لم يفصح الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، الجمعة، عن نيته بشأن ترشحه للانتخابات الرئاسية المتوقعة العام المقبل، وفضّل الإبقاء على حالة من الغموض حول الموضوع.
كما خاض ولد الغزواني في قضايا عديدة في المنطقة أبرزها؛ الانقلاب في النيجر وانسحاب فرنسا عسكريا من منطقة الساحل والموقف من فرنسا في الساحل وموقف بلاده من العلاقات المتأزمة بين الجزائر والمغرب.
"حياد إيجابي تقليدي"
وبخصوص الانتخابات الرئاسية المنتظرة السنة المقبلة، قال ولد الغزواني "سأخضع لإرادة لأغلبيتي وللشعب"، وردا على سؤال متابعة عما إذا كان سيترشح لعهدة ثانية بعد عهدته الأولى التي بدأت العام 2019، أجاب "الأمر متروك لك للتفسير.."
ولم تعلن أي من أحزاب المعارضة عن مرشحين لها للرئاسيات المقبلة في ظل انقسامها لفريقين على خلفية نتائج الانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت في ماي الماضي، حيث اعتادت في السنوات الماضية تقديم مرشح واحد لكن الأمر يبدو مستبعدا هذه المرة.
أما عن العلاقات المتأزمة منذ فترة بين الجزائر والمغرب، أوضح الرئيس الموريتاني بأنه بلاده "ظلت تقليديا تلتزم الحياد الإيجابي" في هذه المسألة، وهو ما حافظ عليه هو منذ مجيئه إلى السلطة.
انقلاب النيجر و"العداء" لفرنسا
وعن الانقلاب العسكري في النيجر، والذي أدى إلى عزل الرئيس محمد بازوم وقرار فرنسا الانسحاب عسكريا من هذا البلد، نفى ولد الغزواني أن تكون بلاده ستستقبل القوات الفرنسية المنسحبة من النيجر، وقال في هذا السياق إن "موريتانيا ليست البلد الأفضل استراتيجيا وسياسيا لاستضافة قوات خُصصت لمحاربة الإرهاب".
في الآن ذاته استبعد ولد الغزواني أن يكون الانسحاب الفرنسي "فشلا لباريس في المنطقة"، وقال إن فرنسا كانت "على حق في قرارها بالرحيل"، كما كشف بأنه على اتصال بالرئيس النيجري المعزول محمد بازوم هاتفيا، ووصف ظروف اعتقاله بالصعبة.
وبخصوص ما وصفته الصحيفة الفرنسية بـ"وجود مشاعر عنيفة معادية لفرنسا في دول الساحل"، قال ولد الغزواني "إن هذا الشعور المعادي المزعوم لا يظهر في موريتانيا".
ومضى الرئيس الموريتاني يقول "لا توجد مشاعر مناهضة لفرنسا في أفريقيا.. أفضّل أن أتحدث عن سوء التفاهم على طول الطريق، كما هو الحال أحيانا بين الأصدقاء القدامى"، وبرأي ولد الغزواني فإن فرنسا "دولة صديقة تاريخيا لأفريقيا.. وأفريقيا تتوقع الكثير من فرنسا".
بالمقابل دعا ولد الغزواني إلى "إعادة بناء العلاقة مع فرنسا وأوروبا عموما على أساس ما هو إيجابي وموجود بالفعل، ليس فقط على المستوى العسكري، حتى تكون النتيجة مربحة للجانبين، من أجل التصدي معا للتحديات المرتبطة بتصاعد تيارات الكراهية في أوروبا وإفريقيا، والقضايا الأساسية مثل الهجرة والتعاون بين الشمال والجنوب".
وشهدت ثلاث من دول الساحل هي؛ بوركينافاسو ومالي وأخيرا النيجر انقلابات متتالية على السلطات الشرعية، اعتبرها مراقبون "ثورة على فرنسا" في المنطقة، كما عبّر الانقلابيون عن رفضهم لأي وجود فرنسي في المنطقة.
"الوضع سيء في الساحل"
وعبّر ولد الغزواني عن مخاوفه مما سماه "تصاعد أنشطة الجماعات الإرهابية في الساحل، خاصة وأن قوات بَرْخان الفرنسية لم تعد موجودة هناك ولا قوات بعثة الأمم المتحدة (مينوسما)"، وفق تعبيره، ووصف الوضع الأمني حاليا بأنه "بات محفوفا بالمخاطر في الأسابيع الأخيرة بل سيئا للغاية، ما جعل جميع دول المنطقة تتعرض للضغوط، بما في ذلك بلدي".
وعن تأثير انسحاب دولة مالي من مجموعة دول الساحل الخمس، التي أنشئت العام 2014 لمواجهة الجماعات الإرهابية في المنطقة، والتي تضم كلا من موريتانيا تشاد والنيجر وبوركينا فاسو ومالي (الدولة المنسحبة)، قال الرئيس الموريتاني إن مجموعة الساحل "لم تمُت رغم انسحاب مالي، لكنّه أقر في الآن ذاته بأن هذا الأمر "خلق مشكلة تمثلت في انقطاع عملياتنا العسكرية المشتركة التي تستمر مع دول أخرى".
مخاوف أخرى عبّر عنها الرئيس الموريتاني جراء الوضع الأمني في دول الساحل خصوصا، والفقر والأزمات في أفريقيا عموما، ويتعلق الأمر بالهجرة غير الشرعية من دول أفريقيا جنوب الصحراء نحو دول شمال أفريقيا.
وأفاد ولد الغزواني بأن بلاده "تدفع كلفة باهظة خاصة في مجال الأمن"، وتساءل في هذا السياق "كيف يمكننا التعرف على الإرهابيين المحتملين بين هؤلاء المهاجرين؟ ودفع هذا الواقع الرئيس الموريتاني إلى التحذير من أن ظاهرة الهجرة "من المحتمل أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة".
المصدر: أصوات مغاربية