تشهد مدينة عقارب (وسط شرق تونس)، حالة من الاحتقان احتجاجا على قرار للسلطات يقضي بإعادة فتح مكب للنفايات في المنطقة، رغم صدور قرار قضائي بإغلاقه.
وأغلقت المحلات التجارية والمؤسسات العمومية والخاصة الأربعاء، تنفيذا لإضراب عام، دعا له الفرع المحلي للاتحاد العام التونسي للشغل، بعد تزايد وتيرة الاحتجاجات ووفاة شاب، قال شهود عيان إنه توفي اختناقا جراء استنشاقه للغاز الذي أطلقته قوات الأمن الإثنين لتفريق المحتجين.
في هذا السياق، يقول فؤاد بن لشهب، رئيس بلدية عقارب التونسية، إن المدينة "تعيش احتقانا وشللا كليا بعد إغلاق كل المنافذ المؤدية إليها".
ويؤكد بن لشهب في حوار مع "أصوات مغاربية"، أن حل هذه الأزمة، "يستلزم تدخلا من رئيس الجمهورية"، نافيا أن تكون الاحتجاجات "مفتعلة".
إليكم نص الحوار:
كيف هي الأوضاع اليوم في عقارب؟
الأوضاع لا تزال في حالة احتقان، المسيرات والاحتجاجات متواصلة. اليوم جرى إغلاق كل المسالك والطرقات المؤدية إلى عقارب، والمدينة تعيش شللا كليا بعد إغلاق المحلات التجارية والمطاعم.
ليلة أمس أضرم مهربون النار في جزء من المستودع البلدي، وأتلف الحريق 12 سيارة، كما أقدم أحد المهربين على سرقة سيارة والفرار بها، وبالتالي المدينة تعيش حالة من الفوضى، والاحتجاجات المطالبة بإغلاق المكب لا تزال متواصلة إلى الآن.
الاحتجاجات المطالبة بإغلاق المكب لا تزال متواصلة إلى الآن
ما الذي أوصل الأمور إلى هذه الدرجة من التوتر؟
الاحتجاجات التي تعرفها مدينة عقارب ليست جديدة، بل هي احتجاجات قديمة انطلقت منذ سنوات وترفع مطلبا واحدا هو الحق في بيئة كريمة، وكنا عقدنا في 29 أغسطس عام 2020، لقاء في مقر الولاية، بحضور الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات وكذلك جمعيات المجتمع المدني، لدراسة مشكل المكب، وخلص هذا الاجتماع إلى ضرورة إغلاقه في متم عام 2021.
وفي 27 سبتمبر من هذا العام، أخبرنا بأن الخانات المخصصة لقبول النفايات تم استيفاؤها بشكل كلي ولابد من إحداث خانة جديدة إضافية لمواصلة استغلال المكب، وهذا ما أغضب المجتمع المدني في المدينة وعبر الأخير عن احتجاجه في مقر الولاية أثناء عقد جلسة حضرتها وزيرة البيئة، كما عبر المجلس البلدي للمدينة عن رفضه مواصلة استغلال المكب.
الأزمة التي تعيشها عقارب هي أزمة ثقة
الأزمة التي تعيشها عقارب هي أزمة ثقة، فمن بين النقاط التي تم تسجليها في محضر الجلسة التي عقدت في مقر الولاية العام الماضي، هي الشروع الفوري في إعداد دراسة لإنجاز مكب بديل في منطقة تبعد بنحو 18 كيلومترا عن المدينة، غير أنه لم يتم الالتزام بهذا الاتفاق، ولم يتم الشروع حتى الآن في إعداد هذه الدراسة.
قال الرئيس قيس سعيد، مؤخرا، إن أزمة النفايات في صفاقس فيها "جانب موضوعي" وأيضا "جانب مصطنع" وتحدث عن محاولة أطراف لم يسمها تأجيج الوضع. في هذا الإطار هل تعتقد أن احتجاجات عقارب مفتعلة؟
لو اندلعت هذه الاحتجاجات مباشرة بعد قرارات 25 يوليو لقلنا إن هذه الاحتجاجات مفتعلة، بل على العكس تماما، هذه الاحتجاجات قديمة حيث أنه جرى إغلاق المكب السنة الفارطة وتم عقد جلسات متعددة تحت إشراف والي صفاقس، آخرها جلسة 29 أغسطس 2020، والتي خلصت إلى اتفاق وتعهد بغلق المكب، غير أنه للأسف الشديد لم يتم احترام بنود العقد وهذا ما خلق أزمة ثقة بين الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات وبين المجتمع المدني في مدينة عقارب، وبالتالي هذه الاحتجاجات بعيدة كل البعد عن أي توظيف سياسي، هي احتجاجات سلمية تجمع جميع أطياف مدينة عقارب.
لو اندلعت هذه الاحتجاجات مباشرة بعد قرارات 25 يوليو لقلنا إنها مفتعلة
بعد يوم كامل من الإضراب العام، هل هناك بوادر لإيجاد حل للأزمة؟
أعتقد أن الوضع في المدينة يستلزم تدخلا من رئيس الجمهورية، خصوصا وأن الرئيس يحظى بمحبة كبيرة من لدن أهالي عقارب، وأعتقد أن تدخله من خلال مثلا الإعلان عن جدول زمني دقيق لتاريخ غلق المكب والآجال الممكنة لإحداث مكب بديل، سيضع حدا للأزمة.
لابد من تدخل الرئيس لإعادة بناء الثقة بين الدولة وجمعيات المجتمع المدني في عقارب
أعتقد أن تدخل الرئيس سيكون له أثر كبير جدا في نفوس المواطنين، لأنهم يشعرون اليوم بالدونية وبالتهميش من قبل السلطة، وأقصد هنا الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات وكذلك الهياكل الوطنية الرسمية كوزارة البيئة، وبالتالي لابد من تدخل الرئيس لإعادة بناء الثقة بين الدولة وجمعيات المجتمع المدني في عقارب، خصوصا وأن الرئيس سبق له أن دافع عن حق أهالي المدينة في بيئة سليمة.
هل من جديد بخصوص التحقيقات التي باشرتها النيابة العمومية حول وفاة أحد المتظاهرين؟
النيابة العمومية فتحت تحقيقا في وفاة الشاب عبد الرزاق لشهب، وهو ابن عمي، للوقوف على ملابسات وأسباب الوفاة، كما فتحت تحقيقا في الحريق الذي نشب ليلة أمس في الجزء الخلفي للمستودع البلدي.
الأبحاث الأولية تفيد بقيام بعض المهربين بإضرام النار في الجزء الخلفي للمستودع، والأبحاث متواصلة لإيقافهم.
ما هي مطالب سكان مدينة عقارب اليوم؟
أهالي عقارب متمسكون بحقهم في بيئة سليمة ويطالبون بالغلق الفوري للمكب
أهالي عقارب متمسكون بحقهم في بيئة سليمة ويطالبون بالغلق الفوري للمكب، وأقصد بالغلق الفوري التوقف عن قبول الشاحنات المحملة بالنفايات وليس إيقاف عملية استخراج الغازات، لأن هذه العملية لا يمكن إيقافها بشكل فوري، فمنذ عام 2008، سنة إحداث المكب، والأهالي يطالبون بغلقه وآن الأوان لتحقيق هذا المطلب.
- المصدر: أصوات مغاربية