كشف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، يوم أمس الثلاثاء، عن خارطة طريق جديدة تعتزم المحكمة إطلاقها لعمل فريقها في ليبيا تتضمن مرحلتين الأولى وقد يستغرق تنفيذها عدة سنوات.
وقال خان، في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي حول الوضع في ليبيا أمس الثلاثاء، إن خارطة طريق المحكمة تتضمن مرحلتين الأولى هي التحقيق، مضيفا "نعتزم إنهائها بحلول 2025، وهذه المرحلة لن تكون سهلة وتتطلب تعاونا مع السلطات في ليبيا"، مضيفا أن "المرحلة الثانية هي المرحلة القضائية، أي مرحلة التكميل".
وأوضح خان أن "المحكمة الجنائية الدولية ستتقدم بطلبات لاستصدار أوامر قبض إضافية عبر مسارات التحقيق"، مشيرا إلى أن "فريق المحكمة زار ليبيا 18 مرة وقام بجمع ما يزيد عن 800 دليل منها مواد مصوّرة وصوتية ومعلومات كأدلة جنائية".
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية #كريم_خان أمام مجلس الأمن: خبراؤنا من "الأدلة الجنائية" زاروا #ليبيا وسننفذ زيارات جديدة قريبا#الحدث pic.twitter.com/UtBuAIkeEV
— ا لـحـدث (@AlHadath) May 14, 2024
وتغطي خارطة طريق المحكمة الجنائية الدولية الفترة الممتدة بين عامي 2014 و2020، وهي الفترة التي أعقبت الانقسام السياسي وحدثت خلالها حرب طرابلس في 2019 وشهدت أحداث مقابر مدينة ترهونة (جنوب طرابلس) المروعة.
واستمراراً لعمل اللجنة، توقع خان إجراء زيارات إضافية من أعضاء الجنائية الدولية إلى طرابلس خلال الفترة المقبلة، لافتا إلى أن "فتح مكتب لها في العاصمة الليبية من شأنه أن يساعد في تنفيذ قرار مجلس الأمن 1970".
جرائم خارج نطاق القانون
وقال خان خلال إحاطته إن المحكمة "تحيط علماً بمقتل وزير الدفاع الليبي الأسبق، المهدي البرغثي وأنها بصدد تقييم مدى كفاية الأدلة لاستصدار أوامر قبض في العام المقبل"، مشيرا إلى "مواصلة التحقيقات في ما يتعلق بأعمال القتل والاختطاف خارج نطاق القانون".
ومن ضمن القضايا التي تطرق لها المسؤول العدلي الدولي مسألة الانتهاكات بحق المهاجرين، إذ وثقت المحكمة تقارير تفيد بإجبار مهاجرين على المشاركة في أعمال عدائية أثناء خضوعهم لسيطرة المليشيات، حسب قوله.
وأشار المدعى العام إلى أن المحكمة الجنائية الدولية وصلت في تقرير رقم 27 بشأن الحالة في ليبيا إلى "نقطة فارقة"، داعياً مجلس الأمن إلى المضي قدمًا نحو العدالة باعتبارها أساسية لشعب ليبيا.
ولفت خان في إحاطته إلى أنه "لا يمكن الإفصاح علانية عن تحقيقات المحكمة بشأن الحالة في ليبيا"، مطالبًا المجلس بدعم خارطة الطريق التي تعمل عليها المحكمة في ليبيا خلال الفترة المقبلة.
مخاوف وتشكيك
وتنظر بعض الأطراف السياسية الليبية في الشرق والغرب بعين الريبة والتوجس من لتحركات المحكمة الجنائية الدولية في ليبيا، وذلك رغم مواقفها العلنية الداعمة لتحقيقات المحكمة في الانتهاكات التي شهدتها البلاد طيلة العقد الماضي.
والثلاثاء أعرب مندوب ليبيا لدى مجلس الأمن الدولي، الطاهر السني، عن استغرابه من عدم تضمين إحاطة المدعي العام للمحكمة ملف المقابر الجماعية في ترهونة.
وقال السني في كلمة له عقب إحاطة المدعي العام للمحكمة حول ليبيا "لاحظنا إسقاط ملف جرائم ترهونة بشكل كامل من القضايا محل التحقيق، وناسف لعدم الكشف عن المتورطين وإصدار أوامر قبض بحقهم" .
#عاجل| مندوب ليبيا لدى #الأمم_المتحدة الطاهر السني في رده على إحاطة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشأن ليبيا:
— شبكة لام PLUS (@Laamnetwork) May 14, 2024
- لاحظنا إسقاط ملف جرائم #ترهونة بشكل كامل من القضايا محل التحقيق، وعدم الكشف عن المتورطين وإصدار أوامر قبض بحقهم
- نفهم من تقرير المحكمة أنها ستعمل لسنوات… pic.twitter.com/q9fjeZzpGd
وتساءل السني بالقول هل يجب الانتظار حتى نهاية العام القادم للحصول على نتائج واستصدار قوائم توقيف؟ وذلك في إشارة إلى المهلة التي حددها كريم خان من أجل انتهاء التحقيقات
وأضاف المندوب الليبي "نفهم من تقرير المحكمة أنها ستعمل لسنوات أخرى دون معرفة مدة نهاية ولايتها ودون الرجوع إلى موافقة ليبيا على ذلك".
وتعليقاً على تصريحات السني قال الخبير القانوني الليبي، مجدي الشيباني، إن عمل المحكمة الجنائية الدولية بما في ذلك الاستراتيجية التي أعلن عنها خان الثلاثاء، تغطي كل الانتهاكات بين عامي 2014 و2020 "ما يعني ضمناً أن أحداث ترهونة مشمولة بتلك التحقيقات حتى لو لم يشر إليها خان صراحة".
وتوقع الشيباني، في حديث لـ"أصوات مغاربية"، أن "تتجاوز تحقيقات المدعي العام المهلة المحددة بالسنة المقبلة بسبب تعقيد الوضع في ليبيا واحتمال ثبوت تورط أطراف مسيطرة على الأرض حالياً في بعض تلك الجرائم".
#ترهونة
— وادي دينـــار (@wady_dynar) November 7, 2022
كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، يصل مدينة #ترهونة، بالتنسيق مع مكتب النائب العام، الصديق الصور، للتحقيق في جرائم المقابر الجماعية بالمدينة. pic.twitter.com/CxZvFzqEd6
وشدد على ضرورة أن يجري عمل المحكمة الدولية في ليبيا بحرية "مطلقة" وبدعم من مجلس الأمن، بعيداً عن ضغوط الأطراف السياسية الداخلية التي يسعى بعضها إلى التأثير على عمل المحكمة أو توجيهها ضد الطرف المعادي له، وفق المتحدث.
يذكر أن ليبيا ليست طرفاً في "نظام روما الأساسي" الذي بموجبه تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 1998، لكن ولايتها جاءت بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1970 الصادر في 2011، والذي أحال بالإجماع الوضع في ليبيا منذ 15 فبراير 2011 إلى المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها.
المصدر: أصوات مغاربية