الهرابي: نتوقع عزوف التونسيين عن المشاركة في الانتخابات المحلية
من المنتظر أن تنظم تونس في الـ24 من شهر ديسمبر المقبل انتخابات محلية لاختيار أعضاء المجالس المحلية.
وستدور الانتخابات في أزيد من 2150 دائرة لتشكيل 279 مجلسا محليا.
ووفقا لمرسوم الانتخابات المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، تعد كل عمادة (أصغر تقسيم إداري) دائرة انتخابية، وتنتخب ممثلا واحدا عنها بالمجلس المحلي.
ويتم لاحقا تركيز المجلس الجهوي للولاية (المحافظة) عبر تصعيد أعضاء من المجالس المحلية ويتم تجديد التركيبة بشكل دوري عبر القرعة.
وبالنسبة لمجلس الإقليم يتم الترشح إليه من قبل أعضاء المجالس الجهوية بمعدل عضو عن كل جهة.
ويختص مجلس الإقليم بالنظر في المسائل المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية واقتراح المشاريع التنموية ووضع المخططات ومتابعة تنفيذها والحد من الفوارق بين جهاته.
وبعد انتهاء تركيز مجالس الأقاليم (5 أقاليم)، يتم إنشاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان) عبر انتخاب عضو واحد عن كل إقليم و3 أعضاء عن كل مجلس جهوي.
في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية" يتوقع ناصر الهرابي، المدير التنفيذي لمركز "شاهد" لمراقبة الانتخابات بتونس، تسجيل "عزوف واسع سيعمق إشكالية مشروعية الهيئات المنتخبة بعد يوليو 2021"، متحدثا عن "ارتداد في المسار الديمقراطي" الذي دخل فيه هذا البلد المغاربي عقب ثورة 2011.
- ما هو تقييمكم لعدد الترشحات التي توصلت بها الهيئة للانتخابات المقبلة؟
يمكننا وصف عدد الترشحات بـ"الضئيل للغاية" مقارنة بعدد الدوائر الانتخابية البالغ عددها 2153 دائرة. يجب الإشارة أيضا إلى أن بعض الدوائر التي لم يتقدم فيها سوى مترشح وحيد بملفه.
بعملية حسابية يبلغ المعدل نحو 3 مرشحين في كل دائرة ما يجعلنا نقول إنه لا يمكن أن يجري سباق انتخابي جدي.
ويمكن تفسير ضعف عدد الترشحات بالمناخ العام الذي لا يشجع المواطنين على الترشح وأيضا غياب الأحزاب السياسية وعدم حدوث نقاشات مجتمعية حول المرسوم الانتخابي.
- إلى أي مدى تتفق مع من يقول إن "غموض صلاحيات المجالس المحلية ساهم في وضعف عدد الترشحات"؟
إلى حد الآن لم يتم تحديد اختصاصات المجالس المحلية، والمترشحون سيخوضون الحملة الانتخابية دون أن يكونوا على دراية بصلاحياتهم.
هذا يمثل إشكالا حقيقيا للمترشح، إذ لا يعرف ما هي الوعود التي سيقدمها للناخبين وعلى أي أساس قانوني سيقوم بذلك.
هيئة الانتخابات نشرت بعض الومضات التي تحدثت عن صلاحيات المجالس المحلية لكننا نتساءل على أي قانون استندت في ذلك.
- بناء على هذه المعطيات، ما هي توقعاتكم كمجتمع مدني لنسب المشاركة في هذه الانتخابات؟
عدد الترشحات الضئيل يكون مرفوقا بعزوف أيضا فالتجربة بينت أن أكثر نسب مشاركة يتم تسجيلها في الرئاسيات فالتشريعيات ثم تأتي المحليات في مرتبة ثالثة.
وفي غياب الأحزاب السياسية القادرة على تحريك قواعدها وفي ظل عدم وجود تمويل عمومي سنُسجل نسبة مشاركة ضعيفة.
هناك أمر آخر سيؤدي إلى هذه النتيجة وهو أنه لم يتغير أي شي منذ الاستفتاء خاصة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
إجمالا نتوقع أن لا تتجاوز نسبة المشاركة المعدلات المسجلة في التشريعيات الأخيرة(11.22 بالمئة) وهي أدنى نسبة مشاركة سجلت في تاريخ تونس.
- أي دور يمكن للمعارضة أن تلعبه قوى المعارضة في هذه الانتخابات؟
أعتقد أن الأحزاب ستواصل سياسة المقاطعة في ظل استمرار نفس السياقات التي جرت فيها التشريعيات الأخيرة، إذ لم يحدث أي انفتاح على المعارضة.
أحزاب المعارضة ستتغيب مرة أخرى وهذا لا يساعد على بناء الديمقراطية التي تتطلب فضاءات مفتوحة ومتاحة للجميع.
هناك ارتداد على المسار الديمقراطي الذي تم بناءه منذ 10 سنوات، إذ يتم تسييره بإرادة منفردة من ذلك أن مرسوم الانتخابات المقبلة تم إصداره أياما فقط قبل انعقاد مجلس النواب وهو يؤشر على وجود رغبة في تمرير كل المسارات الانتخابية من قبل السلطة التنفيذية.
- تحدثت عن مقاطعة مرتقبة لقوى المعارضة الرئيسية لهذه الانتخابات، إلى أي حد يؤثر ذلك على مشروعية المجالس المحلية؟
مشروعية المجالس المحلية ستكون منقوصة في ظل التوقعات بتسجيل عزوف واضح، مثلما حدث أثناء انتخاب مجلس نواب الشعب.
بالنسبة للسلطة هناك مرور بالقوة حتى لو تم انتخاب هذه المجالس بـ5 بالمئة فقط من مجموع الناخبين لكن ذلك لا يمنع من أن نتحدث عن نقص مشروعية في ظل عدم حصول هذه الهيئات على أصوات أغلبية الجسم الانتخابي.
الآن لم يعد معنى للحديث عن ضعف التمثيلية الشعبية، فالمقياس لم يعد اعتماد المعايير الدولية في هذه الاستحاقاقات إنما تحول الأمر إلى مجرد إجراء انتخابات.
المصدر: أصوات مغاربية