جنود موريتانيون من أفراد قوة الساحل خلال تأمينهم للحدود مع مالي شهر نونبر الماضي
جنود موريتانيون من أفراد قوة الساحل خلال تأمينهم للحدود مع مالي

تمر العلاقات بين موريتانيا وجارتها الشرقية مالي بفترة من الهدوء الحذر الذي يتزامن مع توتر مستمر في العاصمة باماكو بعد هجوم نفذته جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة، في أغسطس، أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.

وتعد هذه العملية الأعنف في الفترة الأخيرة، إذ خلفت مقتل أكثر من 70 شخصا، بحسب ما ذكرت وكالة فرانس برس.

وتربط موريتانيا حدود مشتركة تتجاوز ألفي كيلومتر مع جارتها الشرقية مالي التي يشهد شمالها توترا أمنيا منذ سنوات، وزادت حدته خلال الشهور الأخيرة إثر عودة الصراع المسلح بين قوات الجيش المالي ومقاتلي أزواد المطالبين بالانفصال بالتزامن مع هجمات ينفذها تنظيم القاعدة من حين لآخر ضد القوات الحكومية.

في هذا الحوار، يتحدث العقيد المتقاعد في الجيش الموريتاني والخبير في الشؤون الإستراتيجية والأمنية، البخاري ولد محمد مؤمل، عن تداعيات ما تعيشه مالي من أوضاع أمنية وتهديدات إرهابية على موريتانيا وعن الجهود التي تبدلها بلاده للتكيف مع هذه التطورات مستقبلا.

العقيد المتقاعد والباحث في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، البخاري محمد مؤمل

نص المقابلة:

  • صارت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" الموالية لتنظيم القاعدة الإرهابي طرفا أساسيا في التوترات المستمرة في منطقة الساحل، هل من تهديد لهذه الجماعة المسلحة على أمن موريتانيا؟

الأوضاع متهورة جدا في مالي وتشكل فعلا تهديدا على أمن موريتانيا وهذا التهديد لا تشكله فقط الجماعات المسلحة كجماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم داعش، وإنما أيضا حركات الطوارق المتمردة على الدولة المالية، والتي تنتشر بقوة في شمال مالي قرب الحدود الموريتانية.

خطر هذه الجماعات دفع بالكثير من اللاجئين إلى الفرار إلى الأراضي الموريتانية ويشكل هؤلاء اليوم ضغطا على المجتمعات المضيفة كما يشكل بعضهم تهديدا أيضا على أمن موريتانيا لأن هذه الجماعات تستغل هذا الوضع وتندس بعض أعضائها بين اللاجئين.

التهديد إذن موجود وعلى الدولة الموريتانية أن تأخذ بعين الاعتبار هذه التطورات وأن تستعد لتداعياتها.

  • إلى جانب التغيير الذي لحق بالأنظمة السياسية في بعض دول الساحل، هل يمكن تفسير تصاعد الجماعات الإرهابية في المنطقة بالفراغ الذي خلفه انسحاب القوات الفرنسية من مالي في العامين الماضيين؟

فعلا، انسحاب القوات الفرنسية والقوات الأممية والأوروبية بشكل عام من مالي طرح العديد من التحديات لأن الطبيعة تخشى الفراغ وهذا الفراغ ما يزال قائما إلى اليوم.

أعتقد أن دول المنطقة لم تعد ملكا لأية قوة خارجية سواء كانت استعمارية أو روسيا، ويجب على دول المنطقة أن تتعاون مع الجميع لدحر هذه التهديدات.

لكن السؤال اليوم، هل أعاد انسحاب هذه القوات من مالي الأمن إلى البلاد أو المنطقة؟ الجواب طبعا لا، بل زاد الوضع سوءا في الآونة الأخيرة حتى بعد أن حاول النظام المالي سد هذا الفراغ بقوات فاغنر الروسية، ما يطرح إشكالية جيوسياسية بشأن التعاون العسكري في منطقة الساحل.

دول المنطقة لم تعد ملكا لأية قوة خارجية سواء استعمارية أو روسيا، ويجب عليها أن تتعاون مع الجميع لدحر  التهديدات

موريتانيا تعي جيدا هذه المتغيرات وتحاول من جانبها الاستعداد لمواجهة تداعياتها من خلال تعاونها مع عدد من الأطراف الدولية كالاتحاد الأوروبي وحلف الشمال الأطلسي.

  • في ظل هذه الأوضاع، هل تحتاج موريتانيا لمقاربة أمنية جديدة في ظل هذه التحولات التي تشهدها المنطقة؟

فعلا المقاربة الأمنية الموريتانية كما هو حال المقاربات الأمنية في كل الدول تحتاج إلى التحيين من وقت لآخر ولا شك أن السلطات تعمل على ذلك وتعي جيدا حجم التغيرات الجيوسياسية في المنطقة وما ينتج عنها من تهديدات وإكراهات أمنية.

  • في السياق نفسه، استعرض الجيش الموريتاني في يونيو الماضي نماذج من عتاد عسكري جديد اقتناه مؤخرا، كيف تابعت هذا الإعلان وهل لهذا العتاد علاقة بالأوضاع في مالي؟

موريتانيا أعلنت فعلا الحصول على منظومة أسلحة جديدة مؤخرا، من بينها طائرات بدون طيار، وهذا أتى في وقت كان فيها المواطنون يتساءلون؛أين نحن من المسيرات التي صارت اليوم من أهم المنظومات العسكرية المستخدمة في جميع المستويات وموريتانيا أجابت على هذا السؤال بإعلانها اقتناء أسلحة متطورة ومسيرات جديدة قابلة للاستخدام في جميع التراب الوطني.

البلاد تواكب من جانبها التدهور الأمني على طول حدودها الشرقية

موريتانيا من أكبر الدول العربية مساحة، وهذه المسيرات لها مجال حركة واسع نسبيا مما يسمح لها بتغطية التراب الوطني.

يوضح هذا الإعلان أيضا أن البلاد تواكب من جانبها التدهور الأمني على طول حدودها الشرقية والدليل على ذلك إشراف رئيس الجمهورية بنفسه على استعراض هذا العتاد العسكري.

  • موازاة مع ذلك، يعلن الجيش من حين لآخر تنظيم مناورات عسكرية قرب الحدود المالية، ألا تخشى أن تغذي هذه المناورات مزيدا من التوتر بين البلدين؟

هذه المناورات متعددة الأهداف، أولها هي رسالة ردع من خلال استعراض القوة لتحذير العدو المحتمل وهدف استخباراتي وذلك أن هذه المناورات تمكن الجيش من الحصول على معلومات حول طبيعة التهديد ومعلومات طبوغرافية حول المنطقة التي تجرى فيها، ثم هدف ثالث يستهدف بعث رسالة طمأنة وثقة للمواطنين.

 

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

ياسمينة خضرا
الروائي الجزائري محمد مولسهول المعروف باسم ياسمينة خضرا

تأسف الروائي الجزائري، محمد مولسهول، الشهير باسم ياسمينة خضرا، للخلاف المستمر بين بلاده والمغرب ولتداعياته على الشعبين وعلى المنطقة المغاربية بشكل عام.

وفي حوار مع المجلة الفرنسية "جون أفريك" بمناسبة صدور روايته الجديدة "قلب اللوز"، تحدث الروائي الجزائري عن ارتفاع منسوب التوتر بين بلاده والمغرب في السنوات الأخيرة.

وياسمينة خضرا هو الاسم المستعار للكاتب الجزائري محمد مولسهول، الضابط المتقاعد من الجيش الجزائري برتبة رائد، هاجر إلى فرنسا بعد نهاية خدمته في نهاية التسعينيات وتفرّغ لكتابة الرواية باللغة الفرنسية ولقي نجاحا عالميا.

وقال خضرا تعليقا على الخلاف المستمر بين الجزائر والمغرب إنه يشعر بـ"الاشمئزاز" إزاء "الإهانات الفظة التي يوجهها المعسكران لبعضها البعض على شبكات التواصل الاجتماعي وفي وسائل إعلام".

ويرى الروائي في المشروع المغاربي سبيلا لتجاوز التوترات التي تعطل، وفقه، مستقبل أبناء المنطقة، كما يرى فيه "بوابة للتحرر النهائي لدول المنطقة".

وأشار إلى أن سكان تونس والجزائر والمغرب يشكلون شعبا واحدا غنيا بموارده الطبيعية وبعبقرية أبنائه محذرا في الوقت نفسه من "مفترسين" قال إنهم لن يذخروا أي جهد لمنع تحقيق هذه الغاية.

وسبق للروائي الجزائري أن عبر عن خيبة أمله من استمرار غلق الحدود بين المغرب والجزائر واصفا في حوار سابق مع صحيفة فرنسية أصحاب القرار في البلدين الجارين بـ"عديمي المسؤولية".

وقال حينها "شعوب المنطقة المغاربية أمة واحدة، أمة إفريقية متوسطية غنية بمزيجها وبتاريخها ولديهم كل الوسائل لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم".

وأضاف "كل ما علينا فعله هو أن ندرك ذلك ونستعيد ما سلب منا، الحرية في أن نكون ما نريد، أمة متجانسة وموحدة وأخوية".

في رصيد خضرا الأدبي أكثر من ٣٠ رواية أهمها؛ "الاعتداء" و"سنونوات كابل" و"فضل الليل على النهار"، لقيت أعماله رواجا كبيرا وترجمت إلى عشرات اللغات، كما اقتُبس بعضها لتحويله إلى أعمال سينمائية مثل رواية "فضل الليل على النهار"، التي حولت إلى عمل تلفزيوني فرنسي العام 2010، وأيضا رواية "الاعتداء" التي قرر العملاق الأميركي "نتفليكس" إنتاجها منذ سنتين.

المصدر: أصوات مغاربية