الإعصار دانيال ليبيا
من مخلفات العاصفة "دانيال" في ليبيا

أثار بيان حقوقي تساؤلات بشأن وضعية السجناء في المناطق التي ضربتها العاصفة "دانيال" في ليبيا، وذلك في الوقت الذي لم يصدر أي بيان رسمي يكشف مصيرهم بينما تتواصل جهود الإغاثة لانتشال الناجين أو الجثث من تحت الأنقاض. 

وأصدر "مركز مدافع لحقوق الإنسان" ومنظمة "رصد الجرائم في ليبيا" بيانا مشتركا بهذا الخصوص تساءلتا من خلاله عن مصير نزلاء سجن "قرنادة"، الواقع قرب مدينة البيضاء، والخاضع لسلطة قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة المشير خليفة حفتر.

وقالت الهيئتان الحقوقيتان "تعرض مجمع سجون قرنادة الواقع قرب مدينة البيضاء في شرق ليبيا، لفيضانات جرّاء الإعصار دانيال في 10 سبتمبر الماضي (..) بحسب الصور التي حصلنا عليها".

"قلق"

وأضاف البيان المشترك "إنّنا في منظمات رصد الجرائم في ليبيا ومركز مدافع لحقوق الإنسان، نعرب عن بالغ قلقنا إزاء عدم إصدار السلطات الليبية لأيّ بيانات رسمية حول مصير وأوضاع المئات من السجناء والمحتجزين في مجمع سجون قرنادة، بالإضافة إلى عدم السماح للمحتجزين بالتواصل مع عائلاتهم خارج السجن لمعرفة مصيرهم".

والبيضاء واحدة من المناطق الأكثر تضررا من العاصفة التي ضربت شرق ليبيا، حيث أشارت تقارير إعلامية إلى  اختفاء بعض الأحياء فيها بالكامل، كما أنها تحصي المئات من الضحايا والمفقودين.

وعلى هذا الأساس، طالبت الهيئتان بـ"الكشف الفوري عن أوضاع المحتجزين وحجم الضرر الذي تعرّضوا له، والإجراءات التي اتّخذتها السلطات للحفاظ على سلامتهم وتقديم الرعاية الطبية والنفسية والإغاثة الإنسانية اللازمة للسجناء المتضرّرين".

كما شدد المصدر على ضرورة "السماح بالزيارات العائلية للمحتجزين والاتصال بذويهم لطمأنتهم، وكذلك ضمان حقهم في معرفة مصير عائلاتهم بالخارج ومدى تأثرهم بالإعصار"، بالإضافة إلى "إخلاء سبيل المحتجزين على ذمة جرائم غير معترف بها دوليا، مثل الأشخاص المحتجزين بسبب ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير بشكل سلمي، أو هؤلاء المحتجزين تعسفيًا بطريقة غير متفقة مع إجراءات المحاكمة العادلة".

"تعذيب"

ويعتبر سجن "قرنادة" واحدا من أشهر المؤسسات السجنية في الشرق الليبي، وورد اسمه في عدد من التقارير الحقوقية كما ارتبط بعدد من الأحداث. 

ففي يناير 2022، قاد مجموعة من السجناء تمردا داخل ذلك السجن تمكن على إثره عدد منهم من الفرار، وهي الواقعة التي تسببت في حالة طوارئ كبيرة بمدينة البيضاء، خاصة بعدما أعلنت السلطات حملة أمنية مكثفة بهدف توقيف السجناء الفارين.

وفي تقرير لها في مارس من العام الماضي، نقلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية شهادة لسجين سابق في "قرنادة" مما جاء فيها: "في قرنادة، يمكن أن تتعرض للتعذيب لأبسط شيء. إذا وجدوا نصف سيجارة، فقد ينتهي بك الأمر بتعليقك من أطرافك وضربك بشراسة بأنبوب بلاستيكي".

وتابع صاحب الشهادة متسائلا "هل يمكنك أن تتخيل ما سيفعلونه بشخص حاول الهروب؟ الحراس هناك يعذِّبون تلقائيا"، مؤكدا "أنه لم يُسمح له برؤية عائلته لأكثر من عام أثناء وجوده في السجن".

"إشاعة" 

وعلى إثر العاصفة التي ضربت مناطق شرق ليبيا، تولي السلطات المحلية في البيضاء اهتماما لعملية إيواء العائلات التي تضررت مساكنها جراء الفيضانات، وفق ما تؤكده عبر صفحتها على موقع "فيسبوك".

وبالمقابل لم تصدر بعد معطيات رسمية نهائية بخصوص عدد الضحايا سواء من قتلى أو مفقودين أو مشردين وكذا حجم الأضرار التي مست البنى التحتية والمساكن في المدينة إثر العاصفة. 

وفي هذا السياق، قال عضو غرفة الطوارئ بمدينة البيضاء، أسامة هيبة، "لحد الساعة ليست لدينا أرقام دقيقة حول مخلفات الكارثة التي عاشتها المدينة بسبب إعصار دانيال"، مؤكدا أن "الوضع صعب ومعقد نتيجة الأضرار الكبيرة".

من جهة أخرى، وردا على التساؤلات حول وضعية نزلاء سجن "قرنادة"، كذب هيبة في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، الأنباء التي تفيد بتضرر السجن معلقا على ما جاء في البيان المشترك للمنظمتين الحقوقيتين بأنه "مجرد إشاعة فقط".

وتابع المصدر ذاته مشددا على أن "الوضع متحكم فيه بشكل جيد داخل المؤسسة العقابية المذكورة".

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

درنة
تقديرات أولية تشير إلى أن الإعصار دانيال تسبب في نزوح نحو 40 ألف شخص وتضرر أكثر من 5000 منزل

أصبحت قضية نازحي مدينة درنة (شرق ليبيا)  إحدى أهم الأولويات في معالجة الأزمة الناجمة عن الإعصار دانيال الذي ضرب المنطقة وتسبب في مقتل الآلاف ونزوح نحو 40 ألف شخص، إذ أعلنت حكومة الشرق إعطاء تعويضات مالية للمتضررة بيوتهم، تزامنا مع مساع أخر حكومية وذاتية لحل مشكلتهم. 

وفقد عشرات الآلاف من السكان المحليين منازلهم بشرق ليبيا جراء تداعيات الإعصار دانيال الذي ضرب شرق ليبيا قبل أكثر من أسبوعين، فضلاً عن آلاف القتلى والمفقودين خاصة في مدينة درنة التي تعد الأكثر تضرراً بفعل انهيار سديها.

40 ألف نازح

وقبل يومين كشفت إحصائية (معدلة) للمنظمة الدولية للهجرة عن ان عدد النازحين جراء العاصفة دانيال في شرق ليبيا يقدر بنحو 40 ألفا، وذلك بعد تقارير تفيد بعودة بعض الأهالي إلى بيوتهم.

وتشمل الأعداد المذكورة كافة المناطق التي ضربتها العاصفة في 10 و 11 سبتمبر الحالي، بما فيها درنة والمرج والبيضاء ونحو 15 منطقة أخرى بالجبل الأخضر.

وتشير تقديرات متفاوتة إلى أن عدد المباني والمنازل المتضررة بسبب الفيضانات تصل إلى 5 آلاف منزل في 17 مدينة ومنطقة ضربتها العاصفة بالجبل الأخضر، منها  1500 في درنة وحدها، بحسب جهاز مشروعات الإسكان والمرافق بالجبل الأخضر.

وبالإضافة للمنازل والمباني العامة، ألحقت العاصفة أضراراً بالغة قدرت بنحو 70% من البنية التحتية تدمرت كلياً، فيما بلغت نسبة الأضرار التي لحقت بالطرق العامة حوالي 50%، بحسب غرفة الطوارئ بمصلحة الطرق والجسور التابعة لوزارة المواصلات بحكومة الوحدة الوطنية الليبية.

تعويضات مالية

وبينما يجري البحث عن حلول آنية لأزمة النازحين التي امتدت إلى مدن ليبية أخرى بسبب نزوح مئات العائلات إليها خاصة من درنة المنكوبة، باشرت السلطات في كل من بنغازي (شرق) وطرابلس (غرب) في البحث عن حلول دائمة لمن تدمرت منازلهم.

والجمعة أعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب عن بدء صرف التعويضات للمتضررين من الإعصار دانيال مطلع الأسبوع المقبل.

 وسلم رئيس لجنة الحصر والتعويضات بالحكومة عمداء 14 بلدية من أصل 17 بلدية متضررة صكوك التعويضات على أن تسلم الصكوك المذكورة إلى المواطنين "عن طريق اللجنة المشكلة داخل كل بلدية، ووفق الآلية المعتمدة للتعويض"، بحسب ما أعلنت اللجنة.

وبلغت قيمة التعويضات 100 ألف دينار ليبي (20 ألف دولار) لمن تدمرت بيوتهم بالكامل، و 50 ألف (10 آلاف دولار) لمن تضررت منازلهم جزئياً، بينما رصد مبلغ 20 ألف دينار (حوالي 4 آلاف دولار) لمن تضرر أثاث ومحتويات منازلهم. 

ولم تذكر الحكومة  الأسس التي حددت المبالغ المذكورة بناء عليها، فيما رأى البعض أنها لا تتناسب مع القيم السوقية للبيوت المدمرة في عدة مناطق ما قد يجعلها غير كافية لإعادة الوضع إلى ما كان عليه. 

وبينما ينتظر أصحاب البيوت المتضررة استلام صكوكهم كل حسب بلديته، ما تزال عشرات العائلات التي نزحت عن المدينة بحاجة إلى مأوى مؤقت في المدن التي انتقلوا إليها ومن بينها طبرق وبنغازي ومصراتة وطرابلس وغيرها. 

وكشفت  اللجنة أعداد النازحين وتوزيعهم بحسب كل مدينة وفي مقدمتها درنة التي بها 32578 نازح ، والبيضاء 3480 نازح، وسوسة 1700 نازح ، مشيرة إلى أن عدد مراكز إيواء النازحين داخليًا يُقدر بـ 19 مدرسة على الأقل، وهي مراكز مؤقتة للعائلات النازحة من مناطقها، فيما يقيم أغلبية النازحين لدى أقاربهم وذويهم بالمناطق المجاورة لمدينة درنة، من بينها: طبرق، القبة، البيضاء، شحات، البيضاء، بنغازي.

مبادرات لإسكان النازجين

ومنذ بادية الكارثة تبرع ليبيون بشقق ومنازل فارغة واستراحات للنازحين عن درنة، وذلك ضمن حملة التضامن الواسعة "فزعة خوت"، التي انطلقت على مستوى البلاد منذ الأيام الأولى للكارثة. 

وقبل يومين أعلنت وزارة الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية بطرابلس، عن مبادرة لإسكان الأسر الناجية من الفيضانات والسيول التي اجتاحت مدينة درنة والبلديات المجاورة لها، وذلك بالتعاون مع  الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة، ومجلس أصحاب الأعمال وجهات ليبية أخرى.

وتقضي المبادرة بإنشاء حساب مصرفي يُخصّص لمبادرة "إسكان الاسر الناجية بدرنة والمناطق المجاورة لها" لتوفير وحدات سكنية بمشاركة الجهات التابعة والغرف التجارية بكافة المناطق و مجلس أصحاب الأعمال تحت إشراف لجنة دعم وتنسيق جهود الإغاثة بالتعاون مع الغرف التجارية بالمناطق المتضررة.

وتتضمن تبني مجلس أصحاب الأعمال الليبيين مبادرة لاستكمال مشروع 2000 وحدة سكنية بمدينة درنة لدعم الأسر المتضررة، فيما دعا وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة، محمد الحويج، رؤساء الغرف التجارية إلى تبني مبادرة لتوفير سيارات لأرباب الأسر وتوزيعها بالتنسيق مع البلديات المعنية واللجان المختصة.

بدورها ذكرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أن النازحين بمدينة درنة المنكوبة ومناطق الجبل الأخضر المتضررة، يعيشون أوضاعا "جد كارثية ومأساوية"، وذلك في بيان  صدر أمس الجمعة.

ويعتبر الإعصار دانيال ظاهرة مناخية غير مسبوقة في ليبيا، خاصة بالنظر إلى حجم السيول والفيضانات التي تسببت بها والآثار البشرية والخسائر المادية الفادحة التي خلفها، بينما يؤكد خبراء أن التعافي الكامل من الاآثار المادية والنفسية للإعصار قد يستغرق وقتاً طويلاً.

المصدر : أصوات مغاربية