نشر السفير الفرنسي الجديد بالجزائر ستيفان روماتي، اليوم الأربعاء، تسجيلا بالفيديو على حسابه في تويتر، الذي أصبح اسمه إكس، هو الأول له منذ استلامه مهامه الأسبوع الماضي خلفا للسفير السابق فرانسوا غوييت.
وتحدّث روماتي في الفيديو، الذي صوره من شرفة إقامته بأعالي الجزائر العاصمة، عن العلاقات الفرنسية الجزائرية، ووصفها بـ"الفريدة من نوعها على جميع الأصعدة".
"جسور الغد وتعاون مستقبلي"
ومن جهتها نشرت السفارة الفرنسية على صفحتها الرسمية في فيسبوك فيديو السفير روماتي، وعنونته "رسالة صداقة من السفير الجديد ستفيان روماتي، أياما قليلة بعد وصوله إلى الجزائر العاصمة".
وخاطب روماتي الجزائريين في مستهل الفيديو قائلا "مرحبا أصدقائي الجزائريين، أتوجه إليكم اليوم بأول رسالة، أياما قليلة بعد وصولي إلى الجزائر لأعبر لكم عن شوقي لاكتشاف بلدكم، مدنه ومناظره الطبيعية وثقافته وامكانياته المتعددة، ولأعبر لكم أيضا عن رغبتي في لقائكم لننسج الروابط، التي تعزز العلاقات بين الجزائر وفرنسا وتميّزها عن غيرها".
ومن أهم ما قاله السفير الجديد "العلاقة بين فرنسا والجزائر هي علاقة فريدة من نوعها على جميع الأصعدة.. ليس لفرنسا علاقة تتميز بمثل هذا التقارب مع أي بلد آخر غير الجزائر شئنا أم أبينا".
وختم المتحدث الفيديو بالدعوة إلى جعل التقارب بين البلدين "ورقة رابحة لإرساء جسور الغد وبناء التعاون المستقبلي.."، وأضاف "هذه مهمتي وسأقوم بها بمعيتكم.. شكرا على حفاوة الاستقبال الذي خصصتموه لي.. مع السلامة".
وتأتي هذه الكلمة من سفير فرنسا الجديد في وقت تمرّ فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية بفترة توتّر منذ أشهر عديدة.
بوقاعدة: معالجة حقيقية للأزمة
وقد انعكس هذا التوتر في العلاقات على تأجيل زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى باريس، مرتين هذا العام ثم تلاشى الحديث عنها نهائيا، وبالمقابل فضل الرئيس الجزائري زيارة روسيا منتصف يونيو الفارط.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر الدكتور توفيق بوقاعدة، قال إن العلاقات المتوترة بين البلدين "لن تنجح كلمة دبلوماسية من السفير الجديد بالجزائر في إعادتها إلى مرحلتها الطبيعة".
وفي حديث مع "أصوات مغاربية"، قال بوقاعدة "تفاهمات أغسطس الماضي (2022) بين تبون وماكرون لم تسهم في إذابة الجليد بين البلدين رغم انها كانت على أعلى مستوى، فالجزائر لا تبدو مهتمة بمعالجة الأزمة الصامتة مع فرنسا، بقدر سعيها إلى البحث عن بدائل أخرى في جهات أخرى بعيدا عن نمطية العلاقة مع فرنسا".
واسترسل المتحدث "التوتر وصل إلى حدود لا يمكن تجازوها ولابد من معالجة حقيقية للعلاقات، خصوصا فيما تعلق بملف الذاكرة وهو أساسي محوري للجزائر وملف الهجرة أيضا وهو حساس بالنسبة للفرنسيين".
وبرأي بوقاعدة فإن الفرنسيين "متوجسون من التوجهات الجزائرية والشراكات الاقتصادية.."، وقال "إنهم يخسرون منطقة كانت خالصة لهم و لا يملكون الأداة التي تمكنهم من استعادة بعض مصالحهم الضائعة، ما لم يقدموا شراكة حقيقية وفق تفاهمات أغسطس أي وفق مصلحة متبادلة".
واستبعد الجامعي الجزائري أن تستمر القطيعة لفترة أطول بين البلدين بسبب "البعد الإنساني المتمثل في جالية جزائرية في فرنسا، وعليه ستستمر العلاقات في حدودها الدنيا ولن تنتقل إلى شراكة استراتيجية".
صالح: اليمين الفرنسي هو السبب
ولم تفلح زيارة ماكرون في أغسطس من السنة الماضية في خفض التوتر، ورغم اتفاق الطرفين على معالجة ملف الذاكرة بعيدا عن السياسة عبر لجنة مشتركة من خبراء وأكاديميين، إلا أنه لم يرشح شيء حتى هذه اللحظة عن اللجنة المشتركة المكلّفة من الرئيسين بمعالجة هذا الملف الحسّاس.
من جهته قال رئيس حزب اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية الليبرالي الجزائري عبد الرحمان صالح، إن فرنسا والجزائر "دولتان صديقتان نظرا لما يجمعهما من روابط تاريخية وما يجمع الشعبين حاليا، لكن هناك أطرافا فرنسية تعيق استمرار هذه العلاقة بما يخدم مصلحة البلدين".
وفي حديث مع "أصوات مغاربية"، حمّل صالح من سماهم "قدامى اليمين الفرنسي والجيش والمخابرات" مسؤولية تضرر العلاقات البينية، وقال إنهم "لم يستطيعوا تجرع طردهم من الجزائر خلال ثورة التحرير، هؤلاء لا يزالون ينظرون إلى الجزائر من منظور التاريخ الاستعماري، وهذا ما ترفضه الجزائر".
وأشار المتحدث إلى أن هذا الاتجاه في فرنسا هو الذي يرفع مطالب "مراجعة اتفاقية الهجرة ويضر بالوضع في الساحل وينتهج مواقف معادية للمصلحة الجزائرية".
المصدر: أصوات مغاربية