قسم لتدريس اللغة الأمازيغية بأحد مدارس العاصمة الرباط - أرشيف
قسم لتدريس اللغة الأمازيغية بأحد مدارس العاصمة الرباط - أرشيف

تخوض "التنسيقية الوطنية لأساتذة وأستاذات اللغة الأمازيغية" بالمغرب، الخميس، إضرابا وطنيا، احتجاجا على "إثقال كاهل هيئة التدريس بمهام إضافية دون تعويض"، وعلى "تعثر" ورش تدريس وتعميم اللغة الأمازيغية بالمدارس المغربية. 

وتأتي هذه الخطوة بعد أسبوع من إعلان التنسيقية عزمها الانخراط في أشكال احتجاجية بسبب استمرار ما وصفته بـ"الارتجالية" في تدبير ملف تعميم تدريس اللغة الأمازيغية وفرض "تكليفات تعسفية" على أساتذتها مع بداية الموسم الدراسي. 

ويعد هذا الإضراب الثاني من نوعه بعد إضراب ووقفات احتجاجية نظمتها التنسيقية في عدد من المدن المغربية في نوفمبر عام 2022 للمطالبة بمنح "تمييز إيجابي" للغة الأمازيغية في المنظومة التربوية. 

في هذا الحوار، تتحدث سارة الزبير، عضوة "التنسيقية الوطنية لأساتذة وأستاذات اللغة الأمازيغية" بالمغرب عن الأسباب التي دفعت التنسيقية إلى خوض الإضراب وعن مختلف التحديات التي تواجه تنزيل خطة تدريس وتعميم اللغة الأمازيغية، كما تتحدث عن رأي التنسيقية في الخطة الحكومية الأخيرة الرامية إلى تدريس هذه اللغة لـ4 ملايين تلميذ بـ 12 ألف مؤسسة تعليمية بحلول عام 2030. 

ماهي الأسباب التي دفعتكم لخوض هذا الإضراب؟ 

من أسباب هذا الإضراب رفضنا التام لمضامين النظام الأساسي الموحد الذي صادقت عليه الحكومة مؤخرا والذي لا يرقى إلى تطلعات الشغيلة التعليمية، ثم عدم استجابة المسؤولين لمطالب أساتذة اللغة الأمازيغية. 

يأتي هذا الإضراب في سياق تستمر فيه معاناة أساتذة اللغة الأمازيغية بسبب فرض تكليفات تعسفية على الأساتذة بحيث يتم تنقليهم إلى مدارس أخرى غير تلك التي عينوا فيها لتدريس أقسام إضافية، ولا نفهم صراحة الأسباب التي تدفع مدراء بعض المدراس التعليمية إلى معاداة الأمازيغية وكيف صارت لهم هذه السلطة التي تجعلهم يقررون في تدريس أو رفض تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس التي يشرفون على تسييرها وهنا لا أقول إنهم السبب المباشر في تعثر تعميم اللغة الأمازيغية بل هم جزء من المشاكل والتحديات التي تحول دون تعميمها. 

من جهة ثانية، يأتي الإضراب لنقول إننا نستنكر سعي الوزارة إلى تعميم اللغة الأمازيغية عن طريق تعميم أساتذتها ونشرهم في أكثر من مؤسسة تعليمية، حيث يصل معدل عدد التلاميذ الذين يشرف أستاذ اللغة الأمازيغية على تدريسهم إلى أكثر من 400 تلميذ، وهذا رقم هائل ويفوق قدرات الأستاذ. 

سبق أن حذرتم في بيان صدر الأسبوع الماضي من احتمال خوض أشكال احتجاجية، هل تلقيتم في التنسيقية أي ضمانات من الحكومة بعد ذلك البيان؟ 

للأسف الشديد لم نتلق أي تجاوب من الحكومة مع البيانات التي نصدرها من حين لآخر، باستثناء بعض الاجتماعات التي تعقدها التنسيقية مع بعض المديريات الجهوية لمناقشة التعسفات التي يتعرض لها أساتذة اللغة الأمازيغية. 

لحد الآن لم نتلق أي دعوة للحوار أو لعقد اجتماع لتقديم مقترحات التنسيقية لمعالجة مختلف هذه التحديات التي تواجه تدريس وتعميم اللغة الأمازيغية وهذا ما نستغربه. 

في السياق نفسه، تصدر جمعيات أساتذة اللغة الأمازيغية مع بداية كل عام دراسي بيانات تندد بوجود عراقيل تعترض تدريس الأمازيغية، ما تفسيرك لاستمرار هذه التحديات خصوصا وأن الحكومة أعلنت أكثر من مرة عن انخراطها في تنزيل ورش تعميم اللغة الأمازيغية؟ 

للأسف الشديد كل هذه التحديات والمشاكل التي تعاني منها الأمازيغية هي مشاكل وتحديات تافهة يمكن حلها في لحظة، ولكنها مستمرة لأنه لا جود لاستراتيجية واضحة لتنزيل ورش تدريس وتعميم اللغة الأمازيغية، حيث هناك هوة كبيرة بين المذكرات الرسمية وبين الواقع الذي يعيشه أستاذ اللغة الأمازيغية والذي ما يزال يعاني بسبب عقلية بعض المدراء الرافضين للأمازيغية. 

إلى جانب ذلك، يستمر المسؤولون في رفض منح التراخيص للجمعيات المدافعة عن حقوق أساتذة اللغة الأمازيغية ولا نجد غير البيانات التي نصدرها من حين لآخر لإطلاع الرأي العام عن المشاكل والتحديات التي نواجهها. 

هل يمكن تفسير هذا التعثر بغياب الإرادة السياسية؟ 

بالطبع، لا وجود لإرادة سياسية لتدريس وتعميم اللغة الأمازيغية لأنه مر 20 عاما منذ إعلان الحكومة عزمها تدريس اللغة الأمازيغية وإلى اليوم لم يتم بعد تعميم هذه اللغة بينما أعلنت مؤخرا عن اتجاهها نحو تعميم اللغة الإنجليزية.

هو إذن تراجع غير مفهوم ويمكن وصف الخطوات الأخيرة بمجرد سياسات ترقيعية في ظل قلة الموارد المرصودة وقلة المفتشين المتخصصين في اللغة الأمازيغية، حيث غالبا ما تستعين الوزارة بمفتشين مختصين في اللغة العربية أو الفرنسية وناطقين بالأمازيغية، أي أنه لم يسبق لهم أن تلقوا أي تكوين في اللغة الأمازيغية ويقوم هؤلاء بتطبيق نفس الإجراءات التي ألفوا تطبيقها على اللغة العربية والفرنسية على أساتذة اللغة الأمازيغية وهذا ما يخلق لنا كأساتذة العديد من المشاكل والتحديات. 

أعلنت وزارة التربية الوطنية عزمها الرفع من عدد أساتذة اللغة الأمازيغية إلى 400 أستاذ سنويا، هل هذا العدد كاف في نظركم لتعميم تدريس اللغة الأمازيغية ولوضع حد للخصاص المسجل في هذا الشأن؟ 

كما قلت هي مجرد وعود سياسية لا أثر لها على أرض الواقع، إذ يكفي توظيف آلاف الخريجين من شعب الدراسات الأمازيغية سنويا لتعميم اللغة الأمازيغية على جميع المستويات الدراسية، ولكن للأسف الوزارة حصرت سن مباريات التعليم في 30 عاما وهذا ما يحول دون الاستفادة من هؤلاء رغم الخصاص المهول في الموارد البشرية. 

زد على ذلك، أن أساتذة اللغة الامازيغية لا يستفيدون من التكوينات وتم إقصاؤهم من برنامج المدرسة الرائدة الذي أطلقته الحكومة مؤخرا، هي إذن مجرد وعود وخطابات سياسية وأعتقد أن حتى هذه الوعود ما كانت لتكون لولا نضالات الأمازيغ ودفاعهم المستمر عن لغتهم. 

ما الحلول التي ترينها ضرورية لتجاوز هذه المشاكل والتحديات؟ 

على الحكومة أن تفي بالوعود التي قدمتها للأمازيغ في السنوات العشرين الأخيرة والتي للأسف الشديد لم تحقق بعد.

نطالب بالتعميم الأفقي والعمودي للغة الأمازيغية في جميع الأسلاك التعليمية وأن يتم تدريسها في الأقسام التحضيرية وتخصصات التكوين المهني والمعاهد والجامعات العليا. 

نطالب بميزانيات كافية لتكوين وتطوير قدرات أساتذة اللغة الأمازيغية ولتوظيف المفتشين المختصين في هذه اللغة، خصوصا وأن المغرب يتوفر على آلاف الخريجين المتخصصين في هذه اللغة ويمكن توظيفهم في التعليم وفي مختلف المجالات العامة الأخرى. 

  • المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

حوار

الفركي: الفساد استفحل والتبليغ عنه يخيف المقاولات المغربية

09 أكتوبر 2024

كشف التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن ربع المقاولات المغربية أقرت بتعرضها لأحد أشكال الفساد خلال الـ12 شهرا الماضية، وذلك في وقت سجلت فيه البلاد إفلاس 14 ألف مقاولة عام 2023.

ولفتت المؤسسة الرسمية خلال تقديمها تقريرها السنوي لعام 2024، الثلاثاء، إلى أن الفساد يكلف المغرب 5 مليارات دولار سنويا ويعيق نمو المقاولات على أكثر من صعيد.

وجاء في التقرير أن المقاولات المغربية تتعرض لأشكال مختلفة من الفساد خاصة عند طلبها التراخيص والصفقات العمومية أو عند طلب الاستفادة من خدمة للمقاولة الحق فيها.

في السياق نفسه، أكدت 26 في المائة من المقاولات، خاصة المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، أنها فقدت صفقة "بشكل من أشكال الفساد"، ما دفع نحو نصفها إلى القول إن الإجراءات التي سنتها الدولة لمكافحة هذه الظاهرة غير كافية.

في هذا الحوار، يعلق عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة على تقرير الهيئة الرسمية وعن الأسباب ونسب انتشار الفساد في القطاع.

نص المقابلة:

  • ما تعليقكم على ما جاء في التقرير وما تفسيركم للأسباب التي دفعت 45  في المائة من المقاولات التي شملتها الدراسة إلى القول إن الفساد زاد خلال العامين الماضيين؟  

بالفعل، زاد الفساد في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد جائحة كورونا، من خلال تقييد عدة ممارسات كانت في الماضي مرتبطة بالحرية الفردية والاقتصادية. على الرغم من انتهاء الجائحة، إلا أن آثارها لا تزال واضحة، مثل الحواجز الأمنية في المداخل والمخارج والطرقات.

لم يتضمن التقرير وضع ومعاناة المقاولات الصغيرة جدا بشكل كاف، حيث تواجه صعوبات في التنقل أيضا بسبب القيود الأمنية والتعسفية في بعض الحواجز الأمنية عبر مداخل ومخارج المدن، من ناحية أخرى، يتم التعاطي بمرونة وترحاب مع الشركات الكبيرة والمسؤولين والأعيان.

عبد الله الفركي، رئيس الكنفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة

نلاحظ أيضا تنامي الرشوة في الصفقات العمومية وطلبات الأداء وخصوصا أن احتكار المقاولات الكبرى للصفقات أدى في بعض الحالات إلى التحايل على القانون واستعمال الرشوة والنفود واستغلال الفساد.  

ظاهرة الرشوة لم تعد خفية، حيث يفرض على المقاولات الصغيرة دفع مبالغ مالية مقابل خدمات يجب أن تكون مجانية. انعدام المحاسبة وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة دفع العديد من الموظفين الصغار إلى ممارسة الفساد وطلب الرشاوى بشكل مستمر.

يجب على الجهات الأمنية رفع الحواجز وتكثيف حملات المراقبة لضبط المخالفين، بدلاً من التركيز على مستخدمي الطرق. إن الاستماع إلى المقاولات الصغيرة جدا والتي تمثل أكتر من 66% من مجموع المقاولات بالمغرب، أثناء دراسة الوضع يمكن أن يفضي إلى نتائج أكثر دقة ويعزز الشفافية ومكافحة الفساد والرشوة.

  • في ظل تعرض 23% من المقاولات لشكل من أشكال الفساد خلال العام الماضي، كيف يؤثر ذلك على قدرة المقاولات المغربية على الحصول على التراخيص الضرورية والتمويل البنكي والفرص التجارية، خاصة في ظل تزايد المقاولات التي تعلن إفلاسها كل عام؟

يمكن القول إن أكثر من 50% من إجمالي المقاولات تتعرض لمشاكل الفساد واستغلال النفوذ والضغط من أجل طلب الرشاوى لإنجاز عمل كان يفترض أن يكون مجانيا وبدون قيود أو شروط. إلا أن الوضع الاقتصادي الحالي ونقص التفتيش والمحاسبة دفع العديد من الإدارات إلى فرض الرشاوى لتنفيذ أعمال ينبغي أن تنجز بسهولة. 

كل هذا بدون تصريح رسمي أو قانوني، بل تحت تهديد بفقدان الفرصة وعدم التقدم، أو "الفاهم يفهم"، وغيرها من المصطلحات الشعبية المستخدمة في مثل هذه الحالات لطلب الرشاوى.

هذه الثقافة دفعت العديد من المقاولين إلى استخدام الأموال والرشاوى للحصول على طلبات قانونية وغير قانونية وتجاوز الإجراءات المعتادة قانونيًا وبفعل هذه الممارسات، تشكلت لدى بعض المقاولين ثقافة شراء بعض المسؤولين بشكل مالي للحفاظ على أنشطتهم المشبوهة أو التي لا تلبي الشروط القانونية، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى التهرب الضريبي.

  • في المقابل، صرحت 6% فقط من المقاولات التي تعرضت لحالة فساد، وفق الدراسة، أنها قدمت شكاية للسلطات، ما الأسباب في نظركم التي لا تشجع أرباب المقاولات المغربية على التبليغ؟

أعتقد أن ذلك طبيعي لأن المقاول بطبعه يخاف من تبعات ذلك، حيث يضطر بعض الموظفين إلى إطلاق الإشاعات لمحاصرة المقاول ومحاربته، وحدث أن قرر بعضهم تغيير مدنهم بسبب ذلك.

من أمثلة ذلك، يتم إشعارنا من بعض المقاولين الذين تعرضوا للابتزاز أو طلب رشوة من بعض الجهات الأمنية والعمومية شفهيا، حيث يخشون إبلاغنا كتابيا خوفا من التبعات التي أشرت إليها.

من جانبنا، نشير في بيانات الكونفدرالية إلى هذه الممارسات وسبق أن أخطرنا الحكومة وطالبنا منها تشديد المراقبة ومحاسبة المتورطين في هذه الممارسات.

  • في السياق نفسه، أشارت الدراسة أيضا إلى ضعف المعرفة لدى مسؤولي المقاولات بالجهات التي يمكنهم اللجوء إليها للتبليغ عن الفساد، ما هي التدابير التي يمكن للكونفدرالية اتخاذها لزيادة الوعي ودعم المقاولات في مواجهة تحديات الفساد؟

فعلا، المقاولون، خصوصا أرباب المقاولات الصغيرة جدا، يجهل بعضهم بعض المساطر والمؤسسات التي يمكنهم اللجوء إليها في حالة تعرضهم للابتزاز، لكن هذا تراجع مؤخرا بفضل المعلومة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي واستطاع بعضهم تدارك هذا النقص.

غير أن الشكايات التي يرفعها هؤلاء لا تؤخذ أحيانا بعين الاعتبار، كما أن بعضهم ومن كثرة مراسلة هذه الجهات دون تلقي أي رد دفع بعضهم إلى فقدان الثقة في هذه المؤسسات.

لذلك نحاول في الكونفدرالية أن نعالج هذه الظواهر ونشير في بياناتنا الرسمية إلى هذا الفساد وإلى كل العوائق التي تعيق مناخ الأعمال بالمغرب.

ومن أمثلة ذلك وقوفنا إلى جانب المتضررين من رفض شركة "البناؤون الشباب"، المملوكة لرئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تسديد مستحقاتهم، كما نساند نحو 50 مقاولة صغيرة وصغيرة جدا من مختلف جهات المغرب في نزاعها مع مصلحة الجمارك التي فرضت عليها أداء فواتير مجحفة.

  • يعتقد حوالي 60% من أرباب المقاولات التي شملتها الدراسة أن التدابير الحكومية لمكافحة الفساد غير كافية، ما المقترحات التي ترون أنها ضرورية حتى يستطيع المغرب القضاء على الفساد وتحسين مناخ الأعمال؟

أعتقد أن النسبة قد تصل إلى 80 في المائة، وذلك أن الكثير من أرباب المقاولات الصغيرة والمتوسطة لا يرون أي تحسن في محاربة الفساد واستغلال النفوذ، بل على العكس نرى أن الظاهرة في تزايد.

للأسف الشديد لم يتحقق بعد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ولن يتحقق ما لم يتم محاسبة المسؤولين الحكوميين أو العموميين على خروقاتهم.

الرشوة أصبحت ظاهرة عادية وباتت تطلب علانية وجهرا، وهذا سلوك أعتقد أنه يستدعي المزيد من الجهود الجادة لمحاربته، لأن الخطابات لم تأت أكلها ولا بد من إجراءات ومساطر تربط المسؤولية بالمحاسبة وترسيخ الشفافية والحكامة في جميع المؤسسات بما فيها الحكومة نفسها.

فبينما تستفيد المقاولات الكبرى من الصفقات ومن الامتيازات يجري إقصاء المقاولات الصغيرة جدا التي تعاني الحرمان من الصفقات ومن حقها في الخدمات العقارية على الرغم من أن هذه المقاولات تشغل لوحدها أكثر من 75 في المائة من اليد العاملة بالمغرب.

المصدر: أصوات مغاربية