منظر عام لمدينة بنغازي الليبية
منظر عام لمدينة بنغازي الليبية

طالبت نحو 30 منظمة أهلية وسياسية في ليبيا بالوقف الفوري لعمليات الهدم التي شرعت فيها لجنة إعادة إعمار مدينة بنغازي (شرق البلاد) وذلك خشية تدمير المباني التاريخية التي تعد جزءا من هوية وتاريخ المدينة التي اختيرت ضمن عواصم الثقافة الإسلامية لعام 2023.

وبدأ  الجدل حول مدى صحة عمل لجنة الإعمار بعد عمليات هدم طالت أجزاء واسعة قامت بها اللجنة في المناطق المتضررة من الحرب خاصة في وسط المدينة القديم والمنطقة المحيطة بـ"كورنيش" المدينة  المحاذي للبحر.

وتداول نشطاء ومدونون صوراً لأكوام هائلة من الركام محذرين من أن الهدم طال مبان تعود لحقبتي الاحتلال الإيطالي والعثماني وتمثل جزءً أساسياً من تاريخ المدينة مطالبين بتوضيح ما يحدث في مدينتهم.

ولعل أبرز التعليقات على موضوع الهدم هو ما جاء في تغريدة على تويتر أطلقها محمد الحسن الرضا السنوسي، نجل ولي عهد ليبيا السابق إبان الحكم الملكي، مصحوبة بصورة قديمة له على كورنيش المدينة.

واستهجن السنوسي ما وصفه بـ "تعدٍ مستهجن على ذاكرة الشعب الليبي" مضيفاً، أن الأولى هو محاولة "ترميمها بالطرق الهندسية الحديثة لا أن نُعمل في تاريحنا" بحسب تعبيره.

 

ويتهم نشطاء من مدينة بنغازي لجنة إعادة إعمار بنغازي بعدم الشفافية، وتساءلت ناشطة تسمي حسابها "ليبيا إدريس" في تغريدة على تويتر عن خطط وتصورات لجنة الإعمار  ومطالبة بتوضيحها. 

وتعد بنغازي ثاني أكبر مدينة في ليبيا بعد العاصمة طرابلس وتعتبر عاصمة للشرق الليبي ، كما أنها تمثل مركزاً للحركة الثقافية والفنية وتحتوي على عدد من المعالم التاريخية الهامة. 

وبحسب موقع "بوابة الوسط" الليبي، لم تكشف أي جهة رسمية في بنغازي أية تفاصيل عن عمليات الهدم، كما لم تعلن بلدية بنغازي أو "لجنة إعادة الإعمار والاستقرار" في المدينة أي معلومات أو خرائط أو صور عن الإزالات.

وكان مجلس النواب الليبي أعاد تشكيل لجنة إعمار بنغازي بموجب قرار جديد أصدره في 3 فبراير الماضي ويتضمن تسمية رئيس وأعضاء جدد للجنة، كما خولها القيام بجميع التعاقدات اللازمة مع استثناء تلك التعاقدات  من "لائحة العقود الإدارية".  

ووصفت المدونة علا عبد العظيم عمليات الهدم بـ "طمس معالم تذكرنا بالماضي الجميل" بحسب تعبيرها.

ومن المعالم التاريخية بالمدينة التي يُخشى أن يطال بعضها الهدم، فندق "قصر الجزيرة" ومبنى سينما "برينيتشي" ومبنى المصرف الوطني، و مبنى قصر البلدية "السقرسيوني"  وسوق الربيع والسوق البلدي وغيرها.

أصوات مؤيدة

وفي مقابل الأصوات الرافضة لأعمال لجنة إعمار بنغازي، هناك من يؤيدون مبادرتها باعتبار أن المناطق المستهدفة هي مدمرة أصلا بسبب الحرب التي شنها الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر ضد الجماعات المتشددة في المدينة بين عامي 2014 و 2019.

ومن بين الأصوات المؤيدة لعمل اللجنة، عضو ملتقى الحوار السياسي آمال بوقعيقيص التي أشادت بعملية "التطوير"  التي تشهدها بنغازي، مشددة على أن المدينة تستحق "تصاميم جميلة مسكونة بالفن كروحها المتمردة الشابة".

واستغربت بوقعيقيص تعالي الأصوات المنتقدة لأعمال اللجنة واصفة إياها بـ "النوستالجيا من أناس غادروا منذ زمن بعيد إلى الحداثة وتركوا الأزقة المتربة العاثرة لأهلها" وتابعت أن هؤلاء "يريدون فرض ذكرياتهم الباهتة على المستقبل".

وبين الاتجاهين، طالب آخرون بأن تقوم شركات عالمية متخصصة بعمليات إعادة الإعمار وترميم المباني التاريخية، وحذر بعضهم من استخدام شركات محلية عديمة الخبرة في هذا الشأن. 

يذكر أن منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) اختارت مدينة بنغازي الليبية كإحدى "عواصم الثقافة الإسلامية" للعام 2023، ضمن برنامجها للعواصم الثقافة الإسلامية الذي يسند اللقب سنويا إلى ثلاث مدن إسلامية عريقة تمثل المناطق العربية والأسيوية والإفريقية. 

واختيرت المدينة، التي تقع على ساحل البحر المتوسط وتوصف بأنها عاصمة الشرق الليبي، بسبب تراثها الثقافي والإسلامي واحتوائها على عدد من المعالم الإسلامية العريقة التي يعود بعضها إلى مئات السنين. 

من بين المعالم البارزة للمدينة الجامع العتيق الذي يعود للقرن السادس عشر، ومسجد الشويخات (بن يونس) الذي بني قبل أكثر 300 عام،  وجامع "عصمان" ومسجد "دردره" اللذان يعودان لنهاية العهد القرمانلي عام 1760 تقريباً، إضافة لعدد آخر من الزوايا الصوفية العتيقة.

وفضلاً عن معالمها الإسلامية، تشتمل مدينة بنغازي على مبان تاريخية هامة أخرى تعود إلى العهد الإغريقي إضافة إلى فترتي الاحتلال الإيطالي والعهد العثماني، ومن بينها منارة بنغازي الشهيرة، ومعسكر  "القشلة" التركية و القصر العثماني  ومبنى  الكاتدرائية  والكنيسة الكاثوليكية والمحكمة الإيطالية ومكتبة المدينة  التاريخية ومطبعة برقة ومبنى الولاية سابقاً وغيرها. 

المصدر : أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مهاجرون غير نظاميين في ليبيا
أعداد المهاجرين غير النظاميين تتزايد باستمرار في ليبيا

أعلنت النيابة العامة بليبيا، السبت، سجن أفراد شبكة مكونة من سبعة ليبيين وأجنبيين، يواجهون تهمة "التربح من عائدات عمليات الهجرة غير النظامية".

ويتم التحقيق مع الموقوفين في هذه القضية في تهم تتعلق بتسلم عائدات تنظيم عمليات الهجرة التي تنطلق من السواحل الليبية لإعادة إرسالها إلى دول أخرى شمال المتوسط.

وأفاد مكتب النائب العام في ليبيا أن هذه العملية تتم عبر "السوق الموازي" رغم علم المتهمين أن "الوسيط من الأشخاص المشمولين بعقوبات فرضتها وزارة الخزانة الأميركية".

وأوضح أن المتهمين على علم بأن العائدات المالية تدخل ضمن أنشطة شبكات تنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر.

سلطة التحقيق تتقصى واقع تأليف تشكيل عصابي مارس نشاطاً من شأنه الإضرار بمصالح البلاد. تولَّى نائب النيابة، بمكتب المحامي...

Posted by ‎مكتب النائب العام - دولة ليبيا Attorney General Office - State of Libya‎ on Saturday, September 14, 2024

وليست هذه المرة الأولى التي تعلن فيها السلطات الليبية عن تفكيك عصابات اتجار بالبشر وشبكات تنظيم عمليات هجرة غير نظامية.

ففي نهاية أغسطس الفائت، ألقت السلطات القبض على أحد زعماء شبكة اتجار بالبشر و10 من أعضائها، حيث يواجهون تهم "القتل والاحتجاز القسري والتعذيب والابتزاز للإفراج عنهم".

وأعلنت أنها "سجلت مظاهر الانتهاكات التي طالت حقوق ألف وثلاثمائة مهاجر، وخلّصوا بعضهم من الاحتجاز القسري، وضروب التعذيب التي أُنزِلَت بهم لغرض إرغام ذويهم على دفع مبالغ مالية مقابل إطلاق سراحهم".

وتعد ليبيا، التي تبعد بنحو 300 كيلومتر عن الساحل الإيطالي، إحدى نقاط المغادرة الرئيسية لآلاف المهاجرين في شمال إفريقيا، معظمهم من جنوب الصحراء الكبرى، الذين يرغبون في الوصول إلى أوروبا.

وعلى امتداد سنوات استغلت شبكات التهريب حالة عدم الاستقرار التي سادت ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 لتطوير شبكات سرية لنقل آلاف المهاجرين من إفريقيا إلى أوروبا.

وكان وزير الداخلية الليبي، بحكومة الوحدة الوطنية، قد كشف في أغسطس الفائت أن نحو 70 إلى 80 بالمئة من الأجانب الموجودين على الأراضي الليبية "غير نظاميين".

ولفت الوزير الليبي إلى تواجد ما يقارب من 2.5 مليون أجنبي في بلاده، معظمهم دخلوها بطريقة "غير شرعية"، مشيرا إلى رفض ليبيا "توطين" المهاجرين على أراضيه.

 

المصدر: أصوات مغاربية