أعلن المغرب حدادا وطنيا لمدة ثلاثة ايام بعد الزلزل المدمر الذي ضرب المملكة ليل الجمعة مخلفا في حصيلة مؤقتة أكثر من 2000 قتيل معظمهم في مناطق جبلية جنوب مراكش.
وبلغت الحصيلة المؤقتة للضحايا 2012 قتيلا، إلى حدود الساعة العاشرة مساء بالتوقيت المحلي (21:00 ت غ)، وفق آخر تحديث لوزارة الداخلية في بيان مساء السبت.
كما ارتفعت حصيلة الجرحى إلى 2059 مصابا، 1404 منهم حالتهم خطيرة.
وكانت الوزارة قد أشارت إلى أن السلطات تواصل "تجندها لتسريع عمليات إنقاذ وإجلاء الجرحى".
وقبيل ذلك، أعلن بيان للديوان الملكي أن الملك محمد السادس ترأس مساء السبت اجتماعا لبحث الوضع في أعقاب الكارثة، تقرر خلاله "اﻹﻋﻼن ﻋن ﺣداد وطﻧﻲ ﻟﻣدة ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم، ﻣﻊ ﺗﻧﻛﯾس اﻷﻋﻼم اﻟوطﻧﯾﺔ ﻓوق ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ".
وأشار أيضا إلى إقامة صلاة الغائب في كل مساجد المملكة ترحما على أرواح الضحايا.
وأحصي أكثر من نصف القتلى في إقليمي الحوز (694) وتارودانت (347) اللذين يضمان العديد من القرى المتناثرة في قلب جبال الأطلس الكبير، وهي بمعظمها قرى يصعب الوصول إليها وغالبية المباني فيها لا تحترم شروط مقاومة الزلازل.
وأشار بيان الديوان الملكي إلى أن "ﺑﻌض اﻟمناطق ﺗﻌذر اﻟوﺻول إﻟﯾﮭﺎ ﻟﯾﻼ، ولم ﯾﺗم ﺗﺣدﯾد اﻟوﺿﻊ اﻟﻘﺎﺋم بها واﻟﺷروع ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻹﻧﻘﺎذ إﻻ عند مطلع النهار" (السبت).
وأكد اتخاذ إجراءات عاجلة شملت "ﺗﻌزﯾز اﻟوﺳﺎﺋل وﻓرق اﻟﺑﺣث واﻹﻧﻘﺎذ ﻣن أﺟل ﺗﺳرﯾﻊ ﻋﻣﻠﯾﺔ إﻧﻘﺎذ وإﺟﻼء اﻟﺟرﺣﻰ"، و"ﺗزوﯾد اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺗﺿررة ﺑﺎﻟﻣﺎء اﻟﺻﺎﻟﺢ ﻟﻠﺷرب"، وكذلك "ﺗوزﯾﻊ ﺣﺻص ﻏذاﺋﯾﺔ وﺧﯾﺎم وأﻏطﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻛوﺑﯾن".
كما شدد على مواصلة كافة عمليات الإنقاذ بشكل عاجل، والتي تشارك فيها أيضا القوات المسلحة.
وعرضت قنوات التلفزة المحلية مساء السبت مشاهد جوية لبعض القرى وقد هدمت تماما، جلها من بيوت طينية، في مرتفعات منطقة الحوز الجبلية.
كما أظهرت المشاهد مشاركة متطوعين من السكان المحليين في عمليات إنقاذ.
واستيقظت المملكة السبت على هول الصدمة والهلع غداة هزة أرضية بلغت 7 درجات على مقياس ريختر، بحسب ما ذكر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، مشيرا إلى أن مركزها يقع في إقليم الحوز، جنوب غرب مدينة مراكش التي تعتبر مقصدا سياحيا كبيرا.
قرية مدمرة
من بين القرى التي تكاد تكون دمرت تماما قرية تفغاغت الواقعة على بعد حوالي 50 كيلومترا من بؤرة الزلزال، ونحو 60 كيلومترا جنوب غرب مراكش. ونادرة هي الأبنية التي لا تزال قائمة فوق تراب هذه القرية الجبلية.
بينما واصل أفراد من القوات المسلحة الملكية البحث لانتشال الجثت العالقة وسط الأنقاض مساء السبت، كان سكان القرية يتوافدون على مقبرة لدفن نحو سبعين ضحية وسط أجواء ملأتها صرخات ونحيب الكبار والصغار، وفق مراسلي وكالة فرانس برس.
وأعرب الشيخ عمر بنهنا (72 عاما) عن صدمته قائلا "توفي ثلاثة من أحفادي (12، 8 و4 أعوام) ووالدتهم. لا يزالون تحت الأنقاض.. قبل وقت قصير فقط كنا نلعب معا".
وأضاف"بتنا ليل الأمس في العراء بدون ماء وبدون طعام".
ولا تزال الشابة نزهة اوتزيوغ غير قادرة على استرجاع توازنها جراء هول الكارثة. وقالت بعينين منهكتين "لم يمت أحد من عائلتي لكن جيرانا مقربين رحلوا. كنا قريبين جدا من بعضنا. ما أزال تحت الصدمة. منذ أمس لا أقوى على الكلام ولا المشي ولا حتى أن أظل واقفة".
في الطريق نحو هذه القرية كانت الأجواء الجنائزية نفسها تخيم على قرية مولاي إبراهيم، حيث واصل سكان دفن ضحايا الكارثة بينما كانت فرق الإنقاذ تحاول البحث عن ناجين تحت الأنقاض، بحسب ما شاهد فريق وكالة فرانس برس مساء السبت.
وهذا أقوى زلزال يضرب المغرب. لكنه وصف أيضا "بالاستثنائي" نظرا لبؤرته الواقعة في قلب جبال الأطلس الكبير حيث تنتشر العديد من القرى التي يصعب الوصول إليها.
وأوضح المكلف بقسم عمليات الإنقاذ في المديرية العامة للوقاية المدنية الكولونيل هشام شكري للتلفزيون المغربي العمومي "نحن أمام حالة طارئة ولكن في الوقت نفسه استثنائية لأن لا أحد من السكان كان يتوقع حدوث زلزال في هذه المنطقة (...) قوته ومكانه يجعلانه زلزالا استثنائيا".
من جهته رجح مدير المعهد الوطني للجيوفيزياء ناصر جبور ارتفاع حصيلة الضحايا "بالنظر إلى قوة الزلزال واتساع الرقعة الجغرافية للمنطقة المنكوبة".
إجراءات عاجلة
قال الديوان الملكي إن الملك محمد السادس أعطى تعليمات من أجل اتخاذ إجراءات عاجلة، أبرزها "التكفل الفوري بكافة الأشخاص بدون مأوى جراء الزلزال، لاسيما في ما يرتبط بالإيواء والتغذية".
وشملت التعليمات أيضا "ﻓﺗﺢ ﺣﺳﺎب ﺧﺎص ﻟدى اﻟﺧزﯾﻧﺔ وﺑﻧك اﻟﻣﻐرب (المصرف المركزي)، ﺑهدف ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻣﺳﺎهمات اﻟﺗطوﻋﯾﺔ اﻟﺗﺿﺎﻣﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣواطﻧﯾن والهيئات اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ"، إضافة إلى "وضع ﺑرﻧﺎﻣﺞ اﺳﺗﻌﺟﺎﻟﻲ ﻹﻋﺎدة ﺗﺄھﯾل وﺗﻘدﯾم اﻟدﻋم ﻹﻋﺎدة ﺑﻧﺎء اﻟﻣﻧﺎزل اﻟﻣدﻣرة".
منذ صباح السبت شهدت مراكز التبرع بالدم توافد كثير من المتبرعين في عدة مدن، بحسب صور نشرتها وسائل الإعلام المحلية، وذلك بعدما دعا "المركز الجهوي لتحاقن الدم" في مراكش المواطنين إلى التوجه إلى مقره السبت للتبرع بالدم.
كما خلف الزلزال هلعا عارما في البلاد، وخصوصا أن سكان عدة مدن بعيدة عن بؤرته شعروا به. وفضل الكثيرون في مراكش خصوصا قضاء الليل في العراء جراء الهلع وشائعات عن احتمال حدوث هزات ارتدادية، في بلد لم يتعود الزلازل العنيفة.
وأظهرت مشاهد انهيار جزء من مئذنة في ساحة جامع الفنا الشهيرة التي تعتبر قلب مراكش النابض، ما أسفر عن سقوط جريحين.
وتوالت ردود الفعل المعزية بضحايا الزلزال عارضة مساعدات، من فرنسا والولايات المتحدة وإسبانيا وروسيا والصين وأوكرانيا والأردن والسعودية والإمارات ومصر وغيرها من البلدان.
وأعرب العاهل المغربي ﻋن "ﺧﺎﻟص ﺷﻛر اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻠﻌدﯾد ﻣن اﻟﺑﻠدان اﻟﺷﻘﯾﻘﺔ واﻟﺻدﯾﻘﺔ، اﻟﺗﻲ ﻋﺑرت ﻋن ﺗﺿﺎمنها ﻣﻊ اﻟﺷﻌب اﻟﻣﻐرﺑﻲ"، وفق ما أفاد بيان الديوان الملكي مساء السبت.
في 24 فبراير 2004 ضرب زلزال بلغت قوته 6,4 درجات على مقياس ريختر محافظة الحسيمة على بعد 400 كيلومتر شمال شرق الرباط وأسفر عن سقوط 628 قتيلا وعن أضرار مادية جسيمة.
في 29 فبراير 1960 دمر زلزال بقوة 5,7 درجات مدينة أغادير الواقعة على ساحل البلاد الغربي مخلفا أكثر من 15 ألف قتيل، أي ثلث سكان المدينة.
- المصدر: أ ف ب