محمد التليلي المنصري
الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للانتخابات بتونس، محمد التليلي المنصري

شرعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، الإثنين، بتلقي ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في السادس من أكتوبر القادم، وسط نقاش وجدل بشأن شروط الترشح، إذ يتهم البعض الهيئة بوضع شروط ترشح "معقدة" بغرض "إزاحة" بعض المنافسين من هذا السباق الرئاسي.

وفي وقت سابق، أعلنت الهيئة أن عملية استقبال ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة تنطلق في 29 يوليو الجاري وتستمر حتى السادس من أغسطس المقبل، فيما ستتم مراجعة طلبات الترشح وإصدار قرار بشأنها في العاشر من أغسطس، على أن تعلن قائمة المرشحين المقبولين مبدئيا يوم الأحد 11 أغسطس 2024.

في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية" يتحدث الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للانتخابات بتونس، محمد التليلي المنصري، عن آخر استعدادات الهيئة لإجراء الانتخابات الرئاسية ويوضح موقف الهيئة من الجدل الحاصل بشأن القانون الانتخابي والانتقادات والاتهامات الموجهة إليها علاقة بشروط الترشح، وغيرها من المواضيع.

نص المقابلة:

كيف تقيمون سير التحضيرات للانتخابات الرئاسية التي انطلقت يوم 14 يوليو الجاري؟ وهل سجلتم أي خروقات أثناء إشرافكم على مراقبتها؟

إلى حد الآن يسير تنفيذ الرزنامة التي وضعتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بشكل عادي جدا ووفق الإجراءات التي ضبطتها الهيئة، حيث لم يتم تسجيل أي خروقات خلال الفترة الانتخابية التي انطلقت منذ 14 يوليو علما أن الحملة الانتخابية لم تنطلق بعد.

شرعت الهيئة، الإثنين، في تلقي ملفات الترشح للرئاسيات، كم وصل عدد المترشحين حتى الآن؟ وهل من توصيات بشأن ملفات الترشح؟

لقد دخلنا منذ أمس (الإثنين) في مرحلة قبول ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية، والجميع يعلم أنها مرحلة القبول الإداري وستتواصل إلى غاية 6 أغسطس القادم ثم تليها مرحلة البت في الترشحات وتستمر أربعة أيام ليتم إثرها الإعلان عن النتائج الأولية للمقبولين يوم 11 أغسطس.

إلى حد الآن قدم مترشح وحيد ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية وكان ذلك يوم الإثنين وملفه منقوص من عدة وثائق لكن فترة القبول الإداري التي حددتها هيئة الانتخابات إلى غاية 6 أغسطس تتيح لجميع المترشحين إمكانية استكمال الوثائق المنقوصة خلال هذه الفترة، المهم أن يكون الملف قد استوفى كل الوثائق المطلوبة في الآجال القانونية المحددة.

هناك أطراف سياسية تتهم الهيئة بوضع شروط ترشح "معقدة" بغرض "إقصاء" بعض المنافسين من السباق الرئاسي، ما ردكم على هذه الاتهامات؟

لسنا نحن من وضع شروط الانتخابات بل القانون هو الذي أقرها وهي موجودة منذ سنة 2014 وليست هناك أي إجراءات جديدة ، فقط الإجراء الوحيد الجديد هو الذي ورد في دستور البلاد لسنة 2022 ويتعلق بالسن والجنسية والبطاقة عدد 3 (تتعلق بنقاوة سجل السوابق العدلية) وليس هناك أي تضييق في هذا الجانب.

الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ملتزمة بما تعهدت به وهو الحياد تجاه جميع المترشحين لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم السياسية.

كيف ستتعامل الهيئة مع المرشحين من داخل السجون؟ وماذا عن عدم تمكن عدد منهم من الحصول على البطاقة عدد 3 والتوكيل القانوني الخاص للحصول على استمارة التزكية؟

ما ؤأكده أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تطبق القانون على الجميع على حد سواء، ولا تخصّ فئة معينة بإجراءات خاصة لأن هيئة الانتخابات كقاعدة قانونية تتجه للجميع سواء كانوا مسجونين أو من هم في حالة مرض أو في حالة سفر، الجميع سواسية ونفس الإجراءات تطبق منذ سنة 2014.

و في ما يتعلق باشتراط التوكيل القانوني الخاص فهو إجراء قديم وليس جديدا نظرا لما تكتسيه الانتخابات الرئاسية من أهمية بالغة، لذلك ينص القانون على حضور المترشح للرئاسيات بصفة شخصية أو من يمثله بمقتضى توكيل قانوني خاص عند تسلم وثائق أو تقديم ملف الترشح.

كيف ستعمل الهيئة على ضمان مشاركة مكثفة في الرئاسيات في ظل ما يصفه مهتمون بالشأن الانتخابي بـ"عزوف" عن المشاركة في المحطات الانتخابية التي شهدتها البلاد عقب إجراءات 25 يوليو 2021؟

بالنسبة لنا كهيئة انتخابات سنعمل على تطبيق نفس الاستراتيجية في علاقة بالحملات التحسيسية وفي إطار تنفيذ الرزنامة التي تم ضبطها، سيكون هناك برنامج للتحسيس بموعد 6 أكتوبر القادم. وما نلاحظه أن الانتخابات الرئاسية تحظى باهتمام معتبر من قبل التونسيين لذلك نحن واثقون من أن نسب المشاركة فيها مهمة، على خلاف انتخابات المجالس المحلية والتشريعية.

أود أن أذكر بأن المجال مفتوح أمام كل من له الحق في الحصول على بطاقة اعتماد من أجل متابعة وملاحظة الانتخابات القادمة، من مجتمع مدني وصحفيين وإعلاميين وملاحظين محليين ودوليين، وأشير إلى أن هيئة الانتخابات انطلقت في إسناد بطاقات الاعتماد وهي تعتبر أكبر ضمانة لقبول النتائج.

كما أشدد في هذا السياق على أنه لا خوف على هذا المسار على اعتبار أنه لدينا ضمانات كبيرة في تونس لقبول النتائج وشفافيتها ونزاهتها من خلال رقابة المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات والمجتمع المدني والملاحظين على كامل هذا المسار الانتخابي.

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

حوار

الفركي: الفساد استفحل والتبليغ عنه يخيف المقاولات المغربية

09 أكتوبر 2024

كشف التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن ربع المقاولات المغربية أقرت بتعرضها لأحد أشكال الفساد خلال الـ12 شهرا الماضية، وذلك في وقت سجلت فيه البلاد إفلاس 14 ألف مقاولة عام 2023.

ولفتت المؤسسة الرسمية خلال تقديمها تقريرها السنوي لعام 2024، الثلاثاء، إلى أن الفساد يكلف المغرب 5 مليارات دولار سنويا ويعيق نمو المقاولات على أكثر من صعيد.

وجاء في التقرير أن المقاولات المغربية تتعرض لأشكال مختلفة من الفساد خاصة عند طلبها التراخيص والصفقات العمومية أو عند طلب الاستفادة من خدمة للمقاولة الحق فيها.

في السياق نفسه، أكدت 26 في المائة من المقاولات، خاصة المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، أنها فقدت صفقة "بشكل من أشكال الفساد"، ما دفع نحو نصفها إلى القول إن الإجراءات التي سنتها الدولة لمكافحة هذه الظاهرة غير كافية.

في هذا الحوار، يعلق عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة على تقرير الهيئة الرسمية وعن الأسباب ونسب انتشار الفساد في القطاع.

نص المقابلة:

  • ما تعليقكم على ما جاء في التقرير وما تفسيركم للأسباب التي دفعت 45  في المائة من المقاولات التي شملتها الدراسة إلى القول إن الفساد زاد خلال العامين الماضيين؟  

بالفعل، زاد الفساد في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد جائحة كورونا، من خلال تقييد عدة ممارسات كانت في الماضي مرتبطة بالحرية الفردية والاقتصادية. على الرغم من انتهاء الجائحة، إلا أن آثارها لا تزال واضحة، مثل الحواجز الأمنية في المداخل والمخارج والطرقات.

لم يتضمن التقرير وضع ومعاناة المقاولات الصغيرة جدا بشكل كاف، حيث تواجه صعوبات في التنقل أيضا بسبب القيود الأمنية والتعسفية في بعض الحواجز الأمنية عبر مداخل ومخارج المدن، من ناحية أخرى، يتم التعاطي بمرونة وترحاب مع الشركات الكبيرة والمسؤولين والأعيان.

عبد الله الفركي، رئيس الكنفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة

نلاحظ أيضا تنامي الرشوة في الصفقات العمومية وطلبات الأداء وخصوصا أن احتكار المقاولات الكبرى للصفقات أدى في بعض الحالات إلى التحايل على القانون واستعمال الرشوة والنفود واستغلال الفساد.  

ظاهرة الرشوة لم تعد خفية، حيث يفرض على المقاولات الصغيرة دفع مبالغ مالية مقابل خدمات يجب أن تكون مجانية. انعدام المحاسبة وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة دفع العديد من الموظفين الصغار إلى ممارسة الفساد وطلب الرشاوى بشكل مستمر.

يجب على الجهات الأمنية رفع الحواجز وتكثيف حملات المراقبة لضبط المخالفين، بدلاً من التركيز على مستخدمي الطرق. إن الاستماع إلى المقاولات الصغيرة جدا والتي تمثل أكتر من 66% من مجموع المقاولات بالمغرب، أثناء دراسة الوضع يمكن أن يفضي إلى نتائج أكثر دقة ويعزز الشفافية ومكافحة الفساد والرشوة.

  • في ظل تعرض 23% من المقاولات لشكل من أشكال الفساد خلال العام الماضي، كيف يؤثر ذلك على قدرة المقاولات المغربية على الحصول على التراخيص الضرورية والتمويل البنكي والفرص التجارية، خاصة في ظل تزايد المقاولات التي تعلن إفلاسها كل عام؟

يمكن القول إن أكثر من 50% من إجمالي المقاولات تتعرض لمشاكل الفساد واستغلال النفوذ والضغط من أجل طلب الرشاوى لإنجاز عمل كان يفترض أن يكون مجانيا وبدون قيود أو شروط. إلا أن الوضع الاقتصادي الحالي ونقص التفتيش والمحاسبة دفع العديد من الإدارات إلى فرض الرشاوى لتنفيذ أعمال ينبغي أن تنجز بسهولة. 

كل هذا بدون تصريح رسمي أو قانوني، بل تحت تهديد بفقدان الفرصة وعدم التقدم، أو "الفاهم يفهم"، وغيرها من المصطلحات الشعبية المستخدمة في مثل هذه الحالات لطلب الرشاوى.

هذه الثقافة دفعت العديد من المقاولين إلى استخدام الأموال والرشاوى للحصول على طلبات قانونية وغير قانونية وتجاوز الإجراءات المعتادة قانونيًا وبفعل هذه الممارسات، تشكلت لدى بعض المقاولين ثقافة شراء بعض المسؤولين بشكل مالي للحفاظ على أنشطتهم المشبوهة أو التي لا تلبي الشروط القانونية، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى التهرب الضريبي.

  • في المقابل، صرحت 6% فقط من المقاولات التي تعرضت لحالة فساد، وفق الدراسة، أنها قدمت شكاية للسلطات، ما الأسباب في نظركم التي لا تشجع أرباب المقاولات المغربية على التبليغ؟

أعتقد أن ذلك طبيعي لأن المقاول بطبعه يخاف من تبعات ذلك، حيث يضطر بعض الموظفين إلى إطلاق الإشاعات لمحاصرة المقاول ومحاربته، وحدث أن قرر بعضهم تغيير مدنهم بسبب ذلك.

من أمثلة ذلك، يتم إشعارنا من بعض المقاولين الذين تعرضوا للابتزاز أو طلب رشوة من بعض الجهات الأمنية والعمومية شفهيا، حيث يخشون إبلاغنا كتابيا خوفا من التبعات التي أشرت إليها.

من جانبنا، نشير في بيانات الكونفدرالية إلى هذه الممارسات وسبق أن أخطرنا الحكومة وطالبنا منها تشديد المراقبة ومحاسبة المتورطين في هذه الممارسات.

  • في السياق نفسه، أشارت الدراسة أيضا إلى ضعف المعرفة لدى مسؤولي المقاولات بالجهات التي يمكنهم اللجوء إليها للتبليغ عن الفساد، ما هي التدابير التي يمكن للكونفدرالية اتخاذها لزيادة الوعي ودعم المقاولات في مواجهة تحديات الفساد؟

فعلا، المقاولون، خصوصا أرباب المقاولات الصغيرة جدا، يجهل بعضهم بعض المساطر والمؤسسات التي يمكنهم اللجوء إليها في حالة تعرضهم للابتزاز، لكن هذا تراجع مؤخرا بفضل المعلومة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي واستطاع بعضهم تدارك هذا النقص.

غير أن الشكايات التي يرفعها هؤلاء لا تؤخذ أحيانا بعين الاعتبار، كما أن بعضهم ومن كثرة مراسلة هذه الجهات دون تلقي أي رد دفع بعضهم إلى فقدان الثقة في هذه المؤسسات.

لذلك نحاول في الكونفدرالية أن نعالج هذه الظواهر ونشير في بياناتنا الرسمية إلى هذا الفساد وإلى كل العوائق التي تعيق مناخ الأعمال بالمغرب.

ومن أمثلة ذلك وقوفنا إلى جانب المتضررين من رفض شركة "البناؤون الشباب"، المملوكة لرئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تسديد مستحقاتهم، كما نساند نحو 50 مقاولة صغيرة وصغيرة جدا من مختلف جهات المغرب في نزاعها مع مصلحة الجمارك التي فرضت عليها أداء فواتير مجحفة.

  • يعتقد حوالي 60% من أرباب المقاولات التي شملتها الدراسة أن التدابير الحكومية لمكافحة الفساد غير كافية، ما المقترحات التي ترون أنها ضرورية حتى يستطيع المغرب القضاء على الفساد وتحسين مناخ الأعمال؟

أعتقد أن النسبة قد تصل إلى 80 في المائة، وذلك أن الكثير من أرباب المقاولات الصغيرة والمتوسطة لا يرون أي تحسن في محاربة الفساد واستغلال النفوذ، بل على العكس نرى أن الظاهرة في تزايد.

للأسف الشديد لم يتحقق بعد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ولن يتحقق ما لم يتم محاسبة المسؤولين الحكوميين أو العموميين على خروقاتهم.

الرشوة أصبحت ظاهرة عادية وباتت تطلب علانية وجهرا، وهذا سلوك أعتقد أنه يستدعي المزيد من الجهود الجادة لمحاربته، لأن الخطابات لم تأت أكلها ولا بد من إجراءات ومساطر تربط المسؤولية بالمحاسبة وترسيخ الشفافية والحكامة في جميع المؤسسات بما فيها الحكومة نفسها.

فبينما تستفيد المقاولات الكبرى من الصفقات ومن الامتيازات يجري إقصاء المقاولات الصغيرة جدا التي تعاني الحرمان من الصفقات ومن حقها في الخدمات العقارية على الرغم من أن هذه المقاولات تشغل لوحدها أكثر من 75 في المائة من اليد العاملة بالمغرب.

المصدر: أصوات مغاربية