في خضم الاحتفاء بالذكرى الحادية والعشرين لليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الذي يصادف 10 أكتوبر من كل سنة، يستمر جدل عقوبة الإعدام بالمغرب دون تنفيذها منذ ثلاثة عقود يتجدد وسط نقاش يعرفه الإصدار المرتقب لمشروع القانون الجنائي الجديد.
ويأتي ذلك في سياق العديد من التصريحات التي أدلى بها وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي، عبر فيها عن موقفه الشخصي الرافض لاستمرار العمل بعقوبة الإعدام، مشيرا إلى أن إلغاءها رهين بإصلاح المدونة الجنائية.
ونقل موقع "العمق المغربي" المحلي أن وهبي "رفض تضمين عبارة "عقوبة الإعدام" في مشروع قانون تنظيم وتدبير المؤسسات السجنية خلال اجتماع للجنة العدل بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، الاثنين، مشيرا إلى أنها "عبارة مستفزة وبأنه ضد هذه العقوبة في الأصل".
وكان المسؤول الحكومي قد صرح في أشغال المؤتمر الدولي 13 لوزراء العدل بروما، في مارس الماضي، أن "السياسة الجنائية الحالية تسعى إلى الحد التدريجي لعقوبة الإعدام كحل وسط لمواكبة النقاش حول مستحسن لبقائها ومؤيد لإلغائها وزرع الحركية داخله".
ولا يُنفذ المغرب حاليا عقوبة الإعدام رغم أن محاكم المملكة تستمر في إصدار العقوبة في حق مدانين بعدد من الجرائم المختلفة، حيث سجل آخر تقرير للأنشطة لعام 2022 الصادر عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بالمغرب، أن عدد المحكوم عليهم بالإعدام وصل إلى 60 شخصا من بينهم امرأة واحدة.
تخفيض عقوبة الإعدام
وتعليقا على الموضوع، يوضح عضو الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، عبد الإله بنعبد السلام، أن المؤشرات التي يتم ترويجها حاليا حول التعديلات المرتقبة في القانون الجنائي لا تحمل أي جديد بخصوص إلغاء عقوبة الإعدام باستثناء الحد منها عبر تخفيض الأحكام الصادرة بها".
ويتابع بنعبد السلام حديثه لـ"أصوات مغاربية" موضحا أن المغرب "لا يزال متخلفا" عن الالتحاق بركب الاتجاه العالمي الذي يسير نحو إلغاء عقوبة الإعدام بعد حذفها في 144 دولة، لافتا إلى أن التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة الذي صادق عليه ملك المغرب عام 2006 تضمن توصيتين بإلغاء الإعدام.
وفي هذا السياق، يشدد الحقوقي المغربي على ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام باعتبارها "غير إنسانية وتحط من الكرامة الإنسانية وهي عقوبة ليست رادعة"، مشيرا إلى أن خلفيات استعمالها يرجع إلى "عقاب السياسيين والمعارضين الذين يمثلون أغلب المحكومين بها".
ويعزو المتحدث ذاته إصدار العقوبة دون تنفيذها في المغرب إلى "ضغط النضال العالمي والعلاقات الدولية والأوضاع الإقليمية وإلى كون البلاد صادقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تضمن الحق في الحياة".
موضوع "يتجاوز" الحكومة
وفي المقابل، ينادي المحامي والحقوقي، محمد الشمسي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بضرورة الإبقاء على عقوبة الإعدام باعتبارها "عقوبة رادعة وتنتصر للحياة الحقيقية"، منبها إلى أنها يجب أن تمنح للمتهمين الذين اقترفوا "فعلا جنائيا خطيرا يشكل غصبا للحق في الحياة للآخرين".
وفي هذا الصدد، يؤكد الشمسي أنه هناك العديد من الجرائم التي "لا يمكن التسامح معها بأي شكل سوى الحكم بالإعدام باعتباره ينسجم مع قيمة الحياة"، مردفا أن من بين هذه الجرائم "القتل والتنكيل بالجثة وتقطيعها واغتصاب الأطفال والخيانة العظمى للضباط الذين يمكنون أسرار الدولة للعدو والمتطرفين والإرهابيين".
وبشأن إمكانية أن يتجه مشروع القانون الجنائي الجديد إلى إلغاء الإعدام، يذكر الشمسي أن الموضوع "يتجاوز وزارة العدل والحكومة وبأن الحسم في إلغاء عقوبة الإعدام أو الإبقاء عليها مرتبط بإمارة المؤمنين والمجلس العلمي والعديد من المؤسسات الوازنة في البلاد".
ويقول المتحدث ذاته إن "عقوبة الإعدام تثير نقاشا مجتمعيا لكن يجب أن تراعى فيه مصلحة المجتمع من الدرجة الأولى ولا نعطي للقتلة فرصة التخفيف من جرائمهم بتحويلهم إلى محكومين بالمؤبد ويصبحون بذلك عالة على الدولة في الإنفاق، داعيا إلى "احترام حقوق الأرواح التي كانت ضحية إعدامات خارجة عن القانون من قبل هؤلاء المجرمين".
- المصدر: أصوات مغاربية