الرئيسية

إقالة الوزراء بتونس.. بين التخبط السياسي والبحث عن النجاعة الحكومية

06 مايو 2023

منذ بدء إجراءات استفراده بالسلطة التنفيذية في 25 يوليو 2021، أقال الرئيس التونسي قيس سعيد عددا من الوزراء والمسؤولين البارزين في الدولة بشكل مفاجئ أحيانيا وهو ما يثير الكثير من الأسئلة بشأن خلفيات ومسوغات تلك القرارات الرئاسية.

وعادة ما لا يفصح الرئيس سعيد أو محيطه القريب عن أسباب تلك الإقالات المتتالية، آخرها إعفاء وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي، وهو  يثير نقاشا واسعا  بشأن توقيت تلك القرارات ودلالاتها السياسية.

إقالات بارزة

وقبل يومين، قالت الرئاسة في في بلاغ رسمي إن الرئيس سعيد أصدر أمرا يقضي بإنهاء مهام وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي، دون تبرير أسباب هذه الخطوة.

وجاءت إقالة القنجي بعد ساعات قليلة من تصريحات إعلامية لمحت فيها إلى إمكانية الزيادة في أسعار المحروقات خلال الفترة المقبلة وتحدثت عن وجود برنامج لإعادة توجيه دعم الوقود إلى مستحقيه.

ولم يكن إعفاء وزيرة الصناعة الأول في تشكيلة حكومة نجلاء بودن، إذ شملت الإعفاءات خلال الأشهر الماضية وزراء بارزين من بينهم وزير الداخلية توفيق شرف الدين الذي أعفي من مهامه قبل نحو شهرين، دون تبرير أسباب الإقالة وعين مكانه والي تونس الأسبق كمال الفقي.

كما أقال الرئيس سعيد وزير خارجيته عثمان الجرندي في فبراير الماضي بشكل مفاجئ وعين سفير تونس في بروكسل، نبيل عمار خلفا له ما أثار ردود فعل واسعة آنذاك.

ومثلما جرت الإقالات الثلاث الأخيرة، أعفى الرئيس سعيّد وزراء آخرين بأوامر رئاسية دون شرح الأسباب إذ أقال في يناير الماضي وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي.

كما جرى في 30 يناير الماضي إقالة وزير الفلاحة محمود إلياس حمزة، ووزير التربية فتحي السلاوتي، وعين مكانه  النقابي السابق محمد علي البوغديري خلفا له.

 تخبط اتصالي وسياسي 

 وفي رده على التساؤلات التي يطرحها الشارع حول الدلالات السياسية للإقالات يذهب الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي إلى القول "إن إعفاء الوزراء بشكل مفاجئ يعكس تخبطا اتصاليا وسياسيا بدا واضحا بإقالة وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة التي أعفيت من مهامها بينما كانت تشرف على نشاط وزاري".

واعتبر العبيدي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن معظم الوزراء أُقيلوا بسبب اختلاف في وجهات النظر وغياب أرضية لقاء مشتركة مع الرئيس سعيّد لذلك يلجأ إلى قرار إعفائهم دون إعلام مسبق.

ولفت المتحدث إلى "أنه كلما غضب الرئيس سعيد من وزير لا يتماشى مع رؤيته وأفكاره يعمد إلى تغييره دون البحث عن شخصية قادرة على تنفيذ خطط على الميدان، فتونس تعيش اليوم أزمات متلاحقة وتحتاج لشخصيات لها قدرة على إدارة الأزمة اتصاليا وسياسيا.

وتعليقا  حول ما أثير من جدل بشأن إقالة وزير الخارجية عثمان الجرندي قال العبيدي إن "الرئيس أقال الجرندي وحٌمل مسؤولية الشغور الذي تعاني منه عشرات البعثات الدبلوماسية في الخارج، و استبدله بالسفير نبيل عمار لكن الحال بقي على ما هو عليه ولم يتغير، ما يعني أن المشكلة لا تتعلق بالأشخاص وإنما ترتبط بالمؤسسات". 

وحسب الدبلوماسي السابق، تهدف هذه الإقالات بالأساس لامتصاص غضب الشارع المهدد بالانفجار في أي لحظة بسبب سوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية مشددا  في السياق ذاته على أن الرئيس والمحيطين به ينبغي أن يدركوا أن معالجة الأوضاع لا تكون بالإقالات بل بتغيير الخطاب السياسي.

محاولة ترتيب البيت الداخلي

في المقابل، يرى الباحث والمحلل طارق شندول أن هذه الإقالات أتت تناغما مع أولوية الرئيس في ترتيب البيت الداخلي للحكومة موضحا أن قرارات الإقالة  ترد في مجملها تقريبا عقب أخطاء أو عدم التزام من الوزير  بسياسة وتوجهات الرئاسة.

وعكس ما ذهب إليه العبيدي، يرى شندول في تصريح لـ"أصوات مغاربية " أن إقالة سعيد لبعض الوزراء تحمل في باطنها رسائل لكل التونسيين مفادها بأن الإقالة هي نتيجة طبيعية لكل مسؤول لا يلتزم برؤية الرئيس، مستدلا بتعليق للرئيس سعيد عقب إقالة وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة بتأكيده "أنه ليس من حق أي جهة كانت في تونس أن تتصرف خلاف السياسة التي يحددها رئيس الجمهورية".

وبشأن الإقالات التي شملت وزراء السيادة على غرار الداخلية والخارجية وبعض الوزارات الحيوية كالتربية والتجارة أوضح المتحدث أنها تعكس رغبة الرئيس في أن يكون فريقه الحكومي أكثر انسجاما"،  لافتا في السياق ذاته إلى أن  تناغم المسؤولين والوزراء مع أفكاره سيمكن سعيّد من تعزيز سلطته لذلك فهو يعمد كل مرة إلى إبعاد كل  وزير حاد عن مساره وتعويضه بآخر أكثر انخراطا في مشروعه.

وخلص المحلل إلى أن الرئيس قيس سعيد قد يذهب إلى أكثر من ذلك مستقبلا بإقالة نجلاء بودن خاصة في ظل الضغوط والانتقادات الموجهة لحكومتها من قبل أحزاب معارضة وأخرى مقربة من الرئيس بسبب "ضعف الأداء الحكومي" في معالجة الأزمات وإدارة ملفات حساسة بينها المفاوضات المتعثرة مع صندوق النقد الدولي.

المصدر : أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

قوات أمنية إسبانية تطرد مهاجرين غير نظاميين تسللوا إلى الجيب الإسباني سبتة شمال المغرب
قوات أمنية إسبانية تطرد مهاجرين غير نظاميين تسللوا إلى الجيب الإسباني سبتة شمال المغرب - أرشيف

تشهد مدينة الفنيدق المغربية حالة استنفار أمني غداة محاولة المئات من الشباب تنظيم عمليات هجرة جماعية نحو مدينة سبتة الإسبانية.

ونقل موقع "لكم" المغربي أن الفنيدق شهدت ليلة السبت/الأحد مطاردات أمنية لمئات الشباب وسط أحياء المدينة، قائلة إن "جموعا من الشباب القادمين من جميع أنحاء المغرب تجمعوا في هوامش المدينة منتظرين يوم 15 سبتمتر، لكنهم صدموا بعسكرة مناطق العبور، مما اضطرهم للدخول إلى وسط أحياء المدينة التي شهدت مطاردات واعتقالات بالجملة قصد إعادتهم لمدنهم وسط المغرب".

وكانت دعوات تحولت إلى ترند على منصات التواصل الاجتماعي لتنظيم عمليات هجرة جماعية نحو إسبانيا، وحدد تاريخها ليلة السبت، ووصفها نشطاء بـ"ليلة الهروب الكبير".

وكشف الموقع الإخباري نفسه أنه، منذ عشية السبت، بدأ مئات الشباب والقاصرين يتدفقون بشكل منظم في محاولة للوصول إلى مدينة سبتة سباحة، كما جرى في محاولات سابقة، موضحا أنه "رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها السلطات في مدينتي المضيق والفنيدق والنواحي طوال الأسبوع، تمكن العديد من الراغبين في الهجرة غير النظامية من الوصول إلى المدينتين الحدوديتين".

 

وأضاف أن مدينة الفنيدق، التي تبعد بأقل من سبعة كيلومترات عن سبتة، عرفت "حالة من الكر والفر بين الشباب والقوات العمومية، التي كثفت حضورها على طول الشاطئ لمنع محاولات الهجرة غير الشرعية. وأظهرت مقاطع فيديو، مجموعات صغيرة من الشباب وهم يتجهون نحو سبتة، بينما كانت التشكيلات الأمنية على أهبة الاستعداد للتدخل".

عمليات ترحيل

وتزامن تطور الوضع في شمال المغرب مع عمليات ترحيل مهاجرين جرى إحباط محاولات تسللهم إلى سبتة.

ونقلت صحيفة "هسبريس" عن مصادر وصفتها بالمسؤولة أنه تم ترحيل 600 من القاصرين الراغبين في الوصول إلى الثغر الإسباني نحو مدن مختلفة داخل المملكة.

وفي الأيام الثلاثة الأخيرة، رحلت قوات الأمن المغربية نحو 2400 شخص من "المرشحين المحتملين للهجرة في إطار الدعوات التي لاقت انتشارا واسعا في الشبكات الرقمية"، حسب الموقع.

وتم ترحيل القاصرين الذين تم توقيفهم في الفنيدق نحو مدن بني ملال وبنجرير وخنيفرة وغيرها من المدن البعيدة عن سبتة.

وقالت الصحيفة إن مدينة الفنيدق تعيش وسط أجواء من الحذر والترقب الشديدين.

 

المصدر: أصوات مغاربية