تعديل قانون العقوبات.. هل يحمي رجال التعليم في الجزائر من الاعتداءات؟
شرعت الحكومة الجزائرية في مراجعة قانون العقوبات، وذلك من أجل "تعزيز مكافحة الجريمة وتحسين أداء العدالة والحماية الجزائية للمعلم وكذا بعض الفئات الضعيفة"، حسب بيان لمجلس الحكومة المنعقد أمس الأربعاء.
وكانت عدة نقابات مهنية دعت إلى حماية سلك التعليم من الاعتداءات التي تستهدف الأساتذة والمعلمين داخل وخارج المدارس، خصوصا عقب تعرض أستاذة للطعن بخنجر من قبل تلميذ داخل متوسطة بولاية باتنة شرق الجزائر في يناير الماضي، وخضعت الضحية على إثرها لعملية جراحية مستعجلة.
وطالبت النقابات في أكثر من مناسبة بسن قوانين تردع المعتدين على الأساتذة داخل وخارج المدارس، وحماية الحرم المدرسي من تلك الاعتداءات.
وفي أبريل الماضي تعرض أستاذ للضرب على يد تلميذ بإحدى ثانويات ولاية وهران غرب الجزائر، نقل على إثرها للمستشفى، وخلال نفس الفترة أعلن وزير التربية في الجزائر، عبد الحكيم بلعابد إن المدرسة الجزائرية "ليست في منأى عن الأخطاء التي يقوم بها بعض التلاميذ خارج المؤسسات التربوية (يدرس 11 مليون تلميذ من أطوار التعليم الثلاثة، في 30 ألف مؤسسة تربوية لدى نصف مليون أستاذ).
وأضاف عبد الكريم بلعابد، أن الوزارة "تقوم بالواجب من خلال تدريس الانضباط والأخلاق، لكن في نفس الوقت يجب على الأولياء تحمل مسؤولياتهم ومساعدة المدرسة".
وكانت وزارة التربية كشفت في وقت سابق عن تعرض 10 آلاف أستاذ لأعمال عنف لفظية وجسدية من قبل التلاميذ وحتى أوليائهم بحسب ما نقلته صحيفة "النهار" ضمن تقرير لسنة 2015.
القانون لا يكفي
وتعليقا على قرار الحكومة مراجعة قانون العقوبات لحماية المعلم وفئات أخرى من الاعتداءات، يرى الحقوقي إدريس فاضلي أن "التشريعات القانونية لا تكفي لوحدها من أجل حماية المعلم من خطر الاعتداءات"، داعيا في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إلى "مرافقة صدور هذه التشريعات بحملات إعلامية وتربوية تستهدف تحسيس العائلات والتلاميذ بواجبهم الأخلاقي اتجاه المعلم".
ويذكر فاضلي كيف أن حماية المعلم "لم تكن بالنصوص، بل بالقيمة المجتمعية له، وهي ما كان يحميه من أي تطاول أو اعتداء عليه"، مشيرا إلى أن "حدوث ذلك كان مستحيلا خلال عقود ما قبل التسعينيات في الجزائر"، لكن، وفق المتحدث، فإن التحول الذي يشهده المجتمع من حيث السلوكيات والعلاقات "أثر بشكل مباشر على العلاقة بين الأولياء والتلاميذ من جهة والأستاذ من جهة ثانية".
ويعتبر فاضلي أن الاكتفاء بالجانب القانوني يجعل مسألة حماية المعلم ناقصة الجوانب مشددا على المرافقة الدائمة لحملات التوعية، و"إدراج نصوص تربوية ضمن المناهج التعليمية تحث على احترام المعلمين والمربيين".
مطلب رئيسي
وبالنسبة لرئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتعليم، صادق الدزيري، فإن هذه الإجراءات "ضلت مطلبا رئيسيا من مطالب الأسرة التربوية والنقابية" من أجل وضع حد لها "، ورغم أنه اعتبر القوانين لا تكفي، فإن الجانب الردعي لظاهرة الاعتداء على المعلمين في الجزائر "من شأنه أن يقلص من الظاهرة الخطيرة".
ويرى دزيري أن القوانين الرادعة وتلك التي تحمي المعلم من شأنها أن تؤدي للتقليل من الظاهرة بواسطة عقوبات صارمة، تجعل المعلم محميا بترسانة قوانين تدفع بالمعتدين للتراجع".
ويعتقد دزيري خلال حديثه لـ"أصوات مغاربية" أن العلاج النهائي لظاهرة الاعتداءات المتكررة على المعلمين، "يرتبط بتسوية السلوكيات الاجتماعية المنحرفة اتجاه المعلم"، مجددا تأكيده على أن "القوانين الردعية ستقلص الظاهرة إلى أدنى المستويات".
المصدر: أصوات مغاربية