بليندا فال
بليندا فال

تستعد سيدة الأعمال الموريتانية والخبيرة في شؤون القارة الأفريقية، بليندا فال، لإعلان ترشحها رسميا لخوض غمار الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها عام 2024، وبذلك قد تصير رابع سيدة موريتانية تدخل السباق الرئاسي.

وتضع فال آخر اللمسات على برنامجها الانتخابي استعدادا لاعلان ترشحها رسميا للانتخابات مطلع شهر أكتوبر القادم، مؤكدة أنه "على ثقة في انتخابها أول امرأة رئيسة في موريتانيا".

وولدت بليندا فال بالجزائر العاصمة عام 1981، وعاشت طفولتها بموريتانيا إلى أن نالت شهادة الباكالوريا بنواكشوط عام 1998، ثم انتقلت لمتابعة دراستها الجامعية بكل من سويسرا والولايات المتحدة.

وفي عمر الـ23 من عمرها، أسست بليندا شركة متخصصة في التدريب العسكري امتد نشاطها ليشمل عددا من دول أفريقيا جنوب الصحراء، كما عملت في الوقت نفسه مستشارة لمسؤولين موريتانيين ثم لعدد من الرؤساء الأفارقة، بينهم العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.

تقول إنها "صنيعة نفسها ومستقلة عن أي تيار سياسي"، وترى في ترشيحها للرئاسيات "خطوة مهمة لتشجيع مواطناتها على بلوغ مراكز صنع القرار".

في هذا الحوار، تتحدث فال عن برنامجها الانتخابي وعن تقييمها لواقع تمكين النساء في موريتانيا من ولوج مواقع القرار.

نص المقابلة:

  •  ما الدوافع التيي شجعتك على إعلان الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في موريتانيا؟

أحب بلدي ووطني الغالي موريتانيا، وقد حان الأوان لأبنائها أن يساهموا في خدمة بلدهم الغالي. أرى أن موريتانيا بموقعها الإستراتيجي وبعمقها المغاربي والإفريقي وبثرواتها الهائلة، تستحق أن تحتل مكانتها الحقيقية بين الدول، وهذا لن يتحقق إلا بإعطاء مكانة لائقة لأبنائها، لأن أي وطن لا يبني إلا ببنيه.

  • ما دلالات ترشحك كأول امرأة موريتانيا في تاريخ البلاد لانتخابات الرئاسة علما أنه سبق لثلاث نساء موريتانيات أن خضن التجربة في وقت سابق؟

المرأة الموريتانية قدمت الكثير لهذا الوطن وساهمت في تربية أجيال من الرجال، ولكنها لم تحض بمناصب عليا من أجل خدمة وطنها، ونحن في القرن الواحد والعشرين، لأجل ذلك أقدم نفسي ليس كامرأة وحسب، بل كمترشحة لأعلى منصب في الدولة لأجل تقديم المزيد والتأكيد على أن المرأة الموريتانية قادرة على رفع التحدي وتقديم الأفضل.

  • في رأيك، ما مدى قبول الشارع الموريتاني لفكرة قيادة امرأة للبلاد؟

إنه تحد صعب أن أكون مرشحة لمنصب رئيسة للجمهورية الإسلامية الموريتانية، على الرغم من أن المرأة الموريتانية تحظى بمكانة عالية خاصة في الميدان الاجتماعي، وربما المرأة الوحيدة في الوطن العربي التي تحظى بهذه المكانة، لكن أن تكون مرشحة لرئاسة الدولة فهذا يعتبر في حد ذاته خطوة وبادرة كبيرة لها أبعادها المستقبلية.

إنه تحد صعب أن أكون مرشحة لمنصب رئيسة للجمهورية الإسلامية الموريتانية

أطمح بهذا الترشح أيضا أن أساهم في تغيير نظرة الشارع الموريتاني اتجاه المرأة الطامحة لبلوغ المناصب القيادية، هي تجربة وأكيد ستترك أثرا طيبا في نفوس الموريتانيين. 

  • ركز برنامجك الانتخابي على دعم النساء والشباب وتوفير فرص الشغل، هل من نقاط أخرى سترتكز عليها حملتك الانتخابية؟

إن معيار تقدم دولتنا هو تفعيل أدائنا التنموي الاجتماعي، وعلى الدولة أن تولي كل الاهتمام لهذه التنمية المجتمعية، ولقد أعددت برنامجا طموحا يراعي الإصلاحات المتكاملة في كل القطاعات خاصة بعد زيارتي لكل ولايات الوطن ووقوفي على أسباب ومعوقات البناء التنموي، ووصلت إلى عدة حلول وإصلاحات تمس جميع قطاعات المجتمع.

  •  تشتكي المنظمات الحقوقية النسوية في موريتانيا من وجود عراقيل تحول دون وصول المرأة الموريتانية إلى مراكز القرار، في حال فوزت في الانتخابات المقبلة، ما أبرز الإجراءات التي ترينها ضرورية للقضاء على تلك العراقيل؟

هناك حاجة ماسة إلى مشاركة الجميع في هذه العمليات الإصلاحية الضرورية وهذا الأمر لن يتأتى إلا بتفعيل آليات التواصل بين الجميع، وكذا ضبط القوانين الناظمة للدعم الاجتماعي والقانوني والمدني.

  • في السياق نفسه، لو فزت بالرئاسة، ما هي أهم الملفات التي ستولين لها الأهمية في علاقة موريتانيا بباقي الدول المغاربية؟

أهمها في نظري تنشيط التبادل التجاري وتأطيره، وربط جسور التعاملات الاقتصادية بين دول المغرب العربي الخمس، من خلال تفعيل روابط الإخاء وتسهيل نقل الخبرات وتنقل البضائع والسلع وخلق مناطق تبادل حر بين الدول المغاربية.

  • تتطلب حملة الانتخابات الرئاسية إمكانات مادية لتمويلها، كيف تخططين لتمويل حملتك الانتخابية؟

أنا مرشحة حرة، ليس لي أي انتماء حزبي، وقاعدتي وخلفيتي الوحيدة هي أبناء وبنات الشعب الموريتاني، لذلك تمويل حملتي الانتخابية سيكون من مالي الخاص.

هناك حاجة ماسة إلى مشاركة الجميع في هذه العمليات الإصلاحية الضرورية

  • نجحت المرأة المغاربية على مدار العقود الماضية في تحقيق نجاحات استثنائية في منطقة الشرق وشمال أفريقيا، مع ذلك، ظل حضورها في الانتخابات الرئاسية محتشما، ما السبب في نظرك؟ وما رسالتك للمغاربيات؟

إن هذا الواقع الاجتماعي ليس في وطني فقط بل في أغلب دولنا العربية بل وفي كثير من دول العالم حيث لا يزال الرجل لا يقبل أن تكون زوجته مرشحة للانتخابات الرئاسية، ولا يتصور أن يكون زوجا لامرأة رئيسة، لكننا لا نتجاهل نساء عظيمات صنعن مجد بلدانهن وأوطانهن، وكن مفخرة، وبقين عبرة لنا، لأجل ذلك اخترت هذا الطريق للتأكيد أن المرأة الموريتانية قادرة على تقديم الكثير لهذا الوطن، وأن تكوينها يجعلها لا تتجاهل الجزئيات التي قد تتسبب في انزلاقات كبرى.

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

حوار

الفركي: الفساد استفحل والتبليغ عنه يخيف المقاولات المغربية

09 أكتوبر 2024

كشف التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن ربع المقاولات المغربية أقرت بتعرضها لأحد أشكال الفساد خلال الـ12 شهرا الماضية، وذلك في وقت سجلت فيه البلاد إفلاس 14 ألف مقاولة عام 2023.

ولفتت المؤسسة الرسمية خلال تقديمها تقريرها السنوي لعام 2024، الثلاثاء، إلى أن الفساد يكلف المغرب 5 مليارات دولار سنويا ويعيق نمو المقاولات على أكثر من صعيد.

وجاء في التقرير أن المقاولات المغربية تتعرض لأشكال مختلفة من الفساد خاصة عند طلبها التراخيص والصفقات العمومية أو عند طلب الاستفادة من خدمة للمقاولة الحق فيها.

في السياق نفسه، أكدت 26 في المائة من المقاولات، خاصة المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، أنها فقدت صفقة "بشكل من أشكال الفساد"، ما دفع نحو نصفها إلى القول إن الإجراءات التي سنتها الدولة لمكافحة هذه الظاهرة غير كافية.

في هذا الحوار، يعلق عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة على تقرير الهيئة الرسمية وعن الأسباب ونسب انتشار الفساد في القطاع.

نص المقابلة:

  • ما تعليقكم على ما جاء في التقرير وما تفسيركم للأسباب التي دفعت 45  في المائة من المقاولات التي شملتها الدراسة إلى القول إن الفساد زاد خلال العامين الماضيين؟  

بالفعل، زاد الفساد في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد جائحة كورونا، من خلال تقييد عدة ممارسات كانت في الماضي مرتبطة بالحرية الفردية والاقتصادية. على الرغم من انتهاء الجائحة، إلا أن آثارها لا تزال واضحة، مثل الحواجز الأمنية في المداخل والمخارج والطرقات.

لم يتضمن التقرير وضع ومعاناة المقاولات الصغيرة جدا بشكل كاف، حيث تواجه صعوبات في التنقل أيضا بسبب القيود الأمنية والتعسفية في بعض الحواجز الأمنية عبر مداخل ومخارج المدن، من ناحية أخرى، يتم التعاطي بمرونة وترحاب مع الشركات الكبيرة والمسؤولين والأعيان.

عبد الله الفركي، رئيس الكنفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة

نلاحظ أيضا تنامي الرشوة في الصفقات العمومية وطلبات الأداء وخصوصا أن احتكار المقاولات الكبرى للصفقات أدى في بعض الحالات إلى التحايل على القانون واستعمال الرشوة والنفود واستغلال الفساد.  

ظاهرة الرشوة لم تعد خفية، حيث يفرض على المقاولات الصغيرة دفع مبالغ مالية مقابل خدمات يجب أن تكون مجانية. انعدام المحاسبة وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة دفع العديد من الموظفين الصغار إلى ممارسة الفساد وطلب الرشاوى بشكل مستمر.

يجب على الجهات الأمنية رفع الحواجز وتكثيف حملات المراقبة لضبط المخالفين، بدلاً من التركيز على مستخدمي الطرق. إن الاستماع إلى المقاولات الصغيرة جدا والتي تمثل أكتر من 66% من مجموع المقاولات بالمغرب، أثناء دراسة الوضع يمكن أن يفضي إلى نتائج أكثر دقة ويعزز الشفافية ومكافحة الفساد والرشوة.

  • في ظل تعرض 23% من المقاولات لشكل من أشكال الفساد خلال العام الماضي، كيف يؤثر ذلك على قدرة المقاولات المغربية على الحصول على التراخيص الضرورية والتمويل البنكي والفرص التجارية، خاصة في ظل تزايد المقاولات التي تعلن إفلاسها كل عام؟

يمكن القول إن أكثر من 50% من إجمالي المقاولات تتعرض لمشاكل الفساد واستغلال النفوذ والضغط من أجل طلب الرشاوى لإنجاز عمل كان يفترض أن يكون مجانيا وبدون قيود أو شروط. إلا أن الوضع الاقتصادي الحالي ونقص التفتيش والمحاسبة دفع العديد من الإدارات إلى فرض الرشاوى لتنفيذ أعمال ينبغي أن تنجز بسهولة. 

كل هذا بدون تصريح رسمي أو قانوني، بل تحت تهديد بفقدان الفرصة وعدم التقدم، أو "الفاهم يفهم"، وغيرها من المصطلحات الشعبية المستخدمة في مثل هذه الحالات لطلب الرشاوى.

هذه الثقافة دفعت العديد من المقاولين إلى استخدام الأموال والرشاوى للحصول على طلبات قانونية وغير قانونية وتجاوز الإجراءات المعتادة قانونيًا وبفعل هذه الممارسات، تشكلت لدى بعض المقاولين ثقافة شراء بعض المسؤولين بشكل مالي للحفاظ على أنشطتهم المشبوهة أو التي لا تلبي الشروط القانونية، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى التهرب الضريبي.

  • في المقابل، صرحت 6% فقط من المقاولات التي تعرضت لحالة فساد، وفق الدراسة، أنها قدمت شكاية للسلطات، ما الأسباب في نظركم التي لا تشجع أرباب المقاولات المغربية على التبليغ؟

أعتقد أن ذلك طبيعي لأن المقاول بطبعه يخاف من تبعات ذلك، حيث يضطر بعض الموظفين إلى إطلاق الإشاعات لمحاصرة المقاول ومحاربته، وحدث أن قرر بعضهم تغيير مدنهم بسبب ذلك.

من أمثلة ذلك، يتم إشعارنا من بعض المقاولين الذين تعرضوا للابتزاز أو طلب رشوة من بعض الجهات الأمنية والعمومية شفهيا، حيث يخشون إبلاغنا كتابيا خوفا من التبعات التي أشرت إليها.

من جانبنا، نشير في بيانات الكونفدرالية إلى هذه الممارسات وسبق أن أخطرنا الحكومة وطالبنا منها تشديد المراقبة ومحاسبة المتورطين في هذه الممارسات.

  • في السياق نفسه، أشارت الدراسة أيضا إلى ضعف المعرفة لدى مسؤولي المقاولات بالجهات التي يمكنهم اللجوء إليها للتبليغ عن الفساد، ما هي التدابير التي يمكن للكونفدرالية اتخاذها لزيادة الوعي ودعم المقاولات في مواجهة تحديات الفساد؟

فعلا، المقاولون، خصوصا أرباب المقاولات الصغيرة جدا، يجهل بعضهم بعض المساطر والمؤسسات التي يمكنهم اللجوء إليها في حالة تعرضهم للابتزاز، لكن هذا تراجع مؤخرا بفضل المعلومة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي واستطاع بعضهم تدارك هذا النقص.

غير أن الشكايات التي يرفعها هؤلاء لا تؤخذ أحيانا بعين الاعتبار، كما أن بعضهم ومن كثرة مراسلة هذه الجهات دون تلقي أي رد دفع بعضهم إلى فقدان الثقة في هذه المؤسسات.

لذلك نحاول في الكونفدرالية أن نعالج هذه الظواهر ونشير في بياناتنا الرسمية إلى هذا الفساد وإلى كل العوائق التي تعيق مناخ الأعمال بالمغرب.

ومن أمثلة ذلك وقوفنا إلى جانب المتضررين من رفض شركة "البناؤون الشباب"، المملوكة لرئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تسديد مستحقاتهم، كما نساند نحو 50 مقاولة صغيرة وصغيرة جدا من مختلف جهات المغرب في نزاعها مع مصلحة الجمارك التي فرضت عليها أداء فواتير مجحفة.

  • يعتقد حوالي 60% من أرباب المقاولات التي شملتها الدراسة أن التدابير الحكومية لمكافحة الفساد غير كافية، ما المقترحات التي ترون أنها ضرورية حتى يستطيع المغرب القضاء على الفساد وتحسين مناخ الأعمال؟

أعتقد أن النسبة قد تصل إلى 80 في المائة، وذلك أن الكثير من أرباب المقاولات الصغيرة والمتوسطة لا يرون أي تحسن في محاربة الفساد واستغلال النفوذ، بل على العكس نرى أن الظاهرة في تزايد.

للأسف الشديد لم يتحقق بعد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ولن يتحقق ما لم يتم محاسبة المسؤولين الحكوميين أو العموميين على خروقاتهم.

الرشوة أصبحت ظاهرة عادية وباتت تطلب علانية وجهرا، وهذا سلوك أعتقد أنه يستدعي المزيد من الجهود الجادة لمحاربته، لأن الخطابات لم تأت أكلها ولا بد من إجراءات ومساطر تربط المسؤولية بالمحاسبة وترسيخ الشفافية والحكامة في جميع المؤسسات بما فيها الحكومة نفسها.

فبينما تستفيد المقاولات الكبرى من الصفقات ومن الامتيازات يجري إقصاء المقاولات الصغيرة جدا التي تعاني الحرمان من الصفقات ومن حقها في الخدمات العقارية على الرغم من أن هذه المقاولات تشغل لوحدها أكثر من 75 في المائة من اليد العاملة بالمغرب.

المصدر: أصوات مغاربية