قال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان (مؤسسة رسمية) في موريتانيا أحمد سالم ولد بوحبيني، إن بلاده شهدت تحسنا في معالجة ملف العبودية خلال السنوات الأخيرة، لأنها ركزت بجميع مكوناتها على هذا الموضوع، وانتقلت من وضعية "الإنكار" إلى التعاطي الإيحابي.
وتوقع المسؤول الموريتاني في مقابلة خاصة مع "أصوات مغاربية"، على هامش زيارته إلى الولايات المتحدة، أن يتقدم تصنيف بلاده في التقرير الأميركي للاتجار بالبشر الذي سيصدر الشهر القادم.
نص المقابلة:
س: كيف تصفون الوضع الحالي لحقوق الإنسان بموريتانيا؟
لوضع الإنساني في موريتانيا مازالت تعترضه الكثير من العوائق، لكننا نسجل بارتياح أن هناك تطورا إيجابيا فيما يتعلق بالتعاطي مع الشأن الحقوقي في البلاد، حيث كان هناك تنافر في الماضي بين الجهات الرسمية والعاملين في المجال الحقوقي أو منظمات المجتمع المدني.
وتمكنا في السنوات الأخيرة من تجاوز العقلية التي كانت سائدة في السابق وهي "نظرة الحكومة لنشطاء ومنظمات حقوق الانسان كأعداء" كما هو "سائد" في البلدان العربية، وتحولنا نحو تشارك في المهمات وتكامل يهدف لتسليط الضوء على مكامن الخلل لإصلاحها.
ورغم أن الحكومة تعمل حاليا يدا في يد مع المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان فإن التحديات ما زالت واقعا يجب التغلب عليه والمشاكل حقيقية بطبيعة الحال.
ماذا تغير في واقع حقوق الإنسان بموريتانيا منذ توليكم رئاسة اللجنة قبل 4 سنوات؟
ما تغير فعلا هو طريقة التعامل الرسمي مع الشأن الحقوقي الذي كان يشكل موضوع صراعات في البلاد، وفي الوقت الحالي أصبح مسألة تفاهم وعمل مشترك ومثالا على ذلك يمكن أن نسوق الحملات التوعوية المشتركة مع الجهات الرسمية.
وأصبحنا في الوقت الحالي نقوم بعمل يومي مشترك عبر عمليات التحسيس والتكوين والتأطير لعناصر الأمن وأعوان القضاء وغيرها من الأمور المتعلقة بحقوق الإنسان وأتمنى أن يكون هذا نهج جميع المؤسسات العاملة بالمجال في العالم.
ولاحظنا أيضا تغيرا في مستوى التعاطي مع التقارير والتوصيات التي تصدر منا، إذ باتت تعامل بقدر كبير من التقبل، وينعكس ذلك جليا في عدم التدخل في عملنا ولا في البيانات التي نصدر.
وهذه العقلية الحالية، مكنتنا من القيام بدورنا الحقيقي كمؤسسة حقوق إنسان وهو أن نكون مستشارا للحكومة تستمع لآرائنا وتوصياتنا وتتعامل معها إيجابيا، كما لم تمنعنا تلك العلاقة مع السلطات من ممارسة دورنا الحقيقي في متابعة جميع التجاوزات والوقوف مع أصحابها.
هل ما زالت العبودية ومخلفاتها هي التحدي الأبرز الذي يطبع حقوق الانسان بموريتانيا؟
هناك تحسن في ملف العبودية في السنوات الأخيرة، لأن موريتانيا ركزت بجميع مكوناتها على هذا الملف، وانتقلت من وضعية الإنكار إلى التعاطي الإيجابي مع هذه المشكلة.
وفي ظل وجود ترسانة قانونية مكتملة تجرم هذه الممارسات وتعاقب أصحابها وتعالج مخلفاتها، بات الأمر رهنا بتعبئة الجهود حول هذه الظاهرة وتحسيس الجميع وحثهم على التطبيق الصارم للقوانين، وأرى أن هذا ما حصل.
ولا أحسب الفضل في هذا التحسن للجنة الوطنية لحقوق الإنسان فقط، بل لتضافر جهود جميع مؤسسات الدولة القضائية والتنفيذية والأمنية والشعب الموريتاني الرافض من الأساس لهذه الممارسات ما مكن من الوصول إلى المرحلة الحالية ونأمل أن تختفي "العبودية" في المستقبل القريب.
القانون الأميركي يحتم إعادة تقييم وضعية موريتانيا حاليا، بعد 3 سنوات في المرحلة الثانية تحت المراقبة هل ترى من خلال جولتك هذه أن البلاد ستتقدم على تلك الخطوة؟
أتمنى أن يكون كذلك ولدي مؤشرات إيجابية من خلال لقاءاتي في هذه الزيارة بمسؤولين كبار في الإدارة الأميركية في البيت الأبيض وبوزارة الخارجية كما كانت لنا لقاءات أخرى مهمة مع مؤسسات أخرى معنية بحقوق الإنسان ولمسنا إنصاتا واهتماما كبيرين.
فالولايات المتحدة لها تركيز كبير على ميدان حقوق الإنسان ويحكم تعاطيها -بحكم القانون الأميركي- مع الدول، وأعتقد أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التي تم إنشاؤها بقرار من الأمم المتحدة ولها وضعية حلقة الوصل بين المجتمع المدني والحكومة من جهة وبين المجتمع الدولي الحكومي من جهة أخرى تملك أكثر من غيرها القدرة على إعطاء الصورة الحقيقية.
ويعود ذلك إلى أن الحكومات عادة تبالغ في إنجازاتها في حين أن المنظمات غير الحكومية تبالغ أحيانا في رسم صورة مغايرة عما يجري في أرض الواقع، ولهذه الأسباب تجد الإدارة الأميركية في اللجان الوطنية لحقوق الإنسان شريكا تثق به وتأخذ منه.
وتقبع موريتانيا منذ ٣ سنوات في المرتبة الثانية تحت المراقبة في تقرير الاتجار بالبشر الأميركي، ويمنع القانون الأميركي أن تستمر دولة فيها لأكثر من ٣ سنوات.
وسيفتح صعود البلاد إلى المستوى الثاني دون المراقبة الباب أمام جميع التبادلات التجارية مع الولايات المتحدة ويمنحها فرصة الولوج للبرامج الأميركية التفضيلية لشركائها في الخارج.
قبل أيام احتفلنا باليوم العالمي للصحافة (3 ماي) وموريتانيا تقدمت على مؤشر حرية الإعلام الدولي، هل وضعية حرية الصحافة مرضية لكم؟
شهدت حرية الصحافة في موريتانيا تحسنا لافتا في الأعوام الأخيرة، رغم وجود مطالبات بعض الجهات الحكومية بقوانين صارمة تحد من الجانب المفرط لحرية الصحافة، وهي مطالب لا نتبناها.
ونرى أنه ما زالت هناك نواقص تتجسد أحيانا في مضايقات على مستوى العمل الصحفي، كما يوجد بموريتانيا نوع من حجب المعلومات عن الصحفيين وإلزامهم ببعض الأمور التي لا تليق بدولة تحترم حرية الإعلام.
ورغم كل ذلك، نعتز بالتقدم المحرز في هذا الإطار وبمكانة بلادنا العربية في حرية الصحافة، وسنستمر في جهودنا لدعم حرية المؤسسات الإعلامية واستقبال شكايات الممارسين لهذه المهنة.
المصدر: أصوات مغاربية