تخوض فرق الإغاثة سباقا ضد الزمن للعثور على ناجين محتملين من العاصفة المدمرة التي ضربت شرق ليبيا وخاصة مدينة درنة، وسط دعوات إلى تكثيف الجهود للإحاطة بآلاف النازحين من المناطق المتضررة.
في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية"، يكشف رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد عبد الحكيم حمزة عن آخر تطورات الوضع في الشرق الليبي والاستعدادات الجارية للإحاطة بالنازحين والناجين من هذه الكارثة التي وُصفت بـ"غير المسبوقة" في تاريخ ليبيا، كما يتطرق إلى المساعدات الدولية وإن كانت تكفي الاحتياجات الحالية وموقفه من مطالب التحقيق لتحديد المسؤوليات في تردي حالة العديد من المرافق العامة.
نص المقابلة:
تتضارب المعطيات حول عدد ضحايا العاصفة التي ضربت درنة والبلدات المتاخمة لها، لكن ماذا عن الإحصائيات المتعلقة بالنازحين من المناطق المتضررة؟
يمكن القول إن عدد النازحين جراء الإعصار تجاوز عتبة الـ39 ألف شخص أغلبهم من بلدية درنة إضافة إلى سوسة وشحات والمخيلي وغيرها.
وقد تم تحويل النسبة الأكبر من النازحين إلى بنغازي وأجدابيا وطبرق ومصراتة ومناطق الغرب الليبي.
يؤكد البعض على أهمية إنجاح إدارة ملف النازحين بالتوازي مع جهود الإنقاذ، فما هي استعدادات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية في هذا السياق؟
الليبيون راكموا خلال العقد الأخير وما شهده من أزمات متتالية خبرة في التعامل مع ملف النزوح والقضايا المتعلقة به.
قدم المجتمع المدني جهودا كبرى في تخفيف معاناة الناس وحشد الإمكانيات وجمع التبرعات وتحديد المحتاجين إليها وتوجيهها ولا يزال العمل في بدايته.
يمكن الإشارة أيضا إلى أن العديد من المدارس والجامعات والمرافق العامة والبيوت الخاصة قد فُتحت لاستقبال النازحين وإيوائهم وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم، هذا فضلا عن المساعدات الدولية.
على ذكر المساعدات الدولية، هل تعتقد أن ما تم الإعلان عنه من مساعدات إلى حد الآن كاف لتغطية الاحتياجات؟
المساعدات الدولية جيدة لكنها غير مثالية فحجم الاحتياجات كبير خاصة مع وجود عشرات الآلاف من المواطنين العالقين في درنة وسوسة انقطعت عنهم حتى مياه الشرب بعد أن دُمرت محطة التحلية والسد.
هناك أيضا نقص كبير للغاية في الاحتياجات الطبية خاصة أن معظم المؤسسات الصحية في المناطق المتضررة قد خرجت نهائيا عن الخدمة بعد أن اجتاحتها السيول.
اليوم المجتمع الدولي مدعو إلى تكثيف جهوده أكثر وتلبية كل الحاجيات الإنسانية لتخفيف وطأة المعاناة، فالتداعيات الكارثية للإعصار لم تظهر للعيان بعد.
ماذا عن الدعوات إلى إجراء تحقيقات عاجلة لتحديد المسؤوليات في تردي حالة العديد من المرافق العامة ما ساهم في تعميق الأزمة؟
في اعتقادي أن تحميل المسؤوليات في هذا الوقت العصيب ليس أولوية في ليبيا ويمكن تأجيله إلى ما بعد انتهاء عمليات الإنقاذ وانتشال الجثث.
ما يجب التعجيل به هو التحقيق مع كل من يعرقل الاستجابة السريعة لطلبات الدول بالتدخل وتعطيل التأشيرات وتصاريح الدخول للوفود الدولية القادمة لدعم جهود الإنقاذ، وهو عمل يساهم في مفاقمة الأزمة وتعميق معاناة الناجين.
هناك حديث عن إمكانية أن تسهم هذه الكارثة في حلحلة الأزمة السياسية بالبلاد عبر إنهاء الخلافات أو على الأقل تركها جانبا في هذا التوقيت، ما رأيكم؟
لقد أظهر الليبيون حجما كبيرا من التعاضد والترابط في ما بينهم، وقد قدموا دروسا للكثيرين بأن الوحدة الوطنية قائمة مهما حصل بين مكونات الشعب من خلافات.
الشعب متضرر بشدة من هذا الانقسام السياسي والمؤسساتي، وقد غلبت قيمة التضامن على كل الإشكاليات القائمة إذ هب الليبيون من كل المدن والقرى والأرياف لمد يد المساعدة في مختلف العمليات الجارية.
- المصدر: أصوات مغاربية