خلف استمرار المنحى التصاعدي في أسعار المحروقات بالمغرب خلال الأيام الماضية موجة نقاش، وذلك بعد أن شهد ثمن الغازوال والبنزين، الأربعاء، زيادة جديدة هي الرابعة في شهر أغسطس الجاري.
وعرفت أسعار الوقود في مدة أسبوعين زيادات متتالية اقترب خلالها ثمن الغازوال إلى 14 درهم (حوالي 1.3 دولار) في عدد من المدن وارتفع ثمن البنزين إلى حوالي 15 درهم (حوالي دولار ونصف) مع تغييرات طفيفة في الثمن بحسب الشركة والمدينة.
وأعرب التنسيق الوطني للهيئات الممثلة لقطاع النقل بواسط سيارات الأجرة (9 نقابات)، في بيان له الأربعاء، عن "قلقه الشديد" إثر تقلبات أسعار المحروقات بالمغرب من خلال "الزيادات المتتالية في ظرف وجيز لا يتعدى أسبوع".
واستنكر التنسيق ما سماه "الوضع الكارثي الذي يتسبب في احتقان اجتماعي" لهذه الزيادات التي لا تتماشى مع انخفاض أسعار البرميل في السوق الدولي، منتقدا استمرار مجلس المنافسة (حكومي) في "الاعتماد على التقارير دون ترتيب الجزاءات لإرضاء لوبي المحروقات".
وكان مجلس المنافسة قد وجه خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري "مؤاخذات متعلقة بممارسات منافية للمنافسة" إلى تسع شركات تنشط في الأسواق الوطنية للتموين والتخزين وتوزيع البنزين والغازوال، وذلك بعدما أثيرت شبهة وجود "تواطؤ" بين الموزعين لتحديد أسعار تضمن هامش ربح كبير على حساب المستهلكين.
وتساءل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حول أسباب هذه الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات في الوقت الذي يشير فيه مجلس المنافسة إلى خروقات لشركات التوزيع، محذرين من تأثيرها على غلاء المعيشة.
أسباب الزيادات
وتعليقا على الموضوع، يعتبر الكاتب العام للنقابة الوطنية لقطاع النقل الطرقي للبضائع المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، مصطفى القرقوري، أن "هذه الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات غير مفهومة ولها تداعيات خطيرة على مهنيي القطاع الذي يعاني منذ سنوات".
وينبه القرقوري إلى أن هذه الزيادات الأخيرة "ستخفض أكثر من هامش الربح لدى المهنيين الذي هو في الأصل ضئيل بالنظر إلى ارتفاع العرض وقلة الطلب بالإضافة إلى تأثيره على السلامة الطرقية للمهنيين"، ملوحا بالاتجاه نحو إضراب عام إذا لم تتجاوب الحكومة مع مطالب نقابات النقل الطرقي.
ويسجل المتحدث ذاته في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، وجود "احتكار واتفاق مسبق بين شركات التوزيع وهو ما أكده البلاغ الأخير لمجلس المنافسة (مؤسسة رسمية)"، مطالبا في هذا السياق بتسقيف أسعار المحروقات "على الأقل لمهنيي النقل حتى لا يبقوا عرضة لتقلبات السوق وجشع الموزعين والإعلان عاجلا عن دفعة جديدة من الدعم الحكومي للمهنيين".
ارتفاع أثمنة النفط
وفي المقابل، يرى الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز بالمغرب، الحسين اليماني، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "هذه الزيادات في أثمنة المحروقات أصبحت عادية أمام سوق مفتوحة ومحررة الأسعار لذلك فإن الفاعلين في القطاع هم الذين يطبقون الأسعار التي يرونها مناسبة لهم".
ويعزو اليماني هذه الزيادات الجديدة إلى أثمنة النفط التي عرفت نوعا من الارتفاع في الأسابيع الأخيرة والقفزة التي شهدتها الهوامش الربحية لعملية التكرير وارتفاع ضرائب الدولة على أرباح الفاعلين، لافتا إلى أن "أرباح الموزعين تضاعفت إلى أربع مرات بعد تحرير الأسعار في 2015 وباتت لا تناسب القدرة الشرائية لعموم المواطنين والمستهلكين".
وفي هذا الصدد، يبرز اليماني أنه لتخفيض أسعار المحروقات على المغاربة هناك ثلاث إجراءات كبرى يجب اتخاذها وتشمل إلغاء تحرير الأسعار وإعادة النظر في الضريبة المطبقة على المحروقات ثم تكرير البترول عبر إعادة تشغيل مصفاة "سامير"، قائلا إن "تفعيل هذه الإجراءات سيخفض أسعار المحروقات إلى 6 دراهم تقريبا (حوالي 0.5 دولار)".
انتقادات واسعة
ومن جانبه، يذكر الكاتب العام للجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب، رضى النظيفي، أن هذه الزيادات في أسعار الوقود تكون متفاوتة بين شركات التوزيع، مؤكدا أن "أرباب المحطات غير مسؤولين عنها ولا يعلمون بدورهم أسبابها".
ويتابع النظيفي حديثه لـ"أصوات مغاربية"، أن مسيري محطات الوقود "يتلقون انتقادات واسعة من زبائنهم إثر هذه الزيادات المستمرة إلا أنهم لا يجدون أي إجابات لتبريرها لكون الموزعين هم من يتحكمون في أسعارها وفي جودتها وفي هامش الربح".
وبشأن تأثير هذه الزيادات على محطات الوقود، يسجل النظيفي "تراجعا كبيرا" في المبيعات مما أدى إلى خسائر مهمة على مستوى الإقبال على الغازوال والبنزين، مشيرا إلى أن "الهامش الربحي لأصحاب المحطات قار ولا يرتفع عند الزيادة في أثمنة الوقود مما يتسبب في ارتفاع رقم المعاملات ورأس المال وانخفاض الربح".
"ضربة قاسية"
ويؤكد رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن هذه الزيادة في أسعار المحروقات هي الرابعة من نوعها في مدة 15 يوما تقريبا، داعيا إلى "تدخل مديرية المنافسة والأسعار إثر وجود تحايل واتفاق ضمني بين الموردين وهو أمر محظور وممنوع قانونيا".
ويشير الخراطي إلى أن هذا التحايل يأتي في فصل الصيف وأثناء دخول الحكومة في عطلة، منتقدا أن أسعار المحروقات لا تنخفض بشكل معقول أثناء انخفاض ثمن النفط عالميا بينما تزداد بشكل ملحوظ فور أي زيادة طفيفة في ثمن البرميل.
ويصف الناشط الحقوقي هذه الزيادات بـ"الضربة القاسية" على القدرة الشرائية للمستهلك، محذرا من تداعياتها على ارتفاع جميع المواد والخدمات لكونها مرتبطة بنقل المواد الغذائية والصناعية والإنتاج الطاقي لا سيما أنها تأتي قبيل الدخول المدرسي المقبل.
- المصدر: أصوات مغاربية