A view shows a damaged car, following a powerful storm and heavy rainfall hitting the country, in Derna
من مخلفات العاصفة "دانيال" في مدينة درنة الليبية

تخوض فرق الإغاثة سباقا ضد الزمن للعثور على ناجين محتملين من العاصفة المدمرة التي ضربت شرق ليبيا وخاصة مدينة درنة، وسط دعوات إلى تكثيف الجهود للإحاطة بآلاف النازحين من المناطق المتضررة.

في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية"، يكشف رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد عبد الحكيم حمزة عن آخر تطورات الوضع في الشرق الليبي والاستعدادات الجارية للإحاطة بالنازحين والناجين من هذه الكارثة التي وُصفت بـ"غير المسبوقة" في تاريخ ليبيا، كما يتطرق إلى المساعدات الدولية وإن كانت تكفي الاحتياجات الحالية وموقفه من مطالب التحقيق لتحديد المسؤوليات في تردي حالة العديد من المرافق العامة. 

نص المقابلة: 

تتضارب المعطيات حول عدد ضحايا العاصفة التي ضربت درنة والبلدات المتاخمة لها، لكن ماذا عن الإحصائيات المتعلقة بالنازحين من المناطق المتضررة؟

يمكن القول إن عدد النازحين جراء الإعصار تجاوز عتبة الـ39 ألف شخص أغلبهم من بلدية درنة إضافة إلى سوسة وشحات والمخيلي وغيرها.

وقد تم تحويل النسبة الأكبر من النازحين إلى بنغازي وأجدابيا وطبرق ومصراتة  ومناطق الغرب الليبي.

يؤكد البعض على أهمية إنجاح  إدارة ملف النازحين  بالتوازي مع جهود الإنقاذ، فما هي استعدادات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية في هذا السياق؟

الليبيون راكموا خلال العقد الأخير  وما شهده من أزمات متتالية خبرة في التعامل مع ملف النزوح والقضايا المتعلقة به.

قدم المجتمع المدني جهودا كبرى في تخفيف معاناة الناس وحشد الإمكانيات وجمع التبرعات وتحديد المحتاجين إليها وتوجيهها ولا يزال العمل في بدايته.

يمكن الإشارة أيضا إلى أن العديد من المدارس والجامعات والمرافق العامة والبيوت الخاصة قد فُتحت لاستقبال النازحين وإيوائهم وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم، هذا فضلا عن المساعدات الدولية.

على ذكر المساعدات الدولية، هل تعتقد أن ما تم الإعلان عنه من مساعدات إلى حد الآن كاف لتغطية الاحتياجات؟

المساعدات الدولية جيدة لكنها غير مثالية فحجم الاحتياجات كبير خاصة مع وجود عشرات الآلاف من المواطنين العالقين في درنة وسوسة انقطعت عنهم حتى مياه الشرب بعد أن دُمرت محطة التحلية والسد.

هناك أيضا نقص كبير للغاية في الاحتياجات الطبية خاصة أن معظم المؤسسات الصحية في المناطق المتضررة قد خرجت نهائيا عن الخدمة بعد أن اجتاحتها السيول.

اليوم المجتمع الدولي مدعو إلى تكثيف جهوده أكثر وتلبية كل الحاجيات الإنسانية لتخفيف وطأة المعاناة، فالتداعيات الكارثية  للإعصار لم تظهر للعيان بعد.

ماذا عن الدعوات إلى إجراء تحقيقات عاجلة لتحديد المسؤوليات في تردي حالة العديد من المرافق العامة ما ساهم في تعميق الأزمة؟

في اعتقادي أن تحميل المسؤوليات في هذا الوقت العصيب ليس أولوية في ليبيا ويمكن تأجيله إلى ما بعد انتهاء عمليات الإنقاذ وانتشال الجثث.

ما يجب التعجيل به هو التحقيق مع كل من يعرقل الاستجابة السريعة لطلبات الدول بالتدخل وتعطيل التأشيرات وتصاريح الدخول للوفود الدولية القادمة لدعم جهود الإنقاذ، وهو عمل يساهم في مفاقمة الأزمة وتعميق معاناة الناجين.

هناك حديث عن إمكانية أن تسهم هذه الكارثة في حلحلة الأزمة السياسية بالبلاد عبر إنهاء الخلافات أو على الأقل تركها جانبا في هذا التوقيت، ما رأيكم؟

لقد أظهر الليبيون حجما كبيرا من التعاضد والترابط في ما بينهم، وقد قدموا دروسا للكثيرين بأن الوحدة الوطنية قائمة مهما حصل بين مكونات الشعب من خلافات.

الشعب متضرر بشدة من هذا الانقسام السياسي والمؤسساتي، وقد غلبت قيمة التضامن على كل الإشكاليات القائمة إذ هب الليبيون من كل المدن والقرى والأرياف لمد يد المساعدة في مختلف العمليات الجارية.

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

حوار

الفركي: الفساد استفحل والتبليغ عنه يخيف المقاولات المغربية

09 أكتوبر 2024

كشف التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن ربع المقاولات المغربية أقرت بتعرضها لأحد أشكال الفساد خلال الـ12 شهرا الماضية، وذلك في وقت سجلت فيه البلاد إفلاس 14 ألف مقاولة عام 2023.

ولفتت المؤسسة الرسمية خلال تقديمها تقريرها السنوي لعام 2024، الثلاثاء، إلى أن الفساد يكلف المغرب 5 مليارات دولار سنويا ويعيق نمو المقاولات على أكثر من صعيد.

وجاء في التقرير أن المقاولات المغربية تتعرض لأشكال مختلفة من الفساد خاصة عند طلبها التراخيص والصفقات العمومية أو عند طلب الاستفادة من خدمة للمقاولة الحق فيها.

في السياق نفسه، أكدت 26 في المائة من المقاولات، خاصة المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، أنها فقدت صفقة "بشكل من أشكال الفساد"، ما دفع نحو نصفها إلى القول إن الإجراءات التي سنتها الدولة لمكافحة هذه الظاهرة غير كافية.

في هذا الحوار، يعلق عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة على تقرير الهيئة الرسمية وعن الأسباب ونسب انتشار الفساد في القطاع.

نص المقابلة:

  • ما تعليقكم على ما جاء في التقرير وما تفسيركم للأسباب التي دفعت 45  في المائة من المقاولات التي شملتها الدراسة إلى القول إن الفساد زاد خلال العامين الماضيين؟  

بالفعل، زاد الفساد في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد جائحة كورونا، من خلال تقييد عدة ممارسات كانت في الماضي مرتبطة بالحرية الفردية والاقتصادية. على الرغم من انتهاء الجائحة، إلا أن آثارها لا تزال واضحة، مثل الحواجز الأمنية في المداخل والمخارج والطرقات.

لم يتضمن التقرير وضع ومعاناة المقاولات الصغيرة جدا بشكل كاف، حيث تواجه صعوبات في التنقل أيضا بسبب القيود الأمنية والتعسفية في بعض الحواجز الأمنية عبر مداخل ومخارج المدن، من ناحية أخرى، يتم التعاطي بمرونة وترحاب مع الشركات الكبيرة والمسؤولين والأعيان.

عبد الله الفركي، رئيس الكنفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة

نلاحظ أيضا تنامي الرشوة في الصفقات العمومية وطلبات الأداء وخصوصا أن احتكار المقاولات الكبرى للصفقات أدى في بعض الحالات إلى التحايل على القانون واستعمال الرشوة والنفود واستغلال الفساد.  

ظاهرة الرشوة لم تعد خفية، حيث يفرض على المقاولات الصغيرة دفع مبالغ مالية مقابل خدمات يجب أن تكون مجانية. انعدام المحاسبة وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة دفع العديد من الموظفين الصغار إلى ممارسة الفساد وطلب الرشاوى بشكل مستمر.

يجب على الجهات الأمنية رفع الحواجز وتكثيف حملات المراقبة لضبط المخالفين، بدلاً من التركيز على مستخدمي الطرق. إن الاستماع إلى المقاولات الصغيرة جدا والتي تمثل أكتر من 66% من مجموع المقاولات بالمغرب، أثناء دراسة الوضع يمكن أن يفضي إلى نتائج أكثر دقة ويعزز الشفافية ومكافحة الفساد والرشوة.

  • في ظل تعرض 23% من المقاولات لشكل من أشكال الفساد خلال العام الماضي، كيف يؤثر ذلك على قدرة المقاولات المغربية على الحصول على التراخيص الضرورية والتمويل البنكي والفرص التجارية، خاصة في ظل تزايد المقاولات التي تعلن إفلاسها كل عام؟

يمكن القول إن أكثر من 50% من إجمالي المقاولات تتعرض لمشاكل الفساد واستغلال النفوذ والضغط من أجل طلب الرشاوى لإنجاز عمل كان يفترض أن يكون مجانيا وبدون قيود أو شروط. إلا أن الوضع الاقتصادي الحالي ونقص التفتيش والمحاسبة دفع العديد من الإدارات إلى فرض الرشاوى لتنفيذ أعمال ينبغي أن تنجز بسهولة. 

كل هذا بدون تصريح رسمي أو قانوني، بل تحت تهديد بفقدان الفرصة وعدم التقدم، أو "الفاهم يفهم"، وغيرها من المصطلحات الشعبية المستخدمة في مثل هذه الحالات لطلب الرشاوى.

هذه الثقافة دفعت العديد من المقاولين إلى استخدام الأموال والرشاوى للحصول على طلبات قانونية وغير قانونية وتجاوز الإجراءات المعتادة قانونيًا وبفعل هذه الممارسات، تشكلت لدى بعض المقاولين ثقافة شراء بعض المسؤولين بشكل مالي للحفاظ على أنشطتهم المشبوهة أو التي لا تلبي الشروط القانونية، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى التهرب الضريبي.

  • في المقابل، صرحت 6% فقط من المقاولات التي تعرضت لحالة فساد، وفق الدراسة، أنها قدمت شكاية للسلطات، ما الأسباب في نظركم التي لا تشجع أرباب المقاولات المغربية على التبليغ؟

أعتقد أن ذلك طبيعي لأن المقاول بطبعه يخاف من تبعات ذلك، حيث يضطر بعض الموظفين إلى إطلاق الإشاعات لمحاصرة المقاول ومحاربته، وحدث أن قرر بعضهم تغيير مدنهم بسبب ذلك.

من أمثلة ذلك، يتم إشعارنا من بعض المقاولين الذين تعرضوا للابتزاز أو طلب رشوة من بعض الجهات الأمنية والعمومية شفهيا، حيث يخشون إبلاغنا كتابيا خوفا من التبعات التي أشرت إليها.

من جانبنا، نشير في بيانات الكونفدرالية إلى هذه الممارسات وسبق أن أخطرنا الحكومة وطالبنا منها تشديد المراقبة ومحاسبة المتورطين في هذه الممارسات.

  • في السياق نفسه، أشارت الدراسة أيضا إلى ضعف المعرفة لدى مسؤولي المقاولات بالجهات التي يمكنهم اللجوء إليها للتبليغ عن الفساد، ما هي التدابير التي يمكن للكونفدرالية اتخاذها لزيادة الوعي ودعم المقاولات في مواجهة تحديات الفساد؟

فعلا، المقاولون، خصوصا أرباب المقاولات الصغيرة جدا، يجهل بعضهم بعض المساطر والمؤسسات التي يمكنهم اللجوء إليها في حالة تعرضهم للابتزاز، لكن هذا تراجع مؤخرا بفضل المعلومة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي واستطاع بعضهم تدارك هذا النقص.

غير أن الشكايات التي يرفعها هؤلاء لا تؤخذ أحيانا بعين الاعتبار، كما أن بعضهم ومن كثرة مراسلة هذه الجهات دون تلقي أي رد دفع بعضهم إلى فقدان الثقة في هذه المؤسسات.

لذلك نحاول في الكونفدرالية أن نعالج هذه الظواهر ونشير في بياناتنا الرسمية إلى هذا الفساد وإلى كل العوائق التي تعيق مناخ الأعمال بالمغرب.

ومن أمثلة ذلك وقوفنا إلى جانب المتضررين من رفض شركة "البناؤون الشباب"، المملوكة لرئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تسديد مستحقاتهم، كما نساند نحو 50 مقاولة صغيرة وصغيرة جدا من مختلف جهات المغرب في نزاعها مع مصلحة الجمارك التي فرضت عليها أداء فواتير مجحفة.

  • يعتقد حوالي 60% من أرباب المقاولات التي شملتها الدراسة أن التدابير الحكومية لمكافحة الفساد غير كافية، ما المقترحات التي ترون أنها ضرورية حتى يستطيع المغرب القضاء على الفساد وتحسين مناخ الأعمال؟

أعتقد أن النسبة قد تصل إلى 80 في المائة، وذلك أن الكثير من أرباب المقاولات الصغيرة والمتوسطة لا يرون أي تحسن في محاربة الفساد واستغلال النفوذ، بل على العكس نرى أن الظاهرة في تزايد.

للأسف الشديد لم يتحقق بعد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ولن يتحقق ما لم يتم محاسبة المسؤولين الحكوميين أو العموميين على خروقاتهم.

الرشوة أصبحت ظاهرة عادية وباتت تطلب علانية وجهرا، وهذا سلوك أعتقد أنه يستدعي المزيد من الجهود الجادة لمحاربته، لأن الخطابات لم تأت أكلها ولا بد من إجراءات ومساطر تربط المسؤولية بالمحاسبة وترسيخ الشفافية والحكامة في جميع المؤسسات بما فيها الحكومة نفسها.

فبينما تستفيد المقاولات الكبرى من الصفقات ومن الامتيازات يجري إقصاء المقاولات الصغيرة جدا التي تعاني الحرمان من الصفقات ومن حقها في الخدمات العقارية على الرغم من أن هذه المقاولات تشغل لوحدها أكثر من 75 في المائة من اليد العاملة بالمغرب.

المصدر: أصوات مغاربية