أعلنت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، أمس الأحد، عن تحشيدات عسكرية جديدة في المنطقة الغربية ما أثار مخاوف عدة أوساط متابعة لتطورات التوتر القائم، حاليا، بين السلطات المتمركزة في العاصمة طرابلس والسكان الأمازيغ في منطقة زوارة على خلفية الأحداث التي شهدها معبر المركز الحدودي رأس جدير قبل أيام.
وكشفت وسائل إعلام محلية عن اتخاذ حكومة الوحدة لمجموعة من الإجراءات الأمنية تتمثل في تجهيز قوة عسكرية قوامها 7 ألوية بناء على تعليمات الفريق صلاح النمروش إلى رئاسة أركان القوات البحرية، ومنطقة طرابلس العسكرية، والمنطقة العسكرية للساحل الغربي.
وتزامنت الإجراءات مع قبضة حديدية أضحت تميز العلاقة بين وزارة الداخلية التي تسعى إلى السيطرة على المركز الحدودي، رأس جدير، وبين مليشيات تابعة لمنطقة زوارة التي تضم قبائل محسوبة على السكان الأمازيغ.
والأسبوع الماضي، شهد معبر رأس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس اشتباكات مسلحة بين ميليشيتين ليبيتين، يعتقد أن إحداهما تابعة لمدينة "زوارة" (أمازيغ) وأخرى موالية لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة.
خلفيات التوتر
وأقدمت السلطات التونسية بعد ذلك على إغلاق معبر رأس جدير، في حين قام وزير الداخلية بحكومة طرابلس، عماد الطرابلسي، بتكليف إدارة "إنفاذ القانون" بدعم الأجهزة الأمنية داخل المنفذ من أجل ضبط الأمن.
وأكد الطرابلسي في ندوة صحافية أعقبت هذه الأحداث أن "حكومة الوحدة ستقوم بتأمين معبر راس جدير من المهربين والمخربين والمجرمين"، مؤكدا أن "مشكل السلطات مع الخارجين عن القانون وليس مع جميع سكان منطقة زوارة".
بالمقابل، انتقد رئيس المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، الهادي برقيق، تصريحات وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي بشأن التوترات الأمنية التي شهدها معبر رأس جدير الحدودي مع تونس.
وقال برقيق، في تصريحات إعلامية، إن "الحكومة التي يتبعها وزير الداخلية حكومة تصريف أعمال بصلاحيات محدودة، مشيرا إلى أنها لا تمتلك القدرة على إحداث تغيير في الوضع القائم.
وأضاف أن "الانقسام السياسي الحاد الذي تشهده البلاد ووجود حكومتين، بالإضافة إلى عدم التوافق حول دستور موحد، يجعل أي تغيير مقترح مرفوضا".
مخاوف من التصعيد
وفي بداية السنة الجارية، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية عن إجراءات جديدة لصالح أمازيغ ليبيا، حيث قررت السماح لهم بتداول الأسماء الأمازيغية على مستوى مصالح السجلات المدنية، وكذلك تسمية المدارس بهذه اللغة داخل المناطق التي تتحدث بها، وذلك بزامنا مع السنة الأمازيغية الجديدة.
واعتبر الإجراء خطوة في سبيل إذابة الجليد بين السلطات الليبية والعديد من المليشيات المسيطرة على أجزاء واسعة من الساحل الشمالي، خاصة في منطقة زوارة التي يقطن بها الأمازيغ.
لكن مقررة المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا ، وحيدة الحشان، أكدت أن "التصريحات المستفزة التي أطلقها وزير الداخلية في حكومة الوحدة، عماد الطرابلسي، أشعلت غضب العديد من السكان الأمازيغ".
وأضافت في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "الطرابلسي حوّر النقاش حول ما يجري في مركز العبور الحدودي رأس جدير من طبيعته الأمنية إلى حديث حول هوية السكان الأمازيغ، وهو أمر غير مقبول".
وشككت المتحدثة في التبريرات التي ساقتها حكومة الوحدة الوطنية من أجل إقناع الرأي بخصوص مساعيها الرامية إلى السيطرة على المركز الحدودي رأس جدير، مؤكدة أن "خلفيات التحركات القائمة في المنطقة الغربية، وبخاصة في الجهات الساحية يتعلق بعقود أبرمتها حكومة الوحدة الوطنية مع نظيرتها الإيطالية حول مشاريع واستثمارات تتعلق بالطاقة".
وقالت الحشان "تخوفاتنا مما يجري حاليا في منطقة زوارة كبيرة، لكن في نفس الوقت نستبعد حصول صدامات بين الأمازيغ وحكومة الوحدة الوطنية".
الصدام والنعرات
من جهته يؤكد المحلل السياسي، محمود إسماعيل الرميلي على خطورة ما يجري حاليا في المنطقة الغربية، خاصة في المناطق الحدودية مع تونس بسبب التطورات التي يعرفها ملف مركز رأس جدير.
وقال الرميلي في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "المشهد تتحكم فيه جهتان، الأولى متهمة بنشاط التهريب عبر معبر رأس جدير والثانية تمثلها السلطات الساعية إلى فرض العصى الغليظة لمواجهة الوضع".
وأفاد المتحدث بأن "العنصر الغائب فيما يحدث هو عامل التنسيق بين الأطراف المعنية بالتوتر الجاري"، مشيرا إلى أن "لجوء حكومة الوحدة الوطنية إلى أساليب إنفاذ القانون عبر القوة بعيدا عن التوافق قد يتسبب في نتائج عكسية في ظل حالة الانقسام التي تشهدها ليبيا".
وأشار المتحدث ذاته إلى أن "مخاوف الليبيين حاليا تدور حول موضوع إثارة النعرات العرقية والطائفية في هذا الوقت الحساس، مؤكدا أن "الأمازيغ يشكلون جزءا هاما من النسيج الاجتماعي والثقافي الليبي، ونفس الأمر بالنسبة لباقي الأقليات".
المصدر: أصوات مغاربية