تتلمس المرأة في ليبيا طريقها إلى الحياة السياسية بصعوبة بالغة وسط الأزمات التي تعصف بالبلاد، من انقسام سياسي وغياب للاستقرار الأمني إلى قيود المجتمع الذي ما زال يرى أن السياسة حكر على الرجال.
ورغم صعوبة الأوضاع في ليبيا فإن هناك مساع تقوم بها منظمات محلية ودولية لدعم النساء ودفعهن للعب دور أكثر تأثيراً في إعادة الاستقرار للبلاد و إيجاد مخرج من أزمتها التي استعصت على الحل حتى الآن.
والثلاثاء شهدت العاصمة الليبية طرابلس انطلاق فعاليات "الملتقى النسائي للمصالحة الوطنية" الذي يمهد لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية يجمع كل الليبيين، في يناير المقبل.
المرأة ومشروع المصالحة
وفي كلمته الافتتاحية أمام الملتقى، أشاد عبدالله اللافي، نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، بمساهمة سيدات ليبيا في إنجاح مشروع المصالحة باعتباره من أهم أعمدة بناء السلام في البلاد.
وأكد بأن التوصيات التي سيخرج بها الملتقى النسائي ستكون حجر الأساس لعقد "المؤتمر الأول للمصالحة الوطنية" في الفترة من 8 إلى 12 من يناير المقبل، و الذي سيوصل الليبيين للاتفاق على ميثاق وطني.
بدورها أكدت أستاذة القانون وعضو اللجنة القانونية للمصالحة الوطنية الليبية، جازية شعيتر، بأنها ورفيقاتها بمركز دراسات القانون والمجتمع "قد وضعن نصب أعينهن العمل على انجاح مشروع المصالحة نظرًا لأهميته في استقرار ليبيا".
وفي ذات السياق، قالت المتحدثة باسم المجلس الرئاسي نجوى وهيبة، إن الملتقى النسائي يهدف للاستماع لرأي المرأة وضمان مشاركتها بالتوصية والمشورة، لحل الخلاف في ليبيا والدفع بعجلة المصالحة إلى الأمام.
وفي تصريحات صحفية، أوضحت وهيبة أن المصالحة التي يعمل عليها المجلس الرئاسي "هي مشروع مجتمعي وليست مصالحة سياسية أو اقتصادية فقط، بل تتسم بالتكاملية والمشاركة المحلية الواسعة".
وأضافت أن المجلس سيعقد مؤتمرا جامعا موسعاً سيكون هو المؤتمر الأول للمصالحة في ليبيا، وستشارك فيه كل القوى السياسية والاجتماعية عبر توصياتها وقراراتها.
تفاؤل ولكن
وتؤكد، إلهام إنديري، القانونية الليبية والناشطة في مجال حقوق المرأة على أهمية دور المرأة في المصالحة باعتبارها "أول ضحايا غيابها في ليبيا"، وهي من تعاني من الانتهاكات كالتهجير والغياب القسري والقتل وغيرها.
وتشدد إنديري، في حديث لـ "أصوات مغاربية" على أن المصالحة الحقيقية لا يمكن الوصول إليها دون تحقيق "العدالة الانتقالية" لأنها دون ذلك ستكون هشة وستنطوي على مشاكل مؤجلة كثيرة.
وتتخوف إنديري من أن مؤتمر المصالحة المقبل سيكون مجرد تكرار لمحاولات سابقة لم تسفر عن نتائج ملموسة "لأن الأطراف السياسية في ليبيا تتعامل مع الموضوع كورقة مساومة أكثر من كونه رغبة حقيقية لإحداث نقلة حقيقية".
وترى أن المصالحة تحتاج أكثر من مجرد لقاءات ومؤتمرات، كما انها تتطلب مشاركة الجميع بمن فيهم أنصار النظام السابق الفارين إلى خارج البلاد.
وتضيف أن حالة الانقسامات المتكررة وتبدل التحالفات بين الأطراف السياسية وبين المجموعات المسلحة على الأرض تشكل تحديات حقيقية في وجه إتمام المصالحة.
دور سياسي محصور
وفيما يتعلق بالدور السياسي العام للمرأة في ليبيا، ترى إنديري أنه انحسر كثيراً بعد ثورة عام 2011 التي أطاحت بنظام القذافي، خاصة مع تحكم من وصفتها "الجماعات الإسلامية" في مشهد ما بعد الثورة.
وحول تولي نساء لبعض المناصب الوزارية في الحكومات الأخيرة، ترى إنديري أن ذلك حدث استجابة لضغوط وتوجهات دولية، أكثر من كونه توجهاً داخلياً حقيقياً.
وتتابع "رغم كونه مُرض نوعاً ما إلا أن من يشغلن مناصب عليا في ليبيا يخضعن للعبة المحاصصة أيضاً، وأن من يمتلكن رأياً مستقلاً يتعرضن إما للتهديد أو القتل والإخفاء القسري، مثل ماحدث للنائبة سهام سرقيوة، وقبلها سلوى بوقعيقيص وفريحة البركاوي وغيرهن الكثير."
وتنص توصيات ملتقى الحوار السياسي المنعقد في تونس عام 2020 على مراعاة تمثيل حقيقي للمرأة الليبية في المناصِب القيادية بنسبة لا تقل عن 30%، مع ضروة توفر كل ضمانات الكفاءة بما في ذلك الخبرة الفنية والمؤهل العلمي والنزاهة.
كما أكدت المشاركات في الملتقى حينها على احترام حقوق النساء المنتميات إلى مختلف المكونات الثقافية في ليبيا ومشاركتهن وانخراطهن الفعّال في الحياة السياسية.
المصدر: أصوات مغاربية