مهاجرون أفارقة في ليبيا
مهاجرون في ليبيا- أرشيف

رفضت الأطراف الليبية المختلفة في شرق البلاد وغربها ما ورد في تقرير بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق الذي صدر الأسبوع الماضي واصفين إياه بـ"المعيب والمنحاز بشكل ظالم ضد ليبيا والشعب الليبي".

وكان التقرير اتهم الدولة الليبية وأجهزتها بارتكاب "انتهاكات ممنهجة" ضد حقوق الإنسان، متحدثاً عن عن وجود ما وصفها بـ"أسباب معقولة" للاعتقاد بارتكاب الدولة في والقوات الأمنية والميليشيات المسلحة في ليبيا مجموعة واسعة من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

لكن الاتهامات الواردة في التقرير لم تمر مرور الكرام على الأطراف الليبية المختلفة رغم تناقضاتها السياسية ومواقفها المتباينة.

وكان المجلس الرئاسي الليبي آخر الأجسام السياسية الليبية تنديداً بتقرير بعثة الامم المتحدة.

"انحياز واتهامات دون أدلة"

واعتبرت "لجنة السيادة" لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية، التابعة للمجلس الرئاسي، التقرير "معيبا وشابته مغالطات في مقدمتها تجاهله أن البعثة صاحبة التقرير جاءت بإرادة ليبية وبطلب من حكومة الوفاق الوطني في 2020، وجددت ولايتها من حكومة الوحدة الوطنية في 2022".

ووصفت لجنة الرئاسي ،في بيان صدر أمس الإثنين، محتوى التقرير الأممي بالمفاجأة"، وبأنه صدر في صيغة "غير محايدة" و "منحازة بشكل ظالم ضد الدولة وضد الشعب الليبي، على النحو الذي يقدم ليبيا كبلد انتهى أمرها كمرتع لكافة الانتهاكات ضد الإنسانية، وأن جميع الليبيين تفرغوا لصب حمم العنف ضد المهاجرين، وتخصصوا في الاستعباد والعنف الجنسي، وكافة الجرائم ضد الإنسانية بحق هؤلاء"، بحسب رد اللجنة. 

وعبرت اللجنة عن أسفها لإغفال التقرير تفصيل نشاط الشبكات الاجرامية الدولية التي تروج لمختلف الجرائم العابرة للحدود بما في ذلك تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر وطبيعة العلاقة التي تربط هذه الشبكات بالمجموعات الاجرامية المحلية، واصفة ذلك بـ "مقاربة قاصرة ومجحفة".

 ولفتت لجنة الرئاسي أن عملها يركز على متابعة ملف الهجرة غير الشرعية في ليبيا وأن من واجبها توضيح "بعض المغالطات التي شابت هذا التقرير".

وفي هذا السياق أكدت على أن التقرير الأممي قدم "تفاصيل مقتلعة عن سياقها، في جمل صادمة تتحدث عن جرائم ضد  الإنسانية، تتهم فيها جهات أمنية ليبية ودون تقديم أدلة بصددها، أو تحديد مكان أو زمان أو فاعلي تلكم الجرائم"، متعهد بت "اتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة" بصدد التقرير، بالتعاون مع وزارة العدل والنائب العام الليبيين.

كما عاب تقرير البعثة – حسب اللجنة - غياب الإشارة لمختلف الجهود التي بذلت وعلى رأسها عودة الرحلات الجوية لنقل المهاجرين عبر رحلات العودة الطوعية، وإغلاق العديد من مراكز التوقيف التي كانت تفتقد للشروط الضرورية لتوفير اقامة إنسانية للمهاجرين، إضافة إلى إغفال جهود تحسين اوضاع المهاجرين أثناء فترة عبورهم. بحسب اللجنة

"فتور في التعامل مع السلطات"

من جانبها ،أصدرت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية بيانا مطولا السبت للرد على تقرير بعثة لتقصي الحقائق في ليبيا،  بينت في إحدى فقراتها أن التقرير لم يلب دعوة وزيرة العدل لزيارة بعض مؤسسات التأهيل والإصلاح الخاضعة للوزارة و"لم يعطي أسباب معقولة أو واضحة لتلبية الدعوة وتحججوا بعدم جاهزيتهم."

وتابعت  "كما رصدت الوزارة فتوراً واضحاً في مسألة التفاعل مع البرامج التي قدمها المسؤولون بوزارة العدل والتي تعكس تطورا لافتا في قدرات الوزارة في مواجهة الانتهاكات الحقوقية والتعامل مع التحديات التي تواجه واقع حقوق الإنسان في ليبيا.

وبينت أن التقرير تحدث عن سفر وتحرك أعضائه بعدد من الدول حول العالم، ولكن لا يقدم بشكل مفصل وموسع تفاصيل واستنتاجات وأدلة حول شبكات التهريب الدولية للأسلحة وللمهاجرين والمخدرات، ومدى ارتباط المجموعات المحلية بهذه المجموعات الدولية،

وأشارت الوزارة إلى عدم وضوح المعيار الذي استندت عليه البعثة في تقييم ضعف المشاركة السياسية للمرأة في ليبيا  لافتة إلى  أنالواقع يشير إلى "تحسن لافت" لمشاركة المرأة الليبية سياسياً "سواء على مستوى النساء اللاتي تسلمن بطاقات الانتخاب في ديسمبر 2021 أو المترشحات لخوض الانتخابات البرلمانية، أو المشاركة "الواضحة" في أنشطة منظمات المجتمع المدني."

وجاء رفض المجلس الرئاسي االليبي ووزارة الخارجية في طرابلس شاملاً لردود الأجسام السياسية الليبية الأخرى التي تحفظت بشدة على تقرير البعثة الاممية أيضا ومن بينها مجلس النواب الليبي في بنغازي. 

والجمعة أعرب رئيس لجنة الداخلية في مجلس النواب، سليمان الحراري، عن استيائه من ما ورد في تقرير البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا باعتباره "انحيازاً و غياباً للموضوعية وتعمداً لتشويه صورة ليبيا وتحميلها المسؤولية عن أزمة تدفقات الهجرة واصفاً إياه بـ "حلقة مفرغة من الاتهامات لليبيا."

وكانت بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا أعربت عن "قلقها العميق" إزاء "تدهور" حالة حقوق الإنسان في ليبيا، وذلك في بيان أصدرته في 27 مارس لها بمناسبة تقديم تقرير نهاية فترتها في ليبيا.

واتهمت البعثة في تقريرها الصادر بنهاسبة نهاية لايتها الممتدة بين عامي 2016 و 2023 السلطات الليبية وبعض الأجهزة التابعة لها بقمع المجتمع المدني وممارسة الاعتقال التعسفي والقتل والاغتصاب والاسترقاق والقتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري بحق مواطنين ليبيين.  

كما أشار من جهة أخرى إلى "جرائم ضد الإنسانية" تم ارتكابها من قبل بعض أجهزة الدولة بحق المهاجرين غير النظاميين.

المصدر : أصوات مغاربية + وكالات 

مواضيع ذات صلة

فرسان خيول ليبيا
"عقود الخيل" مجموعة من الفرسان ينتظمون في كوكبة تسمّى "عِقدا"، يسيرون أو يركضون في حركة متناسقة

"عُقود الخيل" أو "لْهيد"، تقليد ليبي قديم يستعرض فيه مجموعة كبيرة من الفرسان أو فارس لوحده، مهاراتهم في التحكم في الخيل، مذكّرين بأيام الحرب ومحتفين بأيام السلم والأعراس والمناسبات السعيدة.

و"عقود الخيل" مجموعة من الفرسان ينتظمون في كوكبة تسمّى "عِقدا"، يسيرون أو يركضون في حركة متناسقة مع بعض، بلباس تقليدي موحّد، يظهر تجانسهم مع بعضهم ومع خيولهم.

يلتقي هؤلاء - وهم من الرجال فقط - في المناسبات مثل الأعياد الدينية والأعراس والمهرجانات، يقدّمون عروضا أمام الجمهور المصطف على يمين وشمال ميدان الاستعراض الكبير، يبرزون فيها شجاعتهم وبطولتهم وكأنهم يخوضون حربا ضد عدوّ.

 

أمّا "لْهيد" فهو عرض فرديّ يقدّمه فارس واحد، يُظهر فيه أمام الجمهور فروسيته وقُدرته على التحكم في فرسه.

ويعود أصل هذا التقليد إلى أجداد الليبيين الذي واجهوا الاحتلال الإيطالي بالخيل، وأشهرهم الثائر عمر المختار، ويروي الفرسان من خلال "عقود الخيل" و"لْهيد" بطولات وتاريخ الأجداد.

واليوم باتت "عقود الخيل" و"لْهيد" رياضة شعبية في ليبيا، دون أن يكون لها طابع رسمي، غير أن الاحتضان الجماهيري لها في المناسبات حوّلها إلى "فلكلور شعبي" يحظى بإقبال كبير.

ويتفاعل الجمهور مع العرض بالتصفيق والهتاف، وتُبعث الحماسة في الحاضرين خصوصا الأطفال، الذين يجرّبون ركوب الخيل خلال الاستعراض، ويحلمون بأن يكبروا ليصبحوا فرسانا يقدّمون عروضا مثل الفرسان الكبار.

 

ففي المناسبات مثل الأعياد الدينية والأعراس خصوصا، يتجمع مئات الفرسان من مناطق عديدة في ليبيا خصوصا في كبريات المدن، كبنغازي وطرابلس وسرت وغيرها.

ومن الأشعار والمقولات الشعبية الموروثة عن تقليد "عقود الخيل" هذه الأبيات:

العقد اللّي مسطر تسطير
العين تحير بلا تدبيــــر
الفارس فوق الخيل خْبيـر

أي أن عقد الخيل واقف في خط مستقيم مثل المسطرة، لدرجة أن العين تحار في هذه الانتظام، والفارس اللي فوق الخيل خبيرٌ بها وفي التحكيم فيها.

ولا يقتصر هذا النوع من الفروسية على ليبيا وحدها، ففي تونس والجزائر والمغرب توارثت الشعوب هذه الثقافة عن الأجداد. 

 

ففي تونس تسمى "عروض الفروسية"، وفي الجزائر والمغرب يطلق عليها اسم "الفانتازيا"، وأيضا "التبوريدة".

وتشترك الدول الثلاث في إقامة مهرجانات لهذا التقليد، ويكمن الاختلاف مع ليبيا في أن الفرسان بتونس والجزائر والمغرب يحملون بنادق البارود ويرمون بها وهو ما لا يوجد في "عقود الخيل" و"لْهيد" في ليبيا".

وتقيم تونس مهرجان دوليا للفروسية بمدينة بنقردان الساحلة يسمى "المهرجان الدولي للفروسية ببنقردان"،  وتقيم الجزائر "المهرجان الوطني للفنتازيا" كل سنة، وبالمغرب يُقام سنويا "معرض الفرس بمدينة الجديدة" الساحلية، وكلها مهرجانات تهدف للتعريف بتراث وثقافة المغاربيين في الفروسية.

المصدر: أصوات مغاربية