على الرغم من شبح الحرب الأهلية الذي يعود ليلوح في الأفق في ليبيا، يسعى سكان طرابلس إلى مواصلة نشاطاتهم اليومية.
منذ أسبوعين والأجواء متوترة في العاصمة الليبية بسبب المعارك الدائرة في ضاحيتها الجنوبية على بعد 15 كلم من وسط المدينة.
وهاجس نشوب حرب أهلية جديدة في هذا البلد الذي يشهد منذ ثماني سنوات عدم استقرار سياسيا وأزمة اقتصادية، في كل الأذهان. لكن ضجيج أبواق السيارات وسط زحمة السير على الواجهة البحرية وعلى جادة قرقارش الكبرى لا يزال يطغى على دوي الصواريخ.
ولا يزال سكان طرابلس يتوجهون إلى عملهم وأولادهم إلى المدارس - التي قد تغلق في حال تدهور الوضع أكثر - ويمضون بعض ساعات الترفيه للتمويه عندما تتاح لهم الفرصة.
وتقول مريم عبدالله وهي معلمة "لا تقتصر ليبيا على الصور التي يبثها الإعلام وتظهر دبابات وعناصر ميليشيات يحملون السلاح ومباني مهدمة". وتضيف "ما زلنا نحتفل بأعراس وننظم حفلات في المدارس ومباريات رياضية".
أعراس وحفلات
وتختصر سميرة، صاحبة صالون تجميل للنساء، الوضع قائلة "لا بدّ من أن تستمر الحياة. ستنتهي عندما تنتهي".
وصالون التجميل الواقع في حي بن عاشور في قلب طرابلس مكتظ دائما بالنساء.
وتحضر التونسية المقيمة في ليبيا منذ سنوات عبوة من ظلال العيون وفرش الماكياج للقيام بتجربة تبريج عروس قبل زفافها.
وتقول "كل أسبوع لدينا ثلاث أو أربع حفلات زفاف على الأقل. ناهيك عن عشرات الزبونات المدعوات إلى أعراس أو حفلات واللواتي يأتين للعناية ببشرتهن أو التبرج أو تزيين الشعر".
على الواجهة البحرية غرب العاصمة تمتلئ المقاهي بالزبائن خصوصا ليلا. ولقاء مبلغ زهيد يمكن الحصول على خدمة "واي فاي" للإنترنت ما يجذب الشباب والطلاب.
ويقول عيسى وهو نادل في مقهى "إنها من وسائل الترفيه النادرة في المدينة. لا دور سينما ولا مسارح أو حفلات موسيقية. المقاهي والمطاعم أفضل مكان للتجمع وتمضية الوقت".
رمضان يقترب.. وكذلك 'شبح الحرب'
ومنذ بداية الهجوم أوقعت المعارك 220 قتيلا وأكثر من ألف جريح وتسببت بتهجير 30 ألف شخص بحسب الأمم المتحدة. وأرقام النازحين لا تشمل الذين فروا من المعارك ولجأوا لدى أقارب بدون أن يسجلوا لدى منظمات دولية.
وتقول فائزة "أتت ابنتي وزوجها وأولادهما للإقامة معنا".
تتفحص هذه المرأة الخمسينية أطباقا مختلفة الزينة وتقارن الأسعار في متجر لبيع اللوازم المنزلية يتبعها زوجها، فيما يلهو أحفادها في أروقته.
وتقول "نحب التغيير واقتناء أدوات جديدة في مطابخنا. هذا الأمر يشجع على الابتكار لأن علينا تحضير أطباق متنوعة وجديدة طوال شهر".
وتعج متاجر العاصمة بالزوار الذين يتهافتون لشراء ما يلزم مع اقتراب شهر رمضان الذي يبدأ أوائل مايو.
ويقول صالح وهو عشريني ساخرا "نعرف أن شهر رمضان بات قريبا لأن الحرب اندلعت ... كما كل عام!".
يملك والده الخمسيني محل بقالة صغيرا في حي قرقارش ولا يشاطره المزاح، فهو يتوقع أن تغرق البلاد مجددا في الحرب. ويقول "لم يعد من الممكن تسوية الوضع إلا بالعنف وإراقة الدماء (...) فات الأوان للتحدث عن تسوية سياسية".
والأسبوع الماضي حذر الموفد الأممي إلى ليبيا غسان سلامة من "تدهور" الوضع في ليبيا بعد شن الهجوم على طرابلس.
المصدر: ا ف ب