انتقد المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، استمرار الخلافات بين المسؤولين في شرق وغرب ليبيا حيال مشاريع الإغاثة المتواصلة بعد كارثة إعصار "دانيال" التي ضربت عدة مناطق شرقية في هذا البلد المغاربي.
وأعاب باتيلي، أمس السبت خلال لقائه أعضاء من لجنة الشؤون السياسية في المجلس الأعلى للدولة، ما اعتبره غياب التنسيق بين المؤسسات التابعة لحكومة الوحدة ونظيرتها الخاضعة لسلطة الحكومة المكلفة من قبل مجلس النواب، وقال في الصدد إن التعاون بينهما "لم يكن في مستوى التضامن غير المسبوق الذي أبداه الليبيون من كافة المناطق تجاه مواطنيهم في درنة وغيرها من مدن شرق البلاد".
وشدد على ضرورة أن "تجتمع السلطات في الشرق والغرب من أجل إجراء تقييم مشترك لحاجيات الاستجابة العاجلة وإعادة البناء، مؤكدا على "وجوب ارتقاء القادة السياسيون إلى مستوى اللحظة وأن يعملوا يدا في يد من أجل تجاوز آثار المأساة".
بين الشعب والمسؤولين
وشهدت ليبيا منذ الساعات الأولى للكارثة، قبل نحو أسبوعين، هبة تضامن شعبية شارك فيها مواطنون من جميع أنحاء البلاد بغية مشاركة المتضررين من الإعصار "دانيال".
ولقيت تلك المبادرات إشادة واسعة من طرف العديد من المتابعين للشأن الليبي، بالنظر إلى الأزمة السياسية والأمنية التي تعيشها البلاد منذ أزيد من 11 سنة.
وقال يان فريديز، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا، لدى عودته من زيارته إلى ليبيا واستمرت ثلاثة أيام "رأينا أشخاصا يأتون من كل المناطق الليبية حتى من سبها في الجنوب. أناس أتوا (إلى درنة) من تلقاء أنفسهم".
وتكثر المساعدات الموجهة إلى الناجين بعد اضطرار أكثر من 43 ألف شخص إلى النزوح من المناطق المتضررة وهم مشردون ومن دون أي موارد، كما تشهد وسائل التواصل الاجتماعي دعوات كثيرة لإيواء نازحين.
لكن بالمقابل، تخشى العديد من الأطراف أن تتعرض عمليات الإغاثة أو مشروع إعادة الإعمار إلى إجهاض كبير على خلفية الخلافات الموجودة في الصف السياسي.
وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقرًا ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة، يرأسها أسامة حمّاد، وهي مكلّفة من مجلس النواب ومدعومة من الرجل القوي في الشرق المشير خليفة حفتر.
وسبق لأهالي مدينة درنة تنظيم وقفات احتجاجية طالبوا فيها بإعادة إعمار مدينتهم بأسرع وقت مشترطين أن يتم ذلك عبر "شركات أجنبية" وتحت إشراف دولي، لضمان سرعة وجودة العمل والحيلولة دون حدوث فساد في ملف الإعمار الذي يتوقع أن يكلف عشرات مليارات الدولارات.
وأوردت وسائل إعلام ليبية الخميس أن حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس طلبت رسمياً من البنك الدولي المساعدة في إعادة إعمار المناطق المنكوبة "في ثلاث مجالات"، وذلك عبر رسالة وجهها وزير المالية بالحكومة خالد المبروك.
مخاوف جديدة
وقال الناشط السياسي والحقوقي، أبو عجيلة علي العلاقي، إن "استمرار الخلافات أمام الوضع الصعب والمعقد الذي تعيشه ليبيا ينذر بتهديدات جديدة قد تضاعف من مشاكل وهموم المتضررين من الكارثة الأخيرة".
وأشار المتحدث في مكالمة هاتفية مع "أصوات مغاربية": "الصراعات والخلافات بين حكومة الشرق وتلك التي يقودها عبد الحميد الدبيبة صارت أمرا واقعيا يمكن ملاحظته من خلال ممارسات وتصريحات المسؤولين في الطرفين".
وأضاف أن "حكومة أسامة حمدان في بنغازي تسعى إلى فرض وجودها في الأزمة الحالية من خلال الاستفراد بمجموعة من القرارات والإجراءات، كما يحاول فريق طرابلس الإقدام على الممارسات نفسها، وهذا أمر غير مقبول"، مؤكدا على أن ما جاء في كلام المبعوث الأممي عبد الله باتيلي يعبر بشكل دقيق عن المشهد العام في ليبيا".
وطالب العلاقي، الذي يشغل منصب المستشار القانوني للمنظمة الليبية لحقوق الإنسان، بضرورة العمل بما سماه "حلا ثالثا يسمح بتفعيل مشروع إعادة الإعمار بعيدا عن حكومتي طرابلس وبنغازي".
وأردف "الأسلم لليبيين الآن أن تتكفل هيئة دولية مثل الأمم المتحدة بجميع أشغال ومشاريع الإعمار على اعتبار أن العديد من الكمسؤولين داخل المؤسسات الموجودة في شرق أو غرب البلاد تحوم حولهم شكوك تتعلق بالفساد المالي والإداري".
وتابع "على المبعوث الأممي ألا يتخذ موقف الحياد حيال ما يجري وعليه الاصطفاف إلى جانب الشعب الليبي في المحنة التي يعيشها".
المصدر: أصوات مغاربية