يُلقي الرئيس التونسي قيس سعيد في معظم خطاباته السياسية باللوم على "أطراف" لا يسمها موجها إليها اتهامات بـ"التآمر" و"افتعال الأزمات" التي تمر بها البلاد.
ويثير هذا الخطاب السياسي الكثر من النقاشات الإعلامية والسياسية، وتتباين الآراء بشدة حول "قدرته" على تفسير ما يمر به هذا البلد المغاربي من صعوبات.
ويذهب محللون إلى التأكيد على أن "التآمر أمر قائم يهدف إلى إعادة الأوضاع لما كانت عليه قبل صائفة 2021"، بينما يرى آخرون أن "الرئيس يسعى إلى التخلص من "تبعات الفشل في الحكم" عبر تبني نظرية المؤامرة".
لوبيات ودوائر وجهات وشبكات إجرامية
اتهم الرئيس سعيد، الاثنين، "دوائر ولوبيات أسمائها معروفة" بالسعي إلى تأجيج الأوضاع في ما يتعلق بأزمة الخبز التي عاشت على وقعها عدة مدن تونسية في هذا الأسبوع.
وقال سعيد في مقطع فيديو بثته الرئاسة إنه "لا يمكن أن نواصل التعامل مع هؤلاء(لم يسمهم) ونتركهم يعبثون بقوت المواطن وبحياته في كل أوجهها من خبز وسكر وقهوة والزيت وغيرها"، موجها اتهامات إلى "جملة من الشبكات الإجرامية التي تعمل على تجويع الشعب".
وليست هذه المرة التي يفسر فيها الرئيس الأزمات بـ"ممارسات تآمرية"، ففي لقاء سابق مع وزيرة التجارة ناقش قضية ارتفاع الأسعار قال الرئيس إنه "لن يترك الشعب التونسي لهؤلاء الذين يعبثون بحقّه في الحياة الكريمة".
واعتبر أن "الارتفاع غير المقبول للأسعار مقصود من قبل جهات معلومة(لم يسمها) تسعى إلى تأجيج الأوضاع بكلّ الوسائل منها افتعال الأزمات في كلّ القطاعات"، متهما إياها بافتعال الأزمات "في الماء في الدواء والمواد غذائية".
وفي ديسمبر الفائت، أكد الرئيس أنه تم إغراق مهاجرين في بلدة جرجيس جنوب البلاد، متهما أيضا أطرافا لم يسمها بتأجيج الأوضاع في المنطقة.
كما سبق لسعيد أن أعلن عن شن "حرب بلا هوادة" ضد المحتكرين للبضائع(لم يكشف عن هويتهم)، مصدرا مرسوما يتضمن عقوبات رادعة ضد الممارسات الاحتكارية.
ويطرح حديث الرئيس المتكرر عن وجود "متآمرين" أسئلة حول إذا ما كانت هذه الاتهامات مبنية على تقارير ومعطيات أمنية دقيقة أم أنها تتنزل فقط في سياق محاولة تفسير ما يصفه خصوم الرئيس بـ"الفشل في إدارة كل الملفات الاقتصادية والاجتماعية".
الترجمان: أطراف تسعى إلى تثوير الشعب
إجابة على هذا السؤال أشار المحلل السياسي باسل الترجمان إلى "وجود أطراف تعتبر نفسها الخاسر والمتضرر الأكبر على المستويات الاقتصادية والسياسية عقب يوليو 2021".
وقال الترجمان في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إنه "تم استباحة تونس بعد سقوط نظام بن علي وقد كان لهذه الأطراف ضوء أخضر لفعل ما يريدون دون حساب، ما يدفعهم اليوم لمحاولة افتعال أزمات بعد تضرر مصالحهم".
وأضاف أن "هؤلاء يسعون من خلال صناعة الأزمات وتجويع الشعب إلى دفع الناس إلى الثورة على الرئيس قيس سعيد في محاولة إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء".
وتابع المحلل السياسي "هذه الأطراف لجأت إلى افتعال الأزمات عندما أدركت وجود مسعى لإنهاء استباحة البلاد واستعادة كرامتها".
اليحياوي: نظرية المؤامرة لتبرير الفشل
في المقابل، اعتبر الناشط السياسي عبد الواحد اليحياوي أن "نظرية المؤامرة جزء أصيل من التفكير السياسي لرئيس الدولة وقد اعتمد هذا المنطق لتبرير الفشل الذريع لمنظومة الحكم".
وأكد اليحياوي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "المنظومة التي تحكم تونس الآن هي منظومة شعبوية تدعي امتلاك الحقيقة وتسعى باستمرار إلى كيل الاتهامات للآخرين لتبرير لفشلها على جميع المستويات".
ويشير اليحياوي إلى أن " الرئيس يمتلك جميع السلطات في يديه بما ذي ذلك الأجهزة الأمنية والعسكرية ورغم ذلك يصر على اتهام الآخرين بالتسبب في كل الملفات".
ويفسر المتحدث ذاته "امتناع الرئيس عن ذكر أسماء الأشخاص والجهات المتهمين في خطاباته بوجود التآمر نظريا فقط"، متساءلا "هل تحسنت الأوضاع الاقتصادية بعد توقيف مجموعة من النشطاء في قضايا تآمر على أمن الدولة".
المصدر: أصوات مغاربية