جانب من السوق الكبير بالعاصمة الموريتانية نواكشوط (أرشيف)
جانب من السوق الكبير بالعاصمة الموريتانية نواكشوط (أرشيف)

مر نحو شهر على إعلان الحكومة الموريتانية الجديدة عن توقيع اتفاق مع اتحادية التجارة بهدف خفض أسعار المواد الغذائية الأساسية، غير أن هذا الاتفاق ما يزال محل جدل ونقاش واسعين في البلاد.

ووقع الاتفاق في 4 سبتمبر بين وزارة التجارة والسياحة، واتحادية التجارة، واستهدف تخفيض أسعار المواد الغذائية الأساسية، وهي السكر، والأرز، والزيت الغذائي، والقمح، واللبن المركز، بالإضافة إلى غاز البوتان طيلة الأشهر المتبقية من هذا العام على أن يتم تقييم هذه الأسعار بداية السنة المقبلة.

وبموجب الاتفاق، حددت الحكومة انتقال سعر الكيلوغرام الواحد من السكر من 400 أوقية قديمة (نحو دولار واحد) إلى 310 أوقيات قديمة (0.75 دولار) وسعر كيلو غرام من الأزر من 350 أوقية قديمة (0.88 دولار) إلى 320 أوقية قديمة (0.80 دولار).

جدول يوضح مقارنة أسعار المواد الأساسية قبل وبعد التخفيض #وزارة_التجارة_والسياحة

Posted by ‎وزارة التجارة والصناعة والصناعة التقليدية والسياحة Ministère du Commerce‎ on Thursday, September 5, 2024

وحدد الاتفاق سعر بيع الزيت النباتي بالتقسيط في 580 أوقية قديمة (1.46 دولار) بدل 700 أوقية قديمة (1.77 دولار) والقمح واللبن المركز من 200 أوقية (0.50 دولار) إلى 130 و170 أوقية (0.32 و0.42 دولار).

ونوهت وزيرة التجارة والسياحة وزيرة زينب احمدناه بالاتفاق، وقالت في تصريحات صحافية إنه سيمكن من حماية المواطن من المضاربات التي يشهدها السوق.

أشرفت معالي وزيرة التجارة والسياحة السيدة زينب احمدناه، اليوم الجمعة في نواكشوط، على انطلاق عملية إنفاذ وتعليق لائحة...

Posted by ‎وزارة التجارة والصناعة والصناعة التقليدية والسياحة Ministère du Commerce‎ on Friday, September 6, 2024

موازاة مع ذلك، أطلقت السلطات الموريتانية حملة ميدانية لتفقد تنفيذ الأسعار الجديدة في عدد من مناطق البلاد.

في المقابل، انتقد تجار التجزئة في موريتانيا هذا الاتفاق وعبروا في وقفة احتجاجية نظمت بنواكشوط في 20 سبتمبر عن رفضهم له.

وقال تجار في تصريحات صحفية إن الاتفاق أضر بتجارتهم وطالبوا الحكومة بسحبه لمراجعته.

بدوره، يتحدث أحمد الناهي، الأمين العام لمنتدى المستهلك الموريتاني في هذا الحوار عن انتقادات المنتدى لهذا الاتفاق وعن تقييمه للجهود الحكومية بشكل عام لاحتواء ارتفاع أسعار المواد الأساسية.

نص المقابلة:

  • كيف تابع المنتدى الاتفاق الذي وقعته الحكومة مع اتحادية التجارة مؤخرا بهدف خفض أسعار المواد الغذائية الأساسية، وهل استشارتكم الحكومة خلال إعداده؟  

للأسف، هذا الاتفاق خيب آمال منتدى المستهلك الموريتاني، لأنه لا يعتمد على أطر قانونية وتنظيمية قابلة لتطبيقه، وبالتالي فالأمر يتعلق باتفاق وليس قانونا خاصا بتسقيف الأسعار.

إن الاتفاق الذي وقعته الحكومة مع اتحادية التجارية، التي تمثل كبار التجار، نوع من التهرب من فرض وتطبيق القوانين المنظمة للتجارة والمجرّمة للاحتكار.

الأمين العام لمنتدى المستهلك الموريتاني أحمد ولد الناهي

وجوابا على الشق الثاني من السؤال، الحكومة لم تستشرنا في الإعداد لهذا الاتفاق وذلك لأن المنتدى يطالب بمكافحة الاحتكار والمضاربة وتطبيق القانون وبإشراك القضاء في هذه العملية، وهذا ما تتهرب منه الإدارة.

  • ما هي أبرد الملاحظات أو المؤخذات التي سجلتموها على هذا الاتفاق؟

الاتفاق من الناحية الشكلية شمل 5 مواد، بينها السكر والأرز كمواد أساسية واللبن المركز وبالتالي هو لم يشمل كل المواد الأساسية.

الملاحظ أيضا أن الاتفاق استفاد منه كبار التجار الذين وقعوا عليه بينما فرض هامش ربح معين على صغار الباعة وأصحاب المحلات التجارية الخاصة بالتقسيط.

  • الا ترى أن هذه الخطوة تبقى مهمة لاحتواء ارتفاع الأسعار خاصة وأن الحكومة تحدثت عن إحداث آلية لضبط ومراقبة الأسعار بشكل دوري؟  

نحن في منتدى المستهلك الموريتاني نرحب بكل خطوة تساهم في كبح جماح الأسعار، ولكنه للأسف الشديد غالبا ما تقتصر هذه المراقبة على فرض غرامات بسيطة على المخالفين حتى أصبحت هذه الغرامات مجرد وسيلة لتحصيل بعض الأموال وضخها في الخزانة العامة.

لا بد أن يكون موضوع مراقبة الأسعار صارما وأن يتم تغريم المخالفين بغرامات ثقيلة ورادعة حتى نستطيع احتواء هذا ارتفاع.

  • ينتقد المنتدى من حين لآخر غياب سلطة حكومية على التجار، هل السبب راجع في نظرك لاعتبارات تنظيمية أم لغياب قوانين تجرم المضاربة والاحتكار؟  

علاقة الدولة بالتجار علاقة بات يطبعها الكثير من التداخل، حيث أصبح التجار يفرضون نفوذهم على الجهات الإدارية ما شجعهم على الاستمرار في المضاربة وفي احتكار استراد بعض المواد ويتهربون بذلك من استحقاقات قانونية واضحة كالتصريح بفواتيرهم أو بكلفة بضاعتهم.

الجهات الإدارية لا تتحدث عن هذا الموضوع نهائيا وتتهرب منه بتوقيع مثل هذه الاتفاقيات التي لم تأت في تجارب سابقة بأي نتائج وذلك لأن تطبيقها يحتاج أيضا إلى الكثير من الوسائل اللوجستية بالنظر إلى أن عددا من المحلات التجارية منتشر بشكل فوضوي في مختلف مناطق البلاد.

  • شهدت موريتانيا في الأعوام الأخيرة طفرة ملحوظة في إنتاجها الزراعي، وتقول الحكومة إنها ثمرة إجراءات تهدف لتحقيق اكتفاء ذاتي. هل نجحت موريتانيا في نظرك في تحقيق اكتفاء ذاتي في بعض المواد الغذائية الأساسية؟

لدى موريتانيا الكثير من المقدرات، ولكنه وللأسف الشديد يعاني المزارعون من ضعف التدخل الإداري في الوقت المناسب.

وذلك أنه لا توجد في موريتانيا أي سوق للمواد الزراعية ولا سوق لبيع البذور وبالتالي يكون المزارع معرضا للكثير من الآفات، زد على ذلك غياب بنى تحتية للتخزين والتبريد وغياب أسواق لتسويق منتوجاتهم.

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

حوار

الفركي: الفساد استفحل والتبليغ عنه يخيف المقاولات المغربية

09 أكتوبر 2024

كشف التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن ربع المقاولات المغربية أقرت بتعرضها لأحد أشكال الفساد خلال الـ12 شهرا الماضية، وذلك في وقت سجلت فيه البلاد إفلاس 14 ألف مقاولة عام 2023.

ولفتت المؤسسة الرسمية خلال تقديمها تقريرها السنوي لعام 2024، الثلاثاء، إلى أن الفساد يكلف المغرب 5 مليارات دولار سنويا ويعيق نمو المقاولات على أكثر من صعيد.

وجاء في التقرير أن المقاولات المغربية تتعرض لأشكال مختلفة من الفساد خاصة عند طلبها التراخيص والصفقات العمومية أو عند طلب الاستفادة من خدمة للمقاولة الحق فيها.

في السياق نفسه، أكدت 26 في المائة من المقاولات، خاصة المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، أنها فقدت صفقة "بشكل من أشكال الفساد"، ما دفع نحو نصفها إلى القول إن الإجراءات التي سنتها الدولة لمكافحة هذه الظاهرة غير كافية.

في هذا الحوار، يعلق عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة على تقرير الهيئة الرسمية وعن الأسباب ونسب انتشار الفساد في القطاع.

نص المقابلة:

  • ما تعليقكم على ما جاء في التقرير وما تفسيركم للأسباب التي دفعت 45  في المائة من المقاولات التي شملتها الدراسة إلى القول إن الفساد زاد خلال العامين الماضيين؟  

بالفعل، زاد الفساد في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد جائحة كورونا، من خلال تقييد عدة ممارسات كانت في الماضي مرتبطة بالحرية الفردية والاقتصادية. على الرغم من انتهاء الجائحة، إلا أن آثارها لا تزال واضحة، مثل الحواجز الأمنية في المداخل والمخارج والطرقات.

لم يتضمن التقرير وضع ومعاناة المقاولات الصغيرة جدا بشكل كاف، حيث تواجه صعوبات في التنقل أيضا بسبب القيود الأمنية والتعسفية في بعض الحواجز الأمنية عبر مداخل ومخارج المدن، من ناحية أخرى، يتم التعاطي بمرونة وترحاب مع الشركات الكبيرة والمسؤولين والأعيان.

عبد الله الفركي، رئيس الكنفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة

نلاحظ أيضا تنامي الرشوة في الصفقات العمومية وطلبات الأداء وخصوصا أن احتكار المقاولات الكبرى للصفقات أدى في بعض الحالات إلى التحايل على القانون واستعمال الرشوة والنفود واستغلال الفساد.  

ظاهرة الرشوة لم تعد خفية، حيث يفرض على المقاولات الصغيرة دفع مبالغ مالية مقابل خدمات يجب أن تكون مجانية. انعدام المحاسبة وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة دفع العديد من الموظفين الصغار إلى ممارسة الفساد وطلب الرشاوى بشكل مستمر.

يجب على الجهات الأمنية رفع الحواجز وتكثيف حملات المراقبة لضبط المخالفين، بدلاً من التركيز على مستخدمي الطرق. إن الاستماع إلى المقاولات الصغيرة جدا والتي تمثل أكتر من 66% من مجموع المقاولات بالمغرب، أثناء دراسة الوضع يمكن أن يفضي إلى نتائج أكثر دقة ويعزز الشفافية ومكافحة الفساد والرشوة.

  • في ظل تعرض 23% من المقاولات لشكل من أشكال الفساد خلال العام الماضي، كيف يؤثر ذلك على قدرة المقاولات المغربية على الحصول على التراخيص الضرورية والتمويل البنكي والفرص التجارية، خاصة في ظل تزايد المقاولات التي تعلن إفلاسها كل عام؟

يمكن القول إن أكثر من 50% من إجمالي المقاولات تتعرض لمشاكل الفساد واستغلال النفوذ والضغط من أجل طلب الرشاوى لإنجاز عمل كان يفترض أن يكون مجانيا وبدون قيود أو شروط. إلا أن الوضع الاقتصادي الحالي ونقص التفتيش والمحاسبة دفع العديد من الإدارات إلى فرض الرشاوى لتنفيذ أعمال ينبغي أن تنجز بسهولة. 

كل هذا بدون تصريح رسمي أو قانوني، بل تحت تهديد بفقدان الفرصة وعدم التقدم، أو "الفاهم يفهم"، وغيرها من المصطلحات الشعبية المستخدمة في مثل هذه الحالات لطلب الرشاوى.

هذه الثقافة دفعت العديد من المقاولين إلى استخدام الأموال والرشاوى للحصول على طلبات قانونية وغير قانونية وتجاوز الإجراءات المعتادة قانونيًا وبفعل هذه الممارسات، تشكلت لدى بعض المقاولين ثقافة شراء بعض المسؤولين بشكل مالي للحفاظ على أنشطتهم المشبوهة أو التي لا تلبي الشروط القانونية، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى التهرب الضريبي.

  • في المقابل، صرحت 6% فقط من المقاولات التي تعرضت لحالة فساد، وفق الدراسة، أنها قدمت شكاية للسلطات، ما الأسباب في نظركم التي لا تشجع أرباب المقاولات المغربية على التبليغ؟

أعتقد أن ذلك طبيعي لأن المقاول بطبعه يخاف من تبعات ذلك، حيث يضطر بعض الموظفين إلى إطلاق الإشاعات لمحاصرة المقاول ومحاربته، وحدث أن قرر بعضهم تغيير مدنهم بسبب ذلك.

من أمثلة ذلك، يتم إشعارنا من بعض المقاولين الذين تعرضوا للابتزاز أو طلب رشوة من بعض الجهات الأمنية والعمومية شفهيا، حيث يخشون إبلاغنا كتابيا خوفا من التبعات التي أشرت إليها.

من جانبنا، نشير في بيانات الكونفدرالية إلى هذه الممارسات وسبق أن أخطرنا الحكومة وطالبنا منها تشديد المراقبة ومحاسبة المتورطين في هذه الممارسات.

  • في السياق نفسه، أشارت الدراسة أيضا إلى ضعف المعرفة لدى مسؤولي المقاولات بالجهات التي يمكنهم اللجوء إليها للتبليغ عن الفساد، ما هي التدابير التي يمكن للكونفدرالية اتخاذها لزيادة الوعي ودعم المقاولات في مواجهة تحديات الفساد؟

فعلا، المقاولون، خصوصا أرباب المقاولات الصغيرة جدا، يجهل بعضهم بعض المساطر والمؤسسات التي يمكنهم اللجوء إليها في حالة تعرضهم للابتزاز، لكن هذا تراجع مؤخرا بفضل المعلومة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي واستطاع بعضهم تدارك هذا النقص.

غير أن الشكايات التي يرفعها هؤلاء لا تؤخذ أحيانا بعين الاعتبار، كما أن بعضهم ومن كثرة مراسلة هذه الجهات دون تلقي أي رد دفع بعضهم إلى فقدان الثقة في هذه المؤسسات.

لذلك نحاول في الكونفدرالية أن نعالج هذه الظواهر ونشير في بياناتنا الرسمية إلى هذا الفساد وإلى كل العوائق التي تعيق مناخ الأعمال بالمغرب.

ومن أمثلة ذلك وقوفنا إلى جانب المتضررين من رفض شركة "البناؤون الشباب"، المملوكة لرئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تسديد مستحقاتهم، كما نساند نحو 50 مقاولة صغيرة وصغيرة جدا من مختلف جهات المغرب في نزاعها مع مصلحة الجمارك التي فرضت عليها أداء فواتير مجحفة.

  • يعتقد حوالي 60% من أرباب المقاولات التي شملتها الدراسة أن التدابير الحكومية لمكافحة الفساد غير كافية، ما المقترحات التي ترون أنها ضرورية حتى يستطيع المغرب القضاء على الفساد وتحسين مناخ الأعمال؟

أعتقد أن النسبة قد تصل إلى 80 في المائة، وذلك أن الكثير من أرباب المقاولات الصغيرة والمتوسطة لا يرون أي تحسن في محاربة الفساد واستغلال النفوذ، بل على العكس نرى أن الظاهرة في تزايد.

للأسف الشديد لم يتحقق بعد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ولن يتحقق ما لم يتم محاسبة المسؤولين الحكوميين أو العموميين على خروقاتهم.

الرشوة أصبحت ظاهرة عادية وباتت تطلب علانية وجهرا، وهذا سلوك أعتقد أنه يستدعي المزيد من الجهود الجادة لمحاربته، لأن الخطابات لم تأت أكلها ولا بد من إجراءات ومساطر تربط المسؤولية بالمحاسبة وترسيخ الشفافية والحكامة في جميع المؤسسات بما فيها الحكومة نفسها.

فبينما تستفيد المقاولات الكبرى من الصفقات ومن الامتيازات يجري إقصاء المقاولات الصغيرة جدا التي تعاني الحرمان من الصفقات ومن حقها في الخدمات العقارية على الرغم من أن هذه المقاولات تشغل لوحدها أكثر من 75 في المائة من اليد العاملة بالمغرب.

المصدر: أصوات مغاربية