رغم إنجازهن التاريخي في مونديال أستراليا ونيوزلندا كأول منتخب من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتأهل لثمن نهائي البطولة، إلا أن المنتخب المغربي للسيدات لم يسلم من حملة تنمر في الشبكات الاجتماعية ما أعاد للواجهة النقاش من جديد حول العنف الرقمي الذي تتعرض له النساء.
وتعرضت "لبؤات الأطلس" إلى حملة تنمر وسخرية بعد انهزامهن في مباراتهن الأولى أمام المنتخب الألماني بستة أهداف لصفر، كما انهالت التعليقات السلبية على لاعبات المنتخب المغربي بعد خروجهن، الثلاثاء، من ثمن نهائي البطولة بخسارة بأربعة أهداف نظيفة على يد الفرنسيات.
تبعا لذلك، عاد النقاش بشأن العنف الرقمي الذي تواجهه النساء بالمغرب إلى الواجهة من جديد، وسط انتقادات واتهامات للحكومة بـ"التقاعس" في مواجهته.
في هذا السياق، وجهت النائبة البرلمانية عن "فيدرالية اليسار الديمقراطي"، فاطمة التامني، سؤالا كتابيا إلى وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، تساءلت فيه عن الإجراءات التي تعتزم الوزارة القيام بها لمواجهة العنف الرقمي الذي يستهدف الرياضيات والمغربيات بشكل عام.
وجاء في نص السؤال "لا شك أن العديد من رواد الفضاء الأزرق شاهد العنف الرقمي ضد المنتخب المغربي النسوي بعد هزيمته في كأس العالم للسيدات (...) هذا الهجوم الصادر من صفحات وأشخاص عبر منصات التواصل الاجتماعي يبرز حجم العنف الذي تواجهه النساء في كل خطوة مؤنثة إلى الأمام".
وتابعت النائبة البرلمانية "العنف الرقمي ضد منتخب النساء سبقه الهجوم على عدد من النساء الفاعلات في الجانب الرياضي وكذلك السياسي ولاسيما خلال الحملة التي وصفت بـ"كوزينتك" والتي أثارت جدلا وغضب المغاربة، دون أن تحرك الوزارة المعنية ساكنا في الموضوع وبات يؤرق المغربيات ومعها القوى المناهضة لكل مظاهر العنف والتمييز".
وسبق لتقارير رسمية وحقوقية أن نهبت إلى ارتفاع معدلات العنف الرقمي ضد النساء المغربيات خلال وبعد جائحة فيروس كورونا، وصار هذا النوع من العنف يخلف أثارا نفسية، منها التفكير في الانتحار.
ففي مارس الماضي، أكد تقرير أصدرته "المندوبية السامية للتخطيط" (مؤسسة رسمية) تعرض قرابة 1.5 مليون امرأة مغربية لعنف رقمي مشيرة إلى أن هذا النوع من العنف يمثل نحو 19 في المائة من مجموع أشكال العنف الممارس ضد المغربيات.
وفي السياق نفسه، أظهرت نتائج دراسة أعدتها جمعية "التحدي والمساواة والمواطنة" عام 2020، أن ما يقارب 87 في المائة من ضحايا العنف الرقمي بالمغرب فكرن في الانتحار ونحو 20٪ حاولن الانتحار بينما امرأة منهن انتحرت بالفعل.
"أمر مقلق"
تعليقا على الموضوع، قالت الناشطة الحقوقية وعضوة "الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب"، خديجة الرباح، إن حملة التنمر والسخرية التي تعرض لها المنتخب المغربي النسوي مؤخرا إشارة على تصاعد هذا النوع من العنف في المجتمع المغربي.
واعتبرت الناشطة الحقوقية في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن غياب ترسانة قانونية وضعف الحملات التحسيسية الرامية للتصدي للعنف الرقمي من أسباب تصاعد حالات العنف الرقمي مؤخرا، مفيدة بأن القوانين الجاري بها العمل "أظهرت فشلها في التصدي للظاهرة ولحماية النساء ووقايتهن من العنف"، وفق تعبيرها.
ونبهت المتحدثة إلى خطورة هذا النوع من العنف مؤكدة أنه "صار يستهدف النساء الناجحات والقيادات في كل المجالات، فكلما برزت سيدة ناجحة في مجال ما تبدأ حملات العنف والتنمر ضدها، وهذا أمر مقلق وغير مقبول".
وتابعت "من أسباب ذلك، غياب حملات التوعية والتحسيس ضد العنف الرقمي، وإن كانت تكون موسمية ترتبط بأيام وطنية أو دولية، زد على ذلك اعتبار قضية العنف ضد النساء قضية ثانوية بينما تعاني النساء منه في كل المجالات".
"نجاح قياسي"
في المقابل، كانت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة المغربية عواطف حيار، قد كشفت خلال جلسة للأسئلة الشفوية بالبرلمان المغربي في يناير الماضي، أن حملة العام الماضي المخصصة لمحاربة العنف الرقمي "حققت نجاحا كبيرا" وأنها عرفت تنظيم أكثر من 372 نشاطا في مختلف جهات المملكة.
وأضافت الوزيرة أن صدى الحملة وصل حوالي مليون ونصف المليون شخص من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي بالمغرب حققت نسبة تفاعل بلغت 70 ألفا و500 مستخدم، واصفة نتائجها بـ"القياسية".
- المصدر: أصوات مغاربية