الرئيسية

تعديل قانون العقوبات.. هل يحمي رجال التعليم في الجزائر من الاعتداءات؟

18 مايو 2023

شرعت الحكومة الجزائرية في مراجعة قانون العقوبات، وذلك من أجل "تعزيز مكافحة الجريمة وتحسين أداء العدالة والحماية الجزائية للمعلم وكذا بعض الفئات الضعيفة"، حسب بيان لمجلس الحكومة المنعقد أمس الأربعاء.

وكانت عدة نقابات مهنية دعت إلى حماية سلك التعليم من الاعتداءات التي تستهدف الأساتذة والمعلمين داخل وخارج المدارس، خصوصا عقب تعرض أستاذة للطعن بخنجر من قبل تلميذ داخل متوسطة بولاية باتنة شرق الجزائر في يناير الماضي، وخضعت الضحية على إثرها لعملية جراحية مستعجلة.

وطالبت النقابات في أكثر من مناسبة بسن قوانين تردع المعتدين على الأساتذة داخل وخارج المدارس، وحماية الحرم المدرسي من تلك الاعتداءات.

وفي أبريل الماضي تعرض أستاذ للضرب على يد تلميذ بإحدى ثانويات ولاية وهران غرب الجزائر، نقل على إثرها للمستشفى، وخلال نفس الفترة أعلن وزير التربية في الجزائر، عبد الحكيم بلعابد إن المدرسة الجزائرية "ليست في منأى عن الأخطاء التي يقوم بها بعض التلاميذ خارج المؤسسات التربوية (يدرس 11 مليون تلميذ من أطوار التعليم الثلاثة، في 30 ألف مؤسسة تربوية لدى نصف مليون أستاذ).

وأضاف عبد الكريم بلعابد، أن الوزارة "تقوم بالواجب من خلال تدريس الانضباط والأخلاق، لكن في نفس الوقت يجب على الأولياء تحمل مسؤولياتهم ومساعدة المدرسة".

وكانت وزارة التربية كشفت في وقت سابق عن تعرض 10 آلاف أستاذ لأعمال عنف لفظية وجسدية من قبل التلاميذ وحتى أوليائهم بحسب ما نقلته صحيفة "النهار" ضمن تقرير لسنة 2015.

القانون لا يكفي

وتعليقا على قرار الحكومة مراجعة قانون العقوبات لحماية المعلم وفئات أخرى من الاعتداءات، يرى الحقوقي إدريس فاضلي أن "التشريعات القانونية لا تكفي لوحدها من أجل حماية المعلم من خطر الاعتداءات"، داعيا في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إلى "مرافقة صدور هذه التشريعات بحملات إعلامية وتربوية تستهدف تحسيس العائلات والتلاميذ بواجبهم الأخلاقي اتجاه المعلم".

ويذكر فاضلي كيف أن حماية المعلم "لم تكن بالنصوص، بل بالقيمة المجتمعية له، وهي ما كان يحميه من أي تطاول أو اعتداء عليه"، مشيرا إلى أن "حدوث ذلك كان مستحيلا خلال عقود ما قبل التسعينيات في الجزائر"، لكن، وفق المتحدث، فإن التحول الذي يشهده المجتمع من حيث السلوكيات والعلاقات "أثر بشكل مباشر على العلاقة بين الأولياء والتلاميذ من جهة والأستاذ من جهة ثانية". 

ويعتبر فاضلي أن الاكتفاء بالجانب القانوني يجعل مسألة حماية المعلم ناقصة الجوانب مشددا على المرافقة الدائمة لحملات التوعية، و"إدراج نصوص تربوية ضمن المناهج التعليمية تحث على احترام المعلمين والمربيين".

مطلب رئيسي

وبالنسبة لرئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتعليم، صادق الدزيري، فإن هذه الإجراءات "ضلت مطلبا رئيسيا من مطالب الأسرة التربوية والنقابية" من أجل وضع حد لها "، ورغم أنه اعتبر القوانين لا تكفي، فإن الجانب الردعي لظاهرة الاعتداء على المعلمين في الجزائر "من شأنه أن يقلص من الظاهرة الخطيرة".

ويرى دزيري أن القوانين الرادعة وتلك التي تحمي المعلم من شأنها أن تؤدي للتقليل من الظاهرة بواسطة عقوبات صارمة، تجعل المعلم محميا بترسانة قوانين تدفع بالمعتدين للتراجع".

ويعتقد دزيري خلال حديثه لـ"أصوات مغاربية" أن العلاج النهائي لظاهرة الاعتداءات المتكررة على المعلمين، "يرتبط بتسوية السلوكيات الاجتماعية المنحرفة اتجاه المعلم"، مجددا تأكيده على أن "القوانين الردعية ستقلص الظاهرة إلى أدنى المستويات".

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مظاهرة سابقة بتونس ضد العنف المسلط على النساء (أرشيف)
مظاهرة سابقة بتونس ضد العنف المسلط على النساء (أرشيف)

لم يمض على زواجها سوى بضعة أشهر حتى وجدت سالمة (اسم مستعار)، وهي من محافظة الكاف شمال غربي تونس، نفسها تواجه حياة زوجية مليئة بالعنف، حيث ينتهي كل خلاف مع زوجها بتعرضها للضرب والشتم، ولا تجد سبيلا أمامها سوى الفرار إلى بيت عائلتها.

تقول سالمة (27 سنة)، في حديثها لـ "أصوات مغاربية"، إن الحب الذي رفع سقف أحلامها بعيش حياة عائلية هادئة بعد الزواج سرعان ما تبخر بمجرد الوقوف على حقيقة زوجها.

فبسبب طباعه الحادة، تعطلت لغة الحوار بينهما وحل محلها العنف اللفظي والجسدي، وما ضاعف معاناتها هو أنها من بيئة محافظة ترفض اللجوء إلى القضاء لحل الخلافات الزوجية وتعتبر هذه الخطوة بمثابة عار سيلحق بالعائلة.

وتضيف سالمة أنها قررت مواجهة زوجها وأهلها بالذهاب إلى القضاء لطلب الطلاق ووضع حد لزواج تصفه بـ"الفاشل"، مشيرة إلى أن آثار العنف لاتزال بادية على جسدها.

وتشدد أن الطلاق هو الحل الوحيد للتخلص من كابوس العودة إلى بيت الزوجية، حتى وإن عارض الجميع هذه الخطوة.

ورغم القوانين التي سعت السلطات التونسية إلى إرسائها بهدف الحد من العنف المسلط على النساء فإن وتيرة التعنيف استمرت.

وكان تقرير صدر عن مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة "الكريديف" صدر في أواخر سبتمبر 2024، كشف أن العنف النفسي هو أكثر انواع العنف المسلط على النساء في تونس.

وقد بلغت نسبته 44.4 % تلتها نسبة العنف اللفظي بـ26.7% ثم العنف الجنسي ب15.6 % والعنف الاقتصادي بـ11.4 % ثم العنف الجسدي بـ5.3 %، وفق تقرير المركز الحكومي.

وقدرت نسبة الزوجات المعنفات، وفق التقرير واستنادا إلى تصريحات المستجوبات، 41.8 % وهي نسبة مرتفعة يليها العنف في الأماكن العمومية بـ 28.1 %، فيما بلغت نسبة النساء المتعرضات للعنف في الوسطين العائلي والزوجي 58 % أي أكثر من النصف.

ارتفاع جرائم قتل النساء

في 9 سبتمبر 2024، أصدرت جمعية "أصوات نساء"(جمعية حقوقية نسوية) بيانا أكدت فيه تسجيل 20 جريمة قتل نساء منذ بداية 2024، مشيرة إلى أن ذلك "يعكس واقعا مأساويا يتفاقم يوما بعد يوم، حيث تزداد وتيرة هذه الجرائم بشكل يثير القلق".

وتؤكد الجمعية أنه تم تسجيل 25 جريمة قتل نساء على امتداد 2023، وأغلب ضحاياها من المتزوجات بنسبة تفوق 71٪.

في هذا الإطار، ترجع منسقة "مرصد الحق في الاختلاف" (جمعية حقوقية)، سلوى غريسة، أسباب تزايد وتيرة العنف المسلط على النساء إلى تنامي الفقر والبطالة في البلاد، وارتفاع الضغط الأسري في مجابهة تكاليف المعيشة، فضلا عن ازدياد خطاب الكراهية والتحريض على العنف داخل المجتمع وفي منصات التواصل الاجتماعي.

وتردف قائلة، لـ"أصوات مغاربية"، إن هناك عيوب عدة تشوب الإجراءات الأمنية والقضائية، وتتمثل في نقص الوسائل والإمكانيات لمجابهة الملفات المتعلقة بالعنف ضد المرأة.

وتلفت غريسة إلى أن الأرقام غير المعلنة عن حالات القتل والعنف ضد النساء أزيد من المعلنة، وذلك بالنظر إلى تحفظ بعض العائلات عن التبليغ عن مثل هذه الحالات.

وتتابع الناشطة الحقوقية، في سياق حديثها عن القوانين التي أقرتها تونس في هذا الخصوص، بأنه من الجيد إقرار قوانين لكن الإشكاليات تكمن في آليات التنفيذ، التي لاتزال دون المستوى المطلوب للحد من ظاهرة العنف ضد النساء.

وكان البرلمان التونسي قد تبنى في العام 2017 قانونا لمناهضة العنف ضد المرأة، وُصف بـ"الثوري" آنذاك، لكن طريقة تطبيقه تواجه انتقادات واسعة.

ففضلا عن العقوبات المادية والسجنية المشددة على المخالفين، يفرض هذا القانون على السلطات الحكومية تأمين الحماية للمعنفات، علاوة على توفير الرعاية الصحية والنفسية والقانونية في مواجهة ظاهرة العنف.

كما يلزم القانون السلطات بتوفير "الحماية القانونية المناسبة لطبيعة العنف الممارس ضد المرأة بما يكفل أمنها وسلامتها وحرمتها الجسدية والنفسية".

غياب الإرادة السياسية في تفعيل القوانين

تقول الناشطة الحقوقية، سوسن الجعدي، إنه مقارنة ببقية الدول العربية تتمتع النساء في تونس بترسانة من القوانين التي من شأنها حمايتها من كل أشكال العنف وتكريس مبدأ المساواة بين الجنسين في ظل دولة مدنية تضمن الحقوق وتحمي الحريات، غير أن هذه القوانين تبقى غير ناجعة ومعطلة في غياب الإرادة السياسية.

وتضيف، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أنه لا جدوى من هذه الأطر القانونية والاستراتيجيات الرامية لمناهضة العنف المسلط على النساء، إن لم تُخصّص لها الميزانيات اللازمة وإن لم يقع توفير التكوين والمتابعة لمختلف المتدخلين.

وتتابع الحقوقية بأنه إن كان القانون 58 لسنة 2017 والذي يرمي إلى مناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي مكسبا ضمن عديد القوانين التي وقع سنها بعد الثورة التي عززت حقوق النساء، إلا أن ارتفاع منسوب العنف ضد النساء والفتيات يشي بإخلالات مؤسسات الدولة في تطبيقه، وفي صعوبة ولوج النساء للعدالة وضعف الحماية والتوجيه يظهر قصور القانون في حمايتهن.

وتبعا لذلك، توصي المتحدثة، بأهمية أن تكون البرامج التعليمية والمحتوى الثقافي والإعلامي مناهضا للعنف ولكل أشكال التمييز ومرسخا لثقافة المساواة، مشددة على أن القوانين وحدها لا تكفي لمعالجة علاقات الهيمنة لـ "ذكورية متأزمة" ولمجتمع لم يستوعب كفاية قيم الحداثة وحقوق الإنسان ولايزال يطبّع مع العنف ضد النساء ويبرره، ويحدث أن تطبّع النساء مع العنف وذاك الأخطر، وفقها.

وجاءت تونس في المركز 115 عالميا من بين 146 دولة في تقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في يونيو 2024.

وخلال السنوات الأخيرة كثفت السلطات التونسية، عبر خطة لمكافحة تنامي العنف ضد المرأة، من إحداث مراكز مختصة لإيواء النساء ضحايا العنف والأطفال المرافقين وذلك بمختلف محافظات البلاد. 

المصدر: أصوات مغاربية