A general view shows a member of the Algerian Republican Guard standing near the port in  Algiers on December 6, 2017. / AFP…
منظر عام لمدينة الجزائر العاصمة وفي الأسفل الميناء (أرشيف)

عبر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن رفض بلاده اللجوء إلى الدين الخارجي، إذ قال في خطاب ألقاه، أول أمس الثلاثاء، من مقر وزارة الدفاع الوطني إن "الاستدانة الخارجية ترهن سيادتنا وحرية قراراتنا وحريتنا في الدفاع عن القضايا العادلة في العالم".

وليست هذه المرة الأولى التي يعبر فيها الرئيس الجزائري عن موقف رافض للاقتراض من الخارج، إذ أكد ذلك في مناسبات عدة، من بينها لقاؤه مع وسائل إعلام محلية، في أكتوبر الماضي، حين قال "لن نذهب للاستدانة وهي من المستحيلات. ولن نأخذ البلاد للانتحار السياسي".

فهل تتمكن الجزائر من كسب رهان الاستغناء عن الدين الخارجي، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تشهد استمرار تداعيات الجائحة وفي ظل التقلبات التي تسجلها أسعار النفط؟ 

"تجربة قاسية"

تعليقا على الموضوع، أوضح خبير الإحصاء، نبيل جمعة، أن "الجزائر مرت بتجربة قاسية خلال التسعينيات"، مشيرا إلى أن "قبولها بالاستدانة من صندوق النقد الدولي جعلها تنفق 15 مليار دولار سنويا على خدمات الديون التي بلغت وقتها 35 مليار دولار" .

وتابع جمعة حديثة لـ"أصوات مغاربية" مبرزا أن الجزائر "أنفقت أكثر من 150 مليار دولار، كخدمات ديون للمؤسسات المالية الدولية منذ عام 1994 وإلى غاية مطلع الألفية الجديدة، كما أدت الاستدانة إلى حل مئات المؤسسات العمومية، وتسريح آلاف العمال وبيعها بالدينار الرمزي".

كما أشار إلى أن "الجزائر ظلت لسنوات تدفع لمكاتب الدراسات المقربة من المؤسسات المالية الدولية نحو 13 مليار دولار سنويا مقابل خدمات استشارية إلى غاية تقليص هذه التكاليف بنحو 7 ملايير سنويا عقب قرار حكومة عبد المجيد تبون الاعتماد على الكفاءات المحلية".
 

"مؤشرات إيجابية"

وجوابا على السؤال بشأن مدى قدرة الجزائر على كسب رهان التخلي عن الاقتراض من الخارج، أبرز جمعة ما يصفها بـ"المؤشرات الإيجابية" بذلك الخصوص، من بينها "التوفر على 44 مليار دولار من احتياطي الصرف بالعملة الصعبة إلى غاية نهاية سنة 2021، في الوقت الذي ذهبت توقعات البنك الدولي إلى نفادها في السنة الماضية ولجوء الجزائر إلى الاستدانة وهو ما لم يحدث".

كما لفت المتحدث إلى مؤشر آخر يتعلق بأسعار النفط التي قال إنها "ارتفعت خلال سنة 2021 بنسبة 87 في المائة، ما أدى إلى تحقيق مداخيل إجمالية مهمة"، لافتا في السياق نفسه إلى أن "سعر الغاز ارتفع 6 مرات في 2021، حيث وصل إلى 1.2 دولار للمتر مكعب".

من جهة أخرى يرى جمعة أن "الحكومة قد تلجأ إلى تخفيض فاتورة الاستيراد مرة أخرى بعدما بلغت نحو 32 مليار دولار سنة 2021، وهو "رقم كبير لأن فاتورة الغذاء برمتها لا تتجاوز 6 مليار دولار" يضيف المتحدث الذي يشير إلى أن "بعض المؤسسات العمومية ما تزال تستورد موادا مصنعة محليا".

مع ذلك، استحضر المتحدث مؤشرا آخر يتمثل في "فائض الميزان التجاري الذي بلغ نحو 1.04 مليار دولار سنة 2021،  وذلك لأول مرة، ما يعني أن قيمة الصادرات فاقت قيمة الواردات".

في المقابل حذر جمعة الحكومة من "عدم إعادة النظر في القوانين التي تعرقل انفتاح الاقتصاد الجزائري، كقانون النقد والقرض الذي يعرقل حق المستثمرين في الحصول على مداخيلهم من العملة الصعبة".

كما حذر من "عدم الإسراع في وضع التشريعات التي تسمح باستعادة أموال السوق الموازية البالغة 90 مليار دولار"، مبرزا أن القدرة على "تجاوز الاستدانة ترتبط أيضا بالرفع من نسبة التصنيع إلى 15 في المائة بدل ٥ في المائة".

"تحذيرات"

من جانبه، يرى الخبير الدولي في شؤون الطاقة والاقتصاد، عبد الرحمان مبتول،  أن "تقلبات أسعار النفط التي تتحكم فيها عوامل خارجية من شأنها أن تدفع نحو الاستدانة إذا لم تأخذ الحكومة في الحسبان ضرورة العمل على عدة مستويات".

وتابع مبتول حديثه لـ"أصوات مغاربية" مبرزا أن "ارتفاع فاتورة أسعار الغذاء التي بلغت 127 نقطة في السوق الدولية خلال شهر مايو 2021، بزيادة قدرها نحو 40 في المائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2020، حسب منظمة الأغذية العالمية الفاو، قد أدى إلى تضخم فاتورة الغذاء".

وحذر المتحدث ذاته من "ارتفاع فاتورة المواد الخام المستعملة في إنتاج النفط، والتي تستوردها الجزائر بالعملة الصعبة" وهو ما  "يؤثر على تكلفة الإنتاج التي تقلص من قيمة العائدات".

"امتحان الاستدانة"

في المقابل، شدد مبتول على أن "الإنعاش الاقتصادي في الجزائر بات ضروريا خلال سنة 2022، لتجاوز امتحان الاستدانة، وذلك بواسطة التشغيل المنتج، والاستثمار".

كما يرى المتحدث أن "الجزائر مطالبة بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي يجب أن توفق بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية".

بالإضافة إلى ذلك، نبه المتحدث إلى أن تحقيق "رهان تحسين إدارة جميع القطاعات، المنتجة والخدماتية، بنسبة 10 في المائة، واستعادة 10 في المائة من الأموال في مكافحة الفساد" من شأنه أن يؤدي إلى "توفير حوالي 210 مليار دولار من العملات الأجنبية".

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

من مظاهرة الجمعة المعارضة للرئيس سعيد والرافضة لترشحه لولاية ثانية
من مظاهرة الجمعة المعارضة للرئيس سعيد والرافضة لترشحه لولاية ثانية

وجه المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية، العياشي زمال، دعوة من داخل سجنه من أجل "طي صفحة" مرحلة حكم الرئيس الحالي قيس سعيد و"التوجه نحو التغيير".

 

ووفق رسالة موقعة بتاريخ السبت ومنسوبة لزمال موجهة إلى أنصاره، قال المرشح الرئاسي "كان من المفترض أن أنطلق اليوم في حملتي الانتخابية تحت شعار "نقلبوا الصفحة" (نطوي الصفحة)، لكنكم تعلمون أنني مُنعت ظلما من أن أكون بين أبناء شعبي ومع فريق حملتي".

 

وأردف "ربما استطاعوا أن يمنعوا صوتي من أن يصل إليكم، ولكن لن يستطيعوا أبدا أن يمنعوا أصوات إرادة التغيير التي انطلقت ولن تتوقف".

ووجه زمال نداء لأنصار قائلا "حملتي أصبحت حملتكم، حملة شعبية تعتمد على كل أبناء الوطن الذين يقولون بصوت واحد 'نقلبوا الصفحة'، شاركونا وكونوا جزءا من التغيير".

وكان العياشي زمال قد أوقف الأسبوع الماضي بتهمة تزوير التزكيات الضرورية للترشح للانتخابات الرئاسية، وأجّلت المحكمة النظر في قضيته إلى يوم 18 سبتمبر الجاري.

رفض القضاء التونسي جميع مطالب الإفراج عن المرشح للانتخابات الرئاسية، العياشي زمال، وقرّر إبقاءه في حالة إيقاف مع تأجيل النظر في قضية تزوير التزكيات الخاصة بالترشح للانتخابات الرئاسية.

وأجلت المحكمة الابتدائية في جندوبة، الأربعاء، النظر في قضية زمال إلى 18 سبتمبر الجاري.

يذكر أن زمال يحاكم بالتهمة نفسها في أكثر من محكمة. وكانت هيئة الدفاع عنه قد أفادت في بيان سابق، بأن موكلها صدرت في حقه تبعات أخرى بنفس التهمة في محافظات منوبة وسليانة.

وانطلقت الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية التونسية السبت، وتستمر إلى 4 أكتوبر المقبل، على أن يجري التصويت يوم الأحد السادس من الشهر نفسه.

وبالتزامن مع انطلاق الحملة الانتخابية رسميا، دعت الشبكة التونسية للحقوق والحريات (تضم منظمات وأحزاب سياسية)، إلى رفع وتيرة المظاهرة، كما حشدت لمسيرة شعبية في تونس العاصمة "دفاعا عن الحقوق والحريات في تونس"، وفقها، وتحت شعار "ماناش ساكتين (لن نصمت)".

 

المصدر: أصوات مغاربية