مر نحو شهر على إعلان الحكومة الموريتانية الجديدة عن توقيع اتفاق مع اتحادية التجارة بهدف خفض أسعار المواد الغذائية الأساسية، غير أن هذا الاتفاق ما يزال محل جدل ونقاش واسعين في البلاد.
ووقع الاتفاق في 4 سبتمبر بين وزارة التجارة والسياحة، واتحادية التجارة، واستهدف تخفيض أسعار المواد الغذائية الأساسية، وهي السكر، والأرز، والزيت الغذائي، والقمح، واللبن المركز، بالإضافة إلى غاز البوتان طيلة الأشهر المتبقية من هذا العام على أن يتم تقييم هذه الأسعار بداية السنة المقبلة.
وبموجب الاتفاق، حددت الحكومة انتقال سعر الكيلوغرام الواحد من السكر من 400 أوقية قديمة (نحو دولار واحد) إلى 310 أوقيات قديمة (0.75 دولار) وسعر كيلو غرام من الأزر من 350 أوقية قديمة (0.88 دولار) إلى 320 أوقية قديمة (0.80 دولار).
وحدد الاتفاق سعر بيع الزيت النباتي بالتقسيط في 580 أوقية قديمة (1.46 دولار) بدل 700 أوقية قديمة (1.77 دولار) والقمح واللبن المركز من 200 أوقية (0.50 دولار) إلى 130 و170 أوقية (0.32 و0.42 دولار).
ونوهت وزيرة التجارة والسياحة وزيرة زينب احمدناه بالاتفاق، وقالت في تصريحات صحافية إنه سيمكن من حماية المواطن من المضاربات التي يشهدها السوق.
موازاة مع ذلك، أطلقت السلطات الموريتانية حملة ميدانية لتفقد تنفيذ الأسعار الجديدة في عدد من مناطق البلاد.
في المقابل، انتقد تجار التجزئة في موريتانيا هذا الاتفاق وعبروا في وقفة احتجاجية نظمت بنواكشوط في 20 سبتمبر عن رفضهم له.
وقال تجار في تصريحات صحفية إن الاتفاق أضر بتجارتهم وطالبوا الحكومة بسحبه لمراجعته.
بدوره، يتحدث أحمد الناهي، الأمين العام لمنتدى المستهلك الموريتاني في هذا الحوار عن انتقادات المنتدى لهذا الاتفاق وعن تقييمه للجهود الحكومية بشكل عام لاحتواء ارتفاع أسعار المواد الأساسية.
نص المقابلة:
- كيف تابع المنتدى الاتفاق الذي وقعته الحكومة مع اتحادية التجارة مؤخرا بهدف خفض أسعار المواد الغذائية الأساسية، وهل استشارتكم الحكومة خلال إعداده؟
للأسف، هذا الاتفاق خيب آمال منتدى المستهلك الموريتاني، لأنه لا يعتمد على أطر قانونية وتنظيمية قابلة لتطبيقه، وبالتالي فالأمر يتعلق باتفاق وليس قانونا خاصا بتسقيف الأسعار.
إن الاتفاق الذي وقعته الحكومة مع اتحادية التجارية، التي تمثل كبار التجار، نوع من التهرب من فرض وتطبيق القوانين المنظمة للتجارة والمجرّمة للاحتكار.
وجوابا على الشق الثاني من السؤال، الحكومة لم تستشرنا في الإعداد لهذا الاتفاق وذلك لأن المنتدى يطالب بمكافحة الاحتكار والمضاربة وتطبيق القانون وبإشراك القضاء في هذه العملية، وهذا ما تتهرب منه الإدارة.
- ما هي أبرد الملاحظات أو المؤخذات التي سجلتموها على هذا الاتفاق؟
الاتفاق من الناحية الشكلية شمل 5 مواد، بينها السكر والأرز كمواد أساسية واللبن المركز وبالتالي هو لم يشمل كل المواد الأساسية.
الملاحظ أيضا أن الاتفاق استفاد منه كبار التجار الذين وقعوا عليه بينما فرض هامش ربح معين على صغار الباعة وأصحاب المحلات التجارية الخاصة بالتقسيط.
- الا ترى أن هذه الخطوة تبقى مهمة لاحتواء ارتفاع الأسعار خاصة وأن الحكومة تحدثت عن إحداث آلية لضبط ومراقبة الأسعار بشكل دوري؟
نحن في منتدى المستهلك الموريتاني نرحب بكل خطوة تساهم في كبح جماح الأسعار، ولكنه للأسف الشديد غالبا ما تقتصر هذه المراقبة على فرض غرامات بسيطة على المخالفين حتى أصبحت هذه الغرامات مجرد وسيلة لتحصيل بعض الأموال وضخها في الخزانة العامة.
لا بد أن يكون موضوع مراقبة الأسعار صارما وأن يتم تغريم المخالفين بغرامات ثقيلة ورادعة حتى نستطيع احتواء هذا ارتفاع.
- ينتقد المنتدى من حين لآخر غياب سلطة حكومية على التجار، هل السبب راجع في نظرك لاعتبارات تنظيمية أم لغياب قوانين تجرم المضاربة والاحتكار؟
علاقة الدولة بالتجار علاقة بات يطبعها الكثير من التداخل، حيث أصبح التجار يفرضون نفوذهم على الجهات الإدارية ما شجعهم على الاستمرار في المضاربة وفي احتكار استراد بعض المواد ويتهربون بذلك من استحقاقات قانونية واضحة كالتصريح بفواتيرهم أو بكلفة بضاعتهم.
الجهات الإدارية لا تتحدث عن هذا الموضوع نهائيا وتتهرب منه بتوقيع مثل هذه الاتفاقيات التي لم تأت في تجارب سابقة بأي نتائج وذلك لأن تطبيقها يحتاج أيضا إلى الكثير من الوسائل اللوجستية بالنظر إلى أن عددا من المحلات التجارية منتشر بشكل فوضوي في مختلف مناطق البلاد.
- شهدت موريتانيا في الأعوام الأخيرة طفرة ملحوظة في إنتاجها الزراعي، وتقول الحكومة إنها ثمرة إجراءات تهدف لتحقيق اكتفاء ذاتي. هل نجحت موريتانيا في نظرك في تحقيق اكتفاء ذاتي في بعض المواد الغذائية الأساسية؟
لدى موريتانيا الكثير من المقدرات، ولكنه وللأسف الشديد يعاني المزارعون من ضعف التدخل الإداري في الوقت المناسب.
وذلك أنه لا توجد في موريتانيا أي سوق للمواد الزراعية ولا سوق لبيع البذور وبالتالي يكون المزارع معرضا للكثير من الآفات، زد على ذلك غياب بنى تحتية للتخزين والتبريد وغياب أسواق لتسويق منتوجاتهم.
المصدر: أصوات مغاربية