هناك تباين بشأن حجم الأموال الليبية المجمدة في الخارج والبعض يقدرها بحوالي 200 مليار دولار
هناك تباين بشأن حجم الأموال الليبية المجمدة في الخارج والبعض يقدرها بحوالي 200 مليار دولار

كشف تحقيق استقصائي نشره موقع "لوسوار" البلجيكي، الثلاثاء، عن وجود ما قال إنها "تجاوزات وخروقات عديدة تشوب عملية استرجاع الأموال الليبية المحتجزة بالخارج تقوم بها أطراف مجهولة".

وأفاد المصدر ذاته بأن "السطو الإجرامي" على الأموال الليبية بالخارج ارتفع من ارتفع من 17.4 إلى 2.8 مليار دولار أميركي خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا أن "المحققين اطلعوا على آلاف الصفحات والوثائق تشير بعضها إلى تسيير غير قانوني ومخالف لقواعد الأمم المتحدة لموضوع الأصول الليبية المجمدة في الخارج منذ 2011".

قضية جديدة

وسلط موقع "لوسوار" الضوء على قضية جديدة تتعلق باسترجاع 2.3 مليار دولار تمثل قيمة فوائد الأموال الليبية المودعة لدى البنوك البلجيكية، مؤكدا أن "ما قيمته 800 مليون دولار من هذا المبلغ سلمت لأطراف مجهولة".

وحسب التحقيق الاستقصائي، فإن قيمة الأصول الليبية المجمدة، الموجودة في بلجيكا، تبلغ نحو 14 مليار دولار، في حين تبلغ القيمة الإجمالية للأموال المحتجزة بالخارج 150 مليار دولار، إضافة إلى  144 طنا من الذهب، وفق ما أكده تقرير سابق لوكالة رويترز.

وتواجه السلطات الليبية صعوبات في إقناع بعض الدول والهيئات العالمية من أجل استرجاع هذه الأموال، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر هذا البلد المغاربي في الآونة الأخيرة.

ومؤخرا، دعا مكتب استرداد أموال الدولة الليبية وإدارة الأصول المستردة "لارمو" إلى "ضرورة تخفيف العقوبات المطبقة على ليبيا منذ 2011 لتحقيق هذا المبتغى".

وعبر مدير هذه الهيئة، محمد رمضان المنسلي، عن "تفهمه لضرورة فرض العقوبات وتجميد الأصول في حالات معينة، ولكنه سلط الضوء أيضاً على المخاطر والأضرار التي تشكلها مثل هذه الإجراءات على عامة السكان في ليبيا".

وأكد المتحدث أن الأموال الليبية المجمدة في الخارج تكبدت خسارات سنوية تزيد عن مليار دولار، وهو ما من شأنه أن "يؤثر على قدرة المؤسسات الرسمية على تلبية الاحتياجات الإنسانية والاجتماعية الأساسية".

تأثير الوضع السياسي

لكن أستاذ القانون والباحث السياسي، رمضان التويجر يستبعد فكرة نجاح السلطات الليبية في استرجاع أموال المحتجزة في الخارج، على الأقل في الظرف الراهن.

وقال التويجر في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إن "ليبيا تعاني كثيرا من الانقسامات السياسية التي أثرت على مفاصل الدولة وحجمت من دورها على مستويات عدة، وبالتأكيد قد يكون موضوع الأموال المنهوبة واحدا من هذه الملفات المتضررة من الوضع".

وأضاف "الانشطار الموجود في الساحة المحلية تنتج عنه معالجة خاطئة لموضوع استرجاع الأموال المحتجزة في الخارج".

وتعيش ليبيا على ضوء أزمة سياسية وأمنية منذ 2011 وسط تعثر ملحوظ لمشروع التسوية السياسية الذي دعت إليه عديد الأطراف في الداخل والخارج.

وشكك الناشط السياسي، صلاح البكوش، في دقة المعلومات التي تضمنها التحقيق الاستقصائي لموقع "لوسوار" البلجيكي، مشيرا إلى أن "هذا البلد الأوروبي وهيئات أخرى يعتبر أحد أكبر المستفيدين من الأموال والأصول الليبية المجمدة في الخارج".

وأضاف المتحدث في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "العيب ليس في هذه البلدان، بل في السلطات الليبية التي عجزت، منذ 12 سنة خلت، عن تسوية هذا الملف الشائك.

وأردف البكوش "السلطات الليبية لجأت إلى طرق وأساليب خاطئة في معالجتها للملف وهي الآن تتحمل تبعات ذلك".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

علما فرنسا والجزائر
الرايتان الجزائرية والفرنسية

التمس وزير الصناعة الجزائري السابق، عبد السلام بوشوارب، من محكمة بفرنسا، حيث يقيم، رفض طلبات تسليمه للجزائر التي أدانه قضاؤها غيابيا بـ 100 سنة سجناً، بتهم فساد، وفق ما أوردته وسائل إعلام فرنسية، الخميس.

واعتبر دفاع الوزير الجزائري السابق (2015-2017)، أن ما يتعرض له موكله "ملاحقات سياسية في سياق تصفية عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة"، الذي حكم البلاد من 1999 إلى 2019"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية.

ويفصل القضاء الفرنسي في طلب الوزير عبد السلام بوشوارب (72 سنة)، يوم التاسع أكتوبر القادم، فيما أودع المتهم التماس عدم تسليمه للسلطات الجزائرية، الأربعاء الماضي.

ووفق المصدر نفسه فإن المحكمة الفرنسية "تلقت 8 طلبات تسليم، 3 منها لممارسة الملاحقات، و5 لتنفيذ أحكام قضائية بالسجن لمدة 20 عاماً، مع فرض غرامات مالية بملايين الدينارات الجزائرية، ومصادرة ممتلكاته بسبب تهم الفساد والمحسوبية، وتعارض المصالح، وغيرها من انتهاكات المال العام".

وكان القضاء الفرنسي وضع الوزير السابق تحت الرقابة القضائية منذ الخامس أكتوبر 2023، بمنطقة الألب البحرية بفرنسا، التي يقيم بها بشكل قانوني، فيما أصدرت الجزائر عدة أحكام بالسجن  بلغت 100 سنة سجنا نافذا بعد إدانته بتهم "تبيض وتحويل أموال ناتجة عن عائدات إجرامية للخارج، الرشوة واستغلال النفوذ".

ويثير طلب تسلم أحد وجوه نظام بوتفليقة تساؤلات بشأن تعاطي الحكومة الفرنسية مع الملف الذي يأتي في وقت سحبت فيه الجزائر سفيرها، نهاية يوليو الماضي، من باريس بأثر فوري، بدعوى إقدام الحكومة الفرنسية على "الاعتراف بالمخطط المغربي للحكم الذاتي، كأساس وحيد لحل نزاع الصحراء الغربية".

قضية قانونية بنكهة سياسية

وتعليقا على هذا النقاش، ومن باريس يرى الحقوقي، يوسف بن كعبة، أن الاتصالات الأخيرة التي أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من خلال مستشارته، مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، "تدخل في سياق وضع ترتيبات لمثل هذه الملفات المشتركة، وفي مقدمتها تسليم المطلوبين المتواجدين بفرنسا للقضاء الجزائري، ضمن تفاهمات قد تتجاوز حالة الجمود التي تميز العلاقات بين البلدين".

ويتابع بن كعبة قائلا: إن "هناك أرضية قوية بين الجزائر وفرنسا للتعامل مع أي ملف قضائي، بحكم العلاقات العميقة والطويلة التي لم تستثن أي جانب في الاتفاقيات القضائية".

ويتوقع الحقوقي بن كعبة في تصريحه لـ "أصوات مغاربية" أن تعالج السلطات القضائية بفرنسا ملف بوشوارب "ضمن الأطر القانونية المعمول بها كأي قضية أخرى، لكن بنكهة سياسية".

وسبق لعدة شخصيات مرموقة الفرار نحو الخارج، أثناء حملة مكافحة الفساد التي طالت العديد من رموز النظام السابق، عقب حراك فبراير 2019، أبرزهم قائد الدرك الوطني السابق، الجنرال غالي بلقصير، إلا أن السلطات الجزائرية تسلمت، بموجب مذكرة دولية، المدير السابق لشركة سوناطراك للمحروقات، عبد المؤمن ولد قدور، في أغسطس 2021، من السلطات الإمارتية.

امتحان لباريس

ويعتقد المحلل السياسي، عبد الرحمان بن شريط، أن التماس الجزائر تسليمها أحد أهم المطلوبين لديها، هو "امتحان لباريس، الغرض منه إحراج السلطات الفرنسية ووضعها أمام الأمر الواقع بشأن حقيقة ونوايا تعاونها مع الجزائر".

ويعتبر بن شريط في حديثه لـ"أصوات مغاربية" أن الظرف الحالي مواتي ويخدم الجانب الجزائري المتمسك بفتور علاقاته مع فرنسا على خلفية موقفها غير المرحب به بشأن النزاع في الصحراء الغربية".

ويضيف المتحدث أن أي عرقلة لمسار استعادة الأموال المنهوبة من فرنسا "سيكون بمثابة تعدي على إرادة الجزائريين، وإعلان قطيعة رسمية في مجال التعاون الدولي بين البلدين"، مشددا على أنه "من مصلحة باريس التعاون إيجابيا مع الجزائر في هذا الملفات، بتقديم مصلحة الدول على الأفراد".

المصدر: أصوات مغاربية