هل ينذر توقيف الرجل الثاني في النهضة باحتدام الصراع بين الحركة والرئيس التونسي؟
يستحوذ توقيف السلطات التونسية لنائب رئيس حركة النهضة، نور الدين البحيري، على اهتمامات الأوساط السياسية والإعلامية، وسط توقعات بأن تفتح الخطوة فصولا جديدة في المواجهة بين الرئيس قيس سعيد والحركة التي تعد أحد أبرز الأحزاب بالبلاد.
وسبق للبحيري أن تقلد منصب وزير للعدل في ائتلاف حكومي شكلته النهضة عقب الثورة، كما شغل مقعدا نيابيا منذ 2014.
توقيف البحيري
وجهت حركة النهضة، التي كانت تسيطر على البرلمان المجمد، انتقادات لاذعة للرئيس سعيد عقب ما وصفته بـ"اختطاف" نائب رئيسها.
وحذرت الحركة، في بيان لها، من "الانجرار إلى مربعات الخروج عن القانون والانحراف بالسلطة واستغلال الظرف الاستثنائي لمنظومة الانقلاب لتصفية الخصوم السياسيين".
كما اعتبرت أن "استهداف البحيري يتنزل في إطار التنكيل بالشخصيات الرافضة للانقلاب والحيلولة دون اجتماعها على مقاومة الانقلاب والتخذيل عن التحرك المقرر ليوم عيد الثورة".
وتستعد مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" إلى تنظيم تحرك احتجاجي واسع يوم 14 يناير القادم في ذكرى الإطاحة بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وبعد صدور عدة بيانات منددة بالحادثة، أصدرت الداخلية بلاغا لم تذكر فيه البحيري بالاسم، قالت فيه إنه "عملا بالقانون المنظم لحالة الطوارئ.. الذي يُخول وضع أيّ شخص تحت الإقامة الجبرية حفاظا على الأمن والنظام العامين، تم اتخاذ قرارين في الإقامة الجبرية، وهو إجراء ذو صبغة تحفظية أملته الضرورة في إطار حماية الأمن العام، وينتهي بانتهاء موجبه".
تصعيد منتظر
ويرى محللون سياسيون أن توقيف البحيري، وهو أول قيادي من الصف الأول بحزبه تقع متابعته منذ 25 يوليو، سيشكل "منعرجا حاسما" في "الصدام بين حركة النهضة والرئيس سعيد".
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي قاسم الغربي إن "توقيف البحيري يشكل أول استهداف مباشر لقيادي من الصف الأول بالحركة منذ 25 يوليو"، مرجحا "حدوث تداعيات سلبية للغاية لهذه الخطوة على العلاقة بين النهضة والرئاسة".
ولا يستبعد الغربي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، لجوء الطرفين إلى "التصعيد في الفترة القادمة خاصة إذا لم يقع إطلاق سراح البحيري قبل التحرك الاحتجاجي المرتقب في 14 يناير".
ومن وجهة نظر المحلل ذاته فإن "سعيد يسعى من خلال توقيف قيادي بالصف الأول للحركة إلى تحويل المواجهة من معركة بينه وبين معارضة تضم جل خصومه السياسيين إلى معركة بينه وبين النهضة".
ويفسر موقفه بالقول إن "ضغوطا كبيرة يواجهها سعيد بعد نجاح إضراب الجوع الذي يخوضه قياديون بـ'مبادرة مواطنون ضد الانقلاب' في توحيد الطيف السياسي المعارض لإجراءات الرئيس".
سيناريو مقبل
من جهته، أوضح المحلل السياسي عبد الجليل معالي أن "عملية توقيف البحيري ستزيد في إضعاف النهضة نظرا للأهمية التي يمثلها هذا القيادي داخل حزبه أو في الأوساط السياسية والقضائية"، مشيرا إلى إمكانية أن "تكشف هذه الخطوة عن الكثير من الملفات التي كان الجهاز القضائي يترنح في التعامل معها باعتبار حساسيتها السياسية والأمنية".
ويرجح معالي أن تفتح هذه الخطوة الباب لـ"إيقافات وإقالات قادمة ستطال وجوها عديدة في السلك الأمني والقضائي والإداري، لأن الرجل يمثل ما يشبه جبل الجليد في المشهد السياسي"، معتبرا أنها "رسالة موجهة إلى الطبقة السياسية التونسية أن لا أحد معفي من المسائلة القانونية"
ولفت معالي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن "الحادثة الأخيرة تعد فصلا في مواجهة مستمرة بين الطرفين احتدمت قبل لحظة 25 يوليو الفائت"، واصفا توقيف الرجل بـ"العملية السياسية التي تختلف كل الإيقافات السابقة تبعا لخصوصية الرجل ودوره في الحركة وصلته بالسلطة القضائية باعتباره اضطلع سابقا بمهام وزير العدل".
المصدر: أصوات مغاربية