جانب من مظاهرة لأساتذة بالمغرب يحتجون على صيغة العمل بالعقود (أرشيف)
جانب من مظاهرة لأساتذة بالمغرب يحتجون على صيغة العمل بالعقود (أرشيف)

أثار قرار الحكومة المغربية تحديد سن الترشح للعمل في سلك التعليم لمن هم دون سن الثلاثين، جدلا واسعا في البلاد، خاصة وأنه يقصي شريحة واسعة من الخريجين العاطلين عن العمل، الذين يفوق عمرهم الثلاثين.

ودافعت وزارة التربية والتعليم عن القرار، واعتبرت أن الشروط الجديدة لاجتياز مباريات المدرسين، تهدف إلى إصلاح القطاع الذي يعاني من أعطاب كثيرة، ويلتهم ملايين الدولارات من ميزانية الدولة سنويا.

وتزامن هذا القرار مع إصدار المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي (مؤسسة عمومية) تقارير عن مستوى التحصيل الدراسي للتلاميذ المغاربة في القطاع العام والخاص، كشفت عن تدني كبير في التعليم العمومي.

في المقابل، خرجت مظاهرات في عدد من المدن المغربية، رفضا لتحديد سن المدرسين، فيما وصفه معارضوه بـ"غير الدستوري".

وأثار القرار تخوفات وأسئلة حول إمكانية نهج الوزارات والقطاعات العمومية الأخرى لتحديد سن التوظيف بها، ما قد يصعب مهمة الخريجين الباحثين عن عمل، خصوصا في وقت لا يزال الاقتصاد المغربي، يعاني من تبعات جائحة كورونا، وارتفاع نسب البطالة.

اليونسي: التمديد مستبعد

ويرى أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول، عبد الحفيظ اليونسي، أن "هناك ضعفا في الحجج التي عللت بها الحكومة هذا القرار، ولم يكن الجواب المقدم مقنعا". وأضاف اليونسي، في حديث لـ"أصوات مغاربية"، أن "قرار تسقيف سن العمل، يعطي فكرة عن منهجية عمل الحكومة، وقد يؤدي إلى توترات اجتماعية أخرى".

اليونسي، أشار إلى أن هناك عائقا قانونيا واضحا أمام تمديد هذا التسقيف إلى قطاعات حكومية أخرى، "فالسن في الوظيفة العمومية محدد في 45 سنة، وإذا أرادت الحكومة تغيير هذه المسألة، فسيكون عليها خوض معركة تشريعية داخل البرلمان من أجل دفع الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 30 سنة لكي يبحثوا عن فرص عمل أخرى في القطاع الخاص".

واعتبر الأكاديمي المغربي أن الوظيفة العمومية في المخيال الاجتماعي المغربي، مرتبطة بالأمن الاجتماعي والوظيفي، من حيث الحماية الاجتماعية وضمان الأجر، "والمجتمع لا ينظر للقطاع الخاص بنظرة ارتياح، وهذا ما برز مع جائحة كورونا".

وتوقع عبد الحفيظ اليونسي، ألا تتجه الدولة المغربية في مسار تحديد سن العمل في القطاعات الوزارية في 30 سنة.

الإدريسي: لم نستشر بشأن القرار

أما عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي)، فقد أبدى معارضته تحديد سن العمل، مشيرا إلى أن الحكومة لم تستشر النقابات قبل الإعلان عن هذا القرار.

وأضاف الإدريسي في حديث لـ"أصوات مغاربية"، أن تحديد السن موجود في قطاعات مثل الشرطة والجيش، "لكن الأمور لا تزال غير مضبوطة وجرى الإعلان عن القرار الأخير بشكل مفاجئ دون أن يكون المعنيون بالأمر على علم به".

وشدد النقابي المغربي، على أن اتخاذ مثل هذا القرار يستلزم التحضير له وإصدار قرارات أخرى مصاحبة، من أجل استقطاب الكفاءات وألا يكون لهم التكوين الأكاديمي فقط، وإنما أن يخضعوا لتداريب في مجالات تخصصهم.

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

(FILES) Algeria's President Abdelmadjid Tebboune attends the closing ceremony of the 31st Arab League summit in the capital…
(FILES) Algeria's President Abdelmadjid Tebboune attends the closing ceremony of the 31st Arab League summit in the capital Algiers on November 2, 2022. - Tebboune, who assumed Algeria's presidency during mass pro-democracy protests, is touting his…

يستعد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الفائز بعهدة ثانية في انتخابات السابق سبتمبر الجاري، لتشكيل حكومة جديدة، حسبما ينص عليه الدستور، بعد أن تقدّم حكومة نذير العرباوي الحالية استقالتها له.

وينص الدستور الجزائري على أن رئيس الجمهورية هو الذي يعيّن الوزير الأول، كما يعيّن أيضا أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير الأول‮.

“حكومة الرئيس"

وبحكم طبيعة النظام الجزائري (شبه رئاسي) فإن السلطات تتركّز في يد رئيس الجمهورية، والحكومة تنفّذ برنامجه، وهو ما جعل هذه الحكومة تُسمّى "حكومة الرئيس".

ومنذ انتخابه رئيسا لعهدة أولى في ديسمبر 1999، اختار عبد المجيد تبون أن تكون حكوماته ذات غالبية غير حزبية، أي حكومة تكنوقراط، مردّ ذلك أنه لم يطلب دعم الأحزاب الكبيرة أو الصغيرة عند ترشحه، بل أعلن ترشحه حرّا وكان يردّد "أنا مترشح حرّ، وسيدعمني المجتمع المدني".

هذا فضلا عن أن حزب جبهة التحرير الوطني لم يدعم تبون في تلك الرئاسيات ودعم المترشح عزالدين ميهوبي، الذي ترشّح باسم التجمع الوطني الديمقراطي، وهو ما جعل الهوّة تتّسع بين الحزب الذي كان يوصف بـ"الجهاز"، في إشارة إلى أنه في خدمة السلطة، وبين تبون.

وقد تفادي تبّون الاعتماد على الأحزاب في تلك الفترة، كونها كانت مرفوضة شعبيا، بحكم الحراك الشعبي السّاخط على حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحزب تجمع أمل الجزائر وحزب الحركة الشعبية الجزائرية، التي كانت داعما للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة طيلة عهداته الأربع، كما دعمته من أجل عهدة ثانية ثار عليها الشعب.

لكن الأمور انقلبت في الرئاسيات الفارطة، حيث أعلنت هذه الأحزاب دعمها للرئيس المترشح عبد المجيد تبون وطالبته بالترشح قبل أن يعلن ترشّحه، كما نشّطت حملته الانتخابية في ولايات البلاد الـ 58 طيلة عشرين يوما، فيما لم ينشّط تبون سوى أربع تجمعات انتخابيات في جهات البلاد الأربع.

فهل ستجد هذه الأحزاب نفسها في الحكومة المرتقبة، بعد أدائها في الحملة الانتخابية لصالح تبون، وتكون جزءا من فسيفساء يضم متحزبين وتكنوقراط؟ أم إن الرئيس سيمضي في خياراته بتشكيل حكومة ذات أغلبية تكنوقراطية؟

حكومة "تصحيح أخطاء"

قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر عبد الحكيم بوغرارة، إن "95 من تشكيلات حكومات الرئيس تبون في عهدته الأولى، كانت من التكنوقراط، ويبدو أنه سيغيّر هذه المرة".

وأوضح بوغرارة بأن الرئيس "أجرى تغييرات وتعديلات حكومية عديدة، وأبدى غضبه أكثر من مرة على أدائها، ما يعني أن الحكومة المقبلة ستضم أيضا شخصيات من الأحزاب السياسية".

وختم الأكاديمي الجزائري حديثه مع "أصوات مغاربية" قائلا "بحكم الدستور سيتشاور الرئيس والوزير الأول لاختيار كفاءات حزبية لتشكيل الحكومة، وفي تقديري سيكون نصف الحكومة من الأحزاب، لأنها ستكون حكومة تصحيح أخطاء حدثت في الحكومات السابقة، خصوصا وأن تبون تمرّس في إدارة الدولة".

عامل "الغلبة العددية"

يتوقع المحلل السياسي محمد مسلم دخول بعض الأسماء من "الأحزاب الكبيرة في تشكيلة الحكومة المقبلة، دون أن تكون لها الغلبة العددية".

وأوضح مسلم، في حديث مع "أصوات مغار بية"، أن الرئيس "دَرج على توظيف وزراء تكنوقراط إلى جانبه، خصوصا أنه غير منتمٍ حزبيا ويثق في التكنوقراط، لكن ذلك لن يمنعه من منح بعض الحقائب لأحزاب ساندته في حملته الانتخابية للفوز بعهدة رئاسية ثانية، وهذا من صميم الأخلاق السياسية".

وأفاد المتحدث بأن بداية عهدة تبون الأولى "كانت أزمة مع الأحزاب الكبيرة (الأفلان والأرندي)، أما اليوم فسيكون لهذه الأحزاب نصيب من الحقائب الوزارية غير السيادية وغير الفاعلة، فيما ستمنح الوزارات الثقيلة لرجال ثقته من التكنوقراط".

 

  • المصدر: أصوات مغاربية