أثارت تصريحات أدلى بها سفير الفلبين بالمغرب، ليزلي باجا، بشأن زعم المملكة استقدام ممرضات فلبينيات للعمل بالمغرب الكثير من الجدل، في وقت يسجل القطاع الصحي بالمغرب خصاصا في الأطر الصحية.
وقال ليزلي في تصريحات لوكالة أنباء بلاده، نقلتها وسائل إعلام محلية، "لقد فوجئت، أثناء أحد الاجتماعات، الأسبوع الماضي، حينما تم إخباري بأنه يمكن استقدام ممرضات فلبينيات للعمل في المغرب"
وأضاف بحسب ما نقل موقع "هسبريس" المحلي "يجب أن تكون هناك آلية لأن القوانين في الوقت الحالي لا تسمح، إذا لم أكن مخطئا، للممرضات الأجنبيات بالعمل في المغرب لكن إذا فتحوا السوق فسيكون ذلك جيدا".
وسبق لوزير الصحة المغربي، خالد آيت الطالب، أن قال خلال حديثه في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) العام الماضي، إن بلاده تعاني "نقصا مهولا" في الأطر الصحية، يصل إلى 32 ألف طبيب و65 ألف ممرض.
وخلفت تصريحات المسؤول الدبلوماسي جدلا ونقاشا وسط مهنيي الصحة بالمغرب، إذ في الوقت الذي وصفها البعض بـ"فقاعة إعلامية" اعتبرها آخرون بمثابة "بالون اختبار" قد تتبعه إجراءات حكومية تسهل استقدام ممرضات من الفلبين، رغم ما يطرحه ذلك من إشكاليات قانونية.
"فقاعة إعلامية"
في هذا الصدد، وصف الكاتب الوطني للنقابة المستقلة للممرضين بالمغرب، مصطفى جعا، تصريحات سفير الفلبين بـ"مجرد فقاعة إعلامية"، خصوصا وأن الحكومة المغربية لم تتفاعل معها ولم يصدر عنها ما يفيد باتجاه المغرب إلى استقدام ممرضات من هذا البلد الآسيوي، وفق تعبيره.
وأوضح المسؤول النقابي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن استقدام الممرضات من الفلبين "يصطدم بفراغ قانوني، إذ يجب أولا تغيير قانون مزاولة مهنة التمريض الذي يشترط حاليا الجنسية المغربية لممارسة مهنة التمريض، زد على ذلك أن قرار تسهيل مزاولة الأطباء الأجانب لمهنة الطب بالمغرب الذي اتخذ في السنوات الأخيرة لم يمكن حتى الآن من استقدام سوى 100 طبيب أجنبي وذلك بسبب هزالة الأجور".
وتابع "اللغة الإنجليزية واختلاف التقاليد من العوائق التي ستعرقل استقدام الممرضين من الفلبين وسبق لوزير الصحة السابق أن عبر عن عزمه استقدام ممرضين من رومانيا، وفشلت الخطة، لأن الممرض الروماني يفضل العمل في فرنسا براتب يتجاوز 3000 يورو على العمل بالمغرب حيث أجور الممرضين لا تتجاوز 600 يورو".
وأشار جعا في هذا الصدد إلى بحث أجرته النقابة حول الممرضين الفلبينيين أظهر أنهم يفضلون الهجرة إلى الدول الأنغلوسكسونية التي تزيد فيها رواتب الممرضين عن 4000 دولار.
وتابع "أما من يقرر من الممرضين الفلبينيين الهجرة إلى الدول الضعيفة، فغالبا ما يكون تكوينهم ضعيف، بينما نطمح في المغرب إلى الرقي بالمهنة وإلى الاستفادة من الكفاءات المغربية التي أضحت تفضل الهجرة إلى كندا وألمانيا بعد سنوات خبرة بالمغرب".
تبعا لذلك، يقترح المسؤول النقابي أن تنكب الحكومة على معالجة "المطالب البسيطة" للممرضين المغاربة، التي قال إن منها رفع الأجور إلى 800 دولار وإحداث هيئة وطنية لحمايتهم وقانون ينظم ويؤطر عملهم.
وأضاف "الدولة رفعت من وتيرة التكوين بمعدل سيصل عام 2025 إلى 11 ألف ممرض، في وقت لا تتجاوز فيه المناصب المالية 5000 منصب مالي ما يعني أننا سنعاني في المستقبل القريب من بطالة كبيرة".
"بالون اختبار"
من جانبه اعتبر الكاتب الجهوي للجامعة الوطنية للصحة بجهة بني ملال خنيفرة، الرحال الحسيني، تصريحات الدبلوماسي الفلبيني بمثابة "بالون اختبار"، محذرا من أن اتجاه المغرب إلى استقدام الممرضين والأطباء الأجانب قد يؤدي إلى "ضرب الاستقرار الوظيفي للأطر المغاربة ودفعهم إلى الهجرة أو تعزيز الثقة في القطاع الخاص عوض القطاع العام"، بحسب تعبيره.
وعكس ما ذهب إليه جعا، لم يستبعد المسؤول النقابي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن تتجه الحكومة إلى سن قانون ينظم استقدام الممرضين الأجانب "بسرعة البرق".
وتساءل المتحدث "ما الإضافة التي سيضيفها الممرض الفلبيني للقطاع الصحي بالمغرب؟ أليس من الأجدر فتح مناصب شغل جديدة وتشغيل الكفاءات المغربية التي تعاني البطالة في وقت تسجل فيه المستشفيات خصاصا مهولا؟".
على صعيد آخر، استنكر الحسيني ما وصفه بـ"غياب إرادة سياسية" لسد الخصاص المسجل في القطاع الصحي بالمغرب، مشيرا في هذا الصدد إلى "ضعف" المناصب المالية المحدثة سنويا في وقت يزيد فيه عدد الخريجين من معاهد تكوين الممرضين.
يذكر أنه سبق للحكومة المغربية أن صادقت في أغسطس عام 2021 على مشروعي مرسومين، قدمهما وزير الصحة خالد آيت طالب، يتعلقان بتسهيل مزاولة الأطباء الأجانب لمهنة الطب في المغرب، بهدف سد النقص الحاصل في الموارد البشرية الطبية في المستشفيات المغربية.
كما وعد رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، في كلمة له بمجلس المستشارين شهر يناير الماضي، بالرفع من عدد مهنيي الصحة من 17,4 لكل 10 آلاف نسمة المسجل سنة 2021 إلى 24 ألفا عام 2025 و45 ألفا بحلول سنة 2030 وذلك بغلاف مالي سيصل إلى حوالي 300 مليون دولار.
- المصدر: أصوات مغاربية