يحذر مراقبون ومختصون تحدثت إليهم "أصوات مغاربية" من تداعيات خطيرة قد تواجهها بلدان المنطقة المغاربية في المستقبل على خلفية الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات التدخل السريع.
ويعيش هذا البلد الأفريقي، منذ الأحد الماضي، على وقع اشتباكات مسلحة بين الطرفين، أدت إلى وفاة وجرح المئات من الأشخاص، كما تسببت في موجة نزوح كبيرة لمواطنين هروبا من جحيم الحرب.
واليوم الأربعاء، أعلنت قوات الدعم السريع، عبر صفحتها بتويتر، عن موافقتها على هدنة لـ24 ساعة تبدأ هذا المساء وتنتهي غدا الخميس على الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي.
لكن جهات عديدة رجحت أن تندلع المواجهات العسكرية مجددا في ظل تمسك طرفي النزاع بموقفيهما ورفضهما الاستجابة لدعوات التهدئة التي أطلقتها حكومات عربية وأجنبية.
قلق مغاربي
وعبرت حكومات مغاربية، بداية الأسبوع الجاري، عن قلقها من التطورات الأمنية والعسكرية الحاصلة في السودان، ودعت الأطراف المتنازعة إلى " العودة إلى طاولة الحوار ونبذ النزاع".
ويأتي اهتمام المسؤولين المغاربيين بالوضع القائم حاليا بالخرطوم على خلفية التداعيات الأمنية المتوقعة على المنطقة المغاربية، في حال استمرت المواجهات الأمنية هناك وتلاشت سيطرة مؤسسات الدولة على البلاد، وفق ما يؤكده مختصون أمنيون في تصريحات لـ "أصوات مغاربية".
وأكد الخبير التونسي، فيصل الشريف، في تصريح لـ"أصوات مغاربية، أن "الحدود الفاصلة بين ليبيا والسودان تعتبر مصدر كل الهواجس الأمنية الخاصة بالمنطقة المغاربية، بالنظر إلى طولها وشساعتها".
وتربط بين البلدين حدود تمتد على مسافة تزيد عن 380 كيلومترا، أغلبها واقعة في مناطق صحراوية يصعب التحكم فيها.
وفي شهر نوفمبر الماضي، أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، أنه قرر إعادة فتح المنفذ الحدودي بين ليبيا والسودان لاستئناف حركة تنقل الأفراد والبضائع بين البلدين.
وقد أثار القرار جدلا كبير في الساحة الليبية بالنظر إلى حالة الانفلات الأمني التي يعيشها هذا البلد المغاربي، وعجز مؤسساته الأمنية على التحكم في كثير من النقاط الحدودية.
ليبيا في الواجهة
وحسب المحلل الأمني والسياسي الليبي، محمود إسماعيل، فإن "ليبيا أضحت الآن تواجه خطرا أمنيا حقيقيا جراء المواجهات العسكرية الجارية في السودان".
وقال في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "العديد من الجماعات المرتزقة الموجودة في ليبيا أصلها من السودان ولها علاقات وثيقة مع قوات الدعم السريع، ما يعني أن حدود ليبيا قد تتحول إلى مسرح لحركة مكثفة لهذه القوات دخولا إلى السودان وخروجا منها، وفق ما تفرضه الخطط العسكرية التي تتبعها في مواجهتها للجيش السوداني".
وأضاف المتحدث "هناك ملف آخر يتعلق بنشاط الاتجار في السلاح، بحيث تتواجد في ليبيا الآلاف من القطع الحربية، الخارجة عن سيطرة الجهات الحكومية، وهو أمر قد يحفز تجار السلاح لتحويل هذه القطع نحو السودان على حساب الأمني الداخلي في ليبيا".
وأشارت تقارير، في السنوات الأخيرة، إلى وجود مجموعة متشددة تنشط في الحدود الليبية التشادية وتلك التي تجمعها بالسودان.
ملف المهاجرين
وتعليقا على ذلك، قال إسماعيل "الحرب في السودان قد تكون أيضا محفزا لانبعاث نشاط هذه الجماعات المتطرفة التي ستحاول استغلال الوضع لتنفيذ بعض مخططاتها القديمة في ليبيا".
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن الآلاف من النساء والأطفال نزحوا نحو خارج الخرطوم، في محاولة للهروب من مخلفات المواجهات المسلحة الجارية.
وتوقع الخبير التونسي، فيصل الشريف، أن تعاني ليبيا وتونس كثيرا من تدفق المهاجرين السودانيين في الأشهر القادمة إذا فشلت المفاوضات القائمة في توقيف رحى الحرب هناك.
وقال في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "بحكم المنطق الجغرافي لا أرى تأثيرا على الجزائر والمغرب عكس ما ينتظر ليبيا وتونس".
ورجح الشريف بأن تكون تونس "أول قبلة للمهاجرين السودانيين بسبب استقرار وضعها الأمني، عكس الوضع في ليبيا الذي يشهد انفلاتا في بعض المناطق، ما أدى إلى تسجيل العديد من الاعتداءات وعمليات القتل في حق المهاجرين الأفارقة".
وتوقع الخبير التونسي تجدد التوتر في العلاقات بين بلدان مغاربية والاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب على خلفية "ملف المهاجرين السودانيين المرتقبين".
العامل الجغرافي
من جهته، استبعد الضابط السابق في المخابرات الجزائرية، بن عمر بن جانة، أن يكون للحرب في السودان أية تأثيرات على الجزائر والمغرب بحكم "بعدهما الجغرافي عن مناطق الصراع".
وقال بن جانة في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "طبيعة الصراع الدائر حاليا في السودان تختلف تماما عن الاقتتال الذي وقع في سوريا والعراق وتسبب في تصدير أزمة حقيقة لبلدان المنطقة".
وأضاف "ما نشاهده حاليا هو صراع مسلح تؤطره حدود جغرافية معينة ومن غير الممكن أن يمتد إلى الجزائر أو المغرب"، مشيرا إلى أن "ذلك لا يمنع من ضرورة اتخاذ كافة الاحتياطات والإجراءات الأمنية لصرف أي مكروه على المنطقة المغاربية عموما".
المصدر: أصوات مغاربية