دعا التونسيين للمساهمة في الخروج من الأزمة المالية.. خبراء: هذا ما قصده سعيد
دعا الرئيس التونسي قيس سعيد مواطنيه إلى المساهمة في دعم الموارد المالية للدولة لمساعدتها على تجاوز أزمتها الاقتصادية الخانقة.
وأثار طلب الرئيس نقاشات واسعة في الأوساط السياسية والاقتصادية، وسط تباين في وجهات النظر بشأن إمكانية إسهام هذه الخطوة في الحد من الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد.
دعوة رئاسية
وجه الرئيس سعيد نداء إلى التونسيين داخل البلاد وخارجها للمساهمة في "إيجاد التوازنات المالية المطلوبة"، قائلا "هناك أزمة سنتجاوزها بالعمل الدؤوب".
ولم يفصح الرئيس عن تفاصيل إضافية عن خططه لجمع مساهمات مالية من المواطنين، غير أنه أوضح أن "هذه المساهمات ستكون تحت مراقبة مؤسستي الرئاسة والحكومة حتى لا يُصرف أي مليم إلا في ما رُصد له".
ورغم عدم توضيح الرئاسة لشكل هذه المساهمة، فإن خبراء أكدوا أنها ستكون في شكل اكتتاب وطني لتجميع موارد مالية تهدف للحد من الاستدانة الخارجية.
وسجل الاقتصاد المحلي العام الماضي انكماشا بنحو 8.8 بالمئة متأثرا بجائحة كورونا، كما خفضت وكالة موديز تصنيف البلاد الائتماني، ما يُعقد مهام الحكومة في الخروج إلى السوق المالية الدولية للاقتراض.
وتختلف تقييمات الخبراء والمسؤولين السابقين بشأن مدى التأثير الإيجابي الذي يمكن أن تحدثه مساهمات المواطنين في تعبئة موارد الدولة، بين من وصف هذه الخطوة بـ"الإيجابية" وبين من رأى فيها "مجرد ذر للرماد على العيون".
حسن: إجراء غير كاف
وتعليقا على هذا الجدل، يقول وزير التجارة السابق، محسن حسن، إن "دعوة الرئيس تتنزل ضمن إجراء القسط الثالث من الاكتتاب الذي تم تنظيمه في الصائفة الماضية ونجح في تجميع نحو 300 مليون دولار".
واعتبر حسن، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "هذا التوجه سيمكن من تعبئة موارد مالية بسيطة لا تفي إلا بجزء صغير من حاجيات الدولة خاصة، في ظل الوضعية الصعبة للتونسيين أفرادا ومؤسسات بعد جائحة كورونا".
ويرى أن "الاكتتاب لا يمكن أن يمثل حلا جذريا لأزمة المالية العمومية خاصة مع التوقعات التي تشير إلى أن الإقبال سيكون ضعيفا مع تآكل الطبقة الوسطى وارتفاع معدلات البطالة واستمرار نزيف إغلاق المؤسسات".
ولخص المتحدث ذاته حلول الأزمة الاقتصادية في "التعاون الثنائي للحصول على تمويلات وقروض من الدول الصديقة إلى جانب العمل على تسريع التوصل إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي".
وكان البنك المركزي التونسي قد أعلن، السبت، عن استئناف المفاوضات "التقنية" مع صندوق النقد الدولي.
الجودي: الخطوة ذر للرماد على العيون
وفي سياق آخر، وصف الخبير الاقتصادي، معز الجودي، هذه الخطوة بـ"ذر للرماد على العيون"، قائلا إنها "مؤشر على غياب برامج وخطط حقيقية لإصلاح الأوضاع".
وأضاف الجودي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "الرئيس تحدث أيضا عن برنامج للتقشف دون أن يوضح إن كان يسعى إلى الحد من كتلة الأجور أو خفض عدد الموظفين بالقطاع العام أو زيادة الضغط الجبائي، ما يجعلنا أمام مرحلة تتسم بالغموض".
كما أشار إلى أن "التونسي سئم من الدعوات المتكررة للحكومات المتعاقبة بضرورة مساعدة الدولة فضلا عن الاقتطاعات التي تم إحداثها لدعم الصناديق الاجتماعية، خاصة أن هذه الخطوات لم يتم إرفاقها ببرامج إصلاح وحسن حوكمة".
المسيليني: خطوة إيجابية
على النقيض، انتقد وزير التجارة الأسبق محمد المسيليني وهو أيضا قيادي بحركة الشعب "المواقف الرافضة لدعوة الرئيس"، قائلا إن "هذه الآراء تتناقض مع دعواتهم إلى الحد من اللجوء إلى الاقتراض الخارجي".
وفي تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، أوضح المسيليني أن "الزمن المتبقي على نهاية العام الجاري لا يسمح بالتوصل لاتفاق جديد مع الصناديق الدولية المانحة كما يتطلب تحسين الموارد الجبائية واستخلاص الديون ترتيبات طويلة، ما يحتم علينا التعويل على تعبئة موارد داخلية".
ودعا المسؤول السابق، "المواطنين بالداخل والخارج والمؤسسات إلى المشاركة في هذا الاكتتاب أو التبرع لتغطية جزء من الحاجيات المالية للبلاد".
كما أشار إلى "تجارب عربية كمصر تسجل انتعاشة اقتصادية على أرضية مجهود وطني وقد أنشأت مشاريع ضخمة على غرار قناة السويس الجديدة عبر التبرعات والاكتتاب".
المصدر: أصوات مغاربية