شهد إنتاج ليبيا من النفط الخام ارتفاعاً ملحوظاً خلال الشهور الأخيرة، بعد فترات من تذبذب الانتاج بسبب حالة "القوة القاهرة" التي أعُلنت عدة مرات في البلاد على خلفية الظروف الأمنية في البلاد.
وبحسب التقرير الشهري الأخير لمنظمة الدول المصدِّرة للنفط "أوبك"، فإن ليبيا تصدرت قائمة الدول الأفريقية المنتجة للنفط خلال شهر أكتوبر الماضي، وذلك بإنتاج مليون و 163 ألف برميل يومياً، تليها أنغولا التي بمليون و 67 ألف برميل، ثم الجزائر بواقع مليون و60 ألف برميل يومياً.
و عاد استئناف إنتاج النفط في ليبيا إلى الانتعاش تدريجياً، خاصة بعد توقف الاحتجاجات حول بعض الحقول النفطية منذ إقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط السابق، مصطفى صنعالله، بقرار من رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، وتعيين فرحات بن قدارة، بدلاً عنه.
ويرجع مراقبون حالة الهدوء تلك إلى أن تعيين بن قدارة، الذي شغل محافظ مصرف ليبيا المركزي في السابق، جاء بتوافق بين معسكري الشرق والغرب.
زيادة ملحوظة
وخلال شهر نوفمبر الحالي، ترواحت معدلات إنتاج ليبيا من النفط بين مليون و 211 ألف برميل في بداية الشهر، ومليون و186 ألف برميل يومياً، وذلك بحسب التحديثات التي تنشرها "المؤسسة الوطنية للنفط" تباعاً عبر صفحتها على فيسبوك.
وفي سبتمبر الماضي، وصل الإنتاج اليومي للنفط إلى مليون و226 ألف برميل يومياً، بينما سجل مليون و161 برميل في أدنى مستوياته خلال ذات الشهر.
ولم ينزل معدل الإنتاج خلال شهر أغسطس عن مليون و207 برميل يومياً، متخطياً سقف المليون و225 برميل، بحسب بيانات المؤسسة الوطنية للنفط التي أكدت أن معدلات إنتاج النفط في البلاد تجاوزت بالفعل مستويات ما قبل الإغلاقات.
مد وجزر
وقبل انتعاشه في الأشهر القليلة الماضية، كان إنتاج ليبيا من النفط الخام قد شهد تدهوراً خلال السنوات الاخيرة بسبب حالة عدم الاستقرار الأمني حول حقول النفط، و التي نتجت عن الانقسام السياسي الذي تشهده البلاد.
ففي 25 مايو الماضي قال وزير النفط الليبي، محمد عون، إن ليبيا تخسر من 550 إلى 600 ألف برميل يوميا بسبب الإغلاقات في الحقول والموانئ النفطية على خلفيات "التجاذبات السياسية".
وحذر عون، في تصريحات نقلتها حينها وكالة "رويتر "، من أن خفض الإنتاج "قسراً" يتسبب في تفويت فرص ربحية على البلاد و "إضاعة دعم الخزينة العامة والاحتياطي النقدي بالعملة الصعبة".
وقبل ذلك أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط حالة "القوة القاهرة" في 6 حقول نفطية، إضافة إلى ميناءين نفطيين، هما البريقة والزويتينة ( شرق و وسط البلاد)، بسبب إقفالها من قبل متظاهرين يحتجون على عدم تسليم رئيس الوزراء الحالي، عبد الحميد الدبيبة، السلطة لحكومة فتحي باشاغا التي كلفها البرلمان.
هدف 2 مليون برميل
ويبدو أن حالة الاستقرار حول الحقول النفطية التي أعقبت تغيير إدارة المؤسسة الوطنية للنفط قد وفرت الأجواء لإدارتها الجديدة للعمل على تحقيق زيادة أكبر في حصة ليبيا اليومية من إنتاج النفط الخام.
وكشف رئيس المؤسسة الجديد، فرحات بن قدارة، عن خطط جديدة لرفع إنتاج النفط إلى 2 مليون برميل يوميًا خلال مدة تترواح بين 3 إلى 5 سنوات، وذلك في تصريحات له الشهر الماضي، على هامش معرض أبوظبي الدولي للبترول 2022.
وفي سبيل سعيها للوصول لمعدلات الإنتاج التي أُعلن عنها، وقعت المؤسسة الوطنية للنفط مؤخراً اتفاقات جديدة مع شركات دولية بينها "توتال" الفرنسية و "إيني" الإيطالية، بهدف استئناف الانشطة الاستكشافية وتطوير حقول النفط والغاز في ليبيا.
ورغم حالة الانقسام التي طالت جميع المؤسسات السيادية، فإن المؤسسة الوطنية للنفط بقيت الجهة الوحيدة المسؤولة عن إدارة قطاع النفط والغاز في البلاد.
ويعود الفضل في ذلك إلى حالة التوافق الاستثنائية التي توصلت إليها الأطراف شرقاً وغرباً في تغيير إدارة مؤسسة النفط، والتي يعتقد محللون أنها جاءت بتدخل أطراف دولية وإقليمية.
وأعلنت إدارة المؤسسة الجديدة عن عزمها النأي بقطاع النفط، مصدر الدخل الرئيسي لليبيا، عن التجاذبات السياسية.
الاحتياطي الأكبر إفريقياً
وتمتلك ليبيا أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط الخام في قارة أفريقيا، بحسب بيانات منظمة "أوبك" التي تشير إلى أن ذلك الاحتياطي يقدر بحوالي 48.4 مليار برميل عام 2021.
وتبعاً لحجم الاحتياطي المذكور فإن ليبيا تأتي في الموقع التاسع عالميا بين الدول العشر الأكثر امتلاكا للاحتياطيات النفطية، بنسبة تبلغ 3% من الإحتياطي العالمي.
المصدر: أصوات مغاربية/المؤسسة الوطنية للنفط/أوبك