فدوى التومي
فدوى التومي

تتحدث عضوة اللجنة التحضيرية لـ"الملتقى الوطني لذوي الإعاقة" بالمغرب، فدوى التومي، عن أسباب الوقفة الاحتجاجية، التي من المرتقب تنظيمها يوم غد الثلاثاء أمام البرلمان، من طرف الأشخاص في وضعية إعاقة.

وعزت التومي، وهي أيضا منسقة في "تنسيقية السلام الوطنية للأشخاص في وضعية إعاقة"، أسباب هذا الاحتجاج إلى "التهميش والإقصاء ومظاهر التمييز التي تعاني منها هذه الفئة"، وتقول، في حوار مع "أصوات مغاربية" إن ذوي الإعاقة "يعيشون موتا بطيئا بعدما أصبحوا يحسون أنهم عالة على أنفسهم والعائلة والمجتمعب".

نص المقابلة: 

  • دعوتم مؤخرا إلى وقفة احتجاجية للأشخاص في وضعية إعاقة أمام البرلمان، ما هي أسباب هذه الدعوة؟

هذه الوقفة الاحتجاجية كانت في الأصل مقررة يوم 30 مارس الماضي تخليدا لليوم الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب، إلا أنه تم تأجيلها بسبب تزامنها مع شهر رمضان وسوء الأحوال الجوية، لذلك سنخوضها غدا الثلاثاء كمحطة احتجاجية سلمية لإسماع صوتنا ورفع مطالبنا.

أما بخصوص أسبابها، فهي تعزى إلى التهميش والإقصاء ومظاهر التمييز التي يعاني منها الأشخاص في وضعية إعاقة كطبقة هشة ومنسية ودون أدنى مكانة تحفظ كرامتهم، وذلك إثر غياب توفير دعم خاص أو تغطية صحية وتمكينهم من حقهم في التعليم وتوفير الولوجيات لهم، وحتى بالنسبة للدعم الاجتماعي المباشر للأسر فإنه يتم التعامل مع الأشخاص في وضعية إعاقة بنفس شروط استحقاقه للأشخاص العاديين مما يقصي أغلبهم.

وتبعا لذلك، أرى أنه إذا كانت الحكومة ترى بأن الشخص في وضعية إعاقة يشكل عائقا لبرامجها، فأعتقد أن لديها الحل بإقرار الموت الرحيم في حق أي شخص يولد بإعاقة معينة، لأن ذلك سيكون أفضل من الموت البطيء الذي يعيشه اليوم بعد أن أصبح يحس بأنه عالة على نفسه وعائلته ومجتمعه.

  • تبعا لذلك، ما هي أبرز المطالب الأساسية التي ترونها كفيلة لتحسين هذا الواقع الذي تعيشونه اليوم؟ 

نطالب باستفادة الأشخاص في وضعية إعاقة من برنامج الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية وتمكينهم من الدعم المالي المباشر والتأمين الإجباري، وضمان حقهم في الشغل ومجانية النقل السككي والحضري على المستوى الوطني.

بالإضافة إلى إصلاح المنظومة التعليمية لتسهيل الولوج إليها للجميع، وتمكين الطلبة الجامعيين في وضعية إعاقة من منحة تكميلية مع إعفائهم من شرط السن للحصول عليها.

وندعو الحكومة إلى ضرورة ملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة وإصدار النصوص التنظيمية لتفعيل هذه القوانين.

  • ارتباطا بآخر الأرقام الرسمية التي سجلت ارتفاع معدل البطالة إلى 13.7٪ في الثلاثة أشهر الأولى من العام الحالي، هل لديكم أي أرقام أو معطيات حول تشغيل الأشخاص في وضعية إعاقة أو نسبة البطالة في صفوفهم؟

بداية، لابد أن أذكر بأن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن عدد الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب يصل إلى مليون و700 ألف شخص تقريبا عام 2014، إلا أنه اليوم وفق معدل الانتشار فالأكيد أن عددهم وصل إلى أربعة ملايين أو أكثر.

وفي هذا الصدد، فالمفروض أن يتم فرز نسبة 7٪ من المناصب المالية المحدثة في القانون المالي سنويا ودمجها في مباراة موحدة للأشخاص في وضعية إعاقة، بالإضافة إلى نسبة 5٪ التي من المفروض أيضا أن يوفرها القطاع الخاص، إلا أننا نفاجأ في كل سنة من إقصائنا من هذه المناصب.

وأؤكد أن أغلب الأشخاص في وضعية إعاقة يعيشون البطالة وغياب فرص الشغل سواء في القطاع العام أو الخاص، رغم أنهم يتوفرون على إمكانيات العمل لاسيما في المناصب التي لا تتطلب مجهودا لأنهم في الأصل لم يختاروا أن يولدا بهذه الإعاقة.

  • من المقرر أن يناقش المجلس الحكومي المقبل مشروع مرسوم يتعلق بمنح بطاقة الشخص في وضعية إعاقة، ما هي انتظاراتكم منها؟

كانت البطاقة مطلبنا منذ سنوات، ونسجل تأخرا في الإفراج عنها بعد أن ذكرت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، أنها ستصدر في شهر سبتمبر الماضي، حيث تواصلنا معها بخصوص هذا التأخير وقالت إن الأمر ليس بيدها وإنما يرتبط بالتنسيق مع باقي الوزارات لمناقشة مساهمة كل قطاع لهذه الفئة.

وخلال الأسبوع الماضي، استبشرنا خيرا بعد أن كشفت الوزيرة عن قرب إصدار هذه البطاقة إلا أننا تفاجأنا مؤخرا بأنها ستكون فارغة لعدم ربطها بسلة خدمات صحية واجتماعية، وسيتم التدرج في إصدارها لجميع الفئات التي تستحقها على مراحل، كما أن إصدارها سيكون مشروطا بحسب نسبة إعاقة الشخص.

وبالتالي فإن هذه البطاقة بدون نفع ولا قيمة ونرفض الحصول عليها في غياب أي امتيازات يستفيد منها الأشخاص في وضعية إعاقة كالتطبيب والنقل والتخفيض في أسعار الأدوية وغيرها من الحقوق التي يجب توفيرها لنا، وهذا الأمر يتنافى مع الاتفاقية التي صادق عليها المغرب لحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.

 

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

حوار

الفركي: الفساد استفحل والتبليغ عنه يخيف المقاولات المغربية

09 أكتوبر 2024

كشف التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن ربع المقاولات المغربية أقرت بتعرضها لأحد أشكال الفساد خلال الـ12 شهرا الماضية، وذلك في وقت سجلت فيه البلاد إفلاس 14 ألف مقاولة عام 2023.

ولفتت المؤسسة الرسمية خلال تقديمها تقريرها السنوي لعام 2024، الثلاثاء، إلى أن الفساد يكلف المغرب 5 مليارات دولار سنويا ويعيق نمو المقاولات على أكثر من صعيد.

وجاء في التقرير أن المقاولات المغربية تتعرض لأشكال مختلفة من الفساد خاصة عند طلبها التراخيص والصفقات العمومية أو عند طلب الاستفادة من خدمة للمقاولة الحق فيها.

في السياق نفسه، أكدت 26 في المائة من المقاولات، خاصة المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، أنها فقدت صفقة "بشكل من أشكال الفساد"، ما دفع نحو نصفها إلى القول إن الإجراءات التي سنتها الدولة لمكافحة هذه الظاهرة غير كافية.

في هذا الحوار، يعلق عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة على تقرير الهيئة الرسمية وعن الأسباب ونسب انتشار الفساد في القطاع.

نص المقابلة:

  • ما تعليقكم على ما جاء في التقرير وما تفسيركم للأسباب التي دفعت 45  في المائة من المقاولات التي شملتها الدراسة إلى القول إن الفساد زاد خلال العامين الماضيين؟  

بالفعل، زاد الفساد في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد جائحة كورونا، من خلال تقييد عدة ممارسات كانت في الماضي مرتبطة بالحرية الفردية والاقتصادية. على الرغم من انتهاء الجائحة، إلا أن آثارها لا تزال واضحة، مثل الحواجز الأمنية في المداخل والمخارج والطرقات.

لم يتضمن التقرير وضع ومعاناة المقاولات الصغيرة جدا بشكل كاف، حيث تواجه صعوبات في التنقل أيضا بسبب القيود الأمنية والتعسفية في بعض الحواجز الأمنية عبر مداخل ومخارج المدن، من ناحية أخرى، يتم التعاطي بمرونة وترحاب مع الشركات الكبيرة والمسؤولين والأعيان.

عبد الله الفركي، رئيس الكنفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة

نلاحظ أيضا تنامي الرشوة في الصفقات العمومية وطلبات الأداء وخصوصا أن احتكار المقاولات الكبرى للصفقات أدى في بعض الحالات إلى التحايل على القانون واستعمال الرشوة والنفود واستغلال الفساد.  

ظاهرة الرشوة لم تعد خفية، حيث يفرض على المقاولات الصغيرة دفع مبالغ مالية مقابل خدمات يجب أن تكون مجانية. انعدام المحاسبة وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة دفع العديد من الموظفين الصغار إلى ممارسة الفساد وطلب الرشاوى بشكل مستمر.

يجب على الجهات الأمنية رفع الحواجز وتكثيف حملات المراقبة لضبط المخالفين، بدلاً من التركيز على مستخدمي الطرق. إن الاستماع إلى المقاولات الصغيرة جدا والتي تمثل أكتر من 66% من مجموع المقاولات بالمغرب، أثناء دراسة الوضع يمكن أن يفضي إلى نتائج أكثر دقة ويعزز الشفافية ومكافحة الفساد والرشوة.

  • في ظل تعرض 23% من المقاولات لشكل من أشكال الفساد خلال العام الماضي، كيف يؤثر ذلك على قدرة المقاولات المغربية على الحصول على التراخيص الضرورية والتمويل البنكي والفرص التجارية، خاصة في ظل تزايد المقاولات التي تعلن إفلاسها كل عام؟

يمكن القول إن أكثر من 50% من إجمالي المقاولات تتعرض لمشاكل الفساد واستغلال النفوذ والضغط من أجل طلب الرشاوى لإنجاز عمل كان يفترض أن يكون مجانيا وبدون قيود أو شروط. إلا أن الوضع الاقتصادي الحالي ونقص التفتيش والمحاسبة دفع العديد من الإدارات إلى فرض الرشاوى لتنفيذ أعمال ينبغي أن تنجز بسهولة. 

كل هذا بدون تصريح رسمي أو قانوني، بل تحت تهديد بفقدان الفرصة وعدم التقدم، أو "الفاهم يفهم"، وغيرها من المصطلحات الشعبية المستخدمة في مثل هذه الحالات لطلب الرشاوى.

هذه الثقافة دفعت العديد من المقاولين إلى استخدام الأموال والرشاوى للحصول على طلبات قانونية وغير قانونية وتجاوز الإجراءات المعتادة قانونيًا وبفعل هذه الممارسات، تشكلت لدى بعض المقاولين ثقافة شراء بعض المسؤولين بشكل مالي للحفاظ على أنشطتهم المشبوهة أو التي لا تلبي الشروط القانونية، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى التهرب الضريبي.

  • في المقابل، صرحت 6% فقط من المقاولات التي تعرضت لحالة فساد، وفق الدراسة، أنها قدمت شكاية للسلطات، ما الأسباب في نظركم التي لا تشجع أرباب المقاولات المغربية على التبليغ؟

أعتقد أن ذلك طبيعي لأن المقاول بطبعه يخاف من تبعات ذلك، حيث يضطر بعض الموظفين إلى إطلاق الإشاعات لمحاصرة المقاول ومحاربته، وحدث أن قرر بعضهم تغيير مدنهم بسبب ذلك.

من أمثلة ذلك، يتم إشعارنا من بعض المقاولين الذين تعرضوا للابتزاز أو طلب رشوة من بعض الجهات الأمنية والعمومية شفهيا، حيث يخشون إبلاغنا كتابيا خوفا من التبعات التي أشرت إليها.

من جانبنا، نشير في بيانات الكونفدرالية إلى هذه الممارسات وسبق أن أخطرنا الحكومة وطالبنا منها تشديد المراقبة ومحاسبة المتورطين في هذه الممارسات.

  • في السياق نفسه، أشارت الدراسة أيضا إلى ضعف المعرفة لدى مسؤولي المقاولات بالجهات التي يمكنهم اللجوء إليها للتبليغ عن الفساد، ما هي التدابير التي يمكن للكونفدرالية اتخاذها لزيادة الوعي ودعم المقاولات في مواجهة تحديات الفساد؟

فعلا، المقاولون، خصوصا أرباب المقاولات الصغيرة جدا، يجهل بعضهم بعض المساطر والمؤسسات التي يمكنهم اللجوء إليها في حالة تعرضهم للابتزاز، لكن هذا تراجع مؤخرا بفضل المعلومة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي واستطاع بعضهم تدارك هذا النقص.

غير أن الشكايات التي يرفعها هؤلاء لا تؤخذ أحيانا بعين الاعتبار، كما أن بعضهم ومن كثرة مراسلة هذه الجهات دون تلقي أي رد دفع بعضهم إلى فقدان الثقة في هذه المؤسسات.

لذلك نحاول في الكونفدرالية أن نعالج هذه الظواهر ونشير في بياناتنا الرسمية إلى هذا الفساد وإلى كل العوائق التي تعيق مناخ الأعمال بالمغرب.

ومن أمثلة ذلك وقوفنا إلى جانب المتضررين من رفض شركة "البناؤون الشباب"، المملوكة لرئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تسديد مستحقاتهم، كما نساند نحو 50 مقاولة صغيرة وصغيرة جدا من مختلف جهات المغرب في نزاعها مع مصلحة الجمارك التي فرضت عليها أداء فواتير مجحفة.

  • يعتقد حوالي 60% من أرباب المقاولات التي شملتها الدراسة أن التدابير الحكومية لمكافحة الفساد غير كافية، ما المقترحات التي ترون أنها ضرورية حتى يستطيع المغرب القضاء على الفساد وتحسين مناخ الأعمال؟

أعتقد أن النسبة قد تصل إلى 80 في المائة، وذلك أن الكثير من أرباب المقاولات الصغيرة والمتوسطة لا يرون أي تحسن في محاربة الفساد واستغلال النفوذ، بل على العكس نرى أن الظاهرة في تزايد.

للأسف الشديد لم يتحقق بعد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ولن يتحقق ما لم يتم محاسبة المسؤولين الحكوميين أو العموميين على خروقاتهم.

الرشوة أصبحت ظاهرة عادية وباتت تطلب علانية وجهرا، وهذا سلوك أعتقد أنه يستدعي المزيد من الجهود الجادة لمحاربته، لأن الخطابات لم تأت أكلها ولا بد من إجراءات ومساطر تربط المسؤولية بالمحاسبة وترسيخ الشفافية والحكامة في جميع المؤسسات بما فيها الحكومة نفسها.

فبينما تستفيد المقاولات الكبرى من الصفقات ومن الامتيازات يجري إقصاء المقاولات الصغيرة جدا التي تعاني الحرمان من الصفقات ومن حقها في الخدمات العقارية على الرغم من أن هذه المقاولات تشغل لوحدها أكثر من 75 في المائة من اليد العاملة بالمغرب.

المصدر: أصوات مغاربية