منظمة تروي معاناة أطفال مهاجرين أثناء وجودهم في ليبيا
"كان أحد الصبية الذين أنقذناهم مؤخرا يبلغ من العمر 12 عاما فقط عندما غادر بلاده"، تقول جولي ميليشار، مسؤولة الشؤون الإنسانية على متن سفينة البحث والإنقاذ التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود "جيو بارينتس".
قُتل والد ذلك الطفل لأنه أراد أن يحميه من الانخراط الإجباري في الجيش.
تضيف ميليشار "لم تجد والدته خيارا سوى إبعاده عن البلاد لإنقاذه من التجنيد الإجباري".
روى الطفل أنه عندما وصل إلى جنوب ليبيا، احتُجز وتعرض للتعذيب لمدة سبعة أشهر قبل أن يتمكن من الفرار.
وفي آخر مهمة لميليشار وفريق السفينة، تمكنوا من إنقاذ 367 شخصا في عرض البحر الأبيض المتوسط، خلال أقل من يومين.
وتقول منظمة "أطباء بلا حدود" إن أكثر من 40 في المائة منهم كانوا تحت سن 18 عاما، و140 منهم سافروا بمفردهم لقطع البحر الأبيض المتوسط، عبر ما وصفته المنظمة بـ "أخطر خط للهجرة في العالم".
تتحدث ميليشار عن الأطفال الذين أصبحوا على متن السفينة بعد إنقاذهم، "إنهم يلعبون الآن، ويبتسمون ويصادقون بعضهم البعض، ويبدون مثل أي أناس آخرين. لكنهم في الحقيقة لم يعودوا مجرد أطفال أو مراهقين. ليس بعد كل ما مروا به".
في كثير من الحالات، يفر هؤلاء الأطفال من البلدان التي مزقتها الحروب وملاحقات قضائية وفقر مدقع وانتهاكات حقوق الإنسان والوصول المحدود إلى الخدمات التعليمية والصحية. العديد ممن تم إنقاذهم في أحدث مهمة لسفينة "جيو بارنتس" كانوا من الصومال وإريتريا ومالي والكاميرون.
"نقطة اللاعودة"
تقول المنظمة إنه "مهما كان سبب مغادرة بلادهم الأصلية، فإن ليبيا هي النقطة التي لا عودة فيها إلى الوراء".
وتوضح "في ليبيا نظام لابتزاز الأموال، حيث يتم اختطاف العديد من المهاجرين واللاجئين من قبل الميليشيات والجماعات المسلحة ويتم احتجازهم في الأسر، من لديه المال يمكنه شراء حريته، ولا يتعرض للتعذيب أو يجبر على العمل القسري حتى تدفع عائلته الفدية من أجل إطلاق سراحه"، مضيفة أن "دوامة الاستغلال هذه قد تستمر لأشهر أو حتى سنوات".
ولم يسلم الأطفال والمراهقون من مثل هذه الفظائع.
وتقول ميليشار: "أخبرني أحد الأطفال أنه كان مسافرا مع خمسة من أصدقائه المقربين جدا. مات جميع أصدقائه الخمسة في مراكز الاحتجاز في ليبيا، ثم وجد هذا الصبي نفسه وحيدا".
تنقل ميليشار عن الطفل أنه "بدأ في إثارة المشاكل والصراخ عمدا، على أمل أن يضربه أحد الحراس ويقتله"، مضيفة أن هذا أصعب مما يمكن أن يتعامل معه إنسان بالغ، "فما بالك بطفل؟".
تشير المنظمة إلى خطورة هجرة هذا العدد الكبير من الأطفال الذين يخاطرون بحياتهم لعبور البحر الأبيض المتوسط، معتبرة أنه أخطر طريق للهجرة في العالم.
وتؤكد أن أخطر من عبور البحر الأبيض المتوسط، هو قيام طفل بهذه الرحلة بدون والد أو شخص بالغ موثوق به، حيث يكون القاصرون فريسة سهلة للمهربين والمتاجرين بالبشر والمسيئين والمستغلين، ويتعرضون لخطر السخرة والابتزاز والاحتجاز التعسفي والعنف الجسدي، بما في ذلك الجنسي.
يقدم مسعفو منظمة "أطباء بلا حدود" الرعاية الصحية الأساسية على متن السفينة، بالإضافة إلى الدعم النفسي لجميع الناجين.
وتقول ميليشار: "يبدو أن العديد من القاصرين غير المصحوبين بذويهم يتأقلمون جيدا مع وجودهم على متن السفينة، لقد أنشأوا مجتمعا جديدا وصادقوا بعضهم البعض ويتصرفون مثل أقرانهم من المراهقين. لكن بغض النظر عن كل ذلك، نعلم أن لديهم ندوبا عميقة بالداخل لن تلتئم من تلقاء نفسها".
لهذا السبب تدعو ميليشار إلى الحرص على سلامة هؤلاء الأطفال عند وصولهم إلى الأرض، "يجب أن يتم منح هؤلاء الأطفال حماية خاصة، وتوفير مأوى مناسب لاحتياجات الأطفال وتزويدهم بالخدمات الطبية والنفسية الاجتماعية من قبل المنظمات المختصة".
- المصدر: موقع "الحرة"