تجمع لحزب الأفلان في حملة انتخابية في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة
تجمع لحزب الأفلان في حملة انتخابية في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة

لم تضف الانتخابات المحلية الأخيرة الشيء الكبير للمشهد السياسي في الجزائر بالنظر إلى النتائج الأولية التي تم الإعلان عنها، أمس الثلاثاء، وأظهرت عودة الحزبين التقليدين، جبهة التحرير الوطني (الأفلان) والتجمع الوطني الديمقراطي (الأرندي) لاعتلاء صدارة المشهد السياسي.

ويثير هذا "الديكور الحزبي" المتكرر أسئلة عديدة عن مشروع "الجزائر الجديدة" التي نادى به الرئيس عبد المجيد تبون خلال حملته الانتخابية أو بعد انتخابه رئيسا للبلاد في ديسمبر 2019.

فقد أعلن الرئيس الجزائري منذ ذلك التاريخ عن توجه جديد يصب في إقامة قطيعة سياسية مع رموز النظام السابق وكل المتواطئين مع من سماهم "أفراد العصابة".

وقال في أكثر من مناسبة إنه لا ينتمي لأي حزب سياسي بعينه، بل هو رئيس كل الجزائريين.

حياة من تحت الرماد..

وفسرت أوساط سياسية موقف وتصريحات الرئيس الجزائري، آنذاك، بأنه إعلان صريح من السلطة للتخلص من كل "الكيانات السياسية"، التي كانت محسوبة على السلطة، وبالأخص حزبي "الأفلان" و"الأرندي".

وشكلت "العودة القوية" لهذين الحزبين مفاجأة بالنسبة لشريحة واسعة من الجزائريين كانوا يعتقدون أن خروجهما من المشهد السياسي أضحى مسألة وقت بالنظر إلى النداءات المطالبة بنزع الاعتماد منهما.

وكانت "منظمة المجاهدين"، وهي هيئة تمثل المقاومين الجزائريين الذين شاركوا في الثورة ضد المستعمر، من المطالبين بتحويل الأفلان إلى المتحف، وإلى "ملكية جماعية" لكل المواطنين لأنه أطر حرب التحرير.

وانضمت لهذا الطرح أحزاب سياسية أخرى، من بينها حزب "جيل جديد" الذي اقترح، في وقت سابق،  إدراج مادة في الدستور تمنع استغلال شعار "جبهة التحرير الوطني" في العمل السياسي، باعتباره إرثا وطنيا مشتركا.

واتهمت شريحة واسعة من المواطنين، خلال مسيرات الحراك الشعبي،  الأفلان والأرندي بالتورط مع نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، خاصة بعدما تمت متابعة العديد من القيادات المحسوبة عليهما من طرف القضاء وزُج بها في السجن.

نتائج "المقاطعة الشعبية"..

ولم تتجاوز نسب المشاركة 35.97 بالمائة في اختيار أعضاء المجالس البلدية، و34.39 بالمائة في الانتخابات الولائية، في استحقاق يعد الثالث من نوعه في عهد الرئيس عبد المجيد تبون. 

وقد أثارت نسبة المشاركة تساؤلات عديدة حول مصداقية التمثيل الشعبي بالنسبة للمنتخبين الفائزين بالانتخابات المحلية الأخيرة.

ويرى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، رابح لونسي، أن "مقاطعة نسبة كبيرة من الجزائريين لهذه الاستحقاقات خدمت بشكل كبير الأحزاب التقليدية ممثلة في "الأفلان" و"الأرندي".

وأضاف المتحدث في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "الوضع السياسي كما الطبيعة يخشى الفراغ وأن تملأه أنت جاء غيرك ليملأه وهذا الذي وقع في الانتخابات وسمح لهذين الحزبين بالعودة مجددا إلى واجهة المشهد السياسي".

ويرفض لونيسي ربط نتيجة الانتخابات المحلية الأخيرة بقاعدة "التزوير"، ويقول إنه "لا يمكن أبدا تحميل السلطة نتائج المحليات لأن المسؤول الأول فيما جرى هو النشطاء الذين يتغنون دوما بشعارات التغيير لكن يهربون من ساحة العمل عندما تحين الفرصة الحقيقية لذلك".

وأشار المصدر ذاته إلى ما وقع خلال الانتخابات المحلية أو التشريعية في سنة 1991، عندما قرر الشعب التغيير الحقيقي فخرج بشكل جماعي إلى مراكز الاقتراع وعبر عن موقفه في الصناديق، الأمر الذي أدى إلى زعزعة حزب الأفلان، أقوى حزب سياسي في الجزائر وقتها".

وأكد لونيسي أن نتائج الانتخابات التشريعية والمحلية الأخيرة جاءت لتؤكد أن "الفشل الكبير الذي وصل إليه الحراك الشعبي بسبب حالات الصراع والانشقاق التي دبت بداخله واستفادت منها أوساط داخل السلطة ترفض التغيير وتعمل على إبقاء الوضع على حاله وبالتالي تضيع على الشعب تحقيق أمنيته في رؤية جزائر جديدة".

"نصر من الشعب"

وفي تعليقه على نتائج الانتخابات المحلية، قال الأمن العام للأفلان، أبو الفضل يعجي، "إنه نصر شعبي جديد جاء نتيجة الاختيار الجيد للمترشحين والإطارات التي تقدم بها حزبنا خلال هذه الاستحقاقات".

وفي تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أكد السيناتور والقيادي في الأفلان، عبد الوهاب بن زعيم هذا الطرح، مشيرا إلى أن "حزبه  خضع في الأشهر الماضية لجملة من التغييرات من أجل تجديد صورته وسط الجماهير الشعبية".

وأضاف المتحدث أن "الأفلان لم يعد كما كان قبل الحراك الشعبي لأن القيادة الحالية أدخلت تغييرات عميقة في نوعية المناضيلن وكذا المترشحين ولم يعد الأمر يرتبط فقط بتكرار بعض الشعارات القديمة".

وأشار بن زعيم إلى أن من "أسباب انتصار حزب حبهة التحرير الوطني في الانتخابات المحلية هو نوعية المترشحين الذين قدمهم وانتشاره الكبير عبر جميع ولايات الوطن، فضلا عن تنظيمه المحكم، دون نسيان اعتماده الكبير على منتخبيه السابقين وما يحملونه من ثقل كبير في الأوساط الشعبية".

المصدر: أصوات مغاربية

 

مواضيع ذات صلة

أحد عناصر مينورسو في الصحراء الغربية (أرشيف)
أحد عناصر مينورسو في الصحراء الغربية (أرشيف)

قوبلت فكرة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا تقسيم الصحراء الغربية برفض من قبل طرفي النزاع حولها، المغرب وجبهة البوليساريو.

وفي الوقت الذي يطالب فيه كل طرف بأحقيته في تملُّك الصحراء الغربية، توجد مساحة شاسعة منها حاليا تفرض الأمم المتحدة تجنب القوات العسكرية للطرفين دخولها.

يتعلق الأمر بالمنطقة العازلة، وهي جزء فاصل من الصحراء الغربية أحدث بموجب اتفاق عسكري سابق جرى توقيعه في نهاية تسعينيات القرن الفائت.

منطقة فاصلة

تُعرف الأمم المتحدة المنطقة العازلة بأنها مكان محدد تسيطر عليها قوة عمليات سلام، بعد أن يتم إخراج القوات المتنازعة أو المتحاربة منها.

ويتم عمل المنطقة العازلة لخلق منطقة فصل بين القوات المتنازعة أو المتحاربة وتقليل مخاطر تجدد النزاع، وتسمى أيضاً "منطقة فاصلة" في بعض عمليات الأمم المتحدة.

وتم التوصل إلى إنشاء منطقة عازلة وقع بين بعثة المينورسو، المكلفة من الأمم المتحدة بضمان وقف إطلاق النار في المنطقة، وطرفي النزاع، المغرب والبوليساريو، في نهاية 1997 وبداية 1998.

جدار رملي

شمل الاتفاق أيضا تقسيم الصحراء الغربية إلى خمس مناطق، بما في ذلك شريط عازل بعرض 5 كيلومترات شرقي الجدار الرملي.

وقد شيد المغرب جدار رمليا بالمكان في ثمانينيات القرن الفائت على امتداد أزيد من 2500 كيلومترا.

عناصر ببعثة المينورسو في الصحراء الغربية (أرشيف)

كما تضم الاتفاقية منطقتين مقيدتين (25 كيلومترًا غربًا و30 كيلومترًا غرب الجدار الرملي) تشملان بقية الصحراء الغربية. وتطبق قيود مختلفة على الأنشطة العسكرية وأفراد الطرفين في هذه المناطق، حسب موقع المينورسو.

ولضمان وقف إطلاق النار بين المغرب والبوليساريو، أنشأت الأمم المتحدة عام 1991 بعثة تحت مسمى بعثة الأمم المتحدة الأمم المتحدة للإستفتاء في الصحراء الغربية "المينورسو".

قوة من 1178 شخصا

يسمح لبعثة الأمم المتحدة فقط بالتحرك عسكريا في المنطقة العازلة. هذه البعثة، التي تعرف اختصار بـ"مينورسو"، تضم 1178 شخصا من بينهم المدنيين والخبراء وعناصر الشرطة والمتطوعين.

كما تضم 245 من الأفراد العسكريون وقوات الوحدات والخبراء وضباط الأركان، حسب آخر تحديث للبعثة صادر في مارس 2024.

الأمم المتحدة قلقة إزاء تدهور الأوضاع في الصحراء الغربية
أعرب الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش في تقرير نُشر الاثنين عن "قلقه العميق" إزاء تدهور الأوضاع في الصحراء الغربية، داعياً إلى تجنّب "أيّ تصعيد إضافي" في هذه المنطقة المتنازع عليها بين الرباط وجبهة البوليساريو.

وتتصدر بنغلاديش ومصر وغانا والهندوراس وروسيا قائمة أكثر الدول المساهمة في المهمة بالقوات وأفراد الشرطة، فيما يتم تمويل البعثة عن طريق حساب مستقل يتم إعتماده سنويا بواسطة الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 

المصدر: أصوات مغاربية