المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية ستافان دي ميستورا
المبعوث الأممي الجديد إلى الصحراء الدبلوماسي الإيطالي، ستافان دي ميستورا (أرشيفية)

في مطلع أكتوبر الماضي، عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الدبلوماسي الإيطالي-السويدي، ستافان دي ميستورا، مبعوثاً جديداً إلى الصحراء الغربية ليشغل هذا المنصب الشاغر منذ استقالة الألماني هورست كوهلر، في ماي 2019.

ويعتبر هذا الدبلوماسي متمرسا في العلاقات الدولية، إذ شغل مناصب رفيعة في الأمم المتحدة ويتمتع بخبرة تزيد عن 40 عامًا في الدبلوماسية والشؤون السياسية، لكنه تسّلم أيضا ملفا ساخنا في وقت تتزايد فيها التواترات في المنطقة.

ففي 24 أغسطس الماضي، قطعت الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب ما وصفتها بـ"الأعمال العدائية" للمملكة ضدها، في قرار اعتبرت الرباط أنه "غير مبرر".

ومنذ ذلك الحين، تدحرجت العلاقات بين الجارين إلى قطيعة اقتصادية أيضا ومواجهة دبلوماسية حادة في المؤتمرات الدولية وتسخير وسائل الإعلام الرسمية لتراشق الاتهامات.

وفيما يلي عرض لأهم التطورات منذ استقالة كوهلر وهي ما قد يعقد مهمة المبعوث الأممي الجديد:

رفض الجزائر الموائد المستديرة 

بعد أيام من تعيين ستافان دي ميستورا مبعوثا جديدا للنزاع، عبّرت الجزائر عن رفضها العودة إلى محادثات المائدة المستديرة بشأن الصحراء الغربية.

وقال المبعوث الجزائري الخاص المكلف بقضية الصحراء الغربية، عمار بلاني، لوكالة الأنباء الرسمية، "نؤكد رفضنا الرسمي الذي لا رجعة  فيه لهذه الصيغة المسماة بالموائد المستديرة".

 واتهم الدبلوماسي الجزائري الرباط بالسعي "للتهرب من طابع تصفية الاستعمار لقضية الصحراء الغربية".

 لكن الرباط تقول إن الجزائر طرف أساسي في الصراع ويجب أن تكون حاضرة في أي مفاوضات.

 وتُعدّ الجزائر الداعم الرئيسي لجبهة بوليساريو الساعية لإقامة دولة في المنطقة المتنازع عليها، غير أن المغرب يقول إن هذا الإقليم جزء من أراضيه ويقترح منحه حكما ذاتيا تحت سيادته.

 تمديد مهمة "مينورسو"

تسّلم دي ميستورا رسميا منصبه، قبل أسابيع قليلة على تصويت مجلس الأمن الدولي على قرار يجدد ولاية "بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية" (مينورسو) لعام إضافي. 

وقد أثار القرار الأممي غضب الجزائر، التي أعربت عن "عميق أسفها" و"عدم دعمها" لقرار مجلس الأمن، واصفة إياه بـ"المتحيز".

وجاء في نص القرار الصادر، الجمعة الماضي، أنه يجب استئناف المفاوضات تحت رعاية المبعوث الأممي الجديد "بهدف الوصول إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين"، ومن أجل "تقرير مصير شعب الصحراء الغربية".

وقالت الجزائر إنها "تنتظر من المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام إدراج ولايته حصريا في إطار تنفيذ القرار 690 (1991) المتضمن خطة التسوية التي وافق عليها طرفا النزاع، المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، واعتمده مجلس الأمن بالإجماع".

وبينما عبّرت الجزائر عن رفضها للقرار، أشاد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بما اعتبره "قرارا مهماً بالنظر لسياقه (...) يقدم أجوبة مهمة على مناورات الأطراف الأخرى".

توترات حدودية

وبالتزامن مع هذه التوترات الدبلوماسية، يعيش أقصى جنوب الصحراء الغربية،على وقع تبادل لإطلاق النار بين الفينة والأخرى، بحسب التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة.

ويفصل "الجدار الدفاعي" منذ نهاية الثمانينات القوات المغربية عن مقاتلي البوليساريو، وتحيط به المنطقة العازلة وعرضها خمسة كيلومترات من الجهتين.

وبعد أزمة إغلاق المعبر الحدودي الكركرات في المنطقة العازلة، العام الماضي، تدخلت القوات المسلحة المغربية لإعادة فتحه، وهو ما اعتبرته جبهة البوليساريو إنهاء لوقف إطلاق النار.

لاحقا، أعلن زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، إصدار مرسوم يعلن "نهاية الالتزام بوقف إطلاق النار" و"استئناف العمل القتالي دفاعا عن الحقوق المشروعة لشعبنا".

وأكد بيان القيادة العامة للقوات المسلحة المغربية، آنذاك، تعرّض عناصرها لإطلاق نار أثناء تدخلهم في الكركرات، وردت عليه "دون تسجيل أي خسائر بشرية".

ولم يعلن المغرب وقوع أي مواجهات أخرى في الكركرات أو غيرها من المواقع العسكرية على طول "الجدار الدفاعي"، الممتد على نحو 2700 كيلومتر.

وأثارت عودة التصعيد إلى المنطقة الحدودية ردود فعل دولية قلقة، خوفا من أن يمتد التصعيد إلى مواجهة على الأرض بين المغرب والجزائر.

حادث "مقتل جزائريين"

وفي خضم كل هذه التوترات، أعلنت الرئاسة الجزائرية، الأربعاء، "مقتل" ثلاثة مواطنين في "قصف" نسبته إلى "الجيش المغربي".

وقالت الجزائر إن "قتل الجيش المغربي لمواطنين جزائريين لن يمرّ دون عقاب".

وأكدت الجزائر أن القصف استهدف شاحنة أثناء تنقلها بين نواكشوط وورقلة، "في إطار حركة مبادلات تجارية عادية بين شعوب المنطقة".

ويمتد الطريق الذي يربط نواكشوط بورقلة 3500 كيلومتر.

مصدر مغربي: المملكة لن تنجر إلى حرب 

وردا على ذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مغربي، أمس الأربعاء، قوله إن المملكة لن تنجر إلى حرب مع جارتها الجزائر، تعليقا على ما وصفه بأنه "اتهامات مجانية".

وأضاف المصدر، الذي لم تكشف الوكالة اسمه، "إذا كانت الجزائر تريد الحرب فإن المغرب لا يريدها. المغرب لن ينجر إلى دوامة عنف تهز استقرار المنطقة"، مدينا "اتهامات مجانية" ضد المملكة.

وتابع: "إذا كانت الجزائر ترغب في جر المنطقة إلى الحرب من خلال استفزازات وتهديدات، فإن المغرب لن ينساق وراءها".

ولا يستبعد أن هذا التطور الجديد سيزيد من تأزيم الوضع بين البلدين ويعقّد أكثر مهمة المبعوث الأممي الجديد الساعي إلى لملمة الأطراف على طاولة التفاوض. 

 

المصدر: أصوات مغاربية/ وكالات

مواضيع ذات صلة

جانب من مظاهرات خرجت بالعاصمة تونس يوم 13 سبتمبر احتجاجا على سياسات الرئيس قيس سعيّد
جانب من مظاهرات خرجت بالعاصمة تونس يوم 13 سبتمبر احتجاجا على سياسات الرئيس قيس سعيّد

انطلقت رسميا بتونس اليوم السبت، حملات  الانتخابات الرئاسية لتتواصل حتى الرابع من أكتوبر المقبل، في وقت توجّه أحزاب المعارضة وجمعيات رقابية وحقوقية انتقادات لقرارات الهيئة العليا للانتخابات وللمسار الانتخابي برمته في ظل استمرار الاعتقالات وتزايد المظاهرات الاحتجاجية.

ويتقدم لهذا الاستحقاق الانتخابي ثلاثة مترشحين، هم الرئيس الحالي قيس سعيد والأمين العام لـ"حركة الشعب" زهير المغزاوي والأمين العام لـ"حركة عازمون" العياشي زمال التي يوجد خلف القضبان على خلفية قضية "تزوير التزكيات".

وكانت الهيئة العليا للانتخابات قد خصصت قرابة ألف مراقب وأكثر من 500 منسق محلي وأعوان آخرين، فضلا عن قبول أكثر من 1500 اعتماد لصحفيين محليين وأجانب وضيوف ومنظمات المجتمع المدني، فيما يناهز عدد الناخبين التونسيين المسجلين للإدلاء بأصواتهم 9 ملايين و700 ألف ناخب، وفق معطيات نشرتها الهيئة.

وتعرضت الهيئة لسيل من الانتقادات لعدم التزامها بتنفيذ قرارات المحكمة الإدارية القاضية بعودة ثلاثة مترشحين بارزين للسباق الرئاسي وكذلك "تعسير" شروط الترشح للانتخابات و"تصفية" خصوم الرئيس سعيّد وتهيئة الأرضية لعهدة رئاسية ثانية.

في غضون ذلك ما يرزال المرشح زمال قيد الإيقاف بتهمة "افتعال تزكيات شعبية" خاصة بالترشح للانتخابات الرئاسية، حيث رفض القضاء التونسي الأربعاء جميع مطالب الإفراج عنه وتأجيل النظر في قضيته إلى 18 سبتمبر الحالي.

كما يقبع ما لا يقل عن 20 معارضا في السجن، بمن فيهم رئيس حزب حركة النهضة (إسلامي/معارض) راشد الغنوشي ورئيس الحزب الدستوري الحر عبير موسي إلى جانب وزراء ونواب سابقين ورجال أعمال منذ ربيع العام 2023 بتهم مختلفة بينها "التآمر على أمن الدولة".

من جانب آخر، نفذت الجمعة، أحزاب ومنظمات وجمعيات حقوقية مسيرة شعبية بشارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة، وذلك "دفاعا عن الحقوق والحريات" في البلاد.

في هذه الأجواء، تثار الكثير من الأسئلة حول ظروف وأجواء إجراء هذه الحملات الانتخابية وحول السياق العام لذلك الاقتراع الذي يتوقع على نطاق واسع أن يسفر عن فوز الرئيس سعيّد بولاية ثانية.

"مسار تشوبه الكثير من العيوب"

تعليقا على هذا الموضوع، يرى مدير برنامج مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية (منظمة إقليمية غير حكومية) أمين غالي، أن المسار الانتخابي في تونس تشوبه الكثير من العيوب وتطغى عليه التواترات.

وأوضح غالي في حديثه لـ"أصوات مغاربية" أن الخلافات انطلقت منذ تعيين الرئيس سعيد لأعضاء الهيئة العليا للانتخابات وهو اليوم أحد المنافسين في الرئاسيات إضافة إلى تحديد شروط الترشح وضبط موعد هذا الاستحقاق الانتخابي الذي أتي في ظرف سياسي متأزم تخللته اعتقالات لعدد ممن أعلنوا ترشحهم لخوض السباق الرئاسي.

وتابع المتحدث أن المناخ الانتخابي يسوده التوتر بسبب سجن قيادات سياسية ورفض مطالب ترشح عدد من المعارضين للسلطة وعدم إلتزام هيئة الانتخابات بتطبيق قرار المحكمة الإدارية القاضي بإعادة الوزير السابق المنذر الزنايدي والأمين العام لحزب "الإنجاز والعمل" عبد اللطيف المكي والناشط السياسي عماد الدايمي إضافة إلى سجن المترشح الرئاسي العياشي زمال.

و أشار إلى أن هيئة الانتخابات حددت سقفا للإنفاق على الحملات الانتخابية وصفه بـ"غير المقبول" إلى جانب منع الهيئات الرقابية من حقها في مراقبة الانتخابات، مشددا على أن ذلك سيؤدي إلى " اهتزاز ثقة التونسيين في الانتخابات وضعف في نسبة المشاركة فيها وتشكيك قانوني في هذه العملية الانتخابية برمتها بسبب مخالفة أحكام المحكمة الإدارية".

"ظروف طيبة"

من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للانتخابات، محمد تليلي المنصري، إن هيئة الانتخابات استعدت لوجيستيا وتنظيميا على أكمل وجه لتأمين ظروف طيبة لإجراء الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في السادس من أكتوبر القادم.

وأضاف المنصري في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن الهيئة خصصت لهذا الموعد 558 عون رقابة حملة وأكثر من 6900 مكان مخصص لتعليق معلقات المترشحين وتخصيص ثلاث وحدات رصد لرفع التقارير بخصوص المخالفات إضافة إلى الجانب التشريعي الخاص بالقرارات الترتيبية التي تتعلق برقابة الأنشطة والتمويل الانتخابي والتغطية الإعلامية وتحديد سقف انفاق في حدود 150 ألف دينار (نحو 50 ألف دولار) للدور الأول من الانتخابات و 100ألف دينار للدور الثاني.

وبخصوص الانتقادات الموجهة لهيئة الانتخابات بشأن المسار الانتخابي، أشار المنصري إلى أن الهيئة اعتادت على "حملات التشكيك في كل المسارات الانتخابية" مؤكدا أن المهم هو "تطبيق القانون وأعمالنا مفتوحة للجميع عبر منح الاعتمادات لكل الملاحظين إلا لمن خالفوا مدونة السلوك والقوانين".

وشدد المتحدث على وجود ما اعتبرها كل الضمانات من أجل إجراء انتخابات شفافة ونزيهة تؤدي إلى قبول النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية.

أما في ما يخص وضعية المرشح الرئاسي العياشي زمال القابع في السجن، فقد أوضح المتحدث ذاته بأن هناك مسارين أحدهما انتخابي والآخر قضائي لا دخل للهيئة فيه احتراما لمؤسسات الدولة.

وأشار إلى أنه من الناحية الانتخابية، "يعتبر العياشي زمال مترشح للرئاسيات وسيواصل خوض الانتخابات واسمه مثبّت على ورقة الاقتراع وليس هناك مبدئيا أي تأثير على وضعيته كمترشح للانتخابات الرئاسية".

يشار إلى أن الحملة الانتخابية الرئاسية في الخارج انطلقت منذ 12 سبتمبر الجاري لتتواصل إلى غاية 2 أكتوبر القادم على أن يجرى الاقتراع بالخارج أيام 4 و5 و6 أكتوبر القادم، وفق الرزنامة التي ضبطتها الهيئة العليا للانتخابات.

المصدر: أصوات مغاربية