ينهي وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، الخميس، زيارة إلى واشنطن دامت يومين بدعوة من نظيره الأميركي أنطوني بلينكن.
تأتي هذه الزيارة بعد زيارتين للرئيس الجزائري إلى روسيا والصين، كما تتزامن مع ظرف أفريقي مضطرب جدا في منطقة الساحل، بسبب الانقلاب العسكري في النيجر أدى إلى عزل الرئيس محمد بازوم، وخلّف انقساما كبيرا في المواقف الأفريقية والأوروبية بشأنه بين داع لاستعمال القوة لوقف الانقلاب ومفضّلٍ للسبل الدبلوماسية.
تعزيز التعاون وتوافق المواقف
بيان الخارجية الجزائرية الصادر أمس الأربعاء، عقب نهاية المحادثات بين الطرفين، أفاد بأنّه وعلى صعيد العلاقات الثنائية "ثمّن عطاف وبلينكن عمق وصلابة علاقات الصداقة والتعاون التاريخية بين البلدين وأشادا بوتيرة التشاور السياسي، وتوسيع العلاقات الاقتصادية إلى ميادين جديدة، وبالآفاق الواعدة لتحقيق المزيد، وجددا التعبير عن الإرادة السياسية القوية لتعزيز الشراكة الجزائرية الأمريكية".
أما عن الأوضاع في كل من النيجر ومالي وليبيا، وهي الملفات التي تهم الطرفين على المستوى الدولي، فأكد الوزيران "توافق مواقف البلدين بشأن تفضيل الحلول السلمية لهذه الأزمات، بما يجنّب المنطقة مخاطر الخيار العسكري"، كما جددا "دعمهما لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا، الرامية لتمكين طرفي النزاع في الصحراء الغربية من الانخراط في المسار السياسي".
وتتقاطع وجهتي النظر الجزائرية والأميركية خصوصا بشأن الانقلاب في النيجر، فالطرفان رفضاه منذ البداية ودعيا إلى اعتماد السبل الدبلوماسية والسلمية من اجل العودة إلى الشرعية الدستورية ويرفضان استخدام القوة، وهو ما يناقض الموقف الفرنسي خصوصا ومجموعة دول غرب أفريقيا.
من جهة أخرى تسعى الجزائر إلى عقد شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية في المجالات الاقتصادية، خصوصا بعد عقدها شراكات استراتيجية مع كل من روسيا والصين قبل أكثر من شهر.
وتحضيرا لعقد هذه الشراكة كانت مساعدة كاتب الدولة الأميركي المكلفة بالمنظمات الدولية ميشيل سيسون، قد حلت بالجزائر في زيارة عمل في يوليو الماضي، والتقت الوزير عطاف.
ووجّه بلينكن دعوة قبل أشهر لنظيره الجزائري أحمد عطاف، بهدف عقد الدورة السادسة للحوار الاستراتيجي الجزائري-الأميركي، وتقييم واقع التعاون متعدد الأبعاد بين الجزائر والولايات المتحدة.
ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 5 مليار دولار، فيما تقدر قيمة الاستثمارات الأميركية في الجزائر بنحو 2.7 مليار دولار تتركز خصوصا في قطاعات النفط والصناعات الصيدلانية وإنتاج الكهرباء والتكنولوجيات الحديثة، ويسعى البلدان إلى تعزيزها وتنويعها.
تنويع الشراكات
المستشار الاقتصادي السابق في رئاسة الجمهورية الجزائرية، مبارك مالك سراي، قال لـ"أصوات مغاربية" إن الجزائر تسعى إلى "تنويع شراكاتها خصوصا مع الدول الكبرى، فبعد روسيا والصين وأيضا تركيا، يأتي التوجه لتعزيز هذه الشراكة مع الولايات المتحدة".
وأوضح سراي بأن زيارة عطاف تسعى أيضا إلى "طمأنة الأميركيين حول توجهات الجزائر الاقتصادية وخصوصا السياسية، وهو ما تحرص الجزائر على أن يكون متوازنا خصوصا مع القوى الفاعلة".
ودعا سراي إلى ضرورة تنويع الاستثمارات الأميركية في الجزائر خارج قطاع المحروقات، وقال في هذا السياق "نريد الاستفادة من التكنولوجيا الأميركية في قطاع المياه والفلاحة والنقل والتكنولوجيات الحديثة أكثر".
عدم انحياز
من جهته، قال المحلل السياسي يونس بن عمر، إن جولة عطاف "تأتي بعد زيارتين مهمتين إلى قُطبي الشرق روسيا والصين، والآن زيارة إلى قطب الغرب الولايات المتحدة وهذا تجسيد لمبدإ عدم الانحياز الذي ترفعه الجزائر".
وبحسب بن عمر فإن العلاقات الأميركية الجزائرية "ليست في مستوى نظيرتها مع روسيا والصين، لكنها في النهاية مبنية على احترام متبادل وتوافق كبير في ملفات حساسة وليست هناك أزمة صامتة بين البلدين، والتوافق قائم خصوصا بشأن الأزمة الحالية في النيجر، وهذا يعكس حرص البلدين على عدم التورط في ما من شأنه تهديد أمن المنطقة كلها عبر فتح الباب أمام الحركات المتشددة للنشاط".
وختم المحلل السياسي الجزائري حديثه مع "أصوات مغاربية" قائلا "اقتصاديا تريد الجزائر اقتناص فرص مع جميع الشركاء من شتى دول العالم خصوصا الدول العظمى، والمنتظر أن توسع أمريكا اهتماماتها الاقتصادية في الجزائر خارج دائرة المحروقات، خصوصا وأن مجالات الاستثمار كثيرة وقانون الاستثمار تغيّر".
- المصدر: أصوات مغاربية