داخل محل تجاري في العاصمة الجزائرية
مواطن داخل محل تجاري في الجزائر العاصمة يقتني حاجياته

خلص التقرير النهائي للجنة التحقيق البرلمانية بالجزائر حول أسباب أزمة تموين السوق المحلية بمواد غذائية أساسية، إلى توجيه انتقادات لجهات رسمية وللتجار بخصوص استمرار هذه الأزمة.

وينتظر أن يسلم التقرير النهائي إلى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من أجل اتخاذ إجراءات مناسبة لمعالجة الوضع، وفق ما أكده عضو مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان) عبد الوهاب بن زعيم في تصريح سابق لـ"أصوات مغاربية".

اتهامات لأطراف رسمية وتجار

وكشف التقرير، الذي نُشرت بعض مقتطفاته في وسائل إعلام محلية، وجود تجاوزات في السوق، مثل "التصريح الكاذب بحجم مخزون المواد الأساسية من طرف المنتجين الذين قدموا أرقاما خيالية حول وفرة الزيت والسكر والحليب.

كما رصد التقرير نفور التجار من التعامل بنظام الفوترة وجهلهم بالقوانين إضافة لاحتكار الموزعين للمواد الأساسية"، الأمر الذي أدى إلى نشوب "أزمة حقيقية" في تموين السوق المحلية بالعديد من المواد الأساسية مثل الزيت والحليب.

وعاتب تقرير الجنة البرلمانية وزارتي الصناعة والتجارة على خلفية "عدم متابعة مسؤولي هذين القطاعين ما يجري على مستوى مصادر التموين والتدقيق في كل العمليات الخاصة بذلك"، خاصة ما تعلق بـ"التصريح الكاذب الذي يلجأ إليه بعض الموردين".

وعرج التقرير النهائي على النصوص التي تضمنها القانون الجديد الخاص بـ"مكافحة المضاربة"، فأكد بأن "بعض النصوص المبهمة فيه أثارت نوعا من القلق والخوف لدى العديد من المتعاملين في السوق الجزائرية".

وتشهد السوق الجزائرية منذ عدة أشهر أزمة طارئة في مجموعة من المواد واسعة الطلب، على رأسها زيت المائدة والسكر والحليب، فيما اتهم رئيس الجمهورية أطرافا لم يسمها بـ"السعي لافتعال أزمة بهدف ضرب استقرار البلاد".

سواهلية: قانون سبّب الأزمة

تعليقا على التقرير قال الخبير الاقتصادي أحمد سواهلية إنه كان منتظرا أن يتولى قانون مكافحة المضاربة حل هذه الأزمة، لكنه راح يعالج مشاكل السوق بقرارات إدارية سطحية وبمسكنات وبمنطق المكافحة والقوة والغلبة لا بمنطق إيجاد الحلول بناء على تشخيص واقعي".

وأضاف سواهلية في حديث مع "أصوات مغاربية" بأن قانون مكافحة المضاربة " نفسه تسبب في الندرة، لأن التجار صاروا يخافون من ممارسة نشاطهم خوفا من تهمة الاحتكار والمضاربة والسجن المحتمل ثلاثين سنة.

وبرأي الخبير الاقتصادي الجزائري فإنه "لم يتم البحث عن التشخيص الواقعي، وبذلك أدى القانون مفعولا عكسيا فحدث عزوف عن النشاط التجاري، لذلك أعتقد أن هناك حلقة مفرغة كبيرة جدا بسبب قرارات ارتجالية.. المضاربة يقوم بها بارونات.. تسقيف الهوامش وفرض الفوترة على صغار التجار لن يحل المشكلة بل سيجبر التجار على تغيير نشاطهم.. وهذا لن يحل المشكلة".

زبدي: الرقمنة والفوترة

من جهته قال رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، مصطف زبدي إن المشكلة "لا تكمن في تقرير يحدد الأسباب وإنما في تكرّر هذه الأزمة، فأزمة الزيت مثلا كانت في نهاية العام الماضي، ثم ها هي تتكرر اليوم، فماذا يحدث؟"

وأوضح زبدي في حديث مع "أصوات مغاربية" أن الحل يكمن في ضبط السوق بكميات كافية من السلع التموينية الحساسة بالإضافة إلى إدخال نظام الرقمنة والفوترة، وهما الثغرة التي تسمع بحدوث المضاربة والاحتكار، إذ بالرقمنة والفوترة وحدهما يمكن متابعة حركة السلع ومسارها".

ودعا زبدي إلى ضرورة اعتماد "الشفافية" في المعاملات التجارية من خلال "نظام أسعار مسقف بهامش معقول لا يضر بأطراف السوق جميعا، منتجين أو مستهلكين أو تجارا".

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

A handout picture released by the Algerian Presidency Facebook page, shows Algeria's incumbent President Abdelmadjid Tebboune…
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال الإدلاء بصوته في رئاسيات 7 سبتمبر

تشكّل الملفّات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي أهم أولويات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي أعيد انتخابه في السابع سبتمبر الجاري، وهي قضايا ملحة وساخنة تحدّث عنها بكثرة في حملته الانتخابية نظرا لأهميتهما بالنسبة للجزائريين.

من أبرز الوعود التي قدّمها تبون للجزائريين مواصلة الزيادات في رواتب الموظفين، وتوفير سكنات اجتماعية للفئات الهشّة، ورفع منحتي الطلبة الجامعيين والعاطلين عن العمل وفئات أخرى بينها؛ المتقاعدون والنساء الماكثات في البيوت والمعاقون.

الأجور والسكن

فبالنسبة لأجور الموظفين قال تبون إنه يصبو - بشكل تدريجي - لبلوغ نسبة زيادات بنسبة مائة بالمائة في حدود سنة 2027، بعدما قال في لقاءات صحافية سابقة إن الزيادة ستبلغ 47 بالمائة بنهاية السنة الجارية، وهذا بعد 5 زيادات منذ مجيئه إلى السلطة في 2019، شملت نحو 2.8 مليون موظف ومتقاعد.

ويبلغ الحد الأدنى المضمون للأجور في الجزائر 20 ألف دينار (151 دولار)، في حين يختلف الأجر الأساسي من موظف إلى آخر حسب الرتبة، ومن قطاع إلى آخر، وهو معدّل لا يزال بعيدا عن سد حاجة الجزائريين، خصوصا مع جنسبة التضخم التي بلغت 5 بالمائة حسب معطيات البنك الدولي، الذي يعد تبون بتخفيضه إلى 3 بالمائة، بعدما بلغت نسبته 9.3 بالمائة السنة الفارطة.

ووعد تبون برفع منحة العاطلين عن العمل من 13 ألف دينار (قرابة 100 دولار) إلى 15 ألف دينار (قرابة 115 دولار) في عهدته الجديدة، ثم تلْغى بعد أن يحصل العاطل على وظيفة.

وعن السكنات الاجتماعية أطلق تبون في يوليو الفارط برنامج "عدل 3"، وهي سكنات موجّهة للأفراد ذوي الدخل الضعيف، ولقيت إقبالا كبيرا واستفاد منها كثير من الجزائريين في "عدل 1" و"عدل 2".

وفضلا عن "عدل 3"، وعد الرئيس المنتخب بتوفير صيغ أخرى من السكنات لفئات أخرى ذات الدخل المرتفع.  

"عراقيل" في وجه الرقمنة

اقتصاديا وعد تبون برفع القدرة الشرائية للمواطنين والحفاظ على استقرار الأسعار، من خلال رفع قيمة الدينار الجزائري، الذي انخفض مجددا أمام الدولار (1 دينار يساوي 0.0076 دولار).

ولايزال الإصلاح الجبائي والبنكي وإتمام مشروع الرقمنة والمراكز الكبرى للمعطيات والبيانات الوطنية والمرتبطة بالدفع الإلكتروني، موضوعا أساسيا في برنامج الرئيس المنتخب، الذي اشتكى أكثر من مرة من "عراقيل" في وجه مشروع الرقمنة، خصوصا في وزارة المالية.

ومن أبرز تعهّدات الرئيس تبون خلال حملته الانتخابية تحفيز وحماية الاستثمار وخلق فرص عمل، ودعم وزيادة الإنتاج المحلي بدل الاستيراد.

ويراهن تبون أيضا على رفع الناتج المحلي إلى نحو 400 مليار دولار مقارنة بـ260 مليار دولار نهاية العام الماضي، ورفع الصادرات خارج النفط إلى 15 مليار دولار بحلول 2026، بعدما بلغت 7 مليارات العام الماضي.

المصدر: أصوات مغاربية