يستعد المغاربة للاحتفال بعيد الأضحى، الخميس المقبل، رغم الشكاوى المتزايدة نتيجة غلاء أسعار الأكباش.
وكان العديد من النشطاء والمدونين طالبوا، في وقت سابق، بإصدار فتوى أو قرار يُلغي ذبح أضاحي العيد لتجنب إنهاك الطبقات الفقيرة والمتوسطة، التي تدفعها الضغوط الاجتماعية والعائلية إلى الاقتراض أو بيع ممتلكات معينة لشراء الأضاحي.
ويتذكر مغاربة مناسبات سابقة أقدم فيها العاهل الراحل، الحسن الثاني، على إلغاء ذبح الأضاحي، وآخرها في عام 1996.
جفاف 1996
تسببت موجات جفاف كبيرة في أواسط تسعينات القرن الماضي في متاعب مالية شديدة للمغرب، الذي يعتمد اقتصاده على الفلاحة المعيشية والتصديرية.
وفي 1995 أعلنت البلاد عن مرور الاقتصاد بـ "سنة كارثية" فلاحيا.
ووفقا لورقة بحثية نشرها، الخبيران بمديرية الأرصاد الجوية، سعيد الخاطري، وطارق الحيرش، فقد "أدى انخفاض الدخل بسبب الجفاف إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 7.6 في المئة في عام 1995"، كما "انخفض إنتاج الحبوب من 9.5 مليون طن في عام 1994 إلى 1.6 مليون طن في عام 1995".
وبعدها بسنة واحدة، أي عام 1996، تم الإعلان، عبر قرار ملكي تلاه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية آنذاك، عبد الكبير العلوي المدغري، عن إلغاء الاحتفال بعيد الأضحى بسبب ظروف الجفاف.
واعتبر القرار أن تضحية المغاربة بأكباش جديدة غير تلك التي أخذها الجفاف من شأنه إلحاق ضرر بالمغاربة والرفع من أسعار الأكباش على المدى المتوسط.
وفي 2023، ما يزال المغرب يعيش موسما جافا هو الخامس تواليا.
ووفق البيانات الرسمية، فإن 2022 كانت الأكثر حرارة على الإطلاق في المغرب خلال العقود الأربعة الأخيرة، إذ فاق متوسط الحرارة المعدل المناخي العادي بحوالي 1,63 درجة مئوية.
وفي الفترة نفسها، تم تسجيل عجز في الأمطار بنسبة 27 في المئة مقارنة مع فترة 1981-2010.
وتسببت هذه الظواهر المناخية القصوى خصوصا في تراجع المحاصيل الفلاحية والنمو الاقتصادي بشكل عام.
ورغم أن البلاد لا تعيش انكماشا اقتصاديا مثل ما حدث في 1995، إلا أن التضخم العالمي بفعل الحرب على أوكرانيا وتداعيات جائحة كوفيد-19 عوامل زادت من حدة تضرر قطاع الزراعة الذي يساهم بـ14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
حرب 1963 وجفاف 1981
وعاشت البلاد على وقع إلغاء شعيرة ذبح أضحية العيد في أوائل الثمانينات وقبلها في الستينات.
ففي الثامن من أكتوبر عام 1963، اندلعت حرب الرمال بين الجزائر والمغرب بعد نحو سنة من استقلال الجزائر بسبب مشاكل حدودية بين البلدين، بعد أن طالب المغرب بمنطقتي بشار وتندوف، معتبرا أن الاستعمار الفرنسي اقتطعهما منه.
استغرقت الحرب 29 يوما، واستنزفت اقتصاد الجارين معاً.
وأدت الحرب إلى أوجاع مالية خنقت الميزانية العامة والقدرة الشرائية للطبقات المتوسطة والفقيرة في المغرب.
وبحسب صحيفة "الصباح" المغربية، فإن الحسن الثاني "لم يتردد إبان حرب الرمال التي استنزفت إمكانيات البلاد الخارجة لتوها من عهد الاستعمار… في إصدار قرار يمنع بموجبه المغاربة من ذبح الأضحية خلال العيد"، مشيرة إلى أن البعض لم يلتزم بهذا القرار.
وفي عام 1981 أصدر الحسن الثاني، قرارا آخر بإلغاء الاحتفال بمناسبة العيد ومنع المغاربة من ذبح الأكباش.
وبررت السلطات قرارها بموجة الجفاف التي ضربت البلاد في تلك الفترة.
وعاش الاقتصاد المغربي محنة شديدة في أوائل الثمانينات، فتم اللجوء إلى الديون الخارجية لتغطية عجز الميزانية.
وبلغ معدل الاستدانة 68 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتسبب جفاف الثمانينات - الذي دفع البلاد لاحقا لتبني إصلاحات هيكلية مؤلمة - في نفوق عدد كبير من رؤوس الأغنام، ما هدد بأزمة بالقطاع الفلاحي في حال شراء ما تبقى من الأكباش في الأسواق المغربية من أجل العيد.
وقد أثار قرار 1981 بمنع الذبح ردود فعل متباينة بين المغاربة، فبينهم من رفض الانصياع للقرار متشبثا بالطقس الديني سراً وبين من فضّل الامتثال للأوامر الحكومية.
- المصدر: أصوات مغاربية