أفاد وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي بأن ما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي لا تنطبق عليه مساطر قانون الصحافة ولكن ينطبق عليه القانون الجنائي، منوها بحكم قضائي صدر بمحكمة النقض الأسبوع الفارط بشأن قضية تشهير.
وأوضح الوزير في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب (الغرفة السفلى للبرلمان)، الاثنين، أن هذا الحكم سيدفع النيابة العامة نحو التوجه لتطبيق القانون الجنائي في ما ينشر على منصات التواصل الاجتماعي بدل قانون الصحافة الذي يمنع الاعتقال.
وجاء جواب الوزير ردا على سؤال لنائبة برلمانية في سياق تعرض أحد لاعبي المنتخب المغربي للتشهير و"وصفه بالتطرف"، مؤكدة بأنه "شيء غير مقبول وأن خطورة ظاهرة التشهير تكمن في عدم قياس حجم الضرر النفسي والمحيط به".
وفي هذا الصدد، أكد وزير العدل بأن مشروع القانون الجنائي الذي سيحال على البرلمان في آخر الشهر قد نص على عقوبات شديدة في ما ينشر من تشهير على منصات التواصل الاجتماعي وفي المواقع الإلكترونية التي يمتلكها أشخاص ليسوا بصحفيين.
"عقوبة التشهير الرقمي"
وتعليقا على الموضوع، يرى المحامي المغربي محمد الشمسي، أن استعمال وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض تمس وتحقر وتشهر بالغير غير مرتبط بحرية التعبير، مشيرا إلى أن القانون الجنائي كان هو المعتمد في الأصل.
وتابع الشمسي حديثه لـ"أصوات مغاربية"، موضحا أن المشرع المغربي اعتبر سابقا بأن كل ما ينشر خارج إطار الصحافة والإعلام تسري عليه بنود القانون الجنائي، لافتا إلى جرائم السب والقذف والتشهير والإهانة على المواقع الاجتماعية وتطبيقات التراسل الفوري.
وقال الشمسي إن " التشهير الرقمي جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي وتصل عقوبتها من ثلاث إلى خمس سنوات"، مضيفا أنه "بالرغم من ذلك لا يزال هناك إقبال سلبي على هذه الظاهرة على وسائل التواصل الاجتماعي".
واستبعد المتحدث ذاته، أن يكون حديث وزير العدل في ما يخص اعتماد تطبيق القانون الجنائي في جرائم التشهير الرقمي قد يشمل ما ينشره الصحافيون والمؤسسات الإعلامية، محذرا من التراجع الذي قد يتم تسجيله إذا شمل ذلك حرية الصحافة والإعلام.
"انتقائية تطبيق القانون"
ومن جانبه، دعا رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير المغربية (حاتم)، محمد العوني، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إلى ضرورة الفصل بين الإعلام الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، منبها إلى "وجود خلط متعمد في بعض الجوانب يأتي أساسا من عدم تقدير الإعلام كسلطة وتمكينه من كل شروط الوجود".
واعتبر العوني أن توجه وزارة العدل باعتماد القانون الجنائي في ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي هو أمر إيجابي، منتقدا في المقابل "الانتقائية" في تطبيق هذا القانون في قضايا التشهير التي يتعرض لها المعارضون من السياسيين والصحافيين بدون أي تحرك قضائي.
وذكر العوني، أنه "عندما تتبنى السلطات بمختلف مكوناتها التشريعية والتنفيذية والقضائية هذا الموقف المبدئي من التشهير الرقمي ستتقلص آنذاك هذه الظاهرة"، رافضا نهج "الكيل بمكيالين" في هذا النوع من القضايا.
ومن جهة أخرى، أوضح المتحدث أنه إذا ارتبط التشهير بمواقع الكترونية فيجب أن تكون المتابعة بقانون الصحافة والنشر وليس بالقانون الجنائي، مشيرا إلى أن المجلس الوطني للصحافة يتدخل في هذه القضايا ويحيلها على لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية.
"استثناء الصحافيين من القانون الجنائي"
وذكر رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عادل تشيكيطو، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن وزير العدل تحدث بالأخص عن التشهير الرقمي على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن تصريحه مهم جدا وفي صميم احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير التي يضمنها القانون.
وفي هذا السياق، أشار تشيكيطو إلى "ضرورة الانتباه إلى صياغة بعض القوانين التي تحتمل نوعا من التعويم الذي يكون مدخلا لاستهداف ومتابعة المدافعين عن حقوق الإنسان"، لافتا إلى الجدل القائم حول "هل يمكن اعتبار المعبرين عن رأيهم في مواقع التواصل الاجتماعي صحافيين؟".
وأوضح تشيكيطو، أنه يجب التمييز بين التشهير الذي يمارسه الناس في مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعتهم بالقانون الجنائي وبين ما ينشره الصحافيون، مبررا أن "صفة الصحافي المهني تبقى دائمة بغض النظر أين ينشر آراءه".
وقال الحقوقي، إن "الصحافي إذا قام بتشهير من خلال ما نشره على مواقع التواصل الاجتماعي وجب متابعته باعتماد قانون الصحافة والنشر، وأي قانون خارج ذاك فهو تضييق على حريته وسعي لتخويفه".
المصدر: أصوات مغاربية