تعتزم السلطات التونسية سن قانون يفرض رقابة على الشركات العاملة في مجال التوظيف خارج البلاد في ظل ورود تقارير عن شبهات اتجار بالبشر عبر إبرام عقود عمل وهمية.
ونقلت إذاعة "ديوان أف أم" عن المسؤول بوزارة التشغيل التونسية أحمد المسعودي إنه يجري "إعداد مشروع قانون بهدف ممارسة الرقابة على المؤسسات والأشخاص الذين ينشطون في مجال التوظيف بالخارج دون ترخيص".
وسيتيح القانون بعد إقراره حجب المواقع الالكترونية والصفحات الخاصة بهذه المؤسسات، كما يسمح بمعاقبة المخالفين بعقوبة حبسية تصل إلى 5 سنوات سجنا.
من يراقب؟
وذكر المسعودي، الذي يشغل خطة مدير عام التوظيف بالخارج واليد العاملة الأجنبية بوزارة التشغيل، إن الأخيرة "لا تملك حاليا أي سلطة رقابية على هذه المؤسسات غير المرخصة حيث تكتفي برفع الشكايات إلى النيابة العمومية كما تنسق مع الأمن للحد من نشاطها"، مشيرا إلى أنه "تم رفع قرابة 30 شكاية للقضاء في الغرض".
وفي ما يتعلق بالرقابة على المؤسسات المرخص لها، أوضح المسعودي أن "الوزارة قادرة على تسليط عقوبات عليها اذا كانت في وضع مخالفة و ذلك اما بتوجيه إنذارات أو سحب الرخص وقتيا أو نهائيا حسب درجة خطورة المخالفة".
وتفاقمت في السنوات الأخيرة ظاهرة "عقود العمل الوهمية" خارج تونس خاصة مع ما عاشه هذا البلد المغاربي من أزمات اقتصادية حادة فاقمت ظاهرة هجرة البلاد في صفوف الشباب.
وبلغت البطالة في الثلث الأول من العام الجاري نحو نحو 16.1 بالمئة بينما ترتفع هذه النسبة لدى خريجي الجامعات إلى نحو أزيد من 30 بالمئة، حسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء(حكومي).
مخاوف وهواجس
وفي تعليقه على هذه التطورات، اعتبر عضو هيئة مكافحة الاتجار بالأشخاص في تونس مالك الخالدي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أنه"من المهم جدا طرح مشروع القانون في هذا الوقت، إذ سيعزز مكانة تونس الحقوقية وترتيب تونس في التقارير الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر"، مشددا على "أهمية تطوير الترسانة القانونية في هذا الاتجاه لتحديد عمل كل الأجهزة الرقابية".
وتتم عملية التوظيف في المكاتب الوهمية، وفق الخالدي، من خلال "تقديم عروض عمل في مجالات معينة ليُصدم المترشح عند سفره بأنه انتدب للعمل في مهام غير متفق عليها".
ويتراوح عدد المكاتب الوهمية، وفق المتحدث، بين 80 و100 مكتب وتواجه عملية إحصاءها بصعوبات بالنظر إلى حرص أصحابها على تغيير عناوينهم باستمرار.
وذكّر الخالدي بتعرض "42 امرأة قبل سنوات إلى استغلال جنسي واقتصادي في إحدى الدول العربية بعد أن تم تسفيرهن بنية العمل في وظائف أخرى"، مشيرا إلى "وجود تساؤلات كبرى حول مدى وجود ترابط بين هذا المكاتب وقضايا الاستغلال الجنسي والتشغيل القسري والإرهاب أيضا".
درع قانوني
وكان البرلمان التونسي قد تبنى في العام 2016، قانونا أساسيا يتعلق بمنع الاتجار بالأشخاص ويتضمن عقوبات مالية وسجنية مطولة ضد المخالفين.
ويهدف هذا القانون وفقا لفصله الأول إلى "منع كل أشكال الاستغلال التي يمكن أن يتعرض لها الأشخاص وخاصة النساء والأطفال ومكافحتها بالوقاية من الاتجار بهم وزجر مرتكبيه وحماية ضحاياه ومساعدتهم".
ويُعرّف المشرّع التونسي الاتجار بالأشخاص بأنه "استقطاب أو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو تحويل وجهتهم أو ترحيلهم أو إيواءهم أو استقبالهم باستعمال القوة أو السلاح أو التهديد بهما أو غير ذلك من أشكال الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع".
كما يعد اتجارا بالأشخاص كل "استغلال حالة استضعاف أو استغلال نفوذ أو تسليم أو قبول مبالغ مالية أو مزايا أو عطايا أو وعود بعطايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر وذلك بقصد الاستغلال أيا كانت صوره سواء من طرف مرتكب تلك الأفعال أو بوضعه على ذمة الغير لاستغلاله".
المصدر: أصوات مغاربية