بدأ في تونس العد التنازلي للانتخابات الرئاسية (6 أكتوبر) والتي سيتحدد فيها مصير الشعب التونسي وتحديدا من سيقود المرحلة القادمة، في وقت تشير كل المعطيات إلى أن الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد يتجه للفوز بعهدة ثانية.
انتخابات، سبقها احتقان كبير في الشارع التونسي واعتبرتها المعارضة التونسية مفتقدة لأدنى شروط المنافسة النزيهة والتي رهانها التداول السلمي على الحكم.
المحامي والسياسي أحمد نجيب الشابي رئيس جبهة الخلاص الوطني (معارض)، هو واحد من أبرز رموز المعارضة، يؤكد أن ما عاشته تونس خلال فترة ما قبل الانتخابات لا يشبه أي مناخ انتخابي في أي بلد في العالم.
الحريات وحقوق الإنسان منتفية
يقول نجيب الشابي، إن رموز الإعلام الكبار والعشرات من المدونين يوجدون في السجون بسبب التعبير عن الرأي، وإنّ قادة الأحزاب والتيارات السياسية قابعون في السجن أيضا منذ أكثر من ثمانية عشر شهرا من أجل نشاط سلمي قانوني.
وأضاف أن القضاء وقع هدمه وأن القضاة يتعرضون إلى شتّى أنواع التعسف، أمّا الهيئة التي من المفترض أن تكون مستقلة للإشراف على الانتخابات فهي بالكامل خاضعة لمشيئة السلطة التنفيذية.
أما عن المرشحين الذين سوّلتهم لهم أنفسهم دخول سباق الرئاسة، فيقول الشابي إنهم يتعرضون الآن لشتى أنواع القمع بسبب محاكمات تنتفي فيها بالمطلق شروط المحاكمة العادلة، وتصدر الأحكام في حقهم بالسجن لمدة أشهر فضلا عن الحرمان من حق الترشح إلى رئاسة الجمهورية مدى الحياة.
الشابي تحدّث أيضا عن الدستور التونسي، وقال إن الدستور الذي كان محلَّ احتفاء من العالم، وبعد أن وضع لأول مرة في منطقة جنوب البحر المتوسط، نظاما يقوم على الفصل بين السلطات وضمان الحريات تم استبداله، بقانون يرسي الحكم الفردي المطلق، مما ساهم بدوره في هدم المؤسسات وخاصة منها المؤسسة القضائية.
ويشدد الشابي، بأنّ لا وجود لانتخابات في تونس، وأنّ انتهاك حقوق الإنسان والحريات مستمر.
موقف نقدي من الخارج
وفي حديثه عن منظور الخارج للأوضاع الحقوقية بتونس، يقول الشابي إنه منذ ما أسماه "انقلاب يوم 25 يوليو 2021"، اتخذت الدول السبعة، بما فيها الولايات المتحدة، كندا، اليابان، الاتحاد الأوروبي وغيرها موقفا نقديا لحالة الحقوق والحريات ولمسألة الشرعية السياسية في تونس وفقا لمبادئ القانون الدولي والمواثيق الدولية التي أمضت عليها الدولة التونسية.
وأضاف أن كل التقارير التي ترد الآن سواء من الأطراف الرسمية مثل الاتحاد الأوروبي أو من مراكز الدراسات في الولايات المتحدة وغيرها، كلها تؤكد هذا الاتجاه النقدي والمتحفظ جداً إزاء ما يجري في تونس.
الرقابة منتهكة والشعب مقاطع
وبشأن نسبة المشاركة يوم الانتخابات، يتوقع الشابي أن حوالي 90% من الشعب التونسي لن يتجه إلى صناديق الاقتراع، لأنه لا يرى فيها أي رهان، ولا يبدي أي اهتمام بما يجري، لأنه لا شيء يجري على المستوى السياسي، لا حوارات، لا مناظرات، ولا اجتماعات.
وأضاف المتحدث أن الشعب التونسي في غالبيته غير مكترث بما يجري وأنه منشغل في الأزمة الأقتصادية والمالية الحادّة، مضيفا بأنّ البعد الاقتصادي قد يتفاعل بالسياسي بعد الانتخابات ليتسبب في أحداث لا يمكن التنبؤ بها.
أمّا في موضوع الرقابة على الانتخابات، يعتبر الشابي أن المفترض أن تكون هناك رقابة دولية خارجية، لكن السلطة التونسية تنفي حق الأجانب في مراقبة الانتخابات باعتبارها مسألة سيادية، اضافة الى أنّ المنظمات الدولية المعنية بالانتخابات لا ترى داعيا في إجراء رقابة على انتخابات تنتفي فيها كل شروط الانتخابات.
وعن الرقابة الداخلية، يقول الشابي إنّ أهم المنظمات والجمعيات المدنية التي يمكنها أن تؤمّن حضورها في مكاتب الاقتراع، وقع حرمانها من هذا الحق من طرف الهيئة المستقلة للانتخابات، وبالتالي الباب مفتوح لتصدر هيئة الانتخابات ما شاءت من نتائج.
ويتوقع المتحدث أن الناس سيعاينون بالعين المجردة أن مكاتب الاقتراع ستكون شبه خالية وأن الجزء الذي سيشارك في الانتخابات سيكون من مناصري الرئيس قيس سعيّد وسيبايعونه بنسب خيالية، لكن لن تتجاوز تلك الأصوات العشر بالمائة من الناخبين.
سيناريو مظلم بعد الانتخابات
ويتوقع الشابي، أن تتفاقم الأزمة السياسية والاجتماعية والإقتصادية مما يهدد استقرار البلاد في المستقبل القريب.
وبخصوص المعارضة، لاحظ الشابي أنه عوض الانخراط في المعركة السياسية وتشكيل قطب في وجه السلطة وحشد الرأي العام للدعوة لمقاطعة الانتخابات، انشغلت في معارك حقوقية، تسند المحكمة الإدارية وتسند بعض المرشحين لا كبدائل وانما كضحايا للقمع.
ودعا الشابي إلى ضرورة تشكيل قوى تدفع للتغيير السلمي وتحمل البلاد إلى بر الأمان، وأنه اذا لم يتحقق ذلك فتكون تونس على كف مجهول.
ويتوقع الشابي أن تسود حالة من الإحباط في البلاد بعد أن توهم الشعب إمكانية حصول تغيير عن طريق المشاركة في هذه اللعبة المغشوشة، وأن الأزمة الاجتماعية مرشحة للتطور، آملا في تحقق استفاقة سياسية على المدى القريب أو المتوسط، بدفع القوى السياسية إلى تجاوز معوقاتها الحالية ومحاولة الاقتراب من بعضها البعض والتقدم بخطة للخروج من الأزمة.
المصدر: أصوات مغاربية