تتساءل العديد من الأوساط في ليبيا عن مصير "الاتفاق السياسي" الذي أبرم في القاهرة بين مجلس النواب والأعلى للدولة لإنهاء الأزمة الحالية بالنظر إلى الخلافات الجديدة التي شبت بين الطرفين، مؤخرا، بخصوص مجموعة من القضايا، من بينها مسألة تشكيل الحكومة وتسيير ميزانية الدولة.
ودعا المجلس الأعلى للدولة، في بيان أصدره الأحد، مجلس النواب إلى "عدم الاستمرار في اتخاذ خطوات منفردة من شأنها تكرار الفشل وتكريس حالة الانقسام"، مبديا تحفظه على مصادقة الهيئة التشريعية على ميزانية الدولة، الأمر يعتبر "مخالفا للاتفاق السياسي".
خلافات جديدة
وشدد المجلس على "تمسكه بالإطار العام للحل السياسي المضمن في البيان الثلاثي بالقاهرة، والذي لم يتم الاتفاق فيه على آليات تنفيذ بنوده بما في ذلك آلية تشكيل الحكومة".
والموقف الأخير لمجلس الأعلى للدولة الليبي هو رد على خطوات قام بها مجلس النواب في المدة الأخيرة بعد إعلانه فتح الترشيحات من أجل تنصيب رئيس حكومة جديدة تضطلع بمهمة تحضير الانتخابات، وأيضا بعد مصادقته على ميزانية 2024، وهو القرار الذي أثار حفيظة عدة أطراف بهذا البلد المغاربي.
وقبل نحو أسبوعين، توصل المجلسان (النواب والأعلى للدولة) إلى اتفاق سياسي احتضنه القاهرة تم خلاله رسم طريق جديد نحو الانتخابات في البلاد من خلال تشكيل حكومة كفاءات.
وكشف البيان الختامي لذلك الاجتماع أن الاتفاق تضمن "التمسك بضرورة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وفق القوانين المتوافق عليها والصادرة عن مجلس النواب مع العمل على استمرار توسعة دائرة التوافق".
فشل وحلول
ويثير الخلاف الجديد بين أحد أهم الأجسام السياسية بهذا البلد المغاربي تساؤلات كبيرة بشأن اتفاقات سابقة توصل إليها الليبيون، لكن لم تتمكن، لحد الساعة من حل الأزمة الآخذة في التعقيد، وفق ما يذكره رئيس الائتلاف الليبي الأميركي، فيصل الفيتوري في تصريح لـ"أصوات مغاربية".
وفي 2015 وقع أطراف النزاع السياسي على "اتفاق الصخيرات" الذي احتضنه المغرب، وكانت أهم أرضية يتوصل إليها الفرقاء بعد سقوط نظام القذافي، كما شارك "الخصوم الليبيون" في العديد من اللقاءات المشابهة، من بينها ملتقى الحوار السياسي الليبي ولقاء جنيف، في حين ظل المشهد العام على حاله، دون أي تغيير يذكر.
ويقول الفيتوري إن "ما يجري دليل واضح على أن الأجسام السياسية الحالية أصبحت جزءا من الأزمة التي تمر بها البلاد، ولا يمكن أن تشارك في أي حل يخرج ليبيا من أزمتها".
وأضاف "الهيئات مختلفة تبحث عن إطالة عمر الأزمة حتى تتمكن من الحفاظ على مصالحها، وهذا على حساب ما يتطبع إليها الشارع الليبي".
وتابع المتحدث "سبق للائتلاف الأميركي الليبي أن اقترح فكرة التفويض الشعبي الذي يفتح المجال أمام تدخل المحكمة الدستورية من أجل تعيين قضاة يتمتعون بالإخلاص والصدق والنزاهة توكل إليهم مهمة تنظيم الانتخابات بعيدا عن هذه الأجسام"، مؤكدا أنه "يمكن أيضا الاستعانة بخبراء تنتدبهم الأمم المتحدة يشرفون على العملية الانتخابية التي تعد الحل الأوحد في البلاد".
القديم والجديد
بالمقابل يبدي المحلل السياسي، إسماعيل السنوسي، تحفظه على "تهميش جميع المبادرات التي أنجزها الليبيون في وقت سابق من أجل التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف ويخرج البلاد من الأزمة"
ويؤكد السنوسي في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "يمكن البناء على الاتفاقات السابقة واستغلال أرضياتها لتحقيق مشروع التسوية مع بعض الشروط التي تتطلبها العملية السياسية في الوقت الحالي".
وأكد أن بين هذه الشروط "توسيع دائرة التوافق وفتح المجال أمام كل الأطراف الراغبة في المشاركة في إيجاد الحل مع الابتعاد عن بعض القرارات الأحادية والخطوات التي تتخذ بشكل منفرد".
وأفاد المتحدث بأن "الشروط المذكورة يمكنها أن تنتج مشهدا ليبيا إيجابيا يدفع مسار التسوية التي يبحث عنها الجميع".
المصدر: أصوات مغاربية