الميليشيات في ليبيا
ميليشيات - صورة تعبيرية

يتحدث الأمين العام للهلال الأحمر الليبي، مرعي عبد الحميد الدرسي، عن الوضع الذي تنشط فيه المنظمة في سياق توتر أمني وتلقي تهديدات من طرف مسلحين.

ويقول في تصريحات لـ"أصوات مغاربية" إنه "نجا من محاولة اغتيال الأسبوع الماضي من طرف أشخاص كانوا يتربصون به"، مؤكدا أنه أودع عدة شكاوى لدى هيئات رسمية مختلفة، كما يطالب بـ "فتح تحقيق قضائي ضد الجناة الذين يستهدفونه".

نص الحوار:

  • صنعت  جدلا إعلاميا كبيرا في ليبيا بعدما أعلنت تعرضك لمحالة اغتيال، ما الذي حدث ومن هي الجهة التي تتهمها بالضلوع في ذلك؟

نعم ما تقوله صحيح، فقد طرحت قضيتي على الرأي العام بعدما تعرضت للعديد من الضغوطات من طرف أحد المسؤولين في كتبية طارق بن زياد في مدينة بنغازي.

هذا الشخص يحاول منذ مدة التدخل في إدارة شؤون الهلال الأحمر الليبي، وسعى مؤخرا لتغيير العديد من القرارات التي اتخذتها الأمانة.

أعاني من هذا الوضع منذ شهر رمضان الماضي، ولقد اتصلت بالعديد من الهيئات والمسؤولين الأمنيين للتدخل ورفع الظلم المسلط ضدي.

بعدما عجز عن تحقيق أهدافه، أرسل إلي عن طريق أحد الوسطاء رسالة مفادها بأنهم يعرفون مكان تواجدي. لقد كان تهديدا مبطنا في تسجيل صوتي.

بعد تلك الخطوة، تعرضت لمحاولة اغتيال حقيقية يوم الأربعاء الماضي، حيث بعد خروجي من أحد المنتجعات التي أقيم بها، صادفت سيارة بيضاء زجاجها معتم وكانت تظهر بنادق عبر نوافذها. حينها أدركت أنها عملية مدبرة تستهدف شخصي، فهمت بالهروب عبر مركبتي وتمكنت من التخلص بصعوبة كبيرة من هذا الكمين. ولقد كان برفقتي شاهدين اثنين بإمكانهما إثبات صحة كل المعلومات والتفاصيل التي أعرضها عبر منصتكم للرأي العام.

يوم الخميس الماضي، كان من المفروض أن يلتقي أعضاء الجمعية العامة اجتماع تنظيمي بمدينة مصراتة، لكن وصلتنا معلومات تؤكد أن هناك مخططا أعدها ماهر الزوي مدعوما قوات أخرى من أجل اعتقالي وتسليمي إلى كتبية طارق بن زياد، فقررنا توقيف الاجتماع والهروب من المكان.

  • هل هناك صراع شخصي وبين هذا المسؤول الذي ذكرته؟ وما طبيعة الخلاف بين الهلال الأحمر وكتيبة طارق بن زياد؟

طبعا لا أستطيع الحديث عن جميع تفاصيل الملف ومعطيات هذا الصراع إلى الرأي العام على اعتبار أن جزءا منها يخص سرية التحقيق القضائي الجاري بخصوص الموضوع.

ما يمكن الإشارة إليه هو أن هذا الشخص يريد التحكم في جميع المؤسسات الرسمية التي تنشط في مدينة بنغازي، ويسعى إلى فرض مسؤولين معينين موالين له في بعض المناصب. 

وكما يعلم الجميع نحن مؤسسة تضامنية نعمل في السلم والحرب، ونرفض أن نكون جزءا من التجاذبات السياسية التي تعرفها ليبيا حتى نكون محايدين، وهو الأمر الذي يرفضه ماهر الزوي.

تخيل أنه قام بغلق مكاتب مجموعة من الفروع التابعة للهلال الأحمر الليبي على خلفية عدم إعجابه بالمسؤول الذي تم تعيينه على رأس ذلك الفرع.

أنا صراحة جد قلق عن مستقبل إطارات الهلال الأحمر الليبي لأنهم يواجهون ضغطا كبيرا في الوقت الحالي.

  • وهل تقدمتم بشكوى رسمية للقضاء الليبي من أجل فتح تحقيقات في الاتهامات التي توجهونها؟

بصفتي المسؤول الأول عن الهلال الأحمر الليبي، قدمت ثلاث شكاوى رسمية، واحدة إلى النائب العام الليبي، والثانية إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بالإضافة إلى شكوى ثالثة قدمتها إلى القائد العام للقوات المسلحة، المشير خليفة حفتر.

وللأمانة، لمسنا تحركا فوريا من طرف النائب العام وكذا رئيس مجلس النواب، حيث اتخذوا جملة من الإجراءات لحماية الهلال الاحمر وأعضائه، لكن للأسف الجهة المسلحة التي تريد اغتيالي لا تأبه بهذه القوانين واللوائح الصادرة عن الجهات الإدارية.

  • وكيف هو وضعك الآن؟ وهل صحيح أنك غادرت ليبيا؟

وضعي في الحقيقة لا يُحسد عليه، وتخيل أن الشخص المتهم أصدر أمس قرارا باعتقال عمي بعدما ناشد القيادة العامة للتدخل وحمايتي.

حتى لا أخفي عليكم، لقد غادرت ليبيا في الساعات الماضية بعد مساعدة قدمها  لي أناس خيرين، لكن ما زلت قلقا على أفراد عائلتي ومسكني.

أطالب من النائب العام باتخاذ جميع الإجراءات القانونية من أجل حماية أفراد عائلتي في ليبيا.

 

المصدر: أصوات مغاربية

 

مواضيع ذات صلة

حوار

الفركي: الفساد استفحل والتبليغ عنه يخيف المقاولات المغربية

09 أكتوبر 2024

كشف التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن ربع المقاولات المغربية أقرت بتعرضها لأحد أشكال الفساد خلال الـ12 شهرا الماضية، وذلك في وقت سجلت فيه البلاد إفلاس 14 ألف مقاولة عام 2023.

ولفتت المؤسسة الرسمية خلال تقديمها تقريرها السنوي لعام 2024، الثلاثاء، إلى أن الفساد يكلف المغرب 5 مليارات دولار سنويا ويعيق نمو المقاولات على أكثر من صعيد.

وجاء في التقرير أن المقاولات المغربية تتعرض لأشكال مختلفة من الفساد خاصة عند طلبها التراخيص والصفقات العمومية أو عند طلب الاستفادة من خدمة للمقاولة الحق فيها.

في السياق نفسه، أكدت 26 في المائة من المقاولات، خاصة المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، أنها فقدت صفقة "بشكل من أشكال الفساد"، ما دفع نحو نصفها إلى القول إن الإجراءات التي سنتها الدولة لمكافحة هذه الظاهرة غير كافية.

في هذا الحوار، يعلق عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة على تقرير الهيئة الرسمية وعن الأسباب ونسب انتشار الفساد في القطاع.

نص المقابلة:

  • ما تعليقكم على ما جاء في التقرير وما تفسيركم للأسباب التي دفعت 45  في المائة من المقاولات التي شملتها الدراسة إلى القول إن الفساد زاد خلال العامين الماضيين؟  

بالفعل، زاد الفساد في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد جائحة كورونا، من خلال تقييد عدة ممارسات كانت في الماضي مرتبطة بالحرية الفردية والاقتصادية. على الرغم من انتهاء الجائحة، إلا أن آثارها لا تزال واضحة، مثل الحواجز الأمنية في المداخل والمخارج والطرقات.

لم يتضمن التقرير وضع ومعاناة المقاولات الصغيرة جدا بشكل كاف، حيث تواجه صعوبات في التنقل أيضا بسبب القيود الأمنية والتعسفية في بعض الحواجز الأمنية عبر مداخل ومخارج المدن، من ناحية أخرى، يتم التعاطي بمرونة وترحاب مع الشركات الكبيرة والمسؤولين والأعيان.

عبد الله الفركي، رئيس الكنفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة

نلاحظ أيضا تنامي الرشوة في الصفقات العمومية وطلبات الأداء وخصوصا أن احتكار المقاولات الكبرى للصفقات أدى في بعض الحالات إلى التحايل على القانون واستعمال الرشوة والنفود واستغلال الفساد.  

ظاهرة الرشوة لم تعد خفية، حيث يفرض على المقاولات الصغيرة دفع مبالغ مالية مقابل خدمات يجب أن تكون مجانية. انعدام المحاسبة وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة دفع العديد من الموظفين الصغار إلى ممارسة الفساد وطلب الرشاوى بشكل مستمر.

يجب على الجهات الأمنية رفع الحواجز وتكثيف حملات المراقبة لضبط المخالفين، بدلاً من التركيز على مستخدمي الطرق. إن الاستماع إلى المقاولات الصغيرة جدا والتي تمثل أكتر من 66% من مجموع المقاولات بالمغرب، أثناء دراسة الوضع يمكن أن يفضي إلى نتائج أكثر دقة ويعزز الشفافية ومكافحة الفساد والرشوة.

  • في ظل تعرض 23% من المقاولات لشكل من أشكال الفساد خلال العام الماضي، كيف يؤثر ذلك على قدرة المقاولات المغربية على الحصول على التراخيص الضرورية والتمويل البنكي والفرص التجارية، خاصة في ظل تزايد المقاولات التي تعلن إفلاسها كل عام؟

يمكن القول إن أكثر من 50% من إجمالي المقاولات تتعرض لمشاكل الفساد واستغلال النفوذ والضغط من أجل طلب الرشاوى لإنجاز عمل كان يفترض أن يكون مجانيا وبدون قيود أو شروط. إلا أن الوضع الاقتصادي الحالي ونقص التفتيش والمحاسبة دفع العديد من الإدارات إلى فرض الرشاوى لتنفيذ أعمال ينبغي أن تنجز بسهولة. 

كل هذا بدون تصريح رسمي أو قانوني، بل تحت تهديد بفقدان الفرصة وعدم التقدم، أو "الفاهم يفهم"، وغيرها من المصطلحات الشعبية المستخدمة في مثل هذه الحالات لطلب الرشاوى.

هذه الثقافة دفعت العديد من المقاولين إلى استخدام الأموال والرشاوى للحصول على طلبات قانونية وغير قانونية وتجاوز الإجراءات المعتادة قانونيًا وبفعل هذه الممارسات، تشكلت لدى بعض المقاولين ثقافة شراء بعض المسؤولين بشكل مالي للحفاظ على أنشطتهم المشبوهة أو التي لا تلبي الشروط القانونية، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى التهرب الضريبي.

  • في المقابل، صرحت 6% فقط من المقاولات التي تعرضت لحالة فساد، وفق الدراسة، أنها قدمت شكاية للسلطات، ما الأسباب في نظركم التي لا تشجع أرباب المقاولات المغربية على التبليغ؟

أعتقد أن ذلك طبيعي لأن المقاول بطبعه يخاف من تبعات ذلك، حيث يضطر بعض الموظفين إلى إطلاق الإشاعات لمحاصرة المقاول ومحاربته، وحدث أن قرر بعضهم تغيير مدنهم بسبب ذلك.

من أمثلة ذلك، يتم إشعارنا من بعض المقاولين الذين تعرضوا للابتزاز أو طلب رشوة من بعض الجهات الأمنية والعمومية شفهيا، حيث يخشون إبلاغنا كتابيا خوفا من التبعات التي أشرت إليها.

من جانبنا، نشير في بيانات الكونفدرالية إلى هذه الممارسات وسبق أن أخطرنا الحكومة وطالبنا منها تشديد المراقبة ومحاسبة المتورطين في هذه الممارسات.

  • في السياق نفسه، أشارت الدراسة أيضا إلى ضعف المعرفة لدى مسؤولي المقاولات بالجهات التي يمكنهم اللجوء إليها للتبليغ عن الفساد، ما هي التدابير التي يمكن للكونفدرالية اتخاذها لزيادة الوعي ودعم المقاولات في مواجهة تحديات الفساد؟

فعلا، المقاولون، خصوصا أرباب المقاولات الصغيرة جدا، يجهل بعضهم بعض المساطر والمؤسسات التي يمكنهم اللجوء إليها في حالة تعرضهم للابتزاز، لكن هذا تراجع مؤخرا بفضل المعلومة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي واستطاع بعضهم تدارك هذا النقص.

غير أن الشكايات التي يرفعها هؤلاء لا تؤخذ أحيانا بعين الاعتبار، كما أن بعضهم ومن كثرة مراسلة هذه الجهات دون تلقي أي رد دفع بعضهم إلى فقدان الثقة في هذه المؤسسات.

لذلك نحاول في الكونفدرالية أن نعالج هذه الظواهر ونشير في بياناتنا الرسمية إلى هذا الفساد وإلى كل العوائق التي تعيق مناخ الأعمال بالمغرب.

ومن أمثلة ذلك وقوفنا إلى جانب المتضررين من رفض شركة "البناؤون الشباب"، المملوكة لرئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تسديد مستحقاتهم، كما نساند نحو 50 مقاولة صغيرة وصغيرة جدا من مختلف جهات المغرب في نزاعها مع مصلحة الجمارك التي فرضت عليها أداء فواتير مجحفة.

  • يعتقد حوالي 60% من أرباب المقاولات التي شملتها الدراسة أن التدابير الحكومية لمكافحة الفساد غير كافية، ما المقترحات التي ترون أنها ضرورية حتى يستطيع المغرب القضاء على الفساد وتحسين مناخ الأعمال؟

أعتقد أن النسبة قد تصل إلى 80 في المائة، وذلك أن الكثير من أرباب المقاولات الصغيرة والمتوسطة لا يرون أي تحسن في محاربة الفساد واستغلال النفوذ، بل على العكس نرى أن الظاهرة في تزايد.

للأسف الشديد لم يتحقق بعد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ولن يتحقق ما لم يتم محاسبة المسؤولين الحكوميين أو العموميين على خروقاتهم.

الرشوة أصبحت ظاهرة عادية وباتت تطلب علانية وجهرا، وهذا سلوك أعتقد أنه يستدعي المزيد من الجهود الجادة لمحاربته، لأن الخطابات لم تأت أكلها ولا بد من إجراءات ومساطر تربط المسؤولية بالمحاسبة وترسيخ الشفافية والحكامة في جميع المؤسسات بما فيها الحكومة نفسها.

فبينما تستفيد المقاولات الكبرى من الصفقات ومن الامتيازات يجري إقصاء المقاولات الصغيرة جدا التي تعاني الحرمان من الصفقات ومن حقها في الخدمات العقارية على الرغم من أن هذه المقاولات تشغل لوحدها أكثر من 75 في المائة من اليد العاملة بالمغرب.

المصدر: أصوات مغاربية