن "الأحقاد" التاريخية بسببها لم تنته. 

قضية "المسيرة الكحلاء" و"مصادرة" أراضي جزائريين

"المسيرة الكحلاء"، هي عملية ترحيل قسري للمغاربة المقيمين بالجزائر في عهد الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين، وشملت 45 ألف عائلة مغربية. 

تمت عملية التهجير في الـ18 ديسمبر 1975 صبيحة عيد الأضحى.

ويحكي العديد من المهجرين أن "السلطات الجزائرية داهمت منازلهم وأجبرتهم على الخروج من منازلهم وترك جميع أموالهم وممتلكاتهم".

يعتبر البعض عملية الترحيل هذه تعبيرا من الجزائر عن رفضها لـ"سيادة" المغرب على الصحراء الغربية، بعد أن ضمها الأخير إليه سنة 1975. 

لكن  حسب مصادر جزائرية، "فطرد المغاربة هو ردة فعل يعود تاريخها لـ2 مارس 1973، يوم أصدرت الحكومة المغربية ظهيرا لتأميم الأراضي الزراعية والمباني العائدة للأجانب وتعويضهم ماليا، واستثنت الجزائريين الذين كان المغرب قد طردهم".

وفي 2012، طالبت الجزائر مجددا المغرب بأداء تعويضات بقيمة 20 مليار دولار لحوالي 14 ألف جزائري تقول إن الرباط صادرت ممتلكاتهم.

ويظل ملف طرد أو تجريد ممتلكات المواطنين من البلدين مصدر مستمر للتوتر بين الجارين. 

أحداث "أسني" وإغلاق الحدود

كان تفجير فندق أطلس أسني بمدينة مراكش المغربية في الـ24 أغسطس 1994، من أولى العمليات الإرهابية التي شهدها المغرب والتي أثرت على السياحة بالمملكة. استهدف التفجير مجموعة من السياح وراح ضحيته إسبانيين اثنين. 

أظهرت التحقيقات لاحقا أن منفذي التفجير كانوا سبعة أشخاص منهم ثلاثة جزائريين وهم ستيفان آيت إيدير، رضوان حمادي وهامل مرزوق ومعهم ثلاثة فرنسيين آخرين من أصول مغربية وجزائرية. وكانوا ينوون تنفيذ هجمات أخرى في اليوم نفسه في مدن الدار البيضاء وطنجة وفاس. 

كانت هذه العملية الإرهابية أحد أهم المحطّات التي أدت إلى تأزم الوضع بين المغرب والجزائر، إذ وجّه المغرب أصابع الاتهام للمخابرات الجزائرية، وقال إنها "كانت وراء تدبير وتمويل العملية".

لاحقا، فرض الملك الراحل، الحسن الثاني، التأشيرة على الجزائريين الراغبين في زيارة البلد، لتردّ الجزائر بإجراء أشد قسوة وهو غلق الحدود البرية المغربية-الجزائرية لحد اليوم.

ويعتبر ملف إغلاق الحدود من أبرز الملفات التي تدل على جفاء دبلوماسي وسياسي مستمر بين البلدين.

الصحراء الغربية

قضية الصحراء الغربية من بين الملفات الشائكة أيضا بين الجزائر والمغرب، فقد سببت شرخا في العلاقات بين الجارين منذ أزيد من 30 سنة. 

بعد أن تم توقيع اتفاقية مدريد في الـ14 من نوفمبر 1975، والتي تم خلالها إنهاء الاستعمار الإسباني للصحراء الغربية وتسليم إدارتها لكل من المغرب وموريتانيا، دخل المغرب في حرب مع جبهة البوليساريو من 1975 إلى حدود سنة 1991.

شنت جبهة البوليساريو نزاعات مسلحة مع المغرب وموريتانيا، ما دفع الأخيرة إلى التخلي على منطقتها في جنوب الصحراء وتوقيعها اتفاق سلام مع البوليساريو، ليسارع المغرب إلى إلحاق المنطقة التي تخلّت عنها موريتانيا إلى باقي مناطق الصحراء الغربية التي سيطر عليها والتي تعتبرها البوليساريو "مناطق محتلة". 

عارضت الجزائر الضم ووفرت المأوى لجبهة البوليساريو واللاجئين الصحراويين على أراضيها ودعمت جبهة البوليساريو.

 

 

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

المغرب أقر في عام 2021 تقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية
المغرب أقر في عام 2021 تقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية

يقود نشطاء بالمغرب حملة ترافعية منذ أيام لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي (المعروف محليا بالكيف وهو نبتة يستخرج منها مخدر الحشيش)، وذلك بعد مرور 3 سنوات على مصادقة الحكومة على قانون يجيز زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.

حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أطلقها "المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي" و حراك "نداء من أجل فتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي" باشرت في الأيام الأخيرة عقد لقاءات مع فرق برلمانية لجعل مسألة الاستهلاك الترفيهي للقنب الهندي قضية رأي عام والضغط من أجل وقف تجريمه.

استكمالا للقاء الذي جمع جانب من نشطاء دينامية "نداء من أجل فتح نقاش عمومي من أجل الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي" انعقد...

Posted by Chakib AL Khayari on Wednesday, October 23, 2024

وبهذه اللقاءات تكون الحملة قد مرت إلى مرحلة ثانية من هذا المسعى الذي انطلق أول مرة في يونيو عام 2023، أياما قليلة من إعلان السلطات المغربية عن الانطلاقة الرسمية لزراعة أول محصول من المادة موجه للاستخدام الطبي.

استقبل الاخ الرئيس الدكتور نورالدين مضيان مساء يومه الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 ، بمقر الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية...

Posted by Nouredin Moudian on Tuesday, October 22, 2024

كما تأتي أيضا بعد نحو شهرين من إصدار العاهل المغربي الملك محمد السادس عفوا عن أكثر من 4800 من مزارعي القنب الهندي ممّن أدينوا أو يلاحقون بتهم تتعلّق بهذه الزراعة.

وقالت وزارة العدل حينها إنّ العفو الملكي شمل "4831 شخصا مدانين أو متابعين أو مبحوثا عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي"، وأوضحت أن هذه الخطوة ستمكن المشمولين به "من الاندماج في الاستراتيجية الجديدة التي انخرطت فيها الأقاليم المعنية في أعقاب تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي".

وظل القنب الهندي رغم منعه قانونيا منذ عام 1954 يُزرع في جبال الريف، شمال البلاد، ويستخرج منه مخدر الحشيش الذي يهرب إلى أوروبا، وفق ما أكدته تقارير دولية ومحلية.

قطاع مشغل وتوصيات رسمية

وفي عام 2020، صنف التقرير السنوي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة المغرب أول منتج لهذا المخدر في العالم.

وتقدر المساحة الاجمالية لزراعة القنب الهندي بالمغرب بـ71.424 هكتارا، وتنتشر بشكل خاص شمال البلاد وتحديدا في إقليمي شفشاون والحسيمة، وينتج الهكتار الواحد من هذه الزراعة 700 كيلوغرام من القنب، بينما يعيش 400 ألف شخص من هذا النشاط، وفق تقرير سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة رسمية).

وتنطلق حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أيضا من توصيات مؤسسات دولية ومحلية دعت الدولة المغربية إلى التفكير في سن تشريعات تجيز الاستهلاك الشخصي للقنب الهندي أسوة بعدد من الدول حول العالم.

وجاء في تقرير أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عام 2020 أنه "ينبغي التفكير في تضمين الاستعمال الشخصي المقنن للقنب الهندي عبر قنوات توزيع خاصة وبكميات محددة وفي أماكن معينة".

وأضاف معدو التقرير "أنه ثمة توجها قويا على الصعيد الدولي، ولا سيما في أوروبا وإفريقيا، لتوسيع مجال الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي وهو ما سيمكن من القطع مع الممارسات الاستهلاكية غير المقننة الحالية التي تعرض الشباب لمخاطر على صعيد التوازن الذهني والنفسي والسلامة الصحية عموما".

بدورهم يرى المدافعون عن الاستخدام الترفيهي للمخدرات أن تقنينه يمكن أن يقلل من الإقبال على السوق السوداء لشرائها، ويزيد من المشتريات القانونية، ما ينتج عنه عائدات ضريبية مهمة للدولة.

أدرداك: التقنين سيخول للأفراد ممارسة عاداتهم بكل حرية  

تعليقا على الموضوع، قال الشريف أدرداك، رئيس المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي إن الحملة تستهدف فتح نقاش وطني يرفع الحظر عن تعاطي القنب "سيما أن استهلاكه لا ينطوي على تأثيرات صحية سلبية مقارنة بالتبغ والكحول".

وأوضح أدرداك، في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن الحملة تنطلق أيضا من كون استهلاك هذه المادة "يشكل عنصرا ثقافيا مهما للمغاربة الذين ينتمي معظمهم للأمازيغ" مضيفا "هذا الأخير يعتبر أحد أهم الشعوب الأصلية في العالم، وهو الأمر الذي يخول له الحق في ممارسة عاداته وثقافته بكل حرية وفقا لمبادئ الأمم المتحدة".

وبالعودة إلى اللقاءات التي عقدها نشطاء الحراك مع بعض الفرق البرلمانية مؤخرا، أوضح أدرداك أن اجتماع الثلاثاء الماضي مع الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية (معارض) والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية (مشارك في التحالف الحكومي) بمجلس النواب "مثل نقطة انطلاقة مهمة لفتح هذا النقاش وقد توج اللقاءين بتعهد الفعاليتين السياسيتين بعرض هذا الموضوع على طاولة أحزاب أخرى".

وفي مقابل هذا المسعى يطرح أيضا السؤال حول مدى استعداد الدولة وعموم المغاربة لتقبل وضع تشريعات تبيح استهلاك القنب الهندي، رغم ترحيب الكثير من المواطنين بتقنين زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.

ويرد أدرداك بالقول "أعتقد ان الدولة لا تعترض على مسألة تقنين الاستهلاك التقليدي للكيف في شقه الترفيهي، فقد سبق للجنة النموذج التنموي وكذا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن أوصوا بضرورة تقنين الكيف للاستعمال الترفيهي".

وتابع "كما أن حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلاموي -والذي يعارض هذا التقنين- لم يعد له حضور مجتمعي أو سياسي مهم مما يعني غياب صوت معارض لهذا التوجه الذي أضحى عالميا خصوصا وأن العديد من الدول قننت الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي وكان خرها ألمانيا".

خياري: حرية فردية وعائدات اقتصادية

بدوره، يرى الناشط الحقوقي ومنسق الائتلاف من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي، شكيب خياري، أنه آن الأوان لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب، مستعرضا مجموعة من الأسباب.

ويوضح خياري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الدعوة لفتح النقاش تأتي في سياق "حرمان" عدد من المزارعين شمال المغرب من رخص زراعة القنب بعد تقنينه.

وتابع "استحضرنا أيضا عنصرا كان غائبا في النقاش السابق وهو مستهلك القنب الهندي الترفيهي، وهي دعوة جاءت بالاستناد على توصيتين رفعتا إلى جلالة الملك، الأولى من مؤسسة عمومية دستورية وهي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وأخرى من لجنة شكلها الملك وهي لجنة النموذج التنموي التي وضعت التصور التنموي الجديد للمغرب، ومضمون التوصيتين ضرورة إلغاء تجريم استهلاك القنب الهندي الترفيهي والاتجار فيه وفق كميات وأماكن واستعمالات محددة بدقة".

ووفق شكيب خياري، الذي حضر أيضا اللقاءات الأخيرة مع الفرق البرلمانية فالدعوة إلى فتح نقاش عام حول الاستعمال الترفيهي للقنب تعود لسنوات، مشيرا في هذا الصدد إلى حملة أطلقها عام 2008 انسجاما مع تقارير أممية.

ويضيف "بالنسبة لنا في المغرب، كان لا بد من التفكير في الحفاظ على زراعة القنب الهندي مع توجيه استعمالاته إلى استعمالات إيجابية تتوافق مع الاتفاقية الدولية بشأن المخدرات التي تعتبر المملكة المغربية طرفا فيها، على أن ذلك سيوفر بديلا للمزارعين الذين كانوا مضطرين للانخراط قسرا في حلقة الاتجار غير المشروع بالمخدرات".

وإلى جانب الانتصار للحرية الفردية في استهلاك القنب، يتوقع الناشط الحقوقي أيضا أن يعود التقنين بالكثير من النفع على اقتصاد البلاد وعلى كلفة علاج المدمنين.

وختم بالقول "نترافع من أجل فتح نقاش عمومي في المملكة المغربية للتفكير الجماعي في مدى إمكان استغلال هذه الإباحة في تقليص المخاطر الصحية ومكافحة الإدمان وفي ذات الوقت توفير بديل اقتصادي مشروع مكمل للاقتصاد الطبي والصناعي للقنب الهندي وكذا لاستفادة الدولة من مداخيل مهمة جراء ذلك، سواء من خلال تضريب الأرباح أو تقليص نفقات علاج أضرار الاستهلاك على الصحة".

المصدر: أصوات مغاربية