Algerian president Abdelmadjid Tebboune, attends the Arab Summit, in Algiers, Algeria, Wednesday, Nov.2 2022. Arab leaders are…
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

يواصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون حملات الدعم المالي لفائدة شريحة واسعة.

وبقدر ما أثار هذا الأمر إعجاب شريحة المستضعفين ومحدودي الدخل في هذا البلد المغاربي، بقدر ما دفع أيضا ملاحظين إلى طرح التساؤل عما إذا كان ذلك مرتبطا بالتحضير لعهدة انتخابية ثانية، وهل ما يجري الآن هو مؤشر حقيقي على وجود رغبة لدى الرئيس الجزائري بالترشح لعهدة رئاسية ثانية.

قبل سنة ونصف عن إجراء ثاني استحقاق رئاسي في الجزائر، بعد مرحلة الحراك الشعبي، بدأت الساحة المحلية تهتم بهذا الموضوع، رغم "السكوت المطبق" الذي تلتزم به الجهات الرسمية، وعلى رأسها الرئيس عبد المجيد تبون، حيال الملف.

وقبل أشهر، سُئل الرئيس الجزائري عن موقفه من رئاسيات 2024، وهل لديه الرغبة في الترشح، فأكد بأنه "لا يفكر في الأمر بتاتا على اعتبار أن الأمر سابق لأوانه".

"الطريقة البوتفليقية"

وقد تجدد النقاش حول الرئاسيات القادمة على خلفية سياسة الدعم الاجتماعي التي أطلقها الرئيس عبد المجيد تبون، دفعة واحدة، حيث شملت زياردة في أجور الموظفين، ومنح المتقاعدين والبطالين، قبل أن يتم الإعلان مؤخرا عن رفع منحة التضامن بالنسبة للفئات الهشة.

وقد ذكّرت هذه الأساليب كثيرا من الجزائريين بما كان يقوم به الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، عندما كان ينظم زيارات ميدانية لأغلب الولايات، قبل تنظيم الانتخابات الرئاسية، ويغدق على سكانها بشتى أنواع المساعدات المالية والمادية.

وقد حاولت وكالة الأنباء الرسمية استباق "القراءات السياسية" التي عبرت عنها بعض الأطراف المحلية لهذه المساعدات من خلال التأكيد على أن ما يقوم به الرئيس عبد المجيد تبون هو "مواصلته الحرب لاسترجاع كرامة المواطن الجزائري مثلما وعد في حملته الانتخابية الخاصة برئاسيات 2019".

وقالت الوكالة في مقال نشرته عبر موقعها أمس إن "صون كرامة المواطنين على اختلاف فئاتهم وحماية قدرتهم الشرائية، يضعه السيد الرئيس وفقا لرسالته بمناسبة اليوم العالمي للشغل لسنة 2022، فوق كل اعتبار واهتمام، إلى جانب الحفاظ على مناصب الشغل والرعاية الاجتماعية، فيرصد لها ما أمكن من موارد مالية، لا سيما لصالح الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود والفئات الهشة، وتلك حقيقة لا يمكن إخفاؤها أو إنكارها".

سلم اجتماعي ورئاسيات

لكن حسب المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، رابح لونيسي، فإن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يشير إلى وجود "علاقة مباشرة بين ما يقدمه الرئيس الجزائري من دعم مالي كبير للفئات المعوزة وبين التحضير الانتخابي الخاص بعهدته الرئاسية الثانية.

وقال المتحدث في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "الظاهر أن هناك ارتباطا واضحا بين المحطتين، لكن هناك عامل آخر يصبو إليه الرئيس الجزائري يتعلق بشراء السلم الاجتماعي الذي عادة ما يؤثر أيضا في سياسات النظام الجزائري منذ1962".

وتابع لونيسي "النظام يشعر بأن هناك نقصا في شرعيته، لذا يسعى لاكتسابها بكل الوسائل ومنها هذه الزيادات، فهي سياسة ثابتة، فكلنا نتذكر كيف حقق بومدين الشرعية بالتنمية وشراء السلم الاجتماعي".

واستبعد المتحدث أن "يكون هناك مترشح آخر يمثل النظم السياسي في الجزائر خلال الاستحقاقات القادمة، دون الرئيس الحالي"، مشيرا إلى أن "هذا الخيار يضمن لحفاظ على الاستقرار، وأن محاولة انتخاب رئيس جديد، في تقاليد النظام الجزائري، قد  يهز الاستقرار داخل مؤسسات الدولة الكبرى، ومنها الجيش".

وأفاد  بأن "الجزائر تشهد حاليا مرحلة التحضير لهذه العهدة تحت غطاء الحفاظ على الاستقرار  دائما وتحت عنوان كبير هو تحقيق إنجازات لا نعلم إن كانت حقيقية أو وهمية كما يحدث دائما منذ1962".

أوراق الرئيس

وانتخب الرئيس عبد المجيد  تبون كمترشح حر في انتخابات ديسمبر 2019، بعد مسيرة حافلة قضاها في سلك الإدراة، ثم الحكومة، قبل أن يعين وزيرا أول في المراحل الأخيرة من عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

ورجح البرلماني السابق والأستاذ الجامعي، إدريس فاضلي، بأن لا تكون نية للرئيس الحالي في الاعتماد على نفس الطرق القديمة من أجل الاستمرار في الحكم، خاصة اللجوء إلى "سياسة شراء السلم الاجتماعي لكسب أصوات المواطنين".

وقال في الصدد "ما يقوم به الرئيس تبون حاليا من زيادات في الأجور ورفع لمنح المتقاعدين يؤشر على وجود أريحية مالية كبيرة في بلادنا، ما دفع المسؤولين إلى التفكير في تحسين وضعية المواطنين، وهو أمر يحدث في أي بلد، بل يعتبر ذلك واجبا يقوم على عاتق الدولة".

وحسب فاضلي، فإن "معركة الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون على أساس خطط وبرامج واقعية بالنظر إلى التحديات الكبيرة التي عرفتها الجزائر في السنوات الأخيرة  الماضية".

وتابع في الصدد "لمسة الرئيس الجزائري كانت واضحة على الصعيد الاقتصادي وما حققه من مكاسب عديدة، فضلا عن الاعترافات التي نالها في الشق الدبلوماسي والعلاقات الدولية، وهي جميعها أوراق أوجدت له مكانة خاصة عند الجزائريين الذين يلقبونه بعمي تبون وليس تبون الرئيس".

 

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

(FILES) Algeria's President Abdelmadjid Tebboune attends the closing ceremony of the 31st Arab League summit in the capital…
(FILES) Algeria's President Abdelmadjid Tebboune attends the closing ceremony of the 31st Arab League summit in the capital Algiers on November 2, 2022. - Tebboune, who assumed Algeria's presidency during mass pro-democracy protests, is touting his…

يستعد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الفائز بعهدة ثانية في انتخابات السابق سبتمبر الجاري، لتشكيل حكومة جديدة، حسبما ينص عليه الدستور، بعد أن تقدّم حكومة نذير العرباوي الحالية استقالتها له.

وينص الدستور الجزائري على أن رئيس الجمهورية هو الذي يعيّن الوزير الأول، كما يعيّن أيضا أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير الأول‮.

“حكومة الرئيس"

وبحكم طبيعة النظام الجزائري (شبه رئاسي) فإن السلطات تتركّز في يد رئيس الجمهورية، والحكومة تنفّذ برنامجه، وهو ما جعل هذه الحكومة تُسمّى "حكومة الرئيس".

ومنذ انتخابه رئيسا لعهدة أولى في ديسمبر 1999، اختار عبد المجيد تبون أن تكون حكوماته ذات غالبية غير حزبية، أي حكومة تكنوقراط، مردّ ذلك أنه لم يطلب دعم الأحزاب الكبيرة أو الصغيرة عند ترشحه، بل أعلن ترشحه حرّا وكان يردّد "أنا مترشح حرّ، وسيدعمني المجتمع المدني".

هذا فضلا عن أن حزب جبهة التحرير الوطني لم يدعم تبون في تلك الرئاسيات ودعم المترشح عزالدين ميهوبي، الذي ترشّح باسم التجمع الوطني الديمقراطي، وهو ما جعل الهوّة تتّسع بين الحزب الذي كان يوصف بـ"الجهاز"، في إشارة إلى أنه في خدمة السلطة، وبين تبون.

وقد تفادي تبّون الاعتماد على الأحزاب في تلك الفترة، كونها كانت مرفوضة شعبيا، بحكم الحراك الشعبي السّاخط على حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحزب تجمع أمل الجزائر وحزب الحركة الشعبية الجزائرية، التي كانت داعما للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة طيلة عهداته الأربع، كما دعمته من أجل عهدة ثانية ثار عليها الشعب.

لكن الأمور انقلبت في الرئاسيات الفارطة، حيث أعلنت هذه الأحزاب دعمها للرئيس المترشح عبد المجيد تبون وطالبته بالترشح قبل أن يعلن ترشّحه، كما نشّطت حملته الانتخابية في ولايات البلاد الـ 58 طيلة عشرين يوما، فيما لم ينشّط تبون سوى أربع تجمعات انتخابيات في جهات البلاد الأربع.

فهل ستجد هذه الأحزاب نفسها في الحكومة المرتقبة، بعد أدائها في الحملة الانتخابية لصالح تبون، وتكون جزءا من فسيفساء يضم متحزبين وتكنوقراط؟ أم إن الرئيس سيمضي في خياراته بتشكيل حكومة ذات أغلبية تكنوقراطية؟

حكومة "تصحيح أخطاء"

قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر عبد الحكيم بوغرارة، إن "95 من تشكيلات حكومات الرئيس تبون في عهدته الأولى، كانت من التكنوقراط، ويبدو أنه سيغيّر هذه المرة".

وأوضح بوغرارة بأن الرئيس "أجرى تغييرات وتعديلات حكومية عديدة، وأبدى غضبه أكثر من مرة على أدائها، ما يعني أن الحكومة المقبلة ستضم أيضا شخصيات من الأحزاب السياسية".

وختم الأكاديمي الجزائري حديثه مع "أصوات مغاربية" قائلا "بحكم الدستور سيتشاور الرئيس والوزير الأول لاختيار كفاءات حزبية لتشكيل الحكومة، وفي تقديري سيكون نصف الحكومة من الأحزاب، لأنها ستكون حكومة تصحيح أخطاء حدثت في الحكومات السابقة، خصوصا وأن تبون تمرّس في إدارة الدولة".

عامل "الغلبة العددية"

يتوقع المحلل السياسي محمد مسلم دخول بعض الأسماء من "الأحزاب الكبيرة في تشكيلة الحكومة المقبلة، دون أن تكون لها الغلبة العددية".

وأوضح مسلم، في حديث مع "أصوات مغار بية"، أن الرئيس "دَرج على توظيف وزراء تكنوقراط إلى جانبه، خصوصا أنه غير منتمٍ حزبيا ويثق في التكنوقراط، لكن ذلك لن يمنعه من منح بعض الحقائب لأحزاب ساندته في حملته الانتخابية للفوز بعهدة رئاسية ثانية، وهذا من صميم الأخلاق السياسية".

وأفاد المتحدث بأن بداية عهدة تبون الأولى "كانت أزمة مع الأحزاب الكبيرة (الأفلان والأرندي)، أما اليوم فسيكون لهذه الأحزاب نصيب من الحقائب الوزارية غير السيادية وغير الفاعلة، فيما ستمنح الوزارات الثقيلة لرجال ثقته من التكنوقراط".

 

  • المصدر: أصوات مغاربية