الرئيسية

تونس مهددة بالتخلف عن سداد الديون.. "الأزمات الدولية" توصي الأوروبيين بالتحرك

05 أكتوبر 2023

وضعت "مجموعة الأزمات الدولية" (International Crisis Group)، في تقرير جديد، الأربعاء، تونس في "قائمة المراقبة لعام 2023" التي تصدرها سنوياً بهدف تحديد المجالات التي يمكن للاتحاد الأوروبي أن يحدث فيها الفارق عبر التصدي لأزمات محدقة.

وبحسب المنظمة المتخصصة في إسداء المشورة بشأن النزاعات، ومقرها بروكسل، فإن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في تونس "يمكن أن تتفاقم إذا تخلفت عن سداد ديونها"، داعية الأوروبيين إلى تشجيع صفقة قرض "مُعدّلة" مع صندوق النقد الدولي، ولكن شريطة الضغط على تونس في قضايا الحكامة وحقوق الإنسان.  

أوروبا بين خيارين 

واستعرضت "مجموعة الأزمات الدولية" الوضع السياسي والاقتصادي في تونس منذ يوليو 2021، عندما احتكر الرئيس، قيس سعيّد، السلطات، وأقال رئيس الحكومة وعلّق عمل البرلمان.

وقالت إن البلاد "اتخذت منعطفًا استبداديا"، إذ "يحاول الرئيس بناء نظام سلطوي متكامل الأركان وتعزيز دعمه الشعبي من خلال خطاب قومي حاد"، فقد "عزز خطابه بتلميحات عنصرية يُلقي فيها اللوم عن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد ــ مثل التضخم والبطالة ــ على المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى"، وفي الوقت نفسه، "رفض الشروط المرتبطة بقرض صندوق النقد الدولي المقترح بهدف موازنة الميزانية واستعادة ثقة المستثمرين، ما دفع البلاد إلى حافة التخلف عن سداد ديونها الخارجية". 

ومن المرجح أن يؤدي التخلف عن السداد - تقول المنظمة - إلى تفاقم المشاكل المذكورة بشكل كبير وهو ما يفاقم خطر اندلاع العنف و"تعريض الاستقرار الداخلي الهش للخطر".

وفي حين أبدى الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأعضاء قلقا كبيرا بشأن توجّه تونس في عهد سعيّد، إلا أن أوروبا حولت تركيزها تدريجياً نحو الحد من الهجرة غير النظامية، تقول "مجموعة الأزمات الدولية" . 

وتضيف أن الزيادة في أعداد المهاجرين الوافدين عبر البحر الأبيض المتوسط هي "المحرك الرئيسي لهذا التغيير"، وأن الاتحاد الأوروبي صار يتحدث الآن عن تونس "باعتبارها شريكاً رئيسياً في مكافحة الهجرة غير الشرعية".

وانتقدت ما وصفته بالميل الأوروبي نحو التعاون مع تونس لتقييد الهجرة، قائلة إنها أضحت أولوية تُغطي على المطالب باستعادة الديمقراطية وسيادة القانون، "ما أدى إلى تدفق التمويلات" على البلاد، وهو ما "يقول النقاد إنه يرقى إلى مستوى شيكِِ على بياض لحكومة سعيّد".

توصيات للأوروبيين 

وحثت المنظمة، المتخصصة أيضا في التقارير الميدانية، الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء على "موازنة أجنداتهم السياسية والأمنية والاقتصادية المختلفة في تونس مع العمل المهم المتمثل في الانتصار للحقوق والإصلاحات الخاصة بالحكامة".

وبدلاً من التخلي عن تلك الأجندة، "ينبغي للاتحاد الأوروبي"، يقول التقرير، العمل من أجل "تشجيع تونس وصندوق النقد الدولي على الاتفاق على شروط قرض معدل، والضغط على تونس للتوصل إلى اتفاق وعلى المساهمين في صندوق النقد الدولي لتخفيف بعض الشروط، مثل الدعوة إلى تخفيضات في الإنفاق الحكومي".

علاوة على ذلك، دعا التقرير الأوروبيين إلى "الضغط على الرئيس سعيّد للحد من عنف الجماعات الأهلية، سواء تجاه المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أو أي شخص آخر".

وفي هذا الصدد، أوضح أنه بين يناير وأبريل، أفاد العديد من التونسيين في المناطق الداخلية من البلاد أن أنصار سعيّد، المعروفين باسم "ميليشيات قيس"، بدؤوا في "توبيخ أشخاص انتقدوا الرئيس في المقاهي".

وأردف: "يمكن لهذه المجموعات المنظمة ذاتياً أن تكثف العنف ضد المهاجرين، وقد يبدؤون أيضا في تنظيم المظاهرات والهجمات على المعارضة". 

وأخيرا، أشار إلى أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن "يستعد لاحتمال اضطراره إلى تقديم مساعدات طارئة في حالة تخلف تونس عن سداد ديونها"، لافتا إلى إمكانية أن "تكون هناك حاجة إلى المساعدة عبر توصيل القمح اللين والأدوية من أجل منع حدوث أزمة إنسانية، والتي يمكن أن تتحول إلى اضطرابات خطيرة".

  • المصدر: أصوات مغاربية/ موقع "مجموعة الأزمات الدولية" 

مواضيع ذات صلة

المغرب أقر في عام 2021 تقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية
المغرب أقر في عام 2021 تقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية

يقود نشطاء بالمغرب حملة ترافعية منذ أيام لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي (المعروف محليا بالكيف وهو نبتة يستخرج منها مخدر الحشيش)، وذلك بعد مرور 3 سنوات على مصادقة الحكومة على قانون يجيز زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.

حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أطلقها "المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي" و حراك "نداء من أجل فتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي" باشرت في الأيام الأخيرة عقد لقاءات مع فرق برلمانية لجعل مسألة الاستهلاك الترفيهي للقنب الهندي قضية رأي عام والضغط من أجل وقف تجريمه.

استكمالا للقاء الذي جمع جانب من نشطاء دينامية "نداء من أجل فتح نقاش عمومي من أجل الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي" انعقد...

Posted by Chakib AL Khayari on Wednesday, October 23, 2024

وبهذه اللقاءات تكون الحملة قد مرت إلى مرحلة ثانية من هذا المسعى الذي انطلق أول مرة في يونيو عام 2023، أياما قليلة من إعلان السلطات المغربية عن الانطلاقة الرسمية لزراعة أول محصول من المادة موجه للاستخدام الطبي.

استقبل الاخ الرئيس الدكتور نورالدين مضيان مساء يومه الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 ، بمقر الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية...

Posted by Nouredin Moudian on Tuesday, October 22, 2024

كما تأتي أيضا بعد نحو شهرين من إصدار العاهل المغربي الملك محمد السادس عفوا عن أكثر من 4800 من مزارعي القنب الهندي ممّن أدينوا أو يلاحقون بتهم تتعلّق بهذه الزراعة.

وقالت وزارة العدل حينها إنّ العفو الملكي شمل "4831 شخصا مدانين أو متابعين أو مبحوثا عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي"، وأوضحت أن هذه الخطوة ستمكن المشمولين به "من الاندماج في الاستراتيجية الجديدة التي انخرطت فيها الأقاليم المعنية في أعقاب تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي".

وظل القنب الهندي رغم منعه قانونيا منذ عام 1954 يُزرع في جبال الريف، شمال البلاد، ويستخرج منه مخدر الحشيش الذي يهرب إلى أوروبا، وفق ما أكدته تقارير دولية ومحلية.

قطاع مشغل وتوصيات رسمية

وفي عام 2020، صنف التقرير السنوي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة المغرب أول منتج لهذا المخدر في العالم.

وتقدر المساحة الاجمالية لزراعة القنب الهندي بالمغرب بـ71.424 هكتارا، وتنتشر بشكل خاص شمال البلاد وتحديدا في إقليمي شفشاون والحسيمة، وينتج الهكتار الواحد من هذه الزراعة 700 كيلوغرام من القنب، بينما يعيش 400 ألف شخص من هذا النشاط، وفق تقرير سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة رسمية).

وتنطلق حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أيضا من توصيات مؤسسات دولية ومحلية دعت الدولة المغربية إلى التفكير في سن تشريعات تجيز الاستهلاك الشخصي للقنب الهندي أسوة بعدد من الدول حول العالم.

وجاء في تقرير أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عام 2020 أنه "ينبغي التفكير في تضمين الاستعمال الشخصي المقنن للقنب الهندي عبر قنوات توزيع خاصة وبكميات محددة وفي أماكن معينة".

وأضاف معدو التقرير "أنه ثمة توجها قويا على الصعيد الدولي، ولا سيما في أوروبا وإفريقيا، لتوسيع مجال الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي وهو ما سيمكن من القطع مع الممارسات الاستهلاكية غير المقننة الحالية التي تعرض الشباب لمخاطر على صعيد التوازن الذهني والنفسي والسلامة الصحية عموما".

بدورهم يرى المدافعون عن الاستخدام الترفيهي للمخدرات أن تقنينه يمكن أن يقلل من الإقبال على السوق السوداء لشرائها، ويزيد من المشتريات القانونية، ما ينتج عنه عائدات ضريبية مهمة للدولة.

أدرداك: التقنين سيخول للأفراد ممارسة عاداتهم بكل حرية  

تعليقا على الموضوع، قال الشريف أدرداك، رئيس المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي إن الحملة تستهدف فتح نقاش وطني يرفع الحظر عن تعاطي القنب "سيما أن استهلاكه لا ينطوي على تأثيرات صحية سلبية مقارنة بالتبغ والكحول".

وأوضح أدرداك، في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن الحملة تنطلق أيضا من كون استهلاك هذه المادة "يشكل عنصرا ثقافيا مهما للمغاربة الذين ينتمي معظمهم للأمازيغ" مضيفا "هذا الأخير يعتبر أحد أهم الشعوب الأصلية في العالم، وهو الأمر الذي يخول له الحق في ممارسة عاداته وثقافته بكل حرية وفقا لمبادئ الأمم المتحدة".

وبالعودة إلى اللقاءات التي عقدها نشطاء الحراك مع بعض الفرق البرلمانية مؤخرا، أوضح أدرداك أن اجتماع الثلاثاء الماضي مع الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية (معارض) والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية (مشارك في التحالف الحكومي) بمجلس النواب "مثل نقطة انطلاقة مهمة لفتح هذا النقاش وقد توج اللقاءين بتعهد الفعاليتين السياسيتين بعرض هذا الموضوع على طاولة أحزاب أخرى".

وفي مقابل هذا المسعى يطرح أيضا السؤال حول مدى استعداد الدولة وعموم المغاربة لتقبل وضع تشريعات تبيح استهلاك القنب الهندي، رغم ترحيب الكثير من المواطنين بتقنين زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.

ويرد أدرداك بالقول "أعتقد ان الدولة لا تعترض على مسألة تقنين الاستهلاك التقليدي للكيف في شقه الترفيهي، فقد سبق للجنة النموذج التنموي وكذا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن أوصوا بضرورة تقنين الكيف للاستعمال الترفيهي".

وتابع "كما أن حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلاموي -والذي يعارض هذا التقنين- لم يعد له حضور مجتمعي أو سياسي مهم مما يعني غياب صوت معارض لهذا التوجه الذي أضحى عالميا خصوصا وأن العديد من الدول قننت الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي وكان خرها ألمانيا".

خياري: حرية فردية وعائدات اقتصادية

بدوره، يرى الناشط الحقوقي ومنسق الائتلاف من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي، شكيب خياري، أنه آن الأوان لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب، مستعرضا مجموعة من الأسباب.

ويوضح خياري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الدعوة لفتح النقاش تأتي في سياق "حرمان" عدد من المزارعين شمال المغرب من رخص زراعة القنب بعد تقنينه.

وتابع "استحضرنا أيضا عنصرا كان غائبا في النقاش السابق وهو مستهلك القنب الهندي الترفيهي، وهي دعوة جاءت بالاستناد على توصيتين رفعتا إلى جلالة الملك، الأولى من مؤسسة عمومية دستورية وهي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وأخرى من لجنة شكلها الملك وهي لجنة النموذج التنموي التي وضعت التصور التنموي الجديد للمغرب، ومضمون التوصيتين ضرورة إلغاء تجريم استهلاك القنب الهندي الترفيهي والاتجار فيه وفق كميات وأماكن واستعمالات محددة بدقة".

ووفق شكيب خياري، الذي حضر أيضا اللقاءات الأخيرة مع الفرق البرلمانية فالدعوة إلى فتح نقاش عام حول الاستعمال الترفيهي للقنب تعود لسنوات، مشيرا في هذا الصدد إلى حملة أطلقها عام 2008 انسجاما مع تقارير أممية.

ويضيف "بالنسبة لنا في المغرب، كان لا بد من التفكير في الحفاظ على زراعة القنب الهندي مع توجيه استعمالاته إلى استعمالات إيجابية تتوافق مع الاتفاقية الدولية بشأن المخدرات التي تعتبر المملكة المغربية طرفا فيها، على أن ذلك سيوفر بديلا للمزارعين الذين كانوا مضطرين للانخراط قسرا في حلقة الاتجار غير المشروع بالمخدرات".

وإلى جانب الانتصار للحرية الفردية في استهلاك القنب، يتوقع الناشط الحقوقي أيضا أن يعود التقنين بالكثير من النفع على اقتصاد البلاد وعلى كلفة علاج المدمنين.

وختم بالقول "نترافع من أجل فتح نقاش عمومي في المملكة المغربية للتفكير الجماعي في مدى إمكان استغلال هذه الإباحة في تقليص المخاطر الصحية ومكافحة الإدمان وفي ذات الوقت توفير بديل اقتصادي مشروع مكمل للاقتصاد الطبي والصناعي للقنب الهندي وكذا لاستفادة الدولة من مداخيل مهمة جراء ذلك، سواء من خلال تضريب الأرباح أو تقليص نفقات علاج أضرار الاستهلاك على الصحة".

المصدر: أصوات مغاربية